‏إظهار الرسائل ذات التسميات أدوات العمل و البحث في الدراسة الجامعية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أدوات العمل و البحث في الدراسة الجامعية. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 14 يونيو 2020

ما ليس بحثا علميا: اي العمل الذي يريد صاحبه، وصفه بأنه علمي و منهجي، في حين أنه، في الحقيقة، ليس كذلك

ما ليس بحثا علميا: اي العمل الذي يريد صاحبه، وصفه بأنه علمي و منهجي، في حين أنه، في الحقيقة، ليس كذلك

ما ليس بحثا علميا !

لقد سبق لي الحديث، في هذهالمدونة، عن بعض أنواع الطلبة الجامعيين.

فيما يلي، سأحدثكم عن نوع آخر من الطلبة :الطلبة الباحثون، الذين يؤمنون بنظرية " الجهد الأقل"، و يطبقونها في أعمالهم البحثية، إما كسلا، أو لضعف حيلة، أو استخفافا بأنفسهم و/أو بالأستاذ، أو لأسباب أخرى..يبذلون أقل الجهود، و يتوقعون أفضل النتائج.

هذا النوع ، من الطلبة، إذا كُلف بإنجاز بحث علمي، ستجدهم يكتفون بجمع أشتات من المعلومات  و المعطيات، ثم يعرضونها، في تقاريرهم المكتوبة(الرسائل..الأطروحات) ، "كما اتفق"،.. معتقدين أنهم، بذلك، قد قاموا بواجبهم أحسن قيام!! و لا يبقى إلا أن ينالوا "الجائزة".

كنت أراجع ، مؤخرا، مسودة " تقرير"، كتبه طالب(الليسانس) من هذا النوع، عن ما أسماه هو دون استحياء "بحثا"، فتذكرت ما كتبه الأستاذ الدكتور محمد شيّا، عن ما "ليس بحثا عمليا و منهجيا"؛ أي الأعمال التي يريد أصحابها وصفها بأنها "بحوث علمية منهجية"، في حين أنها، في الواقع و الحقيقة، ليست كذلك.

عن هذه الأعمال ،سأحدثكم اليوم..معتمدا بالأساس، على ما كتبه الأستاذ الدكتور محمد شيّا، في كتابه " مناهج التفكير و قواعد البحث في العلوم الإنسانية و الاجتماعية"[1].


***

1- ليس بحثا منهجيا أو علميا:العمل الذي يشرع فيه الباحث، معتمدا على "محاسن الصدف"، أي بدون أي استعداد؛في حين أن البحث العلمي يتطلب من الباحث، بذل جهود كبيرة و كثيرة، و تقديم تضحيات هائلة.لذلك يشترط في الباحث استعدادات خاصة،علمية و فكرية، و بدنية، و نفسية، و مالية،..إلخ[2].

و إذا كانت عملية البحث العلمي، في العلوم الإنسانية و الاجتماعية، لا تتم دفعة واحدة، بل تمر بمجموعة من المراحل، تسمى  "خطوات البحث العلمي"؛هي اختيار موضوع البحث أو الشعور بالمشكلة،فحصر هذه المشكلة (وصياغة الإشكالية)،و تحديد الإطار النظري ، ثم تحويل الإشكالية إلى فرضية، و بناء على الفرضية يتم جمع البيانات و تحليلها ،و أخيرا تحديد دلالة النتائج التي يتم التوصل إليها[3]..فكل مرحلة ، بل كل خطوة تحتاج إلى استعداد كامل و شامل.

أجل، كل هذه الخطوات، التي يخطوها البحث لبلوغ الغاية منه، قد تستغرق عدة أيام أو عدة شهور أو حتى عدة سنوات، حسب نوعية البحث و أهميته و عمقه.و خلال هذه المدة المقدرة للبحث،يجب أن يبقى الباحث على أتم الاستعداد العلمي و النفسي و المادي..و إلا اضطر لتوقيف بحثه مرة بعد أخرى..و قد ،لا قدر الله، يتخلى عن مشروعه البحثي..أو يؤجله إلى أجل..غير مسمى.

2- ليس من البحث العلمي: العمل الذي يحاول الباحث من خلاله أن يثبت حقيقة أو فكرة / أو ينفيها،في تجاهل تام للمعطيات أو المعلومات التي تفندها / أو تثبتها.فلا يقرأ من المصادر و المراجع، و لا يجمع من المعلومات و المعطيات إلا ما يؤكد وجهة نظر معينة، اختارها مسبقا؛ و يترك أو يتجاهل ما يخالفها أو يعارضها.ثم يزعم ، بعد ذلك، أنه أنجز بحثا علميا، بدليل أنه اتبع "حرفيا" الخطوات البحث العلمي، في جمع المعلومات، و دراستها، و تحليلها..إلخ:إن هذا العمل الذي لا يكشف من الحقيقة إلا جزءا منها، أو لا يرى من العملة إلا وجها واحدا، لا يمكن أن يعدا بحثا علميا.

بتعبير آخر، نقول إن البحث لا يكون علميا إذا كان باستطاعة الباحث أن يختار بوعي النتيجة (أو النتائج) التي توصل إليها:فينتقي ما شاء من المراجع و المعلومات و البيانات، لينتقي ما شاء من النتائج..أو يغيرها و يعدلها ، كما يشاء، و يلوي عنق الحقيقة،في الاتجاه الذي يريد.

إن البحث العلمي الحقيقي، كما قال المرحوم الأستاذ الدكتور زكي نجيب محمود يوما، هو البحث الذي يفرض نتائجه على الباحث، و يقبلها هذا الأخير بكل سرور.

إن البحث العلمي، لا يكون علما بإتباع خطوات البحث العلمي فقط؛ بل  هو كما قال الأستاذ شيا"[...] هو يكون علميا حين تتوفر في الباحث..الروح العلمية.الروح العلمية هي المحدد الحقيقي لعملية البحث، و العلامة الفارقة بين ما هو علمي و ما هو غير علمي.."[4].

و تتميز الروح العلمية،بميزات كثيرة، من أهمها:

أ- الموضوعية والنزاهة:فالروح العلمية، لا ترى في الواقعة أو الظاهرة ، موضوع البحث، ما ليس فيهاحقا؛

ب- الاستقلال و الحرية:الروح العلمية، لا تتقيد بأية قيود، و لا تلتزم، إلا بالحقيقة الثابتة بالأدلة؛فلا تجري وراء الأطماع، فلا تخضع للأهواء و المصالح، أو رغبات القوى الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية..أو غيرها؛

ج- الشك و النقد:الروح العلمية، روح نقدية و متشككة، فهي لا تسلم بصحة أي شيء إلا بعد الفحص؛

د- العقلانية و التنظيم: الروح العلمية، منظمة (منهجية)،بمعنى أن خطواتها و إجراءاتها، تكون دائما ،مبنية وفق تفكير عقلاني منظم، على أساس من المنطق؛

هـ- الجدية، و الصرامة، و المثابرة الفعالة: فرحلة البحث، كما يقول الأستاذ شيّا:"[...] أشبه بمغامرة غير مضمونة النتائج.و الباحث فيها صيّاد متفحص منقب، إذا اشتم رائحة فكرة مفيدة لبحثه لحق بها، أو تبيّن شعاع ضوء يكشف غموض موضوعه يمّم صوبه، غير آبه بالصعوبات و العقبات التي تنتظره.رحلة البحث كهذه لا يستطيعها إلا الباحث الذي حزم أمره و كان له من لذة الاكتشاف الموعود ما يساعده في طريقه إلى غايته.."[5].

3- ليس بحثا منهجيا أو علميا: العمل الذي يكتفي فيه الطالب-الباحث، بجمع المعلومات و المعطيات و البيانات..إلخ.أو يكتفي توصيف و تصنيف ما جمع من معطيات، بدون أي جهد إضافي.

صحيح أن جمع المعلومات..و تصنيفها، هو جهد أساسي في عملية البحث العلمي، إلا أنه لا يكفي في حد ذاته، بل يجب استكماله بأعمال أخرى ، كتحليل المعلومات، و نقدها، لأجل استعمالها في صياغة إشكالية،..و حلها :فالبحث العلمي، كما قلنا يتكون من عدة خطوات، ليس جمع المعلومات إلا خطوة منها.

4- ليس بحثا علميا: العمل الذي يستعجل فيه الطالب جني ثمار البحث قبل نضجها.

إن النتيجة في البحث العلمي، تشبه غلى حد كبير النتيجة، في عملية الطبخ الناجحة:فالطباخ يعمل بهدوء و تركيز في مطبخه، يعطي لكل عملية يقوم بها، الوقت الكافي لإنجازها.و في النهاية،يضع "الطعام " فوق النار،بالقوة التي تناسبه، و ينتظر الوقت الضروري حتى ينضج،و لا ينهي عملية الطبخ، قبل "النضج" أو بعدها، و إنما في الوقت

و كذلك النتيجة في البحث العلمي، فهي أيضا يجب أن تأتي كخلاصة طبيعية، و منطقية، لسلسلة من الخطوات و الإجراءات، التي تتم ، الواحدة تلوى الأخرى، في مسار، يقود بشكل أو آخر إليها (تلك النتيجة).

و هذه السلسلة من الخطوات يكون متفق عليها، في مجال معرفي معين (منهجية جامعية)، أو يعرّف بها الباحث (إن كانت منهجية أو منهجا مختلفا)[6]،فتصير واضحة شفافة، يمكن الرجوع إليها، و التحقق من صحتها و دقتها، و بالتالي الاطمئنان/ عدم الاطمئنان إلى النتيجة التي خلصت إليها.

5- ليس من البحث العلمي المنهجي:العمل المكون من خطوات و إجراءات متناقضة،و/ أو يخلص إلى خلاصات و نتائج متضاربة، ينفي بعضها بعضا.

و عليه، فإذا لاحظ الباحث أنه يقوم بخطوة إلى الأمام، ثم يعود خطوة إلى الوراء؛ أو يقول شيئا ثم يعود لينقضه، فيجب أن يتوقف فورا، و يتدارك الأمر، و يعرف أنه صار من الضروري البحث عن سبب أو أسباب التناقض لإزالتها، قبل استئناف المسير.

 

[1]  مناهج التفكير و قواعد البحث في العلوم الإنسانية و الاجتماعية- المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر و التوزيع- الطبعة الثانية- بيروت 1429/2008- ص ص 155- 158.

[2]  جوديث بل- كيف تعد مشروع بحثك العلمي؟-ترجمة : قسم الترجمة بدار الفاروق- دار الفاروق – القاهرة 2006- ص 26.

[3]  سبق لنا الحديث عنها، و قد نعود لتناولها قريبا ، إن شاء الله. 

[4]  شيّا- المرجع السابق- ص ص 157-8 ( التشديد من المؤلف).

[5]  شيّا- نفس المرجع- ص 158.

[6]  راجع ما كتبناه، في هذه المدونة، عن المنهجية الجامعية.


السبت، 25 فبراير 2017

من أهم أدوات البحث العلمي: الكتب المرجعية، كالموسوعاتن و القواميس..

من أهم أدوات البحث العلمي: الكتب المرجعية، كالموسوعات و القواميس..

تعتبر الكتب مرجعية، إذا اضطر الباحث إلى الرجوع إليها مرارا و تكرار، بمعنى أنه يصعبعليه-  إن لم نقل يستحيل- أن يقرأها من أولها إلى آخرها ، و إنما يراجعها كلما دعت  الحاجة.
و هذا الصنف من الكتب، يشمل مجموعة من المراجع الهامة،من أهمها الموسوعات بكل فئاتها ، و المعاجم الموسوعية، و المعاجم اللغوية على اختلاف أغراضها..

أولا:الموسوعات:

الموسوع في اللغة العربية هو: "  السِفْر أو الكتاب الذي يشمل عموم العلوم،و المؤنث موسوعة".و إذن فالموسوعة أو دائرة المعرفة أو المعارف( Encyclopedie)، هي  "تسجيل، في ترتيب هجائي أو تبويب موضوعي، للمعرفة التي وصل إليها الإنسان، في شتى الفروع  أو في فرع بعينه".
و تختلف الموسوعة عن القاموس من حيث أنها" لا تقتصر على تقديم التعريف فقط ، بل تقدم تاريخا للموضوع(قد يكون موجزا) ، و توضيحا لعلله ، و تبيانا لعلاقاته بالموضوعات المشابهة".

و تنقسم الموسوعات إلى عدة أصناف،فبعضها موسوعات عامة و أخرى موسوعات متخصصة:الأولى تشتمل على معلومات عامة ، عن كل فروع المعرفة ، و الأخيرة تتضمن معلومات عن فرع أو ميدان خاص من المعرفة.
و من الموسوعات المتخصصة في القانون ، على سبيل المثال، هناك موسوعة " شرح القانون المدني المصري" للدكتور معوض عبد التواب،و "الموسوعة الشاملة للمبادئ القانونية"للأستاذ محمد عنبر،و "الموسوعة الجنائية" للأستاذ محمد عبد المالك،و موسوعة "داللوز (Dalloz) للقانون" الفرنسية،و  "موسوعة السياسة" تأليف جماعي، تحت إشراف عبد الوهاب الكيالي، و" موسوعة العلوم السياسيةتأليف جماعي، من إصدار جامعة الكويت.


و تحظى الموسوعات بأهمية خاصة في البحث العلمي، إذ يبدأ الباحثون بحوثهم، عادة، بالاطلاع على موسوعة عامة، ثم موسوعة متخصصة، لأخذ فكرة عامة أو متخصصة ، بسيطة أو معمقة نسبيا عن الموضوع.و تكمن، أهمية الموسوعات كذلك،لاسيما الكبرى و المتخصصة،في كون موادها أو مقالاتها(articles)،محررة في الغالب من طرف كتاب خبراء متخصصين في كل فرع من فروع المعرفة. و مما يساعد على استعمال الموسوعات، " أنها تكتب بأسلوب مبسط لا يتطلب فهمه توسط المدرس أو الشروح، بل يكفي للاستفادة منها الحد الأوسط من الثقافة العامة مع الإلمام بالعلم الموضوعة له". كما أنها تتضمن فهارس هجائية، تساعد الباحث على الوصول إلى مراده بسرعة.هذا فضلا على أنها قد تحرص على  إصدار ملاحق سنوية، لتحيين المعلومات ،و ملاحقة المستجدات(كما كانت تفعل الموسوعة البريطانية (Britannica)،قبل توقفها عن الصدور في شكل ورقي).

هذا، و يتبع معظم المواد أو المقالات، في الموسوعات " المحترمة"؛ قوائم بيبلوغرافية مهمة، توجه الباحث إلى أهم  المصادر و المراجع المتخصصة في الموضوع الذي يبحث عنه، يمكنه الرجوع إليها للاستزادة من المعلومات في هذا الموضوع )و من ضمن هذه المراجع المحال عليها، طبعا، الموسوعات المتخصصة. (كما قد تحيل على مواد أخرى )بنفس الموسوعة(، لها صلة بالمادة المدروسة، و تعتبر مكملة لها(Les corrélats) .و المواد،في أغلب هذه الموسوعات الكبرى ، تحمل توقيعات محرريها.

ثانيا:المعاجم و القواميس:

يعرّف  القاموس بأنه:" معجم بالكلمات و معانيها ،مرتبة أبجديا بلغة واحدة أو بلغة و ما يقابلها في نقلها إلى لغة أخرى".

و تعتبر المعاجم و القواميس، من أهم أدوات و وسائل الخدمة المرجعية السريعة.
و قد يكون المعجم ثنائي اللغة(bilingue) كالمعاجم الفرنسية- العربية أو الإنكليزية- العربية، أو الإنكليزية -الفرنسية.كما قد يكون ثلاثي اللغة(trilingue)(إنجليزي-فرنسي-عربي.. و هكذا.

و هذه القواميس كلها مهمة جدا، بالنسبة لطلاب العلوم القانونية و  الاجتماعية. غير أنه يستحسن ،في هذا المجال، الحرص على الاستعانة بالقواميس التي تتوفر فيها بعض مواصفات الجودة التالية:
أ- يستحسن الاستعانة، بالقواميس التي تزود القارئ بقوائم طويلة من الكلمات المتشابهة في المعنى،حتى يمكنه أن يختار المعنى الدقيق الذي يبحث عنه؛
ب- يفضل المعاجم التي تستعمل المفردات في جمل توضيحية، و أمثلة نموذجية. أو التي تحاول استقصاء الكثير من الأمثلة الدالة على المعاني؛ لأن هناك الكثير من الألفاظ في اللغات الأجنبية التي يصعب إيجاد مقابل لها في اللغة العربية، و بالتالي لا يمكن للقارئ العربي أن يفهم المراد منها(و يختار المقابل الصحيح)، أو يعرف كيفية استعمالها، إلا من خلال الأمثلة باللغة المقابلة؛
ج- و من الأحسن ،أن يحرص الطلاب و الباحثون على استعمال المعاجم التي تواكب أحدث المصطلحات ، التي تظهر في شتى المجالات؛

د- هذا، بالإضافة إلى أن الطلاب،لاسيما طلاب الحقوق، يحتاجون إلى تعلم (نطق) أسماء الأعلام و المصطلحات،..إلخ، الأجنبية ،كما ينطقها أهلها.فهم لذلك لا يستغنون عن  المعاجم التي تورد مع كل كلمة، طريقة لفظها( و غالبا ما تجد إرشادات النطق في مقدمة المعجم؛
 هذا، و لا يفوتني أن أشير في الأخير، إلى نقطة على جانب كبير من الأهمية، ألا وهي أنه بالإضافة إلى القواميس اللغوية العامة، هناك أيضا القواميس المتخصصة، ففي العلوم الاجتماعية مثلا نجد "معجم العلوم الاجتماعية" (من إعداد نخبة من العلماء المصريين و العرب)،و "معجم العلوم السياسية الميسر"للدكتور أحمد سويلم العمري،و(Dictionnaire Juridique :Français-Arabe) لإبراهيم نجار،و أحمد زكي بدوي،و يوسف شلالا.

و من المعاجم الفرنسية الجديرة بالذكر هنا، المعاجم الوجيزة(Le lexique)،التي تستعمل في البحث السريع؛ و من أهمها (Lexique des termes juridiques)الذي نشر تحت إشراف (R.Guillien et J.Vincent)،و (Lexique des sciences sociales) تحت إشراف (M.Grawitz).