في المنهج و المنهجية..ما الفرق بينهما؟
في المنهج و المنهجية :
المنهجية ليست مفهوما بسيطا،بل هي متعددة
المعاني و الدلالات؛ و لإيفائها حقها من
البحث و التمحيص، نجد أنفسنا مضطرين لإتباع المنهج التالي:في البداية، سنحاول
تحديد معناها اللغوي و الاصطلاحي ( العلمي) ،حتى يسهل علينا تمييزها عن مفهوم
المنهج الذي يلتبس معها أحيانا( المبحث الأول).
و بعد ذلك سيصبح الطريق ممهدا أمامنا للاهتمام
بالمنهجية وحدها، ماهيتها؟ و أهميتها؟ و
وظائفها؟ و كيف تصاغ؟ و علاقاتها بالزمان و المكان اللذين تنتمي إليهما( المبحث الآخر).
المبحث الأول:تعريف المنهج و المنهجية:
كثيرا ما
يخلط الناس ، بين ما اصطلح العلماء على تسميته بالمنهجية، و بين ما يعرف
باسم المنهج، و يضعون أحدهما موضع الآخر[1]. على الرغم من أن
هناك فرق كبير بينهما.
فما هو المنهج إذن؟ (المطلب الأول) .و ما هي المنهجية (المطلب
الثاني).
المطلب الأول: المنهج:
المنهج ، في اللغة، هو الطريق الواضح(
الفرع الأول).و يستعمل اصطلاحا،في الجامعة، للدلالة على الطريقة العلمية، التي
يتبعها الدارسون في دراسة موضوع معين، للوصول إلى نتيجة/نتائج معينة (الفرع
الاخر).
الفرع الأول: المنهج في اللغة و الاصطلاح الفلسفي:
المَنْهج و المِنْهَج، في اللغة
العربية- و يقال أيضا "مِنهاج و الجمع مناهيج"-؛ هو:".. أسلوب يجري العمل بموجبه و على غراره(...) و
منهج العمل أسلوبه، مثل procédure
و الجمع مناهج". و يأتي النهج أيضا،
بمعنى:"..الأسلوب الواضح المستقيم "[2]، و يستشهد لذلك بقوله تعالى :﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهَاجاً﴾ (المائدة:48).
و الراجح أن لفظة " المنهج"
مشتقة من النَّهج، بمعنى الطريق أو
"الطريق الواضح المستقيم"، مثل"الشارع المستقيم ". و في هذا
الصدد يقال:".. طريقٌ نَهْجٌ:واسعٌ واضحٌ..و نهَجَ الأمرُ :وضُح.و مِنْهَجُ
الطريق:وَضَحُه.و المِنهاج:الطريق"[3]. و ليس في معاجمنا العربية القديمة،مصطلح المنهج، بمعنى
"طريقة البحث العلمي"؛ فهذا المفهوم محدث في اللغة العربية[4].
و يقابل أو يطابق كلمة "
المنهج" العربي في اللغات الأوروبية؛ كلمة (méthode) الفرنسية و نظائرها في اللغات الأوروبية
الأخرى(مثل=method الإنجليزية) . و كلها تعود إلى
أصل واحد هو الكلمة اليونانية (methodos) المركبة من مقطعين: (odos) بمعنى الطريق، و (méta) التي لها معاني متعددة منها:
الاتجاه، و المتابعة، و البحث، و الأسلوب، و النظام، و الدراسة،و المعرفة.و لقد
استعمل مصطلح (méhtode) في العهود القديمة و الوسطى
الأوروبية، بكل المفاهيم المذكورة سابقا[5]. و لم يأخذ معناه أو مفهومه الحالي- بمعنى "
مجموعة القواعد المتبعة في البحث عن الحقيقة و المعرفة العلمية"-، إلا ابتداء
من القرن السابع عشر، مع كل من"فرنسيس بيكون"(
Bacon )(1561-1626)
و "روني ديكارت"(
Descartes)(1650-1596) و من
تبعهما[6].
![]() |
فرنسيس بيكون |
وهكذا، و منذ هذا التاريخ، تقريبا،
انتشر استخدام هذا المصطلح في كل ميادين الحياة،
ليدل في أعم معانيه على "..وسيلة
لتحقيق هدف ، و طريقة محددة لتنظيم النشاط.و بالمعنى الفلسفي الخاص، كوسيلة
للمعرفة.."[7]، أو على " كل طريقة تؤدي
إلى غرض معلوم نريد تحصيله "[8].و " بصفة عامة هو
الطريقة،بمعنى الطريق الواضح الذي يفضي إلى غاية مقصودة، فيكون المنهج طريقا محددا
لتنظيم النشاط من أجل تحقيق الهدف المنشود"[9].
![]() |
رونيه ديكارت |
الفرع الآخر:المنهج في التربية و التعليم:
و لكن مصطلح
المنهج، يستعمل اليوم، في ميدان التربية و التعليم، ليدل على معنيين اثنين أكثر من غيرهما:
أ-
الأول: استعمل رجال التربية و التعليم ( في الماضي) و يستعملون(اليوم أيضا)
، المنهج بمعنى " ما يقدم من مواد مختلفة للتلاميذ و الطلاب بالمدارس و
الجامعات".فهو يعني في هذه الحالة؛ مجموع المقررات(المواد) الدراسية التي
يفرض على الطلاب دراستها في فصل معين أو سنة دراسية معينة أو أكثر؛ فتدرس مستقلة
أو مترابطة مع بعضها البعض، و يعبر عنها أحيانا بالبرنامج الدراسي[10].و يعتبر هذا المنهج في الغالب،التطبيق العملي لفلسفة
المجتمع في الحياة، فيشمل نظرته للحياة و القيم التي يؤمن بها و الأهداف التي يعمل
لتحقيقها[11].
ب-
المعنى الآخر، هو المنهج بمعنى".. مجموع الإجراءات و العمليات الضرورية التي يحتاجها العالم أو الباحث في
التعامل مع موضوع للوصول إلى الأغراض المستهدفة"[12]. و بالتالي فالمناهج حسب هذا المعنى هي:"..
الوسائل و الطرائق التي تستخدم للوصول إلى الحقيقة و يسلكها العقل البشري لكشف
غوامض الوجود و فك أسراره و الاقتراب من حقائقه.و من ثم فهي أدوات للتفكير، و لجمع
الحقائق و تحليلها و تفسيرها و فهمها"[13].
و "المنهج"،
يستعمل في الجامعة اليوم بالمعنيين الأول و الأخير معا، و لكنه يستعمل بالمعنى
الأخير أكثر. و بهذا المعنى تستخدم في الجامعات اليوم مناهج متعددة، في الدراسة و
البحث و الكتابة و التدريس..و التفسير و الشرح..و التحليل..إلخ. هدفها جميعا مساعدة الدارسين و الباحثين على ضبط
خطواتهم، في التعامل مع المواضيع و القضايا المدروسة أو المبحوثة؛ للوصول إلى
الأهداف المحددة سلفا للبحث المراد إنجازه[14].
المبحث الآخر:المنهجية:
يتكون مصطلح المنهجية(
"الميثودولوجي")( Methodology/Methodologie)[15]، من لفظين "ميثود"(الواردة أعلاه)، و (logie) بمعنى العلم، أي أنها تعني علم
المنهج.
هذا من ناحية الاشتقاق اللغوي، أما من ناحية
الاصطلاح ،فالمنهجية هي العلم الذي يدرس الأسس
الفلسفية لكل منهج في كل علم( بالمعنى العام الواسع للعلم).و من هنا تسمى
المنهجية؛ علم مناهج العلوم(science des méthodes des sciences)؛و هي تندرج ضمن موضوعات
"فلسفة العلم" أو الإبستيمولوجيا(Epistémologie)[16]، كما سبق القول أعلاه. و من هنا؛ تعرّف المنهجية عادة بأنها:"..هي العلم الذي يدرس كيفية بناء
المناهج و اختبارها و تشغيلها و تعديلها و نقضها و إعادة بنائها، يبحث في كلياتها
و مسلماتها و أطرها العامة.."، بهدف الوصول إلى المنهج
الأفضل في كل علم[17]
(المطلب الأول).
و المنهجية، عندما تبلغ هذا الهدف، تستطيع أن تؤدي الكثير من
الوظائف الإيجابية؛ الفكرية، و الإيديولوجية، و التنظيمية و الاجتماعية، و غيرها
(المطلب الآخر).
المطلب الأول:صياغة المنهجية:
من الطبيعي جدا أن تكون قضية المنهجية قد أثيرت منذ
أقدم العصور ،إذ من البديهي جدا أن يتساءل الناس، منذ فجر البشرية،حول الطرق التي
يتم بها التعلم و اكتساب المعرفة النظرية و المهارات العملية.و لاشك أن كل هذه
التساؤلات ، انتهت ببعض العقلاء و الأذكياء،الذين عرفوا كيف يلاحظوا و يدرسوا
تجارب الآخرين و يستفيدوا منها؛ إلى الاهتداء إلى أن التعلم و انتقال المعرفة و
تطويرها، تتحقق باستعمال طرق منطقية و منظمة..و ممنهجة.. في ..التفكير و العمل:و
بذلك نشأت المنهجية.
و كي نجعل هذه الفكرة أكثر وضوحا، نعيد صياغتها بلغة أخرى؛
فنقول: إن الانتقال من المنهج إلى المنهجية،هو الانتقال من أسلوب العالم، إلى
أسلوب الفيلسوف[18]:
1. فالعلماء
قد يتبعون مناهج متعددة و متنوعة في دراسة شتى المواضيع التي تعرض لهم .متبعين في
ذلك طرقا (مناهجا) ، يعتقدون أنها هي الطرق التي يفرضها حكم العقل أو طبيعة
المواضيع قيد البحث. أو، بكل بساطة،لأن تلك الطرق هي المناهج التقليدية(المرسومة)،التي
سار عليها السلف الصالح؛
2. على
إثر هؤلاء العلماء، يأتي الفيلسوف- و قد يكون عالما متخصصا في تلك المواضيع - ، فيدرسها
من جميع الجوانب، و يقارن بينها، ليكتشف العوامل التي تيسّر النجاح لبعضها، و
تسبب الفشل لبعضها الآخر.و من ثم يحاول رد
كل المناهج التي استخدمت إلى أصولها المنطقية و العقلية؛ التي انبثقت منها أو
استندت عليها.أي أنه يحاول استخراج أو
استنباط القواعد المشتركة( و الكلية، بمعنى الجوهرية) بين تلك المناهج الجزئية: و
النتيجة التي يتوصل إليها، هي ما نسميه " المنهجية".
و بعد استنباط المنهجية، يقوم العالم الذي استنبطها بتطبيقها
في عمله، و قد يدعو آخرين من المنتمين إلى جماعته(أو النشاط الاجتماعي الذي
يمارسه)، إلى العمل بها و اتباعها،.باعتبار
أنها تؤدي – على الأرجح – إلى النتائج المرجوة[19].
و يستفاد من هذا، أن المنهجية ليست قوانين أو مبادئ عامة كلية،
يجب على المتخصصين في ميدان من الميادين العلمية، إتباعها و التقيد بها حرفيا
أثناء بحوثهم و دراساتهم؛ بل هي مجرد نصائح و إرشادات ، يمكن الأخذ بها كما يمكن
تعديلها أو تجاهلها، فهي ليست ملزمة لأحد،من حيث المبدأ.
غير أنه من الناحية الواقعية، قد
تكتسي المنهجية طابعا إلزاميا في معظم الأحيان،لأنها تنبع من الثقافة السائدة، أو الإيديولوجية
المهيمنة على ميدان من الميادين. و لقد أكد "توماس صامويل كون")(T.S.Kuhn)1922-1996) [20] ، مؤرخ العلم الشهير،هذه الحقيقة، عندما أكد أن الكثير من العلماء و الباحثين، يجدون أنفسهم منجرين وراء الآراء السائدة في "المجتمع
العلمي" الذي ينتمون إليه،و يتقبلونها دون مناقشة،و يعتبرونها بمنزلة
"نموذج مثالي"(paradigme)
مخافة الحكم عليهم بالإقصاء و الإهمال[21]:و ليس هذا النموذج المثالي، إلا منهجية.
![]() |
صمويل كون |
المطلب الآخر:وظائف المنهجية:
انتهينا، في الفقرات السابقة، إلى أن المنهج،هو طريقة من الطرق التي تستعمل للوصول
إلى هدف معين في ميدان من الميادين.و أن المنهجية هي الطريقة الصحيحة،التي استنبطت
من مختلف هذه الطرق ، و من ثم حظيت بقبول المشتغلين/المنتمين إلى ذلك الميدان، أو
أغلبيتهم. و بالتالي، تصبح المنهجية بالنسبة لهؤلاء هي فلسفتهم العامة أو طريقتهم
(المفضلة) في التفكير و العمل[22]،لا
يجرؤ أحد منهم على الخروج عليها أو الانحراف عنها،خوفا من ردود الأفعال السلبية ،التي
قد يتعرض لها،و أقلها السخرية و الإقصاء.
و بتعبير آخر، فالمنهج هو طريقة الفرد، في حين أن المنهجية هي
طريقة الجماعة.
و من هنا
ندرك أن للمنهجية وظائف كثيرة فكرية و مهنية،و إيديولوجية و تنظيمية و اجتماعية،و
أخلاقية..إلخ. فالقبول بوجود منهجية في ميدان معين، يعني القبول بمرجعية مشتركة،في
التفكير و السلوك و العمل، تيسر حل الخلافات و الاختلافات في الآراء و الأعمال،بين
أهل الجماعة المعنية بتلك المنهجية.و بفضلها يستطيع العاملون في كل نشاط من
الأنشطة الاجتماعية ، التفاهم بينهم،و التعاون و الاتفاق على الوسائل و الغايات،و
في هذا ما يديم المودة و المحبة بينهم.
كما أن وجود
المنهجية، يسهل على المنخرطين أو المنتمين الجدد ، الاندماج في النشاط المعرفي أو
المهني ، الذي التحقوا به، دون مشقة او عناء:فالمبتدئ في كل ميدان- المتعلم الجديد
مثلا– يبدأ باستعمال المنهجية العامة ( ما يسمى بمرحلة التقليد=مرحلة القرد). و قد
يستمر "قردا" طوال حياته، كما يمكنه ان يثري ثقافته المنهجية و خبرته، و يبتعد عن المنهجية(العامة)،ليبني لنفسه
منهجيته الخاصة،عندما يستطيع أن يجد أتباعا و أنصارا يقلدونه: و بهذه الطريقة،
يتحول المنهج إلى منهجية.
و لتوضيح هذه الفكرة، نسوق المثالين التاليين:
1-الأول نقتبسه من تراثنا الإسلامي:كلنا نعرف كيف
نشأت المذاهب الفقهية؛فالأئمة الأربعة (مالك (ت 179ه/795م)، و أبو
حنيفة(150ه/767م)، و الشافعي(204ه/820م)،
و ابن حنبل(241ه/855م)، رحمهم الله جميعا)،اعتمدوا في بداية حياتهم الفقهية على
المنهجية العامة-( في استنباط الأحكام الشرعية من القرآن الكريم و السنة
النبوية..إلخ)-؛ الموروثة عن الصحابة و التابعين،ثم ما لبث كل واحد منهم أن اتبع
منهجه الخاص في الاجتهاد. و لما صار لكل واحد منهم أتباع يتبعونه على منهجه، تحول
هذا المنهج إلى منهجية ( ملزمة) بالنسبة لأتباعه(معتنقي المذهب)؛
2- المثل الثاني نقتبسه من تاريخ أوربا و العالم:من المعلوم أن كارل ماركس(K.Marx)(1818-1883)،اتبع في بداية حياته العلمية المنهجيات المعاصرة له،و
المتبعة في كل ميدان درسه. ففي الاقتصاد، على سبيل المثال، اتبع منهجية علماء
"الاقتصاد السياسي"، لاسيما "آدم سميث"(A.Smith)(1723-1790) و "ديفيد ريكاردو"(D.Ricardo)(1772-1823).ثم ما لبث أن أسس منهجه الخاص، المسمى " المادية
التاريخية".و لما تبعه، في منهجه هذا، عدد من الماركسيين، تحول منهجه إلى
منهجية بالنسبة لهؤلاء( يتبعونها و يتقيدون بها).
![]() |
كارل ماركس |
و الحاصل هنا، أن المنهجية هي الفلسفة أو الرؤية أو
الإيديولوجية أو المدرسة التي تنتمي إليها جماعة معينة، و تتقيد بطريقتها فكرا و
ممارسة (مثل المدارس الأدبية أو الفنية، كالرومانسية و
الواقعية،و المذاهب الدينية، و الإيديولوجيات السياسية كالماركسية و الليبرالية..)[23].و
هي، لا تكاد تنفصل عن الإيديولوجية أو "الفلسفة" العامة للمجتمع أو
ثقافته(أو حضارته). و لقد أصاب من عبّر عن هذه العلاقات المتشابكة، بالقول أن:
المنهجية هي الواسطة أو الواصلة، التي
تصل بين النموذج المعرفي( أو المجتمع) و
المناهج[24].
و
الحاصل:
إن المنهج هو
الطريق الذي يمكن اتباعه، للوصول إلى هدف معين:إنجاز عمل معين على سبيل المثال.و
قد يختلف هذا المنهج من عمل لآخر، و من بيئة لأخرى، بل و من شخص لآخر.
اما المنهجية، فهي الطريق الأفضل لإنجاز عمل(نشاط)
معين، من منظور الجماعة المعنية أو الممارسة لذلك العمل، أو من وجهة نظر نسبة
كبيرة و مؤثرة منها (الجماعة)، على الأقل.
و إذن، يمكن لكل إنسان أن يتبع المنهج الذي يراه
مناسبا ،لانجاز الأعمال التي يريدها، طالما أنه غير مقيد بشروط معينة، تلزمه
باتباع منهج بعينه.
و لكن،عندما يكون هناك منهج خاص لإنجاز عمل معين، تتبناه
جماعة معية، و تلزم أتباعها بإتباعه،و قد تعاقبهم إذا خالفوه، يصبح هذا المنهج،
إذن، منهجية.
من
هنا،فالمنهجية الجامعية، هي المنهج الذي تتبناه الجامعة، أو بالأحرى تتبناه جامعة
من الجامعات؛إذ لكل جامعة منهجيتها الخاصة ، المستقاة من حضارة المجتمع الذي تنتمي
إليه ، و من إيديولوجية النخب الحاكمة في هذا المجتمع، أو المؤثرة فيه (نخب
سياسية، و دينية، و اقتصادية، و ثقافية،..إلخ).
و على كل طالب، ينتمي إلى هذه الجامعة أو تلك، أن يبذل
قصارى جهذه، لفهم و استيعاب منهجية الجامعة، بل و أيضا منهجية الكلية التي ينتمي
إليها، و إلا عرض نفسه إلى العقاب، الذي قد يتمثل في الفشل و السقوط...
و هذا هو موضوع الفصل التالي عن المنهجيات
الجامعية،..بإذن الله تعالى.
[1] انظر على
سبيل المثال: مصباح- منهجية إعداد البحوث العلمية - ص 23؛ عُلبي- في المنهجية و
المنهج...و المنهج المقارن- ص ص46-47.
[2] الفراهيدي- كتاب العين-تحقيق: د.مهدي المخزومي و
د.إبراهيم السامرائي- انتشارات أسوه/باقري-قم 1414هـ.ق-ج3ص1845-46(مادة:نهج).
[3] قاموس الهادي إلى لغة العرب- م.س- مواد:"نَهج النَّهج"، و "مَنْهج المَنْهَج"،و
"مِنهاج المِنْهاج"- الجزء الرابع- ص 370..
[4] جاء في الجزء الثاني من المجلد الحادي و
الخمسين،من مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق ( أبريل 1976)، ما يأتي:"..كان
مجلس المجمع وافق على قرار لجنة الألفاظ و الأساليب المتضمن"يقال مَنْهَج
الباحث بحثه:رسم له طريقا معينةً"..":معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة – ص
681-الفقرة 1957(المَنْهَجة)
[5] و لقد استعملها أفلاطون بمعنى البحث أو النظر أو
المعرفة،كما وجدت عند أرسطو أحيانا كثيرة بمعنى "بحث".انظر:عبد الرحمن
بدوي – مناهج البحث العلمي – الطبعة الثالثة –وكالة المطبوعات –الكويت 1977 – ص3.
[6]
Voir : art « Méthode »-in :Dictionnaire des sciences
humaines- op.cit-p p 553-4 ;art « Méthode » :in Le petit
Robert.و انظر أيضا:بدوي-نفس المكان
و في القرن السابع
عشر،كما ذكرنا في المتن، ظهرت المحاولات الأولى الجادة لإرساء أسس المنهج العلمي،
بالمعنى المتعارف عليه اليوم، مع "فرنسيس بيكون"( Sir Francis
Bacon )(1561-1626)،و كتابه
"الأورغانون الجديد"(Novum Organum)
(0162)،
الذي صاغ فيه قواعد المنهج التجريبي بكل وضوح.ثم جاء من بعده الفيلسوف الفرنسي
"روني ديكارت"(R.Descartes)(1650-1596)،فكان
من أوائل المفكرين الذين اهتموا بوضع قواعد المنهج العلمي، ففي كتابه الشهير"
مقال في المنهج"(Discours de la méthode)
(1637)،حاول أن يكتشف السبب الذي جعل
الآراء تختلف و تتعدد بين العلماء و الفلاسفة و علماء اللاهوت..إلخ. و اتضح له أن
السبب الرئيس في ذلك، أنهم يتخبطون في بحوثهم، و لا يعتمدون على خطط مرس المنهج
المؤدي إلى حسومة محددة و واضحة تهديهم .و تبين له أن أول ما يلزم الإنسان للبحث
في أي موضوع، هو ضرورة الاعتماد على منهج. و المنهج عنده هو :" جملة قواعد
مؤكدة، تعصم مراعاتها ذهن الباحث من الوقوع في الخطأ، و تمكنه من بلوغ اليقين في
جميع ما يستطيع معرفته،دون أن يستنفد قواه في جهود ضائعة"انظر:بدوي- المرجع
السابق-ص 4؛د.عثمان أمين – ديكارت إمام الفلسفة الحديثة- العربي- العدد 90- المحرم
1386/مايو 1966- ص 21.و انظر أيضا، المرجع الأساسي البالغ الأهمية:
Madeleine
Grawitz-Méthodes des Sciences Sociales-4éd-Dalloz –Paris 1979-p39 et
pp44-45.
[9] د.يمنى طريف الخولي- فلسفة العلم في القرن
العشرين: الأصول – الحصاد- ألافاق المستقبلية-عالم المعرفة- العدد 264- ديسمبر
2000- ص 129.
« Une méthode répond d’abord à une question
pratique :Comment faire , quoi entreprendre ,afin d’atteindre un but
donné » :J.Largeault-Méthode-Universalis-V15-p12.
[10] يقابل المنهج هنا، في اللغتين الانلجيزية و الفرنسية (
على التوالي)، مصطلحي syllabus وprogramme. انظر:د.خليفة عبد السميع
خليفة- المناهج- مكتبة الأنجلو مصرية- القاهرة 1989- ص 8.و انظر أيضا :قاموس
الهادي مادة "المنهج"- م.س. و
لقد تغير هذا عند علماء التربية، انظر خليفة-نفس المكان،و أيضا:د.سعيد
إسماعيل علي- فلسفات تربوية معاصرة- عالم المعرفة- العدد 198- المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب-
الكويت(يونيو 1995)- ص 127.
[11] كنث رتشموند (W.K.Richmond)-
من مقدمة كتاب" المناهج المدرسية"- ترجمة: محمد حسن التيتي- العربي –
العدد 165- أغسطس 1972- ص77.
[14]
من هنا، نرى مادلين غرافيتز تمييز بين عدة معاني أو مفاهيم لمصطلح "
الميثود":
1. فهناك المنهج بالمعنى
الفلسفي العام،أي مجموع العمليات الفكرية التي بواسطتها يسعى علم معين إلى التوصل
إلى الحقيقة؛
2. و المنهج كموقف إزاء
موضوع من المواضيع(attitude concrète
vis-à-vis de l’objet)، أي طريقة في التعامل مع الموضوع
المبحوث،كالمنهج التجريبي؛
3. و المنهج كمحاولة
للتفسير(une tentative
d’explication)،كالمنهج الأمبيريقي، أو المنهج
الجدلي؛
4. و المنهج الخاص المرتبط
بميدان خاص (La méthode liée à un
domaine particulier)،كالمنهج التاريخي.
Voir :Mèthodes des Sciences Sociales-op.cit-pp343-345.
[15] و يعتبر الفيلسوف الألماني "إيمانويل
كانت"( Immanuel
Kant)(1724-1804)،هو مبدع هذا
المصطلح.لقد قسم المنطق إلى قسمين:مذهب المبادئ،و موضوعه شروط المعرفة الصحيحة،و
علم المناهج الذي يحدد الشكل العام لكل علم، و الطريقة التي بها تكوّن أي علم
كان.انظر: بدوي – ص 7.
[16] هي نظرية العلوم أو فلسفة
العلوم؛ و هي قسم هام من النظرية الفلسفية، تهتم بمقدرة الإنسان على معرفة
الواقع،و مصادر و أشكال و مناهج المعرفة و
الحقيقة، و وسائل بلوغها.الموسوعة الفلسفية –مادة "مبحث المعرفة
(الابستيمولوجي)"- ص 447.
[18] و ربما يكون العالم نفسه
فيلسوفا ، مثل فيثاغوراس(Pythagoras)(ت 459 ق.م)،و ابن خلدون
(ت 808ه/1406م) ، و برتراند راسل(B.Russell)(1872-1970)، و بيتر
مدوّر(P.Medawar)(1915-1978))
هو طبيب بريطاني ، من أصل لبناني.نال جائزة نوبل للطب عام 1960..).انظر:شيا-م.س- ص
77.
[20]
Voir :Kuhn (T.S)-in :Le Dictionnaire des sciences humaines- sous la
direction de :Jean –François Dortier - Editions Sciences
Humaines(Paris)/Delta (Beyrouth)2007-pp389-90.
و للمزيد من التفاصيل ، انظر:توماس كون- بنية
الثورات العلمية- ترجمة :شوقي جلال- سلسلة عالم المعرفة- العدد 168- ديسمبر 1992.
[21] خيري عبد
الغني محمود – العلماء و البحث العلمي- الفيصل- العدد 281- ذو القعدة 1420/ فبراير 2000- ص 27.و لهذا ،فا
لاكتشافات الجديدة غير المتوائمة مع هذه النماذج القياسية للعلم تحظى بمعارضة
هائلة.كتب "فريدرك سانجر" F.Sanger ، العالم البريطاني ، الذي فاز بجائزة نوبل
للكيمياء مرتين ،الأولى سنة 1958 و الأخرى سنة 1980.كتب في الخطاب الذي ألقاه
بمناسبة تسلمه للجائزة الأولى :" لقد علمنا المثاليون أن الفكرة الجديدة تهزم
عندما لا يقرها العارفون أو الذين يدعون المعرفة. و لكن تجاربي علمتني أن العكس هو
الصحيح، فكم من أفكار جديدة و قضايا كثيرة كانت الهزيمة نصيبها، ثم اكتشف هؤلاء
الذين تسببوا في موتها، أن هذه الأفكار كان من الممكن أن تنقذ العالم لو أنها خرجت
إلى حيّز الوجود.. إن في قصة ألكسندر فلمنج[A.Fleming] ، مكتشف البنسيلين[1928]،
درس لكل صاحب فكرة جديدة آمن بها..فقد خذلوه ، و بقي اكتشافه ميتا سنوات طويلة ،
ثم إذا بهم يعودون إليه فجأة لينقذ الملايين من الجرحى و المرضى في العرب العالمية
الثانية".انظر: العربي- العدد 200- يوليوز 1975- ص 107.
[23] يقول الأستاذ عباس محمود العقاد : " قد يكون لكل
كاتب منهجا قائما بنفسه لا يدخل مع غيره في زمرة " منهجية" واحدة.خلافا
للمدارس الفنية و الأدبية ، فهي معدودة محدودة يجتمع المئات من الكتاب و الفنانين
في زمرة منها.على أن التقاء الكتاب و الفنانين في مدرسة جامعة؛ تقسيم يأتي لاحقا و
لا يصح أن يأتي سابقا إلا في حالة واحدة، و هي حالة التقليد و التكلف و الاصطناع.
" و نريد بالتقسيم
اللاحق أن الكاتب يكتب و الفنان يبتدع ثم ياتي النقاد و القراء فيجمعون طوائف
الكتاب و الفنانين في هذه المدرسة أو تلك حسب التقارب في الأمزجة و القرائح و
الموضوعات. و ليس من المعهود في أساطين الأدب و الفن أن يبتدئ أحدهم قائلا:ها انذا
سأكتب على أسلوب هذه المدرسة و ألحق نفسي بزمرتها..فإن الذي يقول ذلك إنما يوطن
نفسه على التقليد و الاتباع..:المناهج في فن القصة –في: بين الكتب و الناس- دار
الفكر- القاهرة 1978- ص ص 203-4.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق