السبت، 26 ديسمبر 2015


نموذج للأسئلة التي تطرح في مادة الاقتصاد و التدبير
و نموذج للإجابة
امتحانات الدورة العادية -يناير 2015
مدة الإنجاز:ساعة و نصف
أجب عن أسئلة إحدى المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى:
1- لم يكن " جون ماينرد كينز" اشتراكيا، بل كان ليبراليا؛إلا أنه تبنى فكرة اقتصادية أساسية؛ قربته كثيرا من الاشتراكيين.اشرح هذه الفكرة، و حدّد إلى أي فئة من الاشتراكيين- الماركسيون، و الاشتراكيون الإصلاحيون(الديمقراطيون)، و الاشتراكيون الطوباويون- قربته هذه الفكرة أكثر( 8 نقط)؛
2- لماذا استطاعت " النسقية"؛ أن تقارب المقاولة بشكل جيد (قياسا إلى المقاربات التقليدية)؟(6 نقط)؛
3- كيف مهّدت الماركنتيلية لظهور الرأسمالية الصناعية ؟( 6 نقط).
المجموعة الأخرى:
1- كتب احد مؤرخي الفكر الاقتصادي:" ..بقي قانون "جان باتست ساي" المعروف بقانون المنافد"، سائدا في الفكر الاقتصادي الليبرالي، لمدة تزيد على قرن من الزمن ، إلى أن ألقى عليه " جون ماينرد كينز" ظلا كثيفا من من الشك..في الثلاثينات من القرن العشرين..".
حلّل هذا الرأي و ناقشه (8 نقط)؛
2- كيف ساهمت نظريات علوم التدبير في زيادة إنتاجية المقاولات؟(6 نقط)؛
3-ما هي الأصول الفكرية لنظرية " اليد الخفية"؟ و ما علاقتها بالسياسات الاقتصاديةن التي طبقت في ظل الاقتصاد الكلاسيكي؟(6 نقط).


و نموذج للإجابة:
سأقدم فيما يلي، نموذجا للإجابة، أو بالأحرى للطريق التي يجب أن يسلكها الطالب،للتوصل إلى الإجابة الصحيحة، عن الأسئلة التي تطرح في مادة الاقتصاد و التدبير..
و نموذج الإجابة الذي أقترحه،يتعلق بالسؤال الرئيس في المجموعة الأولى:

لم يكن كينز اشتراكيا، و لكنه تبنى فكرة اقتصادية أساسية ،قربته من الاشتراكيين..

هذا السؤال يشبه إلى حد كبير السؤال الأول من المجموعة الأخيرة:"كتب أحد مؤرخي الفكر..."
و لقد تمكن الطلبة الذين تابعوا المحاضرات،و تعمقوا في دراسة الفكر الكلاسيكي و الفكر الكلاسيكي الجديد، في بعض  المراجع الورقية أو الإلكترونية ؛ من تقديم إجابات ممتازة عن السؤالين ؛ لأنه جرت العادة في هذه المصادرة أن تتم المقارنة بين فكر الكلاسيكيين و الكلاسيكيين الجدد من جهة، و فكر كينز و" تمرده أو ثورته" عليهم م جهة أخرى.كما أن الكثير من تلك المراجع، تناولت الفكر الاقتصادي الاشتراكي، و اشارت إلى اسهام "كينز" في انقاذ الليبرالية، و إخراجها من الهوة التي انزلقت إليها، في 1929، و التي لولاها- أعني اسهامات كينز- لتحققت فيها نبوءات "ماركس" ،بانهيارها و سقوطها،فوق رؤوس الرأسماليين.
و بالفعل،لقد أحدث "كينز" ثورة حقيقية في  الاقتصاد الليبرالي( الرأسمالي)،سواء على مستوى الأفكار أو الممارسات الاقتصادية.فلقد أقنع الناس ، في فترة حاسمة من التاريخ ، في العالم الليبرالي - ( أوروبا و أمريكا..و غيرها من الدول الليبرالية)- أن يعيدوا النظر في أسس الفكر الاقتصادي الكلاسيكي و الكلاسيكي الجديد، و الممارسات التي بنيت على أساسيهما، و التي كانت مرتكزة على مجموعة من المعتقدات أو المبادئ أو القوانين الأساسية، التي اعتبرت غير قابلة للنقاش، على اعتبار أنها حقائق علمية، بل قوانين طبيعية، من ذلك مبدأ " دعه يعمل ، دعه يمر"، و مبدأ " اليد الخفية"، و قانون المنافد لساي، و غيرها.
هذا لأشرح لكم خلفية السؤالين الرئيسيين في المجموعتين..و أنهما متشابهين إلى حد كبير..، و كان ذلك مقصودا، لأحقق نوعا من المساواة بين الطلبة..الذين يختارون المجموعة الأولى أو الأخرى.
و قبل أن نتطرق إلى كيفية الإجابة، و  مضمون الإجابة؛- ولقد تناولت كيفية الإجابة و شرحتها بتفصيل في المقال الخاص بمنهجية الإشكالية و التصميم،أقول قبل تناول مضمون الإجابة عن السؤالين المتشابهين في المجموعة الأولى و الأخيرة،أنوه إلى أنه كان يفترض أن يدرس  الطالب(ة) السؤال جيدا،قبل أن يشرع في الإجابة عنه:
و بالفعل، فمن المتوقع أن يقف الطالب(ة)، أمام السؤال و لو للحظات،و يتأمل في صياغته ،و يتوقف عند كل كلمة فيه و يحللها، و يعرف معناها، و الغرض من وجودها في السؤال..و القيمة التي تحظى بها في البناء الكلي للسؤال..إلخ؛ حتى يعرف ما هو مطلوب منه على وجه الدقة، فيجيب عنه و لا يتجاوزه إلى غيره ، و لا يجيب عن أسئلة افتراضية يضعها هو نفسه ، و من ثم يحاول فرضها على المصحح( و سنعود إلى هذه القضية بتفصيل أكبر لاحقا).
ثم كان ينبغي للطالب أيضا، أن يتأمل في عدد النقط المخصصة لمكافأة الإجابة الصحيحة على السؤال، و ما تمثله من مجموع النقط ..حتى يعرف مقدار الوقت و الجهد اللذين سيخصصهما لهذا السؤال:فمجوع النقط التي يمكن الحصول عليها، بعد الإجابة الصحيحة، هي (8 نقط)، و هي تمثل نسبة تفوق ثلث مجمل نقط الامتحان (20/20)، و لكنها أيضا أقل من النصف..
هذه مسائل بديهية،على الطالب أن يعرف كيف يحسبها، و يعرف كيف يتعاطى معها..فهي تدخل في الثقافة العامة لطالب العلم..حتى لو كان في الإعدادي، و من باب أولى الطالب الجامعي.
بعد هذه الملاحظات العامة، التي كان لابد من التذكير بها..
نأتي إلى الأسئلة:ما هي هذه الفكرة الأساسية التي جاء بها كينز الليبرالي، و التي أبعدته نسبيا من الليبراليين الكلاسيكيين و الليبراليين الجدد، و قربته من الاشتراكين؟ و كيف ألقى كينز ظلا من الشك على قانون المنافذ؟
إجابة سؤال المجموعة الأولى:
نضع السؤال أمامنا..و نقرأ، و نتأمل..و نتمعن ، ..أي العملية تحتاج إلى قراءة بطيئة ، و قراءة تأملية، و قراءة عميقة..

لم يكن " جون ماينرد كينز" اشتراكيا، بل كان ليبراليا؛إلا أنه تبنى فكرة اقتصادية أساسية؛ قربته كثيرا من الاشتراكيين.اشرح هذه الفكرة، و حدّد إلى أي فئة من الاشتراكيين- الماركسيون، و الاشتراكيون الإصلاحيون(الديمقراطيون)، و الاشتراكيون الطوباويون- قربته هذه الفكرة أكثر( 8 نقط)؛

هناك أشياء كثيرة، و منهجية خاصة يجب اتباعها في قراءة السؤال، و استخراج أهم ما فيه، لا داعي لتكرارها هنا،..و ننتقل بسرعة إلى تحليل السؤال..و الفكرة الأساسية التي تلفت الانتباه هي :إن كينز كان ليبراليا؛ بمعنى أنه كان يؤمن بالملكية الفردية، و حرية السوق..إلخ.
و هذه المعلومة وحدها، قد لا تفيد الطالب،إلا إذا كان يعرف أيضا:
1- إن كينز، نادى بتدخل الدولة لتنظيم الاقتصاد،لضمان التشغيل الكامل،و الرفع من الطلب الكلي..إلخ؛
2- و أن الاشتراكيين،على اختلاف فئاتهم، نادوا هم أيضا بتدخل الدولة في الاقتصاد، على تفاوت بينهم..طبعا.
إذا علم الطالب (ة) هذا، سيتمكن من الإجابة عن السؤال؛لأنه لن يبقى أمامه،إلا خطوة يخطوها، يتوصل بعدها إلى الفكرة( أو الإشكالية) الأساسية في السؤال، و التي اتفق فيها كينز مع الاشتراكيين،ألا و هي:أن الفكر الليبرالي و الفكر الاشتراكي التقيا معا،عند كينز.فكيف استطاع فكر كينز أن يربط هاتين المدرستين الاقتصاديتين المتناقضتين؟.

 هذه الفكرة،يمكن أن نعيد صياغتها بطريقة أخرى، على النحو التالي:ماهي الفكرة الاقتصادية التي اعتنقها كينز و جعلته في نفس الوقت ليبراليا و قريبا من الاشتراكيين؟
و هذه الفكرة الأخيرة،إذا اتخذناها إشكاليتنا الرئيسية، يجب  أن نفرعها إلى أفكار فرعية، كل واحدة منها، تجيب على جانب أو جزئية من الإشكالية.
من الأسئلة الفرعية،مثلا، السؤال التالي::ما هو المدى الذي يمكن أن يصل إليه تدخل الدولة في الاقتصاد، من وجهة نظر كينز ؟
 بالإجابة عن هذا السؤال الفرعي، سيستطيع الطالب أن يحدد فئة الاشتراكيين التي يتفق معها كينز، و إذا تمكن من ذلك، يكون قد أجاب عن السؤال برمته.
و الحاصل، أن السؤال الأول من المجموعة الأولى، يتمحور حول قضية أساسية،و هي : إن تطور الفكر الاقتصادي، انتهى في عهد كينز إلى ضرورة تدخل الدولة في تنظيم الاقتصاد.
هذه الإشكالية الرئيسية، قد تتفرع عنها إشكاليات- أو أفكار- فرعية، قد نجعل منها محاور لتحرير الإجابة،و قد تكون هي عناوين التصميم الذي نختاره، كالتالي:
1-  قد تكون الفكرة  الفرعية الأولى هي: إن كينز مفكر ليبرالي من نوع معين( مبحث أول):
في هذا المبحث،نحدد مفهوم الليبرالية الكلاسيكية في عجالة، و نبين اختلاف كينز مع  هذا المفهوم الليبرالي الكلاسيكي( و المتمثل في دعوته لتدخل الدولة)؛
2- و قد تكون الفكرة الفرعية الثانية هي: إن كينز قريب من الاشتراكيين( مبحث ثاني):
إذن،في هذا المبحث نشرح كيف أن مطالبة كينز بتدخل الدولة، تبعده عن الفكر الليبرالي الكلاسيكي، و تقربه من الفكر الاشتراكي، الذي يدعو هو الآخر لتدخل الدولة..
3- و قد تكون الفكرة الفرعية الثالثة و الأخيرة ،هي :إن كينز أقرب إلى الاشتراكية الإصلاحية(مبحث ثالث):
و نوضح في هذا المبحث،أن الاشتراكيين يختلفون حول مدى تدخل الدولة في تسيير أو توجيه أو الإشراف على الاقتصاد،و أن الليبرالية التي يعتنقها كينز تقربه أكثر من الاشتراكيين الإصلاحيين:و نشرح أين يلتقي معهم..
و بهذا تتم الإجابة عن الإشكالية التي اخترناها،أي نكون قد أجبنا عن السؤال الأول من المجموعة الأولى، وفق تصور ارتأيناه،نعتقد أنه يحل الإشكال، و يكشف لنا عن السبب الذي جعل كينز قريبا من الاشتراكيين عموما، و لاسيما الإصلاحيين منهم.
***
و أعود، في ختام هذا العرض،لألخص ما كان مطلوبا في السؤال الأول من المجموعة الأولى كالتالي:
إن الثورة التي أحدثها " كينز"؛ هي أنه اعتبر تدخل الدولة في المجال الاقتصادي ( تنظيم النشاط الاقتصادي ) أمرا ضروريا، لضمان التوازن الاقتصادي، و لتحقيق التشغيل الكلي..إلخ.و تدخل الدولة، في مجال الاقتصاد، قال به " مالتوس"، من الكلاسيكيين، و لكن بطريقة خجولة، لم تسترع الاهتمام. و أهملت.كما نادى بها الإشتراكيون، و بقوة أكبر من تلك التي أظهرها كينز نفسه، و لكن من منطلقات إيديولوجية تختلف عن المنطلقات الليبرالية التي آمن بها "كينز"( و هذه أمور معروفة لدى عامة المثقفين، ناهيك عن طلاب الدراسات القانونية و السياسية، و إن في السنة الأولى).
ففي حين كان الكلاسيكيون و الكثير من الكلاسيكيين الجدد ، ينادون بإبقاء الدولة بعيدة عن مجال الاقتصاد، و لا يسمحون لها بالتدخل لتنظيمه، بل رأوا أن التوازن الاقتصادي يتحقق تلقائيا بفضل " اليد الخفية"، و بفضل قانون المنافد، و عموما بفضل قوانين السوق الحرة.
إن الطالب يستطيع اكتساب هذه المعرفة ،من أكثر من مصدر، و في أكثر من مناسبة: فقد يعرفها، بمناسبة دراسة الفكر الاشتراكي.و يمكنه أن يدركها أيضا، إذا كان ملما بأفكار كينز.بمعنى،أن الطالب، الذي استوعب نصف البرنامج، يمكنه،أن يحصل على نصف النقطة، المخصصة للسؤال..
و للحصول على النصف الاخر،كان لا بد من الإجابة على السؤال التالي: و لكن ما هو الحد الذي ارتأى  كينز أن تدخل الدولة، لا يجب أن يتجاوزه في مجال الاقتصاد ؟ و الإجابة عن هذا السؤال الأخير، هي التي ستساعد الطالب، كما سبق القول، على معرفة المدرسة الاشتراكية التي يقترب منها كينز أكثر..
و بالفعل، فأغلب الاشتراكيين، نادوا بتدخل الدولة..، و هذا أمر اتفوا حوله.ثم اختلفوا فيما عدا ذلك:
1- فمعظم الطوباويين،لم يحبذوا التدخل القوي للدولة؛لأنهم أرادوا بناء اقتصاد تعاوني بمنأى عن الدولة، يعتمد على العمل الجماعي و التضامني للعمال و غيرهم.كما أنهم انتقدوا الكثير من الأفكار التي قامت على أساسها الليبرالية، مثل حرية المنافسة و الرغبة في تحقيق الأرباح( و هذا الانتقادات أبعدتهم عن كينز، الذي بقي مخلصا لأسس الفكر الليبرالي،متمثلة في الملكية الفردية، و حق الأفراد في جني الأرباح، بالاستعانة بميكانزمات المنافسة)؛
2- و لسبب قريب من هذا،اختلف "كينز" مع الماركسيين أيضا، الذين رفضوا هم  الملكية الخاصة، و طالبوا بتدخل الدولة في كل شيء، و حرموا امتلاك الأفراد للمقاولات الخاصة..؛
3-على عكس الاشتراكيين الديمقراطيين، الذين طالبو بتدخل الدولة ، و لكنهم آمنوا ببقاء المقاولات الخاصة التي تقوم على أساس الملكية الخاصة، و التي تعمل على أساس من المنافسة الحرة ، و تسعى لتحقيق الأرباح..
و بذلك، فلقد كان كينز أقرب إلى الاشتراكيين الديمقراطيين من غيرهم . و لقد أشرت إلى هذا مرارا و تكرارا في المحاضرات، و ذكّرت به في المطبوع أيضا. و أكبر دليل على ذلك أن الكثير من الطلبة توفقوا في الإجابة عن هذا السؤال، و أجابوا عنه أحيانا، باستعمال نفس التعابير التي وردت في المحاضرات أو المطبوع (بالإضافة إلى الطلبة الذي أجابوا أيضا، من خارج هذين المصدرين، و كانت إجابتهم موفقة و صحيحة و مقبولة..و  الحمد لله).
إجابة سؤال المجموعة الأخرى:
و بنفس الطريقة، يمكن الإجابة عن السؤال الأول من المجموعة الأخرى:
و الأفكار الأساسية، التي كان يفترض أن تتضمنها أجوبة هذا السؤال، يمكن تلخيصها كالآتي:
 لقد آمن الليبراليون الرأسماليون- الكلاسيكيون بشكل خاص- بأن الاختلالات الدورية التي يشهدها الاقتصاد الرأسمالي ، من حين لآخر، و تؤثر على مستويات الأسعار و الأجور و الإنتاج و التشغيل، تزول من تلقاء نفسها- إذ أن قوانين السوق تعالج هذه الاختلالات بنفسها دون حاجة لتدخل الدولة- ،ثم تعود الأمور إلى مجراها الطبيعي.تماما كما أكد " جان باتست ساي " في قانونه الشهير،أعني قانون المنافذ، الذي يقول بأن كل عرض يخلق الطلب المساوي له،و أن البضائع التي ينتجها هذا المقاول،تبادل بسلع أو بضائع أو خدمات ينتجها مقاول آخر؛ و بالتالي يتحقق التوازن بين العرض الكلي و الطلب الكلي دائما، و لا يمكن، بالتالي، أن تظهر أزمة ما نتيجة الزيادة في الإنتاج.ذلك أن الإنتاج(العرض)،في الحقيقة، لا يخرج إلى السوق إلا بعد أن يحقق مداخيل لعوامل الإنتاج( العمال يحصلون على الأجر، و ملاك الأرض يحصلون على الريع، و أصحاب رؤوس الأموال يحصلون على الفائدة،و المقاولون يحصلون على أرباح)،  و هذه المداخيل تنفق في السوق لشراء بضائع و سلع و خدمات أنتجها منتجون(مقاولون)آخرون،أي تتحول إلى طلب..فيتحقق التوازن الكلي(في السوق):فكل سلعة في السوق تجد من يشتريها، بما فيها قوة العمل و هي سلعة من السلع، عند الكلاسيكيين.
غير أنه عندما وقعت أزمة 1929،و التي امتدت إلى الثلاثينات من القرن العشرين،تبين أن أزمة الانتاج(العرض) يمكن أن تقع ،بل و يطول أمدها؛ و من ثم بدأ التشكيك في نظرية " المنافد".
و كان كينز على رأس منتقدي،قانون " المنافذ" لساي،و بين أنه يقوم على أساس خاطيء ؛إذ أن بعض العرض الفعلي(الإنتاج) قد يكون أكثر من الطلب-  بعض المنتجات، لا تجد من يشتريها-، لأن بعض المنتجين لا ينفقون كل مداخيلهم في السوق،و يقومون بإدخارها(و هذه نقطة اشار إليها مالتوس قبل كينز).و عندما يزداد حجم العرض( الانتاج)،مع تقلص  الطلب عليه، يقل الطلب على اليد العاملة، فتزداد البطالة..و يتحقق في المجتمع نوع من التوازن أدنى من العادي، أي أقل من التوازن الكلي:يتحقق فيه التوازن بين حجم اقل من الإنتاج مع طلب مساوي له، و لكنه قليل، قياسا مع الطلب العادي.
و للخروج من هذه الأزمة، اقترح كينز التخلي عن الفكرة التي قال بها "ساي"، و مفادها؛  أن العرض يخلق الطلب، و طالب باستبداله بفكرة أخرى، هي أن الطلب يخلق العرض:أي أن الطلب على السلع الاستهلاكية ، سيجعل المصانع و المعامل و المزارع و المتاجر تطلب اليد العاملة، فيتقلص عدد العاطلين عن العمل، و هؤلاء العمال و المستخدمين سيحصلون على أجور و رواتب سينفقونها في الطلب على السلع، ستترجم بدورها إلى طلب على مزيد من العمالة.كما أن توفر الأموال بأيدي المقاولات، و قدرتها على الاقتراض بفوائد ضئلة..،سيشجعها على الاستثمار و طلب السلع الاستثمارية، و بالتالي ستشغل العاطلين عن العمل.. و هكذا يعود الانتعاش إلى الاقتصاد.
و لكن، في ظروف الأزمة، من سيقوم بذلك الطلب الكلي الذي سيخلق العرض؟ يقول كينز: إن على الدولة أن تقوم بتشغيل العاطلين عن العمل، و تدفع لهم أجورا و رواتب من ميزانية الدولة( أو ميزانيات البلديات..إلخ)،و أن تنشئ مقاولات و مشاريع و تمنح المقاولات القروض بفوائد منخفضة ،..فتشجع بذلك على تشغيل اليد العاملة العاطلة..إلخ،و تحريك آلة الاقتصاد من جديد.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق