منهجية الامتحانات في الجامعة
الامتحانات
يفضحك الامتحان أو يمدحك
تلعب الامتحانات دورا هاما في العملية التعليمية-التربوية ، و لا سيما في التعليم الجامعي. فغالبا ما تعتمد نتائجها معيارا وحيدا و عادلا لقياس درجات تحصيل الطلبة في المعلومات و المعارف ، و بالتالي أساسا تؤسس عليه استحقاقهم للارتقاء من صف إلى صف أعلى، أو من فصل إلى فصل أعلى ، و بالتالي تمنح الشهادات بموجبها[1].
![]() |
الامتحانات أهم وسيلة للتقييم و الترقية في التعليم العالي |
و لقد وجهت للامتحانات عدة انتقادات[2] ؛من حيث أنها قد انحرفت عن هدفها الأصلي،إذ أصبحت غاية بعدما كانت مجرد وسيلة[3].كما أنها تعتبر غير كافية لتقييم و تقويم العملية التعليمية- التربوية[4]؛إذ تتم في ظروف غير طبيعية ؛سواء بالنسبة للمفحوص أو للفاحص[5]. ناهيك عن سلبياتها الأخرى الكثيرة، و من أهمها تأثيراتها على الصحة الجسدية و النفسية للممتحنين.
و على الرغم من هذه الانتقادات الشديدة، فلا زالت النظم التعليمية، في شتى أنحاء العالم، تتمسك بها؛ لأنها تراها الوسيلة الأكثر فعالية،إن لم تكن الوحيدة، لقياس النمو و التقدم في التحصيل العلمي الذي يحققه الطلاب في دراساتهم.هذا فضلا، على أنها ، تشكل حافزا قويا للطلبة على بذل المزيد من الجهود لمضاعفة تحصيلهم العلمي. كما أنها وسيلة جيدة لتقويم عملية التعليم و تطويرها و تحسينها، على ضوء نتائج الامتحانات[6].
و لقد تعاظم دور هذه الامتحانات في الجامعات ، حتى أنها أصبحت غاية أكثر منها وسيلة؛ ذلك أن الكثير من الطلبة لا يسألون عن شيء قدر سؤالهم عن الامتحانات [7].و الطلبة ، أو معظمهم ،لا يُعَدون لاستيعاب العلم و مواجهة الحياة بقدر ما يعدون للنجاح في الامتحانات،لأنهم جعلوا من هذا النجاح غاية في حد ذاته،و ليس العلم و التعلم.
و كانت النتيجة أن اقترن الفشل في الامتحان بالمهانة و الذل و أصبح الشعار الذي يرفعه الناس ، هو "عند الامتحان يكرم المرء أو يهان". و بالتالي برر الطلبة الكسالى لأنفسهم، اللجوء إلى كل الوسائل لبلوغ مكانة التكريم،و لو بالباطل.
فما هي أنواع الامتحانات التي قد يجتازها الطلبة، في مختلف تخصصات العلوم الانسانية و الاجتماعية؟(المبحث الأول)،و ما هي المنهجية التي يجب عليهم إتباعها أثناء هذه الامتحانات،للحصول على نتائج جيدة،إن لم نقل ممتازة؟(المبحث الثاني).
المبحث الأول:أنواع الامتحانات:
هناك ثلاثة أنواع أساسية من الامتحانات في كليات الآداب، و الحقوق،و ما إليها؛ و هي الامتحانات الشفوية، و الامتحانات الكتابية أو التحريرية، و الامتحانات العملية أو التطبيقية(أحيانا). و أكثرها شيوعا هي الامتحانات التحريرية، فهي تستعمل في معظم المواد التي تدرس في الدراسات الإنسانية و الاجتماعية(المطلب الأول).
أما الامتحانات الشفوية و العملية، فيُدْ مجان في نوع واحد، يأخذ شكل الامتحان الشفوي، في الغالب(المطلب الآخر).
![]() |
أنواع الامتحانات |
و يتم اللجوء غالبا في الدراسات الأدبية،و القانونية و السياسية و الاقتصادية، و الاجتماعية..إلخ، إلى الجمع بين الامتحانات الكتابية و الشفوية ، و ذلك لاختبار المهارات الكتابية و الشفوية، لدى الطالب:فمنهجيات هذه الكليات تتطلب خريجا قادرا على التعبير عن آرائه و إقناع الآخرين بها، كتابيا و شفويا[8].
المطلب الأول: الامتحانات الكتابية:
تختلف الامتحانات الكتابية عن بعضها البعض، سواء من حيث الشكل أو الهدف أو الطريقة..إلا أن الامتحانات المعمول بها ، أكثر ، في كلياتنا هي التي تعرف بالامتحانات التقليدية أو المقالية،و هي تتألف من سؤال واحد أو عدة أسئلة ، قد يكون بعضها اختياري أحيانا(الفرع الأول).و هناك نوع آخر، يستعمل بنسبة أقل، هو الامتحانات متعددة الاحتمالات(Multiple Choice or Multiple Response)(الفرع الآخر).
الفرع الأول: الامتحانات المقالية:
في الامتحانات المقالية(Essays Writting or Essays tests=Les dissertations)، يقدم للطالب عدد من الأسئلة تتراوح بين سؤال واحد أو ثلاثة أسئلة ، في الغالب.و قد تكون الأسلة كلها إلزامية، كما قد يكون بعضها إلزامي و البعض الآخر اختياري .و يعطى الطالب وقتا محددا لإتمام الإجابة على شكل "مقال أو مقالات"، صغيرة أو طويلة ، حسب عدد الأسئلة و نوعيتها[9].
و هذا النوع من الامتحانات، يعطي للطالب ، فرصة ليظهر مقدرته على استحضار أو استرجاع المعلومات من الذاكرة، و تنظيمها بطريقة منهجية.كما يعطي للطالب، فرصة لاستعراض قدرته على المناقشة و التحليل و الإقناع، و الدفاع عن الإشكالية التي يتبناها في إجابته.كما يمكنّه من إبراز غزارة المعلومات التي حصّلها، و مهارته في التعبير بأسلوب علمي دقيق و واضح[10].
1- أنه لا يتضمن إلا عددا محدودا من الأسئلة،مستقاة من مادة دراسية معينة،يطلب إلى الممتحَن أن يجيب عنها في نطاق زمني محدود، مما لا يتيح تقييما شموليا لمستوى الطالب في مادة الامتحان.
2- أن هذا النوع من الامتحانات يشجع الطلبة الكسالى على المقامرة،و التعويل على" الحظ" !!(يدرسون بعض أجزاء المقرر ..ثم يتوسلون إلى الشيطان أن يعينهم على أن تكون هي موضوع الامتحان).
3- و من عيوب هذا الامتحان كذلك، أنه من المستحيل الحصول على تقييم موضوعي و عادل بشكل مطلق:فلو أعطينا موضوعا لعشرة مصححين لحصلنا على عشرة تقديرات مختلفة لنفس الموضوع.
4- و من الأمور الأخرى التي تعاب على امتحانات المقال ، تدخل عوامل لا تمت بصلة إلى موضوع الامتحان بصلة، كالأسلوب، و حسن التعبير، و صحة الإملاء، و التمكن من قواعد اللغة، و جمال الخط..إلخ، و كلها عوامل تؤثر على حكم المصحح
..فالخط الجيد الواضح،و تنظيم و ترتيب الإجابة، و العبارات المسبوكة جيدا، و التعابير غير المحددة التي تحمل أكثر من تفسير، و الإلمام بقواعد اللغة و الإملاء،بل و حتى تنظيم الصفحات و تلوينها و تخطيطها، كلها[عوامل] يمكن أن تسد أو تغطي الكثير من عجز التلميذ عن المعلومات أو الفهم( الجلالي-التحصيل الدراسي-2011).
5- و كما أنها لا تصلح لتقييم كل مؤهلات الطالب و مقدراته، العلمية و العملية و السلوكية.
و من هنا، و لتدارك هذه النواقص - خاصة فيما يتعلق بتأثير ذاتية المصحح،من ناحية ، وعجز امتحان المقال عن الإحاطة الشاملة بالمادة الدراسية موضوع الامتحان، من ناحية أخرى- تم اقتراح عدة حلول منها، إكثار عدد الأسئلة و توزيع النقطة العامة للسؤال بين العناصر المختلفة للمقال( المعلومات، المنهج، الأسلوب، اللغة،الشكل..إلخ)، بالإضافة إلى تعدد المصححين.
غير أن هذه المحاولات كلها، لم تكن قادرة على إخفاء عيوب الامتحانات المقالية، لاسيما في الجامعات، حيث من الصعب أن يقبل الأساتذة الجامعيون،الذين يتمتعون بحرية "أكاديمة" كبيرة، فكرة "تعدد المصححين" مثلا.
و إذن لم يكن تعديل أو إصلاح، هذا النظام كافيا. بل كان لابد من تغييره، في نظر الكثير من المفكرين التربويين و علماء النفس.فكانت النتيجة، أن ظهرت، ثم انتشرت الامتحانات المتعددة الاحتمالات، أو الامتحانات الموضوعية.
الفرع الآخر:الامتحانات المتعددة الاحتمالات:
الامتحان الموضوعي[11]، هو كما يدل عليه اسمه " لا يخضع لأهواء المصححين و تقديراتهم الذاتية.و في الاختبار الموضوعي عادة نجد سؤالا تتلوه إجابات متعددة يطلب إلى الممتحن أن يختار الإجابة المناسبة منها"[12].
![]() |
الامتحانات متعددة الاختيارات |
فهو إذن، يكون على شكل قائمة بالأسئلة و الخيارات( كل سؤال أمامه عدد من الخيارات). و كلما كثرت الخيارات و تشابهت، كان الامتحان أكثر صعوبة؛ إذ يجب على الطالب أن يختار الإجابة الأكثر دقة،و يضع عليها علامة الإجابة الصحيحة.مثلا، يطرح سؤال ، و يعطى معه خمسة خيارات، أي خمسة أجوبة متقاربة أو متباعدة(حسب صعوبة الامتحان)،و يكون أحد تلك الإجابات(فقط) هو الجواب الصحيح ، للسؤال المطروح.
و الهدف البعيد لهذا النوع من الامتحانات؛ هو محاولة تقييم الطالب الممتحن، في مادة من المواد، تقييما شموليا. و ذلك من خلال أكبر عدد من الأسئلة المحددة و الدقيقة، المتعددة الاحتمالات.و بهذه الطريقة يمكن تغطية المقرر كله، و لذلك فهي تعطي فكرة أوضح عن مدى إحاطة الطالب بالمادة الدراسية.
و بهذا النوع من الامتحانات، يمكن الحكم بصورة أفضل على الطلبة متوسطي المستوى.و إن كانت لإجابات لا تعكس مدى تعمق الطالب في الموضوع، أو قدرته على استخدام معلوماته، في إيجاد حلول للمشاكل التي قد تعترضه في الحياة المهنية،أو الحياة ككل. لذلك تتهم هذه الامتحانات بأنها سطحية، و لا تتطلب- للتفوق فيها- قدرات معينة. بل هي تساعد على الغش، إذ من السهل أن يتناقل الطلاب المعلومات الصحيحة بينهم، بكل الطرق،مثل الإشارة، أو الهمس، أو الهاتف.
و يجدر بنا الإشارة ، في ختام هذه الفقرة،إلى أن أسلوب الامتحانات المتعددة الاحتمالات،يستعمل خاصة في الامتحانات و المباريات التي يتقدم لاجتيازها أعداد كبيرة من المرشحين،مثل مباريات القبول في المدارس العليا.لأنها تعطي فكرة عن مستوى المترشح في برنامج أو برامج دراسية متعددة.كما أنها، من جهة ثانية سهلة التصحيح، فضلا على أنها تحظى بالمصداقية، لأنها دقيقة، و لا تسمح بتأثير ذاتية المصحح.
![]() |
قد تكون الامتحانات المتعددة الاختيارات ملائمة للمباريات التي تشارك فيها أعداد كبيرة من المرشحين |
و عموما،فإن اختيار نوع الامتحان الكتابي،يعتمد على الهدف منه:فعندما نريد أن نقيم معرفة الطالب بقواعد الإملاء أو النحو في لغة من اللغات، أو نختبر ثقافته العامة ، أو ما شابه هذه الامتحانات، يمكن الاعتماد على الامتحانات المتعددة الاحتمالات.أما عندما يكون الهدف ، هو اختبار المهارات التي اكتسبها الطالب،في ميدان التفكير الأصيل و النقد و الإبداع[13]، أو معرفة الاتجاهات الفكرية للطالب أو موقفه من قضية من القضايا..إلخ، أو ما شابه هذا من الأهداف، فالامتحان المقالي هو الأفضل.
من هنا، ندرك على سبيل المثال، كيف أن الامتحانات في كليات الحقوق- التي تسعى لتخريج "أساتذة" و "أستاذات" في القانون -؛ تعتمد بالأساس ، و لاسيما في المواد الأساسية، على الامتحانات الكتابية المقالية ، الكفيلة بإبراز مؤهلات و قدرات الممتحنين على التعبير و الإقناع الكتابي.
أما، في المواد التكميلية، (كاللغة الفرنسية،أو مادة المصطلحات القانونية،مثلا) فيمكن استعمال الامتحانات متعددة الاحتمالات.
المطلب الآخر: الامتحانات الشفوية:
إن الامتحان الشفوي، هو نوع من المقابلة(Entretien) أو الحوار اللفظي المباشر ، وجها لوجه، بين الأستاذ (المُمْتَحِنْ) أو الفاحص ،و الطالب ( المُمْتَحَنْ) أو المفحوص، أو عدد من الطلبة الممتحنين.و عن طريق هذا الامتحان ، يحاول الممتحن قياس درجة استيعاب الطلبة للدروس التي ألقيت عليهم في مادة أو أكثر من المواد.و من ثم معرفة درجة أو مستوى تحصيلهم العلمي فيها.
![]() |
الامتحان الشفوي |
و تسهم هذه الامتحانات ، في الكشف عن الكثير من المؤهلات التي يتوفر عليها الطلبة، و التي لا تسمح الامتحانات الكتابية في إبرازها و إظهارها، مثل القدرات و المؤهلات المتعلقة بالتعبير الشفوي،و حضور البديهة،و ضبط النفس،..إلخ.و هي مهارات يحتاجها الكثير من خريجي الجامعات، في حياتهم المهنية، على تفاوت بينهم ( حسب التخصص).
و تعتبر "الاختبارات" الشفوية، مناسبة بشكل جيد إلى ممتاز، لاختبارات القبول في الوظائف ،إذ تيسر إلى حدود كبيرة جدا، ملاحظة و دراسة سلوك و مهارات المترشحين،و تقييم مدى صلاحيتهم لشغل الوظائف المتنافس عليها، تقييما شموليا سريعا.
و لعل السر في قدرة الامتحانات ( أو الاختبارات) الشفوية على القيام بهذه المهمة، يكمن في مرونتها الكبيرة، و قابليتها لأن تستعمل كأداة تفاعلية بين الممتحِن و الممتحَن، مما يسهل بناء الكثير من جسور الثقة بينهما:ففي الامتحان الشفوي، قد تتاح الفرصة للأستاذ بأن يظهر "حياده و موضوعيته"،في تقييم الممتحنين. و قد يدلل على حسن نيته هذه بعدة طرق،منها أن يكون مرنا و صبورا بل و متسامحا، و لكن دون تفريط أو إفراط، كأن يشرح للطالب السؤال أو الأسئلة(أو يعيد صياغتها)، و يوضح له جوانب الغموض فيها، مثلا.و قد يحتاج إلى القيام بهذه الخطوة، مع الطلبة الجدد (السنة الأولى) بشكل خاص، لأنهم لم يألفوا هذا النوع من الامتحانات، في المرحلة قبل الجامعية.
و لقد لفت انتباهي، من خلال تجربتي المتواضعة في هذا الباب، أن الكثير من الطلبة "الجدد"، الذين يفشلون في الإجابة إلى الأسئلة ، يرجعون ذلك إلى أنهم لم يتعودوا بعد على أسلوب الامتحان الشفوي. و أن هذا "العامل النفسي"، أثر تأثيرا سلبيا على إجابتهم.قد يكون هذا صحيحا، بالنسبة لعدد محدود جدا من الطلبة، و لكنه ليس صحيحا بالنسبة لجميع الطلبة، فكلنا قد مررنا بهذه التجربة، و لكن لم يكن لها ذلك الأثر الكبير.ثم إن هذه الامتحانات ، من ناحية أخرى، ليست مفاجئة حقيقية، بل إن الطلبة يكونون على علم بها منذ بداية السنة الدراسية.و من جهة ثالثة، فإن هذا النوع من الامتحانات موجود و يعمل به، بل و ضروري في تكوين خريجي الجامعات ،و لا بد للطلبة من أن يوطِّنوا أنفسهم على اجتيازها[14].
ومع ذلك ، و حتى نكون منصفين قدر المستطاع، لا يسعنا إلا القول، بأن الامتحانات الشفوية، تحتاج إلى خبرة و مران و تدريب، سواء بالنسبة للأستاذ أو الطالب، و هي مهارات لا تتأتى إلا من خلال الممارسة العملية .
و الحاصل أن الامتحان شفوي هو نوع من المقابلة أو المواجهة المباشرة(وجها لوجه أو رأسا لرأس)، بين المُمتحِن و المُمْتَحَنْ:و دور الطالب في هذه المواجهة،هو أن يحاول إقناع الفاحص أو الممتحن(L’examinateur) بأهليته للنجاح، من خلال إبراز رصيده المعرفي الغني، و قدراته و مهاراته في "استعراض عضلاته العلمية" ، بشكل دقيق و سليم،و دون وقاحة أو تطاول ..و في حيز زمني محدود جدا.
![]() |
"عبر عن نفسك !!"..في الامتحان الشفوي..و إلا اعتبرك الأستاذ فاشلا |
و عليه، فالامتحانات الشفوية(oral examinations )،تستعمل لتحقيق مجموعة من الأهداف التي " تعجز" عن تحقيقها الامتحانات الكتابية، من أهمها:
1- أن بعض المواد الدراسية، ذات طبيعة عملية و تقنية، لا يمن للممتحِن فيها، التحقق من مستوى الطالب الممتحَن، إلا بالامتحانات الشفوية:مثل مادة" منهجية العمل الجامعي"، و كل المواد المتعلقة بالمناهج، أو اللغات، على سبيل المثال لا الحصر[15]؛
2- اختبار مدى و عمق المعلومات أو الحقائق التي اكتسبها الطالب.و هنا، قد تلعب الامتحانات الشفوية نفس الدور الذي تلعبه الامتحانان الكتابية متعددة الاختيارات،من حيث القدرة على تغطية المقرر الدراسي كله؛و لكن مع وجود فارقين أساسيين:أن الامتحانات الشفوية ليس فيها اختيارات ، هذا من جهة.و من جهة أخرى أن الامتحانات الشفوية قد تسمح للأستاذ المُمتحن من التحقق من قدرة الطالب على استعمال معلوماته في حل المشاكل التي قد تعترضه؛
3- أنها تساعد الممتحِن على تقييم قدرات و مهارات الطالب في التعبير العلمي، و المناقشة، و الإقناع؛
4- الامتحان الشفوي، قد يكشف الكثير من المعلومات عن أخلاق الطالب، مثل:الصبر،و حسن التصرف، و ضبط النفس،و حضور البديهة،و الاعتناء بالمظهر..على سبيل المثال لا الحصر.
المبحث الثاني: منهجية الامتحانات:
إن الامتحان ، كما يقال، محنة. و لكنها، على غرار جميع المحن، تزول،بإذن الله تعالى. فلا داع للقلق أو الخوف منها.و في الحقيقة، لا يجب أن يخشى الامتحان؛ إلا الطلبة الكسالى، ذوي العزائم الضعيفة، و الإرادات المنهارة.أما الطلبة المجتهدون، فيوم الامتحان هو يومهم..يوم عرسهم ..و يوم فرحهم ..ألا يقال " يوم الامتحان يُعز المرء أو يُهان"؟.فهل هناك من هو أجدر بالعز من المجتهد الناجح؟و هل هناك من هو أجدر بالذل و المهانة من الكسول الراسب؟ !
و منهجية الامتحان ، سواء تعلق الأمر بالكتابي منه أم الشفوي، تكاد تكون هي نفسها ، مع وجود بعض الاختلافات القليلة و لكن المهمة،التي تستدعي التوقف عنها.
و عليه ، فستكون خطتنا في دراسة هذا المبحث،هي التالية: في البداية سنتناول بالبحث الامتحانات الكتابية(المطلب الأول) ، و بعد ذلك سنتطرق إلى الامتحانات الشفوية(المطلب الآخر).
المطلب الأول: منهجية الامتحانات الكتابية:
في الامتحانات المقالية ، و هي التي ستكون موضوع حديثنا فيما يلي، تطرح على الطالب بعض الأسئلة لا يتجاوز عددها سؤالين إلى أربع أسئلة ؛ الهدف منها تقييم التحصيل العلمي للطالب، في مادة من المواد.و قياس مدى استفادته، و استيعابه، لما جاء في المحاضرات أو الدروس التوجيهية أو مطالعاته الحرة. و اختبار قدرته ،على معالجة المواضيع ، التي تطرح عليه، وفق المنهجية العلمية، المتعارف عليها في الكلية أو المعهد الذي ينتمي إليه الممتحن و الممتحن.
و يمكن القول، بصفة عامة، بأن المطلوب في الإجابة، هو كتابة "مقالة" مبسطة و واضحة، مسلحة بالحجج و الأدلة المنطقية، و مبنية على أسس علمية موضوعية،تتمحور حول سؤال مركزي( هو الإشكالية).
و النزعة الغالبة على الطلبة يوم الامتحان، هي التسرع في الإجابة.و لذلك فأهم نصيحة توجه للطالب هي :خذ الوقت الكافي لقراءة السؤال( أو الأسئلة) أكثر من مرة- قراءة سريعة، فقراءة استيعابية، ثم قراءة معمقة و نقدية- ، و التفكير فيه، لبعض الوقت (5-15 دقيقة):في القراءة الأخيرة فقط، يمكنك أن تشرع في أخذ ملاحظات عن موضوع السؤال .
1- إذا كانت الأسئلة اختيارية: اقرأها جميعها أكثر من مرة.قس معلوماتك عن كل موضوع/سؤال، ثم حدد السؤال الذي ستجيب عنه.و بعد ذلك يجب عليك أن تنسى المواضيع الأخرى، حتى تتفرغ لمعالجة الموضوع الذي اخترته.
2- الفهم.. !الفهم.. !فــ "فهم السؤال نصف الجواب" ،كما يقال.لذلك، عليك أن تحلل السؤال ، إلى عناصره و أجزائه المختلفة،و حاول أن تبحث عن دلالاتها و معانيها.و أنا على يقين، أنك إذا حللت السؤال بطريقة علمية، ستستخرج منه الكثير من عناصر الجواب.
و عموما، يجب ألا تنسى أن الألفاظ و المصطلحات التعبيرات و الصياغات و غيرها، التي تستعمل في الأسئلة تكون دقيقة في الغالب ؛ و مدروسة جيدا. بما فيها علامات الترقيم( النقط، و الفواصل..).لذلك لا تستهن بأي شيء؛ حتى الحروف مثل الواو،فإن وجودها في السؤال قد يكون حاسما؛ فقد يدل مثلا، على أن المطلوب منك، إجراء مقارنة (مثل:تحدث عن الفلاحة المسقية و الفلاحة البورية.أو:اكتب عن النظام البرلماني و النظام الرئاسي). و انتبه أيضا إلى صيغة المفرد أو الجمع.فعندما يأتي السؤال على صيغة :القنوات الفضائية العربية.فإن المطلوب منك، على الأرجح، هو إجراء دراسة مقارنة، بين مختلف القنوات العربية( أو أهمها). عندما يأتي السؤال بصيغة المفرد:نهر أم الربيع أو مدينة الدار البيضاء.فليس المطلوب إجراء مقارنة،و لكن ليس هناك من مانع، يمنع الاستعانة بها ، بطريقة أو أخرى، لإضفاء الحيوية على الموضوع.
و عليك أيضا، أن تنتبه إلى "التعليمات" المرفقة بالسؤال أو الأسئلة، مثل:ناقش، فسر، صف، علق على..إلخ.
3- إن صياغة الأسئلة تكون – في سلك الإجازة– بسيطة و واضحة.كما أن مضمونها، يكون في متناول الأغلبية العظمى من الطلبة.لسبب بسيط أيضا، هو أنها تستقى من المحاضرات. فإذا كنت قد درست المادة(موضوع الامتحان) جيدا، و استوعبت إشكاليتها ، و حفظت مصطلحاتها، و فهمت مفاهيمها، و درست طريقة أستاذ المادة في وضع الأسئلة( و عرفت ماذا يحب و ماذا يكره..)؛ فستعثر بسهولة على موقع السؤال من المادة و من تصميمها، و ستحدد انتمائه بالضبط،و ستعرف ما هو مطلوب منك على وجه الدقة.
و بهذا التحديد ،سيصبح من السهل عليك، أن تستخرج من الذاكرة، كل ما له علاقة بالسؤال، من قريب أو بعيد، و تعرضها أمامك: المعلومات و المنهجية أو المناهج التي حصّلتها من المحاضرات، و الدروس التوجيهية،و من قراءة الكتب، و من المناقشة مع الأستاذ و زملائك في الدراسة،..إلخ.
4-بعد استعراض المعلومات( استخراجها من الذاكرة)، قد أصبح بإمكانك تكوين فكرة عن الموضوع و طريقة معالجته ( و قد تكون هذه الطريق، هي نفسها الطريقة التي عالج بها أستاذ المادة أو غيره من الأساتذة موضوعا مشابها).و مع ذلك،فإننا ننصحك بعدم التسرع في الإجابة، بل خذ مهلة أخرى للتفكير و التأمل في السؤال و المعلومات التي تجمعت أمامك،في حدود(خمسة إلى عشرة دقائق).و لا تعتقد أن هذا الوقت ضائع،بل هو استثمار جيد، بل هو أحسن استثمار قد تقوم به أثناء الامتحان ( أو أثناء مبارة من مباريات..التوظيف)، بالنظر إلى النتائج التي قد تترتب عنه:فلأن تضيِّع بعض الدقائق من وقتك، أفضل من يضيع عمرك كله في دقائق.
5-إن المهلة التي تأخذها للتفكير و التأمل، هي التي ستساعدك على تنظيم ذلك "الركام" الذي أفرغته أمامك، أثناء استحضار و استعراض المعلومات.و هي أيضا فرصتك الأخيرة ، ربما،لتصحيح انطباعاتك و تصوراتك أو فرضياتك الأولى عن موضوع السؤال.
عد إلى نص السؤال، و اقرأه من جديد،هذه المرة قراءة نقدية متأنية، باحثا عن فكرته المركزية أو إشكاليته.أو بالأحرى،الإشكالية التي ستحاول من خلالها ربط عناصره (الموضوع)، في إجابة تعالج أهم قضاياه.لا تنظر إلى السؤال هذه المرة، من خلال الجزئيات (لبنات البناء") فقط. بل انظر إليه كبناء و كهيكل متكامل :لماذا أقيم بهذا الشكل؟( لماذا هنا؟ ما موقعه من هذه المادة الدراسية)؟ و لماذا الآن(هل هناك علاقة بين هذا السؤال و الأحداث التي يعرفها المجتمع؟ أو تعرفها الجامعة؟ أو يعرفها المسلك الذي تنتمي إليه؟..إلخ).
و لتسهيل الوصول إلى الإشكالية المناسبة لتناول الموضوع و الإحاطة به، يمكنك أن تتساءل، مثلا: ما الذي يعنيه صاحب السؤال بهذا اللفظ أو ذاك؟ أو هذه العبارة أو تلك؟ هل صياغة هذا النوع من الأسئلة تتم على هذا النحو ؟، أم أن السؤال طرح بهذا الشكل "لغاية في نفس الأستاذ"؟ و إذا كان الأمر كذلك ، فما هو هدفه من طرح السؤال؟ أيريد اختبار ذكاء الطالب أم قدرته على الحفظ؟ و هل من عادة الأستاذ، صاحب السؤال، أن يطرح هذا النوع من الأسئلة؟، أم أن الأمر جديد عليه ؟ و ما هي دواعي هذا التغيير؟.. ؟..؟
![]() |
خلال استحضار (استخراج المعلومات من الذاكرة) استعن باسئلة من نوع:لماذا؟ و كيف؟ و متى؟ و أين؟.. |
و المهم، هو أن تضع السؤال نفسه موضع تساؤل، محاولا استكشاف ما ورائه.و هنا، قد تحتاج، إلى استحضار ما تعرفه عن منهجية الكلية التي تنتمي إليها، و أهداف المادة، و طريقة الأستاذ و عقليته.[16].
6-فبعد اختيار أو صياغة الإشكالية، ضع تصميما تُفصّل من خلال مكوناته و أقسامه، الحديث في الجوانب المهمة للإشكالية.ثم احشد كل الأدلة و الحجج و البراهين المنطقية و العقلية، و الأمثلة، و النصوص، و الاستشهادات ..إلخ، حتى توظفها في مناقشة الإشكالية و تحليلها:فالإشكالية يجب أن تعلن عنها في المقدمة، و كذلك التصميم.
![]() |
منهجية تحرير الامتحان المقالي |
7-بعد صياغة الإشكالية و وضع التصميم ، بشكل واضح في ورقة التسويد، يمكنك أن تشرع في تحرير الجواب..في ورقة أخرى (للتسويد)، غير تلك التي كتبت فيها الإشكالية و التصميم.
8- أبق الإشكالية و التصميم دائما نصب عينيك، حتى تراجعهما باستمرار..إذ كثيرا، ما يؤدي الاستغراق في تحرير الإجابة إلى الانحراف عن جادة الإشكالية ..و التصميم..
9-الخطوة التالية ، هي الشروع في تحرير مسودة المقدمة..و الخاتمة، أما " صلب الموضوع"، فيمكنك أن تكتبه في ورقة الإجابة رأسا، بعد ترك الحيز الكافي للمقدمة و الخاتمة. (صفحة لكل منهما مثلا):و عموما فإن الخاتمة و المقدمة، يكتبان بعد الانتهاء من تحرير صلب الموضوع( و لكن هذه ليست قاعدة ملزمة).
9- و عليك أثناء التحرير أن تتقيد بالتصميم، ،و "تضع يدك في يد القارئ"،لتقوده "خطوة بعد أخرى"، نحو النتيجة التي تريد الوصول إليها، مفسرا، و شارحا، و موضحا، و مستشهدا(حسب الظروف)، بكل ما جمعته من حجج، و براهين، و أدله منطقية و عليمة.
10- و عموما، فالقاعدة الذهبية، في تحرير جميع مواضيع الامتحانات، بما فيها "المقالة"، هي أنه يجب على الطالب أن تكون إجابته موجزة و واضحة و دقيقة، و منظمة، على مستوى الشكل و المضمون:
أ- فمن ناحية المضمون أو المحتوى:يجب على الطالب ألا يستسلم لإغراءات الاستطراد، بل عليه أن يحرص على أن يجيب على السؤال المطروح، و " ليس على سؤال افتراضي يعرفه هو ( الطالب)".فكلما كان الطالب دقيقا في الإجابة، كلما كان ذلك دليلا على فهمه للسؤال.
ب- من حيث الشكل، يجب أن يراعي قاعدتي التوازي و التوازن:التوازي من حيث تقسيم صلب الموضوع(إذا كان الجزء الأول في قسمين، يجب أن يكون في الجزء الآخر قسمين كذلك).أما التوازن، فيتعلق بالحجم(تكون أجزاء صلب الموضوع متوازنة من حيث عدد الصفحات).
و بالمناسبة، أحب أن ألفت الانتباه هنا، إلى أن ظروف الامتحان، قد تدفع الكثير من الطلبة للخروج عن هاتين القاعدتين؛ إما لأنهم يخصصون حيزا كبيرا( من الوقت) للقسم الأول من البحث،أو لأن الذاكرة لم تسعفهم إلا بمعلومات متشابهة، لا تصلح إلا لقسم واحد من الموضوع.
وعموما للحفاظ على التناسق ، يمكن- على سبيل المثال- أن تخصص نسبة عشرين بالمائة من صفحات الإجابة للمقدمة،و أربعين بالمائة للمبحث الأول،و ثلاثين بالمائة للقسم الآخر،و عشرة بالمائة للخاتمة.
ج- يجب أن يتذكر الطالب أنه لم يعد في الثانوية، و أنه "أصبح في الجامعة"، و أنه ينتظر منه أن يتوفر على حد أدنى من الثقافة العامة اللغوية، تمكنه من التعبير بطريقة سليمة واضحة.
دـ- و من أساسيات الكتابة الواضحة، أن يكون القارئ قادرا على الوصول إلى فهم و إدراك ما يعنيه الكاتب، مهما كان ما يعنيه معقدا.
و عموما، على الباحث/ الطالب، أن يراعي فيما يكتب، تحقق أسس المنهجية العلمية، ممثلة ،على الأقل، فيما يلي:
د/1- أن يهتم بالحقائق، و يبتعد أن الأحكام المسبقة و أحكام القيمة و الأحكام الأخلاقية(أي يجب عليه الالتزام بمبادئ الموضوعية).
د/2-البرهنة على الاستنتاجات و النتائج ، التي يتوصل إليها،أو الآراء التي يسوقها، بأدلة و براهين و شواهد علمية(منطقية) أو أمبريقية(واقعية = تجريبية)،و تفاسير سببية(علة و معلول).
د/3- ترتيب القضايا و فقا لدرجة عموميتها(القضايا العامة، تحت العناوين الكبرى، و الجزئيات و التفاصيل تحت العناوين الفرعية).
د/4-الالتزام بالحذر، و عدم القفز إلى التعميمات،إلا في حدود ما تسمح به الحجج و الوقائع أو الظواهر العلمية المتوفرة.
د/5- أن يربط بين أجزاء البحث و يمهد للأجزاء بمقدمات..،و ينهبها بعبارات و تعابير ،تربطها بالأجزاء التالية(تسمى عبارات ، حسن التخلص و الربط): يجب الاهتمام "بأدوات" أو جسور الربط بين الفقرات، مثل: من هنا، و هكذا، بيد أن ،و لهذه الأسباب، ..إلخ[17].
د/6- ثم يجب عليه ألا ينسى أن البحث، هو مجموعة من الفقرات، و أن متانته و قوته ، تعتمد كثيرا على حسن بنائها: فالفقرة، تبدأ عادة، بجملة تحمل فكرة رئيسية، أما الجمل الأخرى، فتفصل ما أجملته الفكرة الرئيسية.
د/7-و كلما وضعت نقطة و رجعت إلى بداية سطر جديد، تكون قد فرغت من فقرة تعالج فكرة معينة، مستقلة بنفسها و لكنها في نفس الوقت متصلة بما سبقها و ما يلحق بها:فالفقرات، أشبه ما تكون بدرجات السلم.فبصعودنا درجات السلم، نقترب من الهدف (الإجابة عن السؤال=الإشكالية).و بالوصول إلى أعلى السلم، يكون الموضوع قد اكتمل،و يتحصل المطلوب منه[18].
ه- و يجب أن تتذكر دائما أن الشكل الصحيح، يعتبر جزءا من الإجابة الصحيحة،فهو الذي يفتح " شهية" المصحح للقراءة. فورقة الإجابة، هي المرآة التي تعكس صورة الطالب في نظر المصحح، و هو غالبا ما يكون فكرة أولية عن عقلية الطالب من شكل ورقة الإجابة.و لذلك، إذا كانت ورقة إجابتك ، مكتوبة بخط غير واضح، و يتكرر فيها التشطيب مثلا، فإن حماس المصحح سيخبو من أول نظرة. و قد يشعر بالغضب منك، و قد يميل إلى يحكم عليك حكما مسبقا، يبقى لاصقا في ذهنه حتى بعد تصحيح ورقة الإجابة، لا بل لربما لم يتشجع على تصحيحها، و يضع نقطة حتى دون أن قراءة الإجابة من بدايتها إلى نهايتها.صحيح أن هذا لا يحصل إلا نادرا، و لكن قد تكون أنت ضحية هذا الحكم النادر، فاحذر !
و- و من الحرص على النظام و الترتيب أيضا، أن تخصص لكل سؤال ورقة إجابة خاصة به،مع الحرص على ترقيم الصفحات . فلا يجوز أن يكتب الطالب جواب سؤال، ثم ينتقل إلى السؤال التالي..ثم يعود إلى السؤال الأول عندما يتذكر معلومات فاته تسجيلها..و هكذا.
ك- و اكتب بخط واضح مقروء..و استعمل الكلمات التي تحتاجها فقط، و تجنب الأساليب الملتوية،و الجمل الطويلة،و لا تستعمل الكلمات المختصرة(Les abréviations).
11- لا تنسى أن تخصص بعض الدقائق لمراجعة ورقة الإجابة، لتدارك ما يمكن تداركه،و تصحيح الأخطاء الناتجة عن السهو..و أخطاء الأرقام و التواريخ..أو غيرها.
12- و على ذكر الدقائق الأخيرة، يجب أن تكون قد حددت من خلال التدريب على الكتابة، الوقت الذي تستغرقه في كل مرحلة من مراحل الامتحان_ قراءة السؤال..و استحضار المعلومات و تنظيمها..و صياغة الإشكالية..و ضع التصميم..):فمعرفة سرعتك على التفكير ..ثم الانتقال إلى التحرير، ثم الوقت الذي تستغرقه في كل ذلك مهمة جدا.
المطلب الآخر:منهجية الامتحانات الشفوية:
الامتحانات الشفوية، في الدراسات الجامعية،على جانب كبير من الأهمية، دون مبالغة.فهي لا تقل أهمية عن الامتحانات الكتابية،بل هي تكمل ما فيها من نقص، كما أنها تكشف عن مؤهلات و استعدادات الطلبة للاندماج في الحياة العملية؛ سواء بالنسبة للذين سيمارسون مهنا قانونية، أو إدارية، أو تعليمية، أو هندسية،..أو غيرها.
و في الواقع، فإن الكثير من التقنيات و الإرشادات التي يتعلمها الطالب، في سياق دراسته للدروس التوجيهية/التطبيقية (مثل إعداد العروض) ، تفيده في اجتياز الامتحانات الشفوية بتفوق.بدليل أن الطلبة الذين تعودوا على إعداد العروض، و المشاركة في مناقشتها، لا يجدون في العادة، صعوبة تذكر في اجتياز الامتحانات الشفوية، بنجاح كبير.
و عموما، فإن منهجية الامتحانات الشفوية، تتضمن الكثير من النصائح و الإرشادات و القواعد و المهارات..إلخ، نشير إلى أهمها فيما يلي:
النصيحة العامة هنا، هي: لا تتسرع في الإجابة..بل لابد من أخذ الوقت الكافي للتفكير في السؤال، و تقليبه على جميع الوجوه.و حاول أن تعرف ما ينطوي عليه(السؤال)، أو ما يعنيه بالنسبة للمادة، أو بالنسبة للأستاذ.و أخيرا ابحث له عن المنهجية المناسبة، التي يجب اعتمادها في التعامل معه[19].
1. اسمع(أو اقرأ ) السؤال جيدا،فالعرب تقول" أساء سمعا فأساء إجابة".و من الأفضل أن تسجل السؤال على ورقة أمامك ،إن لم يكن مكتوبا، أو احفظه في الذاكرة(إذا لم يكن الوقت أو الأستاذ يسمح بتسجيله على الورق).
2. غالبا، ما يتم اختيار الأسئلة بـ "القرعة"، بسحب أوراق تتضمن سؤالا أو أكثر.و عند السحب، فلا تظهر التردد؛لأن التردد، قد يفسر على أنه خوف:و الخوف في هذه الحالة، لا يدل إلا على أنك لم تعد نفسك جيدا، و لم تراجع دروسك.
3. بعد القراءة الثالثة للسؤال، يمكنك أن تضع دائرة حول كل كلمة ذات دلالة. أو ضع تحتها سطرا[20]، وفكر فيها جيدا، حللها و أعد تركيبها حتى تفهمها. و حاول أن تجد لها علاقة أو علاقات بما درسته في المادة موضوع الامتحان( في أي سياق تم التطرق إليها؟ و متى كان ذلك؟ ما هي القضايا المرتبطة بها..؟).
4. حاول أن تستخرج من عقلك كل المعلومات التي تمت للسؤال بصلة، و نظمها..
5. و من الأفضل أن تبذل جهدا في البحث له عن إشكالية و تصميم ، وجيز جدا:فالإجابة الشفوية، تأخذ شكل عرض مختصر جدا( تجنب التفاصيل، و اقتصر على الجوهر و الجوهري).
6. ابحث عن فكرة لتعبر بها عن المقدمة. ثم اربطها بالإشكالية.و لا بأس، أن تخبر الأستاذ الممتحن- في هذه المقدمة- بأنك اخترت فكرة أو إشكالية معينة، من خلالها ستعالج السؤال. و أنك ستتناوله وفق تصميم معين. ثم تذكر له الإشكالية و التصميم، حتى يكون على بينة مسبقا من المسار الذي ستسلكه في إجابتك ( و لكن انتبه: أغلبية الأسئلة التي تطرح، تكون سريعة و مباشرة، و لا تتطلب إشكالية !).
7. إذا كانت الظروف تسمح، سجل عناصر الإجابة في ورقة:قسم الورقة إلى أقسام،ضع التعريفات و الإشكالية،و المفاهيم الأساسية في الأعلى.و في وسطها، ضع التصميم،و الأفكار التي ستعتمدها في التحليل و المناقشة(نصوص قانونية،و استشهادات..)..إلخ.
8. و احرص على تنظيم، أفكارك، و ما تسجله من رؤوس أقلام..إلخ. فالانطباع الذي تخلفه عند المصحح، من هذا النظام سيكون كبيرا و مؤثرا على نقطة الامتحان:فسيكتشف الكثير من مزاياك و قدراتك على العمل المنهجي.فحتى لو كانت معلوماتك قليلة عن موضوع السؤال، فإن طريقة عرضك للمعلومات،أي باحترام المنهجية المعتمدة(مقدمة، و تصميم..، و تحليل و مناقشة منطقيين و علميين)،قد تساعدك على الحصول على نقطة جيدة.
9. إن الأسئلة الشفوية قد تبدو سهلة أحيانا، و قد تكون سهلة بالفعل.إذ يراعى فيها ، مستوى الطالب العادي ، لا الطالب المتفوق، لأن الهدف ليس هو طرح أسئلة تعجيزية .و مع ذلك، فمن الحكمة أن تعملوا بالمثل القائل " من الحكمة سوء الظن".غير أنه لا ينبغي المبالغة في سوء الظن أكثر من اللازم.و على كل حال، فأنتم أدرى بأساتذتكم و طرقهم في التقييم و الامتحان.
10. و لغة الأسئلة ، في العادة، سهلة واضحة، من حيث المفردات و التراكيب، و لكن لكل كلمة و لكل مصطلح دلالاته و معانيه، التي يجب على الطالب أن يدركها في عمقها، أو على الأقل يكون ملما بها:و قد تأتي الأسئلة في الشفوي، بلغة، هي خليط من الفصحى، و الدارجة( العامية)،و الفرنسية(و الإنجليزية أو الإسبانية أحيانا)..إلخ.
11. و لكن أنت ، أيها الممتحن،يجب أن تعبر عن تجيب عن السؤال بلغة فصيحة، و واضحة.و يجب أن يكون إلقاؤك متقنا ، و هادئا، و مقنعا:فمن أهداف الامتحان الشفوي، اختبار قدرات الطالب على التعبير عن آرائه و أفكاره و المعلومات التي اكتسبها، بلغة سليمة و ألفاظ دقيقة.و كما قال بعض الأوائل :" إنما الناسُ أحاديثٌ ، فإن استطعت أن تكون أحسنهم حديثا فافعل".
![]() |
"إن استطعت أن تكون أحسن الناس حديثا فافعل" |
12. و قد يحدث أن يسألك الأستاذ عن العروض التي أعددتها أو شاركت في إعدادها.أو عن الكتاب أو الكتب التي قرأتها أو قمت بتلخيصها، من ضمن قائمة يكون قد اقترحها عليكم:فهذه فرصة جيدة، لتكسب بعض النقط المضمونة.لذلك هيئ نفسك لمثل هذا السؤال، بإعداد تلخيص جيد لعرضك أو الكتاب أو الكتب التي قرأتها.
13. و لا تحاول أن تظهر بمظهر الطالب الواسع الثقافة، الواثق من نفسه أكثر من اللازم، إلا إذا كنت على يقين من أن معلوماتك حول النقطة المطروحة للنقاش، جيدة و تسمح لك بإبراز بعض عضلاتك". و إلا فقد ينقلب السحر على الساحر.بل لربما، من الأسلم لك أن تتظاهر بمظهر "طالب العلم المتواضع" ،الذي لا يجيب عن شيء إلا إذا سئل عنه،و في حدود السؤال فقط، ما لم تلاحظ تشجيعا من الأستاذ على المضي قدما في الإجابة.
14. و إذا رأيت من الأستاذ رغبة في التعمق في مناقشة فكرة من الأفكار، فلا تترد في التجاوب معه، و انتبه أن تخطئ..و لتكن حذرا و ذكيا.
15. و قد يحدث أن تجد نفسك رفقة بعض الزملاء و الزميلات ، في مواجهة سؤال واحد مطروح عليكم جميعا، بشكل دوري.ففي هذه الحالة،عليك أن توقظ كل حواسك و أن تجيد الإصغاء إلى كل ما يقال، و تتبع كل ما يحصل أمامك.و أن تكون مستعدا للإجابة على أي سؤال يوجه إليك.
16. و عموما، عليك أن تعامل زملائك، بالتي هي أحسن، و لا تحاول أن تقلل من شأنهم، أو تتطاول على حقهم في الإجابة..و لا تسرق منهم أدوارهم.بل عليك أن تمنحهم الفرصة الكافية ليجيبوا على الأسئلة التي تطرح عليهم، دون مقاطعة. و تحلى بالصبر، و تجنب التقعر، و الغرور، أو التصرفات الغريبة أو الوقحة؛ فهي "قاتلة".
17. لكن، إذا لاحظت أن الأستاذ يريدك أن تجيب ،و يلح على ذلك- رغم أن أحد زملائك مستغرق في الإجابة- فلا تضيع الوقت في التردد، و لا تظهر الارتباك، بل حافظ على رباطة الجأش..و استعن بالورقة التي سجلت فيها رؤوس أقلام الجواب..أو تحدث من الذاكرة، فذلك سيكون أفضل، دون تظهر بمظهر "الذي يستعرض ما حفظ".
18. احرص على أن تظهر بمظهر لائق و وقور ( و محتشم بالنسبة للطالبة)، حتى تخلف انطباعا جيدا، في الممتحن)يوحي له بأنك طالب علم حقيقي..لم تأت للكلية إلا لطلب العلم و المعرفة).
و إلى هنا، تنتهي هذه المحاضرة..و إلى اللقاء ..إن شاء الله.
[1] انظر:لمعان مصطفى الجلالي- التحصيل الدراسي-دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة-عمان-2011-ص 48 ز ما يليها؛د.سبع أبو لبدة- الامتحانات المدرسية شرّ لابد منه – العربي – العدد 145 – شوال 1390/ ديسمبر 1970 – ص 45؛ و انظر أيضا:أوبير- م.س- ص 764.و انظر: مادة "امتحانات عامة"- الموسوعة العربية الميسرة- م. س- ص ص 222-23، و مادة الامتحانات في الموسوعة العربية،النسخة الإلكترونية، و عنوانها:www.arab-ency.com .
[2] غير أن خبراء التربية اليوم، و تحت تأثير المفاهيم التي صاغتها الفلسفة التربوية الحديثة، يرون أن الامتحانات يجب تتطور في اتجاه الأخذ بالأهداف التالية[2]:
1- لا ينبغي للامتحانات أن تكون وسيلة لقياس كميات المعلومات التي حصّلها الطالب ، بل لاختبار القابليات و المهارات الفكرية التي اكتسبها الطالب،و من ضمنها طبعا مهارات البحث عن المعلومات و استيعابها.
2- إدخال أساليب تقويمية معاصرة و متنوعة، و عدم الاقتصار على الامتحانات النهائية، كأسلوب أوحد للتقويم، و تجريب و استخدام التقويم القائم على الأداء و المشاركة ،و غيره من الأساليب التي تقيس مهارات عقلية و كتابية و شفوية[2].
2- الامتحان النهائي، الذي يفرض على الطلبة اجتيازه في نهاية الفصل أو السنة الدراسية، لا ينبغي أن يكون إلا وسيلة ضمن وسائل أخرى ، للحكم على مستوى الطالب و مدى استحقاقه للانتقال من فصل إلى فصل أعلى أو الحصول على شهادة التخرج.
3-"..فالامتحان ليس غاية التعليم. و ليس هدف التعليم الإعداد للامتحان بل الإعداد للحياة".كما يجب أن تأخذ الامتحانات بعين الاعتبار، منهجية الجامعة التي ينتمي إليها الطالب: بمعنى أن الامتحانات، يجب أن توضع لمصلحة الطالب و العملية التعليمية، و ليس لمصلحة الأستاذ أو الإدارة.
[3] رونيه أوبير- التربية العامة- ترجمة الدكتور/ عبد الله عبد الدائم- الطبعة السابعة – دار العلم للملايين- بيروت 1991- ص764.
[4] "..و في معظم الأحيان أيضا تختلف طريقة تقدير بعض الأعمال اختلافا كاملا بين فاحص و آخر، تبعا لتكوين هذا الفاحص الفكري و لساعة الفحص. و قد بيّن استقصاء جرى على امتحان البكالوريا أن ثمة فوارق هائلة في طريقة وضع العلامات لأوراق امتحان واحدة..": أوبير- المرجع السابق- نفس المكان. و انظر أيضا: د.سعيد إسماعيل علي- فلسفات تربوية معاصرة- م. س- ص 35.
[5] أوبير- م.س – نفس المكان .هذا،و من المعلوم أن الامتحانات تجمع بين التقييم و التقويم: فالتقييم، هو تقدير و قياس قيمة المعارف و التحصيل العلمي.أما التقويم- من قوّم المعوج ، بمعنى عدّله و أزال عِوجه-، فهو يبين الواقع و ما يحتاجه من إصلاح.و في حين أن الامتحان عملية وقتية، يقيس بها الأستاذ مستوى الطالب المعرفي هنا و الآن، فإن التقييم و التقويم عمليتان مستمرتان و متكاملتان، تتطلبان مشاركة الأستاذ و الإدارة و الطالب ،و أولياء الأمور،و الجهات التي تتعامل مع الخريجين.انظر: سلوى محمد عبادي- دور التقويم في العملية التربوية- الفيصل- العدد 260- صفر 1419/ يونيو 1998- ص 98-99.
[6] محمد حسن التيتي- الامتحانات المدرسية بين الذاتية و الموضوعية- العربي- العدد 211- جمادى الآخر 1396/ يونيو 1976- ص 110.
[7] صحيح أننا لم نصل بعد إلى درجة " الهوس بالامتحانات" التي أصبحت تهيمن على عقول اليابانيين .فليس هناك شعب على الأرض ، اليوم، يهتم بأمر الامتحانات و الاختبارات مثل الشعب الياباني، خاصة امتحانات القبول في الثانويات و الجامعات المشهورة، فالالتحاق بجامعة لها سمعة طيبة يحدد مستقبل الشاب الياباني، حتى قال البروفيسور "فوجل"Vogel ، مؤلف كتاب" اليابان ..الدرس الأول لأمريكا"، إنه :" ليس هناك حدث – باستثناء الزواج- يحدد مجرى حياة الشاب الياباني مثل ما تفعل الامتحانات ، كما أنه ليس هناك شيء على الإطلاق- بما في ذلك الزواج – يحتاج إلى سنوات من الجهد و التخطيط و العمل الشاق مثل الامتحانات..":أنظر: رحلة في كتاب " التربية في اليابان المعاصرة"-من تأليف: د.إدوارد ر.بوشامب(E.R.Beauchamp)- تقديم : د.محمد عبد العليم مرسي- الفيصل – العدد 100- شوال 1405/ يوليو 1985- ص 122.
[8] غير أنه عمليا، تعتبر الامتحانات الكتابية هي الأكثر انتشارا، خاصة في الفصول الأولى[8]،لعدة أسباب منها:
1- أنها اقتصادية من حيث الوقت.
2- أنها تتيح أفضل الظروف لتقييم مستوى الطالب،حيث يتوفر على الوقت الكافي- نسبيا- لاستحضار المعلومات من الذاكرة و غربلتها، و تنظيمها و عرضها وفق المنهجية العلمية المتبعة.
3- أنها توفر فرص للاختيار بين عدة أسئلة(عندما تكون هذه اختيارية)، فيُجِيب الطالب على تلك التي يلمس في نفسه القدرة على معالجتها.
4- أنها أكثر موضوعية،إذ أن المصحح يكون أمام نص مكتوب يستطيع تقييمه، و إعادة النظر فيه مرارا و تكرارا.هذا فضلا على أن المصحح يتعامل مع ورقة الإجابة،ولا يتعامل مع الطالب أو الطالبة.أي أنه هنا، ليس معرضا لأن يصدر "حكما " على الإجابة متأثرا بالذاتية.
[10] و توظف " المقالات" أيضا، كأسلوب لإعداد الفروض المنزلية، و العروض ، و غير ها من البحوث القصيرة.انظر:المنهجية في دراسة القانون- م. س – ص 123.
[11] ترجع فكرة الامتحان الموضوعي إلى عام 1827، عندما اقترح الفيلسوف البريطاني "جريمي بنتام" J.Bentham(1748-1832)، أن يجري اختيار الموظفيين المدنيين عن طريق امتحانات تتكون من أسئلة ليس لها سوى إجابة واحدة.و لكن الامتحانات الموضوعية الحديثة، تنسب عادة إلى " ألفريد بينه" A.Binet (1911-1857) ، إذ يرجع إليه الفضل في تطويرها.
[13] مثل :مهارة تحديد الأولويات، و مهارة التفكير التحليلي/التركيبي،و مهارات طرح الفرضيات و اختبارها، و مهارة الاستنتاج ، و مهارة تقييم الأدلة، و مهارة القدرة على التعبير..إلخ.
[15] و في الحقيقة ن تتوفر الامتحانات الشفوية على مرونة كبيرة، فهي قد تتسع لكل أنواع الاختبارات ،و هي فعالة أكثر في الكشف عن المهارات و القدرات العلمية الدقيقة.و من ذلك على سبيل المثال، أن الكثير من الجامعات في الاتحاد السوفياتي السابق، اعتمدت على نظام الامتحانات الشفوية، حتى في التخصصات العلمية التقنية الدقيقة:حيث يقف الطالب عند السبورة، أمام لجنة الامتحان، و يضع يده في كيس فيخرج له سؤاله، ثم عليه أن يجيب عنه شفويا و باستعمال الطبشور و السبورة أيضا.
و بمثل هذا الأسلوب ، حقق السوفيات سبقا كبيرا في مجال العلوم الدقيقة و التخصصات التقنية..و الله أعلم.
[16] فمحاولة إقناع الناس بصحة وجهة نظرنا، لا يكفي فيها، أن تقدم الدليل العقلي و المنطقي فقط، بل يجب أن يتم التسلل إلى عقولهم. و ذلك لا يتم؛ إلا إذا كنا على علم مسبق بعقليتهم، و رؤيتهم للموضوع المطروح للبحث(و هي رؤية ،في الغالب، منبثقة عن رؤية عامة ، أو إيديولوجية أو فلسفة في الحياة).
[17] إن عبارات الربط بين الفقرات، أنواع كثيرة، منها:
أ-لإقامة الحجة (البرهنة) و للتلخيص:بدليل أن،عِلاوة على ذلك،عدا عن ذلك، الحاصل من هذا الكلام، خلاصة القول، قصارى القول،و بالإجمال..
ب-عند ذكر السبب أو الشرط:شريطة أن، ما لم يكن، على افتراض يكن، على افتراض أن، في حالة ما،مراعاة للأسباب التالية، يكفي أن،..
ج- للتعبير عن التبعات و النتائج: لهذا السبب، و إذن،و بناء على ذلك، لذلك، و عليه، و ينتج عن (ذلك)، تحت طائلة، بالتالي، من ثَمَ، من هنا،..
د- في الإحالة على قاعدة قانونية:حيث إن،بالنظر إلى، بما أن، لما كان، بسبب، أخذا بعين الاعتبار، استنادا إلى النص..، بموجب، اعتبارا لـ..
هـ-للتعبير عن الغاية أو الأهداف : لأجل هذا، في هذا الصدد ، لأجله، من أجل هذا، لهذا الغرض، لإجراء ما يلزم، من هذا المنظور،..
و- للاستنتاج و الختام و التلخيص: لأجل هذا، نخلص إلى، و كتلخيص ، و مهما يكن الأمر، و خلاصة القول، و حاصل الكلام،و زبدة القول، ..
[18] موسوعة الرواد-تعريب : د.بهيج ملا حويش- مطابع ديداكو- برشلونة 2005-ج16 ص 83.
[19] و احذر أن تفعل مثلما يفعل الصائم الذي لا يفقه معنى الصيام، فما يكاد المؤذن يعلن موعد الإفطار حتى يقبل على المائدة يلتهم ما وصلت إليه يده، بدون مضغ ، و يخلط البارد بالحار، و الحامض بالحلو،و يؤخر ما يقتضي تقديمه، و يقدم ما يقتضي تأخيره..فما هي إلا دقائق حتى يشعر بالإرهاق ..أو الاختناق..و ينقل إلى المستشفى، ليخبره الطبيب بأن عليه أن يتناول الأدوية في الأيام التالية..و ذلك ضاعت منه فرصة الاستفادة من شهر الغفران ،ثم هو بعد ذلك مطالب بإعادة الأيام التي عجز عن صومها.
[20] لا تفعل هذا منذ القراءة الأولى،لأنك إن فعلت ستصبح الكلمات التي أشرت عليها ، موضع جذب للانتباه، و ستصرف اهتمامك عن الكلمات الأخرى.في حين أنت في حاجة، لأن تفهم السؤال ككل، لا أن تفهم جزءا منه، فتشوه معناه:و قد تصبح إجابتك خارج الموضوع.