الأحد، 10 يونيو 2018

الإجراءات التمهيدية لإبرام الصفقات العامة


 فصل:
الإجراءات التمهيدية لإبرام الصفقات العامة
إنها مجموعة من الإجراءات التي تقوم بها الإدارة، قبل الإعلان أو الدعوة للتنافس على أي صفقة، أو مباشرة بعدها، في إطار الإعداد لإبرامها ( المبحث الأول).و هي أيضا مجموعة من الخطوات التي يقوم بها المعنيون بالصفقات ، قبل الإقدام على تلبية أي دعوة عامة أو محدودة ، توجه إليهم  للتنافس على صفقة معينة ( المبحث الآخر).
و هذه الخطوات و الإجراءات التمهيدية ، تلزم كل طرف من جهته وحده ( الإدارة أو المترشح لنيل الصفقة)، في بداية كل صفقة ؛ إلا أنه، في الواقع، تكون لها آثار كبيرة على كل المراحل التي تمر بها هذه الأخيرة ، في كل مراحلها اللاحقة ، بما في ذلك الآثار التعاقدية التي قد تترتب عن إبرام الصفقة، أو تنفيذها.
و هذه الخطوات و الإجراءات، متعددة ، و متنوعة، منها ما هو قانوني، و منها ما هو مالي، و منها ما هو تقني، و منها ما هو غير ذلك.و من الصعب الإحاطة بها جميعها، و لذلك سنقصر حديثنا، على بعض الأمثلة منها، على أمل أن يبذل الطالب(ة) جهدا، للتعرف على نماذج أخرى.             
المبحث الأول:واجبات الإدارة
واجبات الإدارة ( صاحب المشروع) في كل صفقة تبرمها ؛ كثيرة و متنوعة:فهي مسؤولة عن برمجة الصفقة ، و وضعها في الجدول الزمني للأعمال المقرر تنفيذها في فترة معينة ( السنة أو السنوات التالية)، و ملزمة بتوفير الاعتمادات لتمويلها، و القيام بالدراسات و الأعمال التمهيدية لإبرامها و تنفيذها ( أو تكليف غيرها بذلك= إبرام صفقة دراسة ). و من ثم، تحديد الحاجيات الدقيقة التي يراد تلبيتها بواسطة الصفقة، بما في ذلك تقدير ثمنها ( و لو تقريبيا)،و بالتالي  إعداد وثائق الصفقة، التي على أساسها سيتخذ الفاعلون الاقتصاديون المعنيون بالصفقات، قرار الولوج إلى الصفقة، أو الانصراف عنها.
و لقد تناول مرسوم 2013 واجبات الإدارة ، التي يجب عليها القيام بها، قبل إبرام أي صفقة، و تتمثل أساسا فيما يلي:
أن الإدارة مطالبة بتحديد حاجياتها بدقة، لا تترك مجالا لأي لبس أو غموض، حول ما تريد الوصول إليه ، من وراء إبرام الصفقة ( المطلب الأول).بعد ذلك، عليها أن توفر المعلومات عن الصفقة التي تريد إبرامها، لجميع المتنافسين على قدم المساواة ( المطلب الثاني).حتى إذا حققت ذلك، يمكنها أن تختار بكل طمأنينة أفضل المتنافسين، أي أصحاب أفضل العروض، لتعهد إليهم بتنفيذ الصفقة ( المطلب الثالث).
المطلب الأول: الإدارة مطالبة بتحديد حاجياتها
لقد سبق لنا الحديث عن هذه المسألة، و هي على جانب كبير من الأهمية في الصفقات العامة؛إذ على ضوء تحديد الحاجيات يتم اختيار مسطرة الصفقة و العرض الأفضل، و من ثم يتحقق الاستعمال الأمثل للمال العام: فالصفقة ( = الطلبية) العامة، يجب أن تلبي الحاجية العامة بدون زيادة  و لا نقصان، و في الزمن و المكان المحددين، و كل انحراف عن هذه الأهداف يعد فشلا للصفقة (صفقة غير فعالة)، و بالتالي تبذيرا للمال العام.
إلا أن تحديد الحاجيات، و لقد أفردنا له مباحث كثيرة مفصلة للحديث عنه ( لأهميته)، ليس بالأمر الهين، بل هو نفسه يرتبط بإجراءات تمهيدية كثيرة ( الفرع الأول)، من دونها لن تستطيع الإدارة أن تحدد حاجياتها بدقة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالحاجيات التي لها علاقة بالأشغال العامة ( بناء منشآت ضخمة، كالسدود و المطارات و الموانئ..)( الفرع الآخر).
الفرع الأول: التراخيص و الدراسات الاستشارية
من الإجراءات الأساسية التي تمهد بها الإدارة للصفقات التي تنوي إبرامها، الحصول على مجموعة من التراخيص من الإدارات المعنية ، و كذا القيام ببعض البحوث و الدراسات ، التي تساعدها على صياغة وثائق الصفقة على نحو سليم و دقيق، لضمان نجاح الصفقة عند إنجازها.
أولا:الترخيص المالي:
لقد مر معنا تعريف المشرع للصفقة، و الذي يقول فيه بأنها " عقد بعوض.." ( المادة 4/البند 13).عوض يدفع إلى المتعاقد مع الإدارة ( مقاول/ خدماتي/مورد)، مقابل ما ينجزه من أشغال، أو يورده من سلع، أو يقدمه من خدمات.و إذن، فمن المنطقي، أن تقوم الإدارة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية، لأداء العوض الذي تلتزم به،جراء عقد من عقود الصفقات.
و في الحقيقة، ليس هذا إلا تطبيقا للأسس العامة للمحاسبة العمومية، التي تقضي بأنه لا يمكن للإدارة من الإدارات العامة،أن تلزم نفسها بأي إنفاق، مهما كان نوعه و حجمه، إلا إذا فتحت برسم سنة مالية ( أو عدة سنوات)، الاعتمادات الكفيلة بتغطية ذلك الإنفاق[1].
و إذن، فمن الإجراءات الأساسية التي تمهد لإبرام الصفقات العامة، الحصول على الاعتماد المالي، أي فتح اعتماد ( التزام بالنفقة) برسم سنة ( أو سنوات)[2] معينة، في الميزانية العامة للدولة ( أو إحدى الميزانيات المحلية، أو ميزانيات المؤسسات العمومية..)، للإنفاق على الصفقة العامة.
و قد يفتح الاعتماد، ثم تظهر الحاجة إلى تعديله أو إلغائه، لذلك فإن من مهام مراقبي وزارة المالية، أن يتأكدوا دائما، عند دراستهم لمشاريع الصفقات العامة، من وجود الاعتماد و صلاحيته ( و من هنا ندرك لماذا يعتبر وجودهم في لجان إبرام الصفقات ، أمرا ضروريا في كل مراحله).
هذا من الناحية النظرية، على الأقل؛لأن الممارسة الفعلية، قد تفيدنا بأن الإدارات قد تنخرط في مسارات، تنتهي بإبرام صفقات كبيرة أحيانا، دون أن تكلف نفسها- بوعي أو دون وعي- عناء التوفير المسبق للاعتماد المالي الضروري للإنفاق عليها.و في الكثير من الحالات، يتعمد الآمرون بالصرف فعل ذلك، بسوء نية، معولين على وضع الجهات المكلفة بالرقابة المالية، أمام الأمر الواقع، و المتمثل في أن "عقد الصفقة أبرم"، بل و ربما نفذت الصفقة أيضا، و من ثم لا بد من أداء " العوض"، تحت طائلة المتابعة القضائية.
و بالفعل،فالقانون يلزم الإدارة بالوفاء بالتزاماتها التعاقدية، سواء كانت الإدارة قد وفرت الاعتمادت- و فتحتها برسم سنة أو سنوات معينة-، أم لم توفر هذه الاعتمادات، و سواء كانت الاعتمادات كافية لتغطية مجمل الصفقة، أو أن الإدارة تجاوزت الاعتمادات المخصصة لها[3].
ثانيا:التراخيص القانونية :
بالإضافة إلى الاعتمادات المالية، قد يحتاج صاحب المشروع أو السلطة المختصة بإبرام الصفقة[4]، لبعض التراخيص المسبقة من السلطات المعنية.فرغم أن صاحب المشروع، من حيث المبدأ العام، يعتبر حرا في إبرام ما يشاء من صفقات لتلبية حاجيات المرافق التي يتولى إدارتها، طالما أن إبرام عقود تلك الصفقات يدخل في اختصاصه، من ناحية ، و من ناحية أخرى، طالما أنه يتوافر على الاعتمادات المالية لتغطية الإنفاق عليها.
غير أن هناك حالات، تنص عليها القوانين المنظمة للصفقات العامة، و على رأسها المرسوم المتعلق بالصفقات العامة (2.12.349، بتاريخ 20 مارس 2013)؛ توجب على صاحب المشروع الحصول على ترخيصات ( أو استشارات، حسب الأحوال)، قبل القيام بأي إجراء ينتهي بإبرام الصفقات العامة؛ و ذلك حتى يتجنب الوقوع في مشاكل أو صعوبات قانونية، أو مالية، أو تقنية..إلخ.
و هذه الترخيصات متعددة و متنوعة، و تأخذ عدة أشكال، نتناول فيما يلي نموذجين منها:الأول يتعلق بالترخيصات التي تمهد و تسهل تنفيذ الصفقات دون عوائق أو اعتراضات من الإدارات العامة أو من الخواص،و النمود الآخر، يأخذ شكل الحصول على إذن بالتعاقد وفق شروط معينة، غير عادية، أو لإبرام صفقات ذات طبيعة خاصة.
أ- تراخيص رفع المنع أو إزالة الاعتراض:
و هذه الترخيصات متعددة، تتعلق برفع الموانع " الحواجز" أو " الاعتراضات" القانونية، التي قد تفرضها الإدارات العامة، غير صاحب المشروع، في إطار تطبيقها للقانون. أو يمارسها الخواص، في إطار الدفاع عن حقوقهم و ممتلكاتهم.
 من ذلك، على سبيل المثال، عندما تتعلق الصفقة باستيراد سلع أو مواد أو أيدي عاملة من الخارج؛فإن صاحب المشروع، قد يحتاج إلى استخراج ترخيصات من وزارة التجارة أو وزارة الخارجية أو الداخلية ( أو كل هذه الوزارات):مثل استخراج  تصاريح للعمال الأجانب،أو تراخيص بإدخال سلع أو معدات أو آلات من الخارج..مثلا( لعدم توفرها محليا).و نفس الشيء فيما يتعلق بالأشغال العامة،فعلى صاحب المشروع أن يسلم للمقاول الترخيصات الإدارية اللازمة لإنجاز المنشآت  موضوع الصفقة( مثل: تراخيص نزع الملكية، و تراخيص استغلال الملك العمومي، و تراخيص الدخول و الخروج من الأملاك الخاصة المجاورة لمكان الأشغال..إلخ).
بالإضافة إلى هذه الترخيصات ، هناك تراخيص أخرى، يجب على الإدارة صاحبة المشروع الحصول عليها، حتى تضمن لنائل الصفقة ( مقاولة فردية أو شركة )، ممارسة أشغاله دون اعتراض من الغير: من ذلك مختلف الحقوق المرتبطة بالبراءات، و الرسوم، و النماذج، و العلامات التجارية أو الصناعية  التي يتطلبها إنجاز الصفقة ( ما لم تكن هذه الأخيرة مملوكة أو موضوعة رهن إشارة المقاولة المتعاقدة)، أو تملك حق استعمالها ).و تظهر الحاجة إلى توفير هذه التراخيص - التي تسمى " تراخيص رفع اليد أو الاعتراض"-، في صفقات الأشغال العمومية، لأنه في صفقات التوريدات العادية و الخدمات، يكون المورّد أو الخدماتي (الممول)، هو الذي يتحمل مسؤولية توفير الضمانات لرفع اليد أو الاعتراض( المرتبطة بالملكية الفكرية أو الصناعية للمواد أو الأجهزة  أو الأنظمة التي يوردها أو يقدمها نائل الصفقة لصاحب المشروع).
ب- تراخيص الإذن بالتعاقد:
كما أن بعض الإدارات تحتاج إلى تراخيص أخرى، من نوع خاص ، حتى يسمح لها بالتعاقد لإبرام صفقات وفق مسطرة مختلفة نسبيا ، عن الطريقة العادية لإبرام الصفقات العامة[5]، من ذلك على سبيل المثال[6]:
1-  تحتاج الإدارة ، للزيادة في " سقف " المبالغ المأذون باستعمالها كأثمان لصفقات " سندات الطلب"، إلى إذن خاص من رئيس الحكومة، فيما يخص ميزانية الدولة ، أو إذن من وزير الداخلية، عندما يتعلق الأمر بالجماعات الترابية:لأن الأصل، أن الصفقات التي تتجاوز الحد الأدنى، يجب أن تبرم، وفق مسطرة، تراعي حرية الولوج، و المساواة بين المترشحين..إلخ. غير أن المادة (88)(الفقرة 5)، من مرسوم 2013، تقول:" [...] بصفة استثنائية و مراعاة لخصوصيات بعض القطاعات الوزارية ، يمكن لرئيس الحكومة أن يأذن فيما يتعلق ببعض الأعمال برفع حد مائتي ألف (200.000) درهم مع احتساب الرسوم المنصوص عليه أعلاه[7] بموجب مقرر يتخذه بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات و تأشيرة الوزير المكلف بالمالية و ذلك دون تجاوز خمس مائة ألف (500.000) درهم مع احتساب الرسوم.."[8].
2- كما ان مسطرة التفاوض، تحتاج إلى استصدار ترخيص مسبق من رئيس الحكومة، عندما يتعلق الأمر بالصفقات التي لها علاقة بالدفاع أو الأمن الوطنين ، أو شهادة خاصة من الإدارة تبرر فيها سبب لجوئها إلى الصفقة التفاوضية .فالمادة (84) في فقرتها (5)، تنص على :"[...] يستوجب إبرام صفقة تفاوضية، باستثناء الحالة المشار إليها في الفقرة (2 من البند ثانيا) من المادة 86 بعده، من السلطة المختصة أو من طرف الآمر بالصرف المساعد إعداد شهادة إدارية تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على الشكل المذكور [الصفقة التفاوضية] ، و توضح بوجه خاص الأسباب التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة.."[9].
أما الحالة المشار إليها في الفقرة (2) من البند (ثانيا) من المادة (86)، فتتعلق بصفقات  الدفاع و الأمن الوطنيين، حفاظا على سريتها :" [...] و يجب أن تكون هذه الصفقات موضوع ترخيص مسبق من رئيس الحكومة بالنسبة لكل حالة على حدة بناء على تقرير خاص من السلطة المختصة المعنية..".
3- من الصفقات الأخرى التي تحتاج إلى ترخيص مسبق من رئيس الحكومة، هناك صفقات " التصور و الإنجاز"، يتخذه هذا الأخير، بعد استطلاع رأي لجنة الصفقات (المادة 10)؛
ثالثا: الدراسات الاستشارية:
و من الأعمال التمهيدية أيضا التي تحتاجها الإدارة ، قبل الانتقال إلى مرحلة إبرام عقد الصفقة ( في حد ذاته)؛ هناك الدراسات و البحوث التمهيدية ، التي تحتاج الإدارة للقيام بها لتفادي الوقوع في فخ " الفشل في تحديد الحاجيات". و الفكرة التي تنطلق منها الإدارة هنا، هي أنه كلما تعلق الأمر بصفقة كبيرة، أو جديدة في نوعيتها ( غير مسبوقة)، أو ما شابه، فلا بد من القيام بدراسات تمهيدية[10]، قد تقوم بها الإدارة نفسها ، إن توافرت على الموارد البشرية و المالية و التقنية الكفيلة بتحقيق ذلك، كما يمكنها أن تبرم صفقات مع مكاتب دراسات و مكاتب اساشارية، لإنجاز هذه الدراسات؛ لتجنب المفاجآت غير السارة، فيما بعد.كما أن لها وظيفة أساسية أخرى، ألا و هي مساعدة الإدارة على تحرير دفتر الشروط الخاصة بالصفقة، و أيضا صياغة نظام الإستشارة أو نظام المباراة أو غيرها من النظم التي تستعمل في الصفقات.
و الدراسات و البحوث التي تقوم بها الإدارة، في هذا الصدد متعددة، نجتزئ منها بما يلي:
أ- دراسات التعريف و التحديد ( Les études de définition): تقول المادة (154):"[...] يمكن أن تضم صفقات الدراسات مرحلة " التعريف" لأجل تحديد الأهداف و الفعالية المرجو بلوغهما أو التقنيات التي يجب استعمالها، أو الوسائل البشرية و المادية التي يجب توفيرها.."؛
ب-  طلب إبداء الاهتمام(L'appel à manifestation d'intérêt):  و هو طريقة تمكن المشتري، من تحديد ( أو تكوين فكرة) عن المترشحين( المتنافسين) المحتملين للصفقة التي ينوي إبرامها، قبل الشروع في الدعوة إلى المنافسة (المادة 15):و مفاد هذا الطلب، أن المشتري العمومي، يعلن عن  " موضوع العمل المراد إنجازه"، ثم يطلب من المهتمين بإنجازه، أن يقترحوا أفكارهم حول كيفية التنفيذ ، و الأثمان التي يطلبونها مقابل ذلك(و من طبيعة الحال، فهو يمد المترشحين، بوثائق (ملفات)، يمكنهم سحبها، و الاسترشاد بما جاء فيها).و من ثم ، فعندما يصبح صاحب هذا المشروع مستعدا لإبرام الصفقة،فإنه يطلب من المترشحين الذي أبدوا اهتمامهم، أن يقدموا عروضهم للتنافس على نيل الصفقة.و يفهم من المادة(15)، أن التنافس قد لا يقتصر على هؤلاء فقط؛ إذ تقول هذه المادة:"[...] لا يمنح طلب إبداء الاهتمام أي حق للمتنافسين المحتملين.."[11].
دراسات القابلية للتحقيق ( Les etudes de faisabilité): و هدفها توفير المعلومات التي تساعد الإدارة، على التحقق من مدى إمكانية إنجاز الأعمال موضوع الصفقة، في ظل شروط تقنية و مالية و اجتماعية معينة؛
ج- الدراسات الجيو- تقنية (Les etudes géo-techniques): و الهدف منها توفير المعلومات المفيدة  فيما يخص البنية و المكونات الجيولوجية للأرض التي سيقام عليها المشروع ؛
د- الدراسات السوسيو- اقتصادية (Les etudes socio-économiques):هذا النوع من الدراسات يوفر معلومات عن الحاجيات الاجتماعية و الاقتصادية الحقيقية ( من خلال رصد و دراسة و تحليل مطالب السكان، و توقعاتهم، و تخوفاتهم، و المشاكل التي قد تنجم عن إقامة/ أو عدم إقامة المشروع موضوع الصفقة..إلخ)، و الجدوى الاجتماعية أو الاقتصادية ( أو حتى السياسية أو الأمنية..إلخ) للمشروع.
و عموما، فصاحب الصفقة ملزم بإجراء دراسات متعددة، و فحوصات،و  بحوث و تجارب، و أخذ صور، و وضع تصاميم و رسومات..إلخ. و القيام باستقصاءات ، في مختلف الإدارات و الأسواق التي لها علاقة بالصفقة، و الاتصال بالموردين، و الصناع، و مقارنة الأسعار، لتحيين المعلومات التي يتوافر عليها( فيما يتعلق مثلا بالتكنولوجيات الجديدة، المستعملة في الأشغال العمومية، أو في صناعة الآلات و المعدات..)[12]؛ليجيب عن أسئلة مثل: هل هذه ( السلع / الخدمات/الأشغال) يمكن الحصول عليها من الأسواق المحلية؟ هل سأحتاج إلى مهندسين و خبراء و تكنولوجيا من خارج الوطن؟ ما هو الوقت اللازم لاستقدام و استيراد كل ذلك( أو ما هي فترة الانتظار)[13]؟ ما هي العوائق التي قد تحول دون انجاز هذه الصفقة؟ هل هي مالية؟  أم قانونية؟ أم اجتماعية؟ أم سياسية؟ أم غير ذلك؟ و هل أنا مضطر إلى شراء هذه المعدات و الآلات و التجهيزات التي سأحتاجها ؟ ألا يمكن تأجيرها؟ و هذه المواد/ اليد العاملة/ التكنولوجيا..المستوردة، ألا يمكن إيجاد بدائل لها محليا( تشبهها في المواصفات)؟ أو على الأقل ألا يمكن تقليص تكلفتها؟..؟..؟
من الضروري الإجابة عن أسئلة من هذا النوع، قبل إبرام أي صفقة عامة، تهدف إلى الحصول على مشتريات حسب المواصفات و الجودة المحددتين، و بالكميات ،و الثمن المناسب، و في الوقت المناسب.
هذه المعلومات يجمعها صاحب المشروع، ليكوّن منه ملفا، يضعه رهن إشارة المترشحين، حتى يعرفوا ما تطلبه الإدارة بالضبط، و من ثم يتنافسوا على تلبيته (= نيل الصفقة).
غير أنه، قبل جعله متاحا للمتنافسين، يجب تبليغه إلى أعضاء اللجنة المكلفة بفحص اقتراحات أو عروض المتنافسين، حتى تتم دراسته و إبداء الملاحظات عليه، لتقليص الآجال المطلوبة للتأشير و الموافقة على الصفقات بعد إسنادها ( راجع المادة 19، على سبيل المثال).
الفرع الآخر: تحديد الحاجيات بشكل دقيق و موضوعي و نزيه
إن أهم نتيجة، يجب أن ينتهي إليها  تحديد الحاجيات، كما رأينا، هو تحديد الثمن التقديري للصفقة، أي الثمن الأقصى الذي لا يمكن للعروض المتنافسة أن تتجاوزه:فالإدارة ، تقوم بتحليل و دراسة حاجياتها، و حساب تكلفتها بدقة، ..و على ضوء ذلك تضع " الثمن التقديري للصفقة"[14] .
و هذا الثمن، إذن، يجب أن لا يوضع اعتباطا، بل يجب أن يحسب بعناية كبيرة، و أن تراعى في تقديره الكثير من الاعتبارات الموضوعية و الواقعية، التي لها علاقة بالأوضاع الاقتصادية العامة، و ظروف المتنافسين و الأسواق التي ينشطون فيها( القطاعات الاقتصادية المعنية)،و كذا من  خلال المقارنة مع صفقات أخرى مشابهة ( لها نفس الموضوع)، أبرمتها نفس الإدارة أو أبرمتها إدارات أخرى[15].
و هذا الثمن " التقديري"، بالغ الأهمية، لأن على أساسه يتم اختيار المسطرة الملائمة لإبرام الصفقة، و ذلك حفاظا على المال العام من جهة، و للحصول على أفضل صفقة ممكنة، تراعى فيها أحسن علاقة بين الثمن و الجودة، من جهة أخرى.
و في الواقع، إن تحديد الحاجيات، و من ثم تقدير الثمن، ليس ضرورة اقتصادية فقط (= الحصول على افضل صفقة من الناحية الاقتصادية)، بل هو ضرورة قانونية  أيضا:فالتحديد الواسع للحاجيات ، الذي يعتمد مواصفات " فضفاضة"، قد يؤدي إلى إلغاء الصفقة، لأن العروض المقدمة قد لا تفي بالمطلوب[16]؛ كما أن التحديد الضيق ، باعتماد المواصفات الضيقة، قد لا يؤدي إلى جلب الكثير من المتنافسين[17]، و بالتالي لا تحصل الإدارة على عروض جيدة أيضا،لأن التنافس يكون محدودا..الأمر الذي قد يؤدي إلى إلغاء الصفقة ، أو فشلها في نهاية المطاف.
و مراعاة من المشرع لكل هذه الاعتبارات، فقد أوجد الكثير من الحلول المسطرية التي يمكن للإدارة اللجوء إليها، عندما تواجه صعوبات، في تحديد حاجياتها:
أ- و هكذا، فعندما لا يستطيع أن يقدر بدقة الحجم الصحيح للحاجيات ، أو وتيرة الاستجابة لها، يمكنه اللجوء إلى صفقات خاصة، تتلاءم مع طبيعة هذه الحاجيات:فيمكنه أن يبرم صفقات تنفذ عبر مراحل  أو أقساط: كصفقات " اتفاقيات الإطار" أو صفقات الأقساط الاشتراطية.بل يمكنه، أن يعلن عن صفقة، حتى مع تردده أو عدم يقينه حول الأهداف التي يريد بلوغها، أو الوسائل التي سيتستعملها، و ذلك من خلال صفقات التفاوض.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مبدأ التحديد المسبق للحاجيات من طرف الإدارة المشترية، لا يمنع من إفساح المجال أمام المتنافسين، ليبادروا باقتراح بدائل للحلول أو الوسائل التي اختارتها الإدارة لتلبية حاجياتها.
غير أن المتنافس لا يمكن أن يبادر إلى تقديم هذا الاقتراح، إلا إذا كان المشتري العمومي، قد عبر مسبقا عن قبوله لهذا البديل أو البدائل.و من ثم، فإذا كان المشتري العمومي يفتح الباب لمثل هذا الخيار، فيجب أن يعلن عن ذلك بشكل واضح و صريح، في الإعلان عن الصفقة، أو في وثائق الاستشارة.
و تحديد الحاجيات، كما مرّ معنا،يتم من خلال محددات تقنية أو مهنية أو هما معا:
1- يتم تحديد الحاجيات بالإحالة على معايير أو وثائق أخرى( وثائق التقييس مثلا)، متاحة للمتنافسين.هذه الوثائق المرجعية، تضعها هيئات معترف بها، و خصوصا من طرف جهات مهنية (كمعهد التقييس في المغرب)، بالتشاور مع السلطات العمومية و الفاعلين الاقتصاديين و غيرهم؛
2- أو من خلال شروط الانجاز، أو المتطلبات المهنية، الكافية و الدقيقة، التي تسمح للمتنافسين بمعرفة موضوع الصفقة و طبيعتها، من ناحية، و تمكّن المشتري العمومي ، بالاعتماد عليها، من إسناد الصفقة لصاحب أفضل عرض[18].
هذه المقاييس أو الشروط، يمكن أن تتضمن خصائص بيئية أو تراعي اعتبارات التنمية المستدامة:بمعنى أنه عند تحديد الحاجيات، يجب تقديرها من زاوية تأثيرها على حماية البيئة[19]، و أيضا من زاوية تأثيرها على التنمية المستدامة[20].هذا من ناحية، و من ناحية أخرى،فإن القانون ينص على أن هذه المواصفات التقنية و الشروط المتعلقة بالانجاز ، لا يجب أن تحدد بطريقة تصبح معها عائقا يحول دون احترام بعض المبادئ العامة للصفقات ، كمبدا حرية الولوج إلى الصفقات العمومية، و مبدأ المساواة في معاملة المتنافسين..إلخ.
المطلب الثاني: أجواء المنافسة و المساواة
لقد اعتبر المشرع ان المبدأ العام الذي يجب العمل به في إبرام الصفقات العامة، هو اللجوء إلى المنافسة في أوسع حدودها، و المساواة بين المتنافسين في الولوج إلى الطلبيات العامة، و ذلك حتى يمكن تقليص السلطة التقديرية التي تتمتع بها الإدارة في هذا الباب.
و من خلال هذا المنظور الذي يتوخى العدالة و الشفافية، ألزم القانون أصحاب المشاريع ( الإدارة المركزية، و إدارات عدم التركيز، و الجماعات الترابية و المؤسسات العامة)، بالإعلان عن الصفقات و إشهارها بكل السبل الممكنة ( الفرع الأول)، و توفير ملفات (نظم) الاستشارة ( أو ما شابه)، لمساعدة المترشحين ( المتنافسين) على معرفة ما هو مطلوب منهم على وجه الدقة ( الفرع الآخر).
الفرع الأول: إشهار الصفقات و الإعلان عنها
من أهم المبادئ التي تقوم عليها الصفقات العمومية، مبدأ المنافسة ، أو المنافسة الحرة الشفافة، إن شئنا أن ندمج أكثر من مبدأ في مبدأ واحد.و هذا المبدأ، لا يمكن أن يتحقق إلا تم الإعلان عن الصفقة.
و الإعلان في تعريفه البسيط، هو " دعوة توجه إلى المتنافسين المحتملين، للاشتراك في التنافس لنيل صفقة معينة، و يتضمن التعريف بها و كيفية المشاركة فيها..".و أهميته، تكمن في أنه، أكبر ضمانة لتحقيق المساواة بين المتنافسين، من جهة، و حماية المال العام، من جهة أخرى.
من هنا ندرك لماذا يُلزم القانون الإدارة بأن تعلن عن الصفقات التي تنوي إبرامها، بكل وسائل الإشهار المتعارف عليها، في ميدان الصفقات العامة: البوابة الإكترونية الحكومية  الخاصة بالصفقات ( التابعة للخزينة العامة)، و البوابات الإلكترونية التابعة لمختلف الإدارات العامة ، و الجريدة الرسمية، و الجرائد الوطنية و الجهوية و الإقليمية و المحلية ، و المجلات و الدوريات المتخصصة، و المواقع الإلكترونية الخاصة و المتخصصة، و في الأماكن المخصصة للإعلانات في الإدارات العامة، و غيرها.و المهم، هنا، هو أن تسعى الإدارة، بل تحرص كل الحرص، على أن تنشر  الإعلان عن الصفقة على أكبر نطاق ممكن، لضمان مشاركة أكبر عدد ممكن من المعنيين بالمنافسة عليها. مع تضمين تلك الإعلانات كل المعلومات الضرورية التي تساعدهم على الدخول إلى ميدان التنافس على نيل الصفقة، و هم على بينة من أمرها، و بحظوظ متساوية.
و لأجل هذا، فلا يعد إشهار الصفقة مقبولا، من الناحية القانونية، إلا إذا اشتملت على حد أدنى من المعلومات و البيانات الأساسية، و من أهمها: موضوع الصفقة، و مكان ( أو أماكن) الاطلاع على دفاتر التحملات، و نظام الاستشارة أو الحصول على نسخ منها، أو من الوثائق الأخرى التي يتضمنها ملف الإستشارة.و مكان تسليم العروض، و السلطة المكلفة بالصفقة، و مكان و زمان ( باليوم و الساعة) فحص العروض..إلخ.و إذا قرر صاحب المشروع، إدخال تغييرات على هذه البيات و المعلومات الأساسية ، المتعلقة بالصفقة، فإنه قد يصبح من الضروري نشر إعلان تصحيحي.
و عموما، يسمح القانون بالقيام بإعلان تصحيحي في الحالات التالية:
أ- إذا قرر صاحب المشروع إدخال التعديلات على ملف طلب الصفقة، تقتضي أجلا إضافيا لإعداد العروض؛
ب- إذا تعلق الأمر بتصحيح أخطاء واضحة تمت معاينتها في الإعلان المنشور؛
ج- إذا لاحظ صاحب المشروع ، بعد نشر الإعلان، أن الأجل الذي يسري بين تاريخ نشر الإعلان و تاريخ جلسة فتح الأظرفة، غير مطابق لأجل الإشهار القانوني؛
د- كما يمكن لصاحب المشروع،بناء على طلب أحد المتنافسين، أن يقوم بإعلان تصحيحي ، من أجل الزيادة في الأجل المحدد لتقديم العروض، إذا أقتنع بأن الأعمال موضوع الصفقة معقدة فعلا،و تتطلب وقتا أطول لإعداد العروض.
و يتم الإشهار بعدة طرق، حددها القانون[21]:
1- ألزم القانون، كما رأينا، أصحاب المشاريع بنشر برامجهم التوقعية السنوية ( في البوابة الإلكترونية للخزينة العامة، أو غيرها)،   حتى يتاح للأشخاص الطبيعيين و المعنويين المعنيين بهذه الصفقات، أن يعدوا أنفسهم على نحو جيد للتنافس على نيلها؛
2- ألزم القانون أصحاب المشاريع بأن ينشروا الإعلانات ، علاوة على الوسيلة السابقة،..
أ- في جريدتين[22] على الأقل، توزعان على الصعيد الوطني، يختارهما صاحب المشروع، و أن تكون إحداهما باللغة العربية و الأخرى بلغة أجنبية( ينشر الإعلان عن طلب العروض ال؛
ب- بالموازاة مع طريقة النشر هاته، يجوز لصاحب المشروع تبليغ قرار الإعلان ذاته، إلى علم المتنافسين المعنيين، عن طريق النشر في الدوريات و المنشورات القانونية و الإدارية و القضائية و المهنية..، أو أية وسيلة أخرى للإشهار، و لا سيما بشكل إلكتروني؛
ج- قد يكون الإشهار أحيانا، بغير طرق النشر المعتادة ؛ فلقد نصت الفقرة (ثانيا) من المادة (20)، على أن إشهار " طلب العروض المحدود"، يكون" موضوع دورية توجه بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل إلى جميع المتنافسين، الذين يقرر صاحب المشروع استشارتهم.."؛
3- و هناك صفقات أخرى،لا يتم الإعلان عنها:
أ- لأنه لا تكون هناك أي فائدة من الإعلان ، أو لأن طبيعة الصفقة نفسها تتعارض مع الإعلان ، مثل بعض الصفقات التفاوضية ( انظر الفقرة (ثانيا)، من المادة 86): فما الجدوى، مثلا، من الإشهار، في الصفقات التي لا يمكن أن يعهد بإنجازها إلا لصاحب أعمال معين، اعتبارا لضرورات تقنية أو لصبغتها المعقدة التي تستلزم خبرة خاصة، أو بسبب الظروف الاحتكارية التي يعمل فيها المورد الوحيد لسلعة بعينها ؟
ب- و كذلك فيما يخص  بعض الأعمال التي تنجز بسندات الطلب،فقد لا يتم الإعلان عنها؛ و لربما يعود السبب في ذلك إلى أن المشرع لا يريد إثقال كاهل أصحاب المشاريع، بنفقات الإشهار، عندما تكون الاعتمادات المخصصة لهذه الصفقات نفسها متواضعة ؛
4- و الجدير بالتسجيل أيضا،أن المواعيد المحددة لنشر الإعلانات، و بالتالي تواريخ استلام العروض و اختيار نائلي الصفقات، تتغير تبعا لتغير الأثمان التقديرية للصفقات و مواضيعها ( أشغال عمومية، أو توريدات، أو خدمات)، أي تبعا لضخامة أو تعقيد الصفقة:فالأجل العادي، في طلب العروض المفتوح مثلا، هو (21) يوما، إذا كان مبلغ الصفقة التقديري، يقل عن (65.000.000) درهم ، بالنسبة لصفقات الأشغال(دون احتساب الرسوم). أو يقل عن (1.800.000) درهم ( دون احتساب الرسوم)، بالنسبة لصفقات التوريدات و الخدمات المبرمة لفائدة الدولة[23].
غير أنه، يمدد هذا الأجل إلى (40) يوما، على الأقل، إذا كانت الصفقات، تعادل أو تفوق مبالغها  التقديرية، القيم المحددة أعلاه.
ذلك أن الأجل أو المدة الفاصلة بين الإعلان عن المنافسة و تاريخ استلام العروض ( المشاريع أو الاقتراحات)[24]، يرتبط بنوعية و كمية الأعمال موضوع الصفقة:فصفقات الأشغال، تتطلب وقتا أطول لتحضير ملفاتها من الإدارة، و إعداد عروضها(مشاريعها..) من المتنافسين أيضا، لا سيما إذا كانت كميات الأعمال كبيرة؛ في حين أن صفقات التوريدات و الخدمات( لا سيما العادية منها)، لا تتطلب وقتا طويلا، لإعدادها سواء من الإدارة أو المتنافسين.
الفرع الآخر: وثائق الصفقة
إن الإعلان، مهما كانت نوعية و كمية المعلومات المضمنة فيه، لا يعدو أن يكون - كما شبهه بحق أحد الكتاب[25]-، الجزء الظاهر من جبل الجليد العائم في عرض البحر (Iceberg)، و الذي يجب على المتنافس، أن يتعرف على جزئه المختفي تحت الماء، من خلال عدة وسائل، أهمها الاطلاع على ملف الصفقة العامة، في المكان أو الأماكن التي حددها ال‘لان نفسه.
إن الإدارة ، كما سبق القول، تقوم بعدة دراسات لتحديد حاجياتها، كما أنها تجمع معلومات أخرى عن السوق، و عن السلع، و الخدمات، و الأشغال..، و الأسعار، و التكنولوجيا، و المواد الأولية، و المقاولات التي تبيع أو تصنع أو تحتكر هذه السلع أو الخدمات أو تقوم بالأشغال..إلخ.ثم تضع تصوراتها، عن مواصفات الأشخاص القادرين على تلبية الحاجيات، و مواصفات أخرى عن العروض نفسها التي تلبي تلك الحاجيات، بما يتلاءم مع القوانين ، و مع دفاتر التحملات العامة، و المشتركة، ذات الصلة بموضوع الصفقة.و تصوغ كل ذلك في عدة وثائق، من أهمها: عقد الالتزام، و جدول الأثمان،و دفتر الشروط الخاصة، و نظام الاستشارة الخاص بالصفقة أيضا.
و أهمية صياغة هذه الوثائق، تتجلى أكثر حين ينظر الأطراف إلى وثيقة معينة على أنها ملزمة أو على أنها جزء من عقد الصفقة، في حين تكون صياغة فارغة من أي إلتزام، و بالتالي فالصياغة قد تسلب كل وثيقة و أي وثيقة، من القيمة القانونية:فمن المعلوم، كمبدأ عام، أن الوثائق تكون ملزمة أو غير ملزمةن بالنظر إلى طريقة صياغتها؛ فأسلوب الصياغة قد يضفي على المستند قيمة ملزمة، و قد يجرده من أي قيمة قانونية.و بعبارة أخرى، فليس هناك وثائق " نعاقدية" ملزمة بذاتها، بل بأسلوب صياغتها[26].
أولا: عقد الالتزام:
لعل عقد الالتزام هو أهم وثيقة  في ملف كل صفقة؛إذ يعتبر وثيقة تعاقدية ، تثبت التزام المتنافس لنيل الصفقة  مع الإدارة ؛ بتنفيذ عقد الصفقة، إذا أسندت إليه، و يتضمن المعلومات الخاصة به، و يتضمن أهم شيء بالنسبة للصفقة ، هو الثمن الذي يطلبه لتنفيذ عقد الصفقة.فالمادة (27)، في بندها الأول ، تقول:
 يجب أن تتضمن الملفات التي يقدمها المتنافسون، علاوة على دفتر الشروط الخاصة الموقع بالأحرف الأولى [من طرف صاحب المشروع] و الموقع عليه[من طرف نائل الصفقة]، مستندات الملف الإداري و الملف التقني و الملف الإضافي عند الاقتضاء(...) و عرضا ماليا...        
"1- يتضمن العرض المالي ما يلي:
" أ) عقد الالتزام الذي يلتزم بموجبه المتنافس بإنجاز الأعمال موضوع الصفقة طبقا للشروط المقررة في دفتر التحملات مقابل ثمن يقترحه.و يتم إعداد هذا العقد في نظير واحد..
  و في الحقيقة، فإن هذا العقد، يحرره المشتري العمومي( صاحب المشروع)، على منوال  نموذج واحد( مطبوع) يسري على جميع الصفقات ، و لا يختلف إلا من حيث الأطراف الموقعين عليه، و مواضيع الصفقات، و ما يتصل بها من أثمان، و معطيات أخرى تختلف من صفقة إلى أخرى، دون أن تؤثر كثيرا على التزامات الأطراف[27].
ثانيا: نظام الاستشارة[28]
هو نظام يساعد على على تحديد المواصفات و المؤهلات المطلوبة في الشخص الذي سينال الصفقة، و بالتالي العرض الذي يجب أن يحضى بالأفضلية، عندها لإنجاز الصفقة. فهو  وثيقة يضغها صاحب المشروع، يحدد فيها الشروط التي يجب استيفاؤها ، لإسناد الصفقة ( المادة 18).و لذلك ، فهي تتضمن مقاييس قبول المتنافسين ( سمعتهم ، و وضعيتهم القانونية، و كفاءتهم و مؤهلاتهم المهنية، و قدراتهم المالية..): يكون هدف الإدارة،هنا، هو التأكد من أن المتنافس ، يتحلى بسمعة طيبة ، و أخلاق مهنية جيدة (قادر على الوفاء بالتزاماته، و لم يسبق له أن ارتكب غشا أو احتيالا أو تلاعبا بالصفقات التي أسندت إليه..)، و أنه أنجز بنجاح صفقات مشابهة للصفقة التي يتنافس عليها، و أن إمكانياته المالية العامة ( و الإمكانيات التي يخصصها لإنجاز الصفقة)، و الإمكانيات التقنية التي يتوافر عليها( اليد العاملة، و نوعيتها و خبرتها، و الآليات و المعدات و نوعيتها و عددها،  و السيولة المالية المتوفرة لديه..إلخ)، كفيلة بالوفاء بالتزاماته، التي قد تترتب عن عقد الصفقة، إذا ما أسندت إليه.
و يتضمن نظام الاستشارة أيضا، معايير أو مقاييس اختيار و ترتيب العروض لإسناد الصفقة إلى المتنافس الذي قدم العرض الأفضل. و تختلف هذه المقاييس حسب موضوع الصفقة، فقد تتعلق بالثمن (وحده) الذي يقترحه صاحب العرض، أو جودة العرض من الناحية التقنية ، أو لأجل الإنجاز و التسليم (القصير نسبيا)، أو بالنظر إليه من حيث قيمته الجمالية، أو لما يتضمنه من أفكار مبتكرة، أو لإسهامه في محاربة البطالة، أو لما يقترحه من وسائل لحماية البيئة..، أو لأي اعتبارات أخرى، تحظى باهتمام صاحب المشروع ( راجع المادة 18، من المرسوم).
ثالثا:دفتر الشروط الخاصة:
إلى جانب نظام الاستشارة، يعتبر دفتر الشروط الخاصة بالصفقة، الموجه الأساسي لعمل المتعاقد مع الإدارة، فهو يتضمن المقتضيات و الشروط الخاصة بالصفقة، التي يجب على المتعاقد مع الإدارة أن يلتزم بها طيلة مدة تنفيذ الصفقة، بل و حتى بعد انتهاء الصفقة ( إذ يجب الالتزام بشروط التسليم النهائي، و من ثم استرجاع الضمان النهائي..بعد انتهاء "عمر الصفقة").
و دفتر الشروط الخاصة، كما تعلمون، يتضمن معلومات كثيرة و متنوعة، مثل المعلومات عن الثمن و كيفية حسابه و إجراءات أدائه؛ و عن مدة الصفقة، و عن مختلف الآجال التي يجب التقيد بها؛ و إجراءات و شروط المراقبة الإدارة أثناء التنفيذ ، و ما شابه ذلك من شروط .كم يتضمن  الإحالة على الفصول العامة المطبقة على الصفقة ( و المقتبسة من دفتري الشروط الإدارية العامة أو الشروط المشتركة)، و الفصول التي ارتأت الإدارة الحيد عنها في صفقتها ( لا سيما في الصفقات التفاوضية، و بالاتفاق مع المتعاقد معها).كما يتضمن، فضلا عن ذلك، وثائق أخرى تتعلق بالصفقة، متعدة و متنوعة، مثل التصاميم الهندسية، و الكاتالوجات، و الرسومات، و الحسابات التقنية المختلفة.و لعل من أهم ما تتضمنه أيضا، المواصفات التقنية المتعلقة بالجودة و ما يقابلها من أثمنة، التي تشترطها الإدارة، في الأعمال التي ستنجز.
و عموما، يمكن للإدارة أن تعتبر نفسها قادرة على صياغة دفتر الشروط الخاصة، بالصفقة التي تريد إنجازها، إذا هي استطاعت وضع الأسئلة التالية و الإجابة عنها، بكل وضوح و دقة:
1- ماذا؟: بمعنى أي خدمة أريد تلبيتها بواسطة هذه الصفقة؟ أي مشروع أريد تحقيقه؟ أي عمل أريد إنجازه؟ أي هدف أريد بلوغه؟..؟
2- متى؟:متى سأحتاج إلى هذه السلعة ؟ أو الخدمة ؟ أو الشغل؟..؟ متى سينجز العمل؟ أو تسلم السلعة؟ و متى سأدفع الثمن؟..؟
3- كيف؟:كيف ستم إنجاز العمل؟ بأي منهجية؟ بأي وسائل؟ بأي معرفة علمية و تكنولوجية؟ و كيف سأدفع الثمن؟ وفق أي وثيرة؟
 4- من؟: من سيقوم بإنجاز هذا العمل؟ ما هي مؤهلاته؟ و ما هي قدراته؟ من يعمل معه ( موارد بشرية)؟ من يتعاون معه ( متعاقدون من الباطن أو شركاء)؟ من سيوقع  عقد الصفقة؟ من سيراقب تنفيذها؟..؟
المطلب الثالث:اختيار أفضل المتنافسين و أفضل العروض
إن أكبر الصعوبات التي قد تواجه الإدارة، في مرحل الإعداد للصفقة، و بعد الانتهاء من جمع المعلومات و القيام بمختلف الدراسات و الاستشارات التمهيدية، هي اختيار الطريقة الأنسب لإبرام الصفقة؛ إذ يترتب على ذلك الكثير من النتائج الخطيرة، ليس فقط فيما يتعلق باختيار أفضل المتنافسين، بل أيضا اختيار أفضل العروض، أي الاستعمال الأمثل للمال العام.
فمن حيث المبدأ العام ، تمر الصفقة بمرحلتين:
1- اختيار المتنافسين؛
2- اختيار العروض.
و  القانون ينص على وجوب مراعاة عدد من المعايير عند اختيار المترشحين لنيل الصفقات العمومية، معايير مهنية، و تقنية، و مالية، و قانونية، و أخلاقية أيضا.كما يشترط مراعاة معايير أخرى، عند اختيار العرض الأفضل اقتصاديا، يحقق أفضل علاقة بين الثمن و الجودة.
و المشرع لم يحدد كيفية استعمال هذه المعايير، لأنه يدرك أن تطبيقها من الناحية العملية أمر صعب، بل إنه لا يجعله إجبارية، و إنما يرخص للإدارة في وضعها، و  كل ما طلبه في هذا الباب، هو ضرورة احترام المشتري العمومي لبعض القواعد العامة، من أهمها: أن تكون لهذه المعايير علاقة مباشرة بموضوع الصفقة، هذا أولا، و ثانيا يجب أن تكون معايير اختيار المتنافسين و العروض ( و كذا كيفية ترتيب المعايير المعتمدة في اختيار العروض)؛ معروفة مسبقا من طرف المترشحين، و منشورة  في الإعلان أو نظام الاستشارة أو دفتر الشروط الخاصة بالصفقة.
الفرع الأول:قواعد عامة في الاختيار
 في الواقع، إن وجود معايير، يمكن لصاحب المشروع أن يعتمد عليها في اختيار المتنافس  و العرض المناسبين للصفقة التي يريد إبرامها، يبدو أمرا بديهيا، حتى في غياب الإشارة إليه أو اشتراطه في نصوص القانون، إذ يصعب- حتى لا نقول يستحيل- المقارنة بين المترشحين و العروض المقدمة لنيل الصفقات، بدون معايير واضحة و دقيقة.
غير أنه، إذا كان لا بد من إيجاد هذه المعايير، لفرز الغث من السمين،  و الصالح من الطالح،فإن المشرع لم يسمح للمشتري العمومي بأن يضع منها إلا تلك التي تراعي توافر الحد الأدنى من المؤهلات؛ و من ثم، فإذا كان رقم الأعمال، مثلا،من المعايير المعتمدة في تقدير قدرات المتنافسين على إنجاز الصفقة في أحسن الظروف؛ فإنه فلم يسمح للمشتري العمومي أن يشترط أرقام معاملات كبير، بل شرط عليه أن ألا يتجاوز رقم الأعمال ضعفي الثمن التقديري للصفقة، إلا في حالات خاصة.
و عموما، و للحيولة دون أن يفرض صاحب المشروع، معايير " قاسية"، فإن المشرع اشترط عدة شروط، من أهمها[29]:
1- أن صاحب المشروع ، لا يمكنه أن يطالب المترشحين أن يدعموا ترشيحاتهم، إلا بوثائق معينة، حددها القانون نوعا و عددا؛
2- و له، في إطار التيسيير  و تسهيل المساطر، أن يطالبهم  بالإدلاء بـ" تصريح بالشرف" فقط، كوثيقة مؤقتة تؤكد و تدعم أهليتهم للترشيح، في انتظار استكمال ملفاتهم، بعد ارساء الصفقة :فمن مستجدات مرسوم 2013، و في إطار تبسيط الإجراءات ، فإن المادة (25) من هذا القانون، نصت على أن الشهادة الجبائية و شهادة الضمان الاجتماعي، و كذا شهادة السجل التجاري، لا تطلب إلا من المتنافس الذي نال الصفقة؛
3- إذا اعتمدت الخبرة، كمعيار، فلا  يحق للمشتري العمومي أن يشترط أن تكون في ميدان الصفقة فقط، حتى لا يغلق الباب في وجه المقاولات الحديثة النشأة ( فالمقاولة  التي سبق لها أن أبرمت صفقة نظافة مع جامعة ، مثلا، يحق لها التنافس لنيل صفقة نظافة تتعلق بمستشفى مثلا)؛
4- إن المعايير توجد أساسا للتمييز بين العروض، للوصول إلى أفضلها، و لكن ذلك لا يعني التمييز بينها (العروض) بطريقة اعتباطية أو غير عادلة ، بل يجب أن تكون موضوعية، تحترم حقوق الجميع، و أن تبقى وفية لموضوع الصفقة؛
5- و لكن المشرع، لم يمنع المشتري العمومي، من يحقق أهداف بعيدة أو استراتيجية، من خلال هذه المعايير، كتحقيق التنمية المستدامة، و حماية البيئة، و محاربة البطالة، و غيرها من الأهداف، التي و إن كانت لا تبدو ذات صلة مباشرة بموضوع الصفقة، إلا أنه يمكن بلوغها، كلها أو بعضها، من خلال استخدام معايير مدروسة و دقيقة، في اختيار العرض الأفضل.
الفرع الثاني: اختيار أفضل المتنافسين
في النظام السابق للصفقات، أعني المناقصة، كان اختيار العرض الأفضل، من ناحية الثمن، يعتبر معيارا كافيا، للحصول على الصفقة الأفضل و الأحسن.و لم تكن دراسة ملفات المترشحين تحظى باهتمام كبير، هذا رغم أن "شخص المتعاقد"، يجب أن تكون محل اعتبار(= Intuitu persona )، و يجب أن تكون لها أهمية كبيرة في كل العقود، بما فيها عقود الصفقات العمومية.  لا سيما و ان هناك تكامل بين الشروط التي يجب استيفاؤها في أحسن المتنافسين و تلك التي يجب توافرها في أحسن العروض:فلو أخذنا ، على سبيل المثال، الكفاءة أو المؤهلات و القدرات التقنية؛ فهي من المعايير التي على أساسها يتم اختيار المتنافس الأفضل، و هي أيضا موجودة في المعايير المتعلقة بتحديد العرض الأفضل، إذ كيف للمشتري العمومي أن يقيم الجودة التقنية للعرض، بدون معرفة المؤهلات العلمية و الخبرة التي يتوافر عليها العاملون في المقاولة المتنافسة، و ما تتوافر عليه أيضا من معدات و آلات و تجهيزات..إلخ؟؟
و عموما،لاختيار أفضل المتنافسين، و استخراجهم من المترشحين ( أو انتقاءهم بأي طريقة قانونية أخرى)، يجب على المشتري العمومي أن يحترم حقوق الجميع، فلا يضع من القيود لولوج الطلبية العمومية، إلا ما له علاقة بموضوع الصفقة، و لا يستبعد من الترشح إلا الأشخاص الذين يحددهم القانون ( أي الذين منعوا لأسباب مطورة في النص القانوني).
و إذن، فيما عدا هؤلاء الممنوعين للترشح، يحق لجميع المترشحين- أو لجميع المتنافسين الذين تم اختيارهم أو انتقاؤهم، حسب نوع المسطرة- أن يلجوا باب المنافسة على الصفقة العمومية، بكل حرية،أي تقديم العروض للتنافس على نيل الصفقة؛شريطة استيفاء مجموعة من الشروط ، تبرز مؤهلاته و قدراته ، على النجاح في تلبية الطلبية ، التي يطلبها صاحب المشروع (المشتري العمومي)؛.. على أحسن وجه( و هي شروط كما سبق القول، يجب أن تجد تبريرها في موضوع الصفقة ):
أ- يجب أن يدلوا بالوثائق و المعلومات التي تبين قدراتهم و مؤهلاتهم القانونية و المالية، و التقنية المطلوبة( المادة 24)[30]: و هنا، قد يعتبر رقم الأعمال معيارا في تقييم القدرات و المؤهلات، كما قد تعتبر المؤهلات العلمية (التكوين العلمي= الشواهد)، و الخبرة التي يتوافر عليها العاملون في المقاولة المتنافسة، معيارا  أيضا، لتقييم قدراتها على إنجاز الصفقة..و نفس الشيء فيما يخص الإمكانيات المادية (الآليات و المعدات..) التي تتوافر عليها المقاولة، قد تعتبر معيارا آخر..و هكذا؛
ب- و من المعايير الأخرى التي يمكن أن تعتمد هناك، سيرة أو تاريخ المقاولة في مجال الصفقات العمومية، هل تحترم التزاماتها؟ هل سبق للإدارة أن عاقبتها بالإقصاء بصفة مؤقتة  من المشاركة في بعض الصفقات؟ هل يتمتع مديرو مسيرو المقاولة بسمعة جيدة ؟ هل سبق لأحدهم أن حاول استعمال وسائل الغش أو الإرشاء أو قدم وثائق أو شواهد مزيفة أو غير صحيحة؟ هل يدفع الضرائب المستحقة عليه؟ هل يؤدي أجور و مستحقات الأجراء العاملين لديه؟ ما هي مصداقيتها لدى الإدارات العمومية؟..؟
ج- و في هذا الباب،قد يعتبر تقديم التصريح بالشرف، و ما يتضمنه من معلومات صحيحة و دقيقة، معيارا إضافيا ، لتقييم أو تقدير قيمة المقاولات المتنافسة..لا سيما أن تضمين هذا التصريح معلومات أو بيانات غير صحيحة أو غير دقيقة، قد تترتب عنه نتائج خطيرة ، بالنسبة لكل مترشح( عقوبات إدارية تتمثل في الإقصاء المؤقت أو النهائي من المشاركة في الصفقات العمومية، و ربما عقوبات جنائية أيضا).
الفرع الثالث: اختيار أفضل العروض
ينص قانون الصفقات العمومية، على ضرورة إسناد الصفقات إلى صاحب العرض الأفضل اقتصاديا( المادة: 1).و لتقدير هذا العرض الأفضل، يحق لصاحب المشروع، أن يضع ما يشاء من معايير، و لكن في إطار احترام حقوق المترشحين، و عدم التمييز بينهم إلا على أسس موضوعية، لها علاقة بموضوع الصفقة (المادة :18).
و عموما، هناك طريقتان يمكن استعمالهما، فيما يتعلق بوضع المعايير التي يجب اعتمادها لاختيار العرض الأفضل اقتصاديا:
1- يمكن تقدير و تقييم العروض المتنافسة، بناء على معايير متعددة، يحدد عددها و نوعها النص القانوني، على سبيل المثال لا الحصر؛
2- كما يمكن تقدير و تقييم العروض، على أساس معيار وحيد: و في هذه الحالة، لا يمكن أن يكون هذا المعيار إلا التكلفة الإجمالية للصفقة، أو الثمن .
إلا أن اعتماد المعيار الوحيد، لا يؤخذ به إلا بالنسبة للتوريدات و الخدمات العادية ( أو النمطية= standardisés)، أي الموجودة في السوق، و المتاحة لكل من يريدها، بأسعار محددة في الغالب من طرف السلطات العمومية. أما بالنسبة للصفقات التي تتطلب إبداعا أو حلولا غير عادية ( تصنيع معدات أو آلات ،غير متاحة في السوق، و إنما تصنع وفق الطلب)، فيفضل اعتماد معايير متعددة  (حتى لا تسند الصفقة لصاحب العرض الأقل أي الذي يطلب أدنى ثمنا و قد يكون هو الأقل جودة ، كما كان الأمر في نظام المناقصة).
و قائمة المعايير التي نجدها في النص القانوني، هي- إلى جانب الثمن- الجودة، و القيمة التقنية، و الخصائص الجمالية و الوظيفية، و الخدمة بعد البيع، و المساعدة التقنية، و تاريخ التسليم أو التنفيذ، و مؤهلات و خبرة اليد العاملة..إلخ( راجع المادة :18).
و إلى جانب هذه المعايير نجد معايير أخرى تتعلق بحماية البيئة، و التنمية المستدامة.
و هذه المعايير لا تكون لها، في الغالب، نفس القيمة لدى المشتري العمومي، و من ثم فالقانون ينص على ترتيبها تنازليا، من الأهم إلى الأقل أهمية، حسب علاقتها بموضوع الصفقة، من خلال إعطاء كل معيار منها قيمة معينة، على شكل معامل مثلا أو نقطة معينة، و بذلك يصبح بالإمكان تحديد القيمة النسبية  للثمن أو الجودة أو القيمة التقنية أو الخدمة بعد البيع..إلخ؛ مع العلم أنه كلما كانت الصفقة بسيطة، كلما كانت النقطة أو المعامل الذي يخصص للثمن أكبر و أهم[31].
المبحث الآخر:واجبات المتعاقد مع الإدارة:
إن المتعاقد مع الإدارة( شخص طبيعي أو معنوي، خاص أو عام)،هو في حقيقته مقاول  أو مورد أو مقدم خدمات، يبحث عن فرص للاستثمار، بشتى الوسائل ،و كافة السبل؛ حتى إذا عثر على واحدة  منها،فإنه "يناضل" لإزاحة   كل العقبات، التي قد تحول بينه و بين نيلها.
و من هنا، لو حاولنا تتبع المسار الذي يعبره المتنافس لنيل الصفقة العمومية، لوجدناه طويلا، يبدأ عند  اطلاعه على إعلان خاص بإحدى الصفقات، و يمر بدراسة الشروط العامة و الخاصة بها (ملف الاستشارة، و دفاتر الشروط..)،.. وصولا إلى إعداد عرض، يحاول من خلاله إقناع صاحب المشروع، بأنه مؤهل أكثر من غيره،لانجاز العمل موضوع الصفقة.
المطلب الأول:دراسة الإعلانات و تحليلها:
يستطيع كل متعهد ، من خلال تتبع الإعلانات التي تنشرها الجهات المعنية بالصفقات، أن يرصد جل الفرص التي قد  تتاح للمقاولين الراغبين في التعاقد مع الدولة و المؤسسات العمومية.و من خلال تجميع المعلومات التي تتيحها هذه المعلومات،أن يتخذ أفضل القرارات حول الإقدام على إلى إبرام الصفقة أو الإحجام عنها.
أولا : أهمية الإعلانات للمتعاقدين:
 أصبحت كل الصفقات العمومية تقريبا - باستثناء الصفقات الزهيدة الثمن، و كذا بعض الصفقات التي تخضع للتفاوض المباشر ؛ لأسباب تقنية(الجودة و سرعة الإنجاز) أو أمنية أو غيرها..-  تخضع لمبدأ  الإعلان أو الإشهار؛ في وسائل الإعلام ،لتحقيق أكبر تنافس حولها بين المعنيين بها،مما يضمن الحصول على أفضل صفقة ممكنة بأقل تكلفة ، أي أفضل مردودية للمال العام: هذا من وجهة نظر الإدارة أو السلطة المختصة بالصفقة.
أما، من وجهة نظر المتعاقدين مع الإدارة، فإن الإعلان واسع الانتشار يحقق أهداف كثيرة ، من أهمها التعريف بموضوع الصفقة ،و نمط المسطرة التي سيتم اعتمادها في إبرامها.كما تتضمن أيضا- على سبيل المثال لا الحصر – البيانات و المعلومات التالية:
-         عنوان صاحب المشروع(البريدي و الإلكتروني) ؛ حيث يمكن سحب (أو طلب عن طريق البريد أو الأنترنيت) ملفات طلب العروض، و ملفات الاستشارة، أو إيداع العروض..إلخ؛
-         مكان و زمان (باليوم و الساعة)، انعقاد جلسات فحص العروض؛
-         المستندات و الوثائق التي يتعين أن يدلي بها كل متنافس؛
-         مبلغ قيمة الضمان المؤقت...إلخ.
و من هنا،فإن المقاولات الوطنية و حتى الدولية المعنية بالاستثمار في قطاع معين أو بلد معين، تحرص على تتبع ما ينشر من إعلانات في وسائل الإعلام العمومية و المتخصصة:مثل الصحف، و الجريدة الرسمية، و الدوريات المتخصصة، و المواقع الإلكترونية ذات الصلة بالصفقات العمومية.
و من طبيعة الحال، فهناك علاقة بين وسيلة نشر الإعلان، و قيمة الصفقة و موضوعها و مسطرة إبرامها(كما رأينا سابقا):فإذا كانت صفقات "طلب العروض المفتوح"، تخضع لمبدأ الإشهار بكل الوسائل الواسعة الانتشار، فإن مساطر المنافسات المحدودة مثل طلب " طلب العروض المحدود" ، يتم الإعلان عنها عن طريق "الإشهار المباشر"، بتوجيه دورية أو منشور ، بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، إلى جميع المتنافسين الذين يقرر صاحب المشروع استشارتهم، لاعتقاده بأهليتهم للوفاء بالأشغال أو التوريدات أو الخدمات، موضوع الصفقة:و من طبيعة الحال، يجب أن تحمل الرسائل الدورية، نفس المعلومات التي تحتويها الإعلانات .
هذا في حين ، أن الصفقات التفاوضية، قد تخضع للإشهار المسبق، و لإجراءات المنافسة، كما قد لا تخضع لهما.
ثانيا: تحليل الإعلانات:
و مهما، يكن الأمر،فإن دراسة الإعلانات الخاصة بالصفقات، تمكن المقاولين الراغبين في المشاركة في الصفقات العمومية،من  تقرير ما إذا كانوا مؤهلين أو قادرين على المشاركة في إحدى الصفقات أم لا. ذلك أن الإعلان المستوفي للشروط ، كما سبق القول، يجب أن يتضمن كل المعلومات الأساسية التي تساعد المترشح على اتخاذ قرار المشاركة من عدمها.
و عموما ،فإننا نجد في الإعلان العناصر الأساسية التالية:
1-  اسم و إحداثيات (les coordonnées) الجهة العمومية التي تنظم الصفقة؛ مما يسمح بمعرفة المكان أو المسؤول الذي يمكن اللجوء إليه، للحصول على المعلومات الخاصة بالصفقة، لاسيما ملف الاستشارة(le dossier de consultation).
2-  وصف موضوع الصفقة.و في بعض الحالات ، قد يشمل هذا الوصف بعض التفاصيل ( التقريبية) التي تتعلق بكميات أو أحجام أو نوعيات التوريدات أو الخدمات أو الأشغال المراد تنفيذها:و على ضوء هذا الوصف، يمكن للمقاول الذي ينوي المشاركة في التنافس على نيل إحدى الصفقات،أن  يقرر ما إذا كان بإمكانه بمفرده-( هل يملك المؤهلات المالية و التقنية و البشرية..؟)- التانفس، أم سيحتاج إلى الاشتراك مع مقاول آخر شريك(co-traitance) أو مقاول من الباطن(sous-traitance)[32].
3-  اختيار مسطرة إبرام الصفقة:هل سيتم اختيار مسطرة مفتوحة أم مسطرة تفاوضية ، أم مسطرة سندات الطلب مثلا؟:فاختيار المسطرة، يسمح بتحديد طريقة تقديم ملف الاستشارة ، و تحديد  عدد - ( أو حتى  الحد الأقصى)- المرشحين المقبولين لتقديم عروضهم:هل يستطيع كل مرشح إيداع عرض من العروض (طلب العروض المفتوح)؟ أم أن هذا حق يحفظ للمرشحين المقبولين من طرف لجنة القبول فقط (كما في الانتقاء المسبق)؟
4-   الثمن التقديري للصفقة[33]:إنه يبين قيمة الصفقة؟ و قد يعطي فكرة عن المتنافسين المحتملين، الذين قد يجلبهم مثل هذا الثمن.كما أن هذا الثمن، من ناحية أخرى، يمثل السقف الذي لا يمكن للعروض أن تتجاوزه،فهل يمكن إعداد عرض أدنى منه؟
5-  التاريخ المحدد لقبول الترشيحات و/أو العروض:هل الوقت يكفي لإعداد العروض؟
6-  معايير إسناد الصفقة:تبين كيفية تقييم العروض المقدمة: هل هناك معيار واحد (الثمن)؟ أم هناك معايير أخرى مرتبطة بالجودة؟ وما هي المعايير التي تحظى بالأولوية؟
المطلب الثاني:دراسة و تحليل ملفات الاستشارة:
إن ملف الاستشارة، يتضمن مجموع الوثائق و المعلومات،و المعايير التي يعتبرها صاحب المشروع ملزمة له في اختيار و قبول من سيتقدمون للتعاقد معه، سواء من ناحية المؤهلات الإدارية أو التقنية أو المالية، التي يجب أن يتوفروا عليها.أو من ناحية تنفيذ الصفقة ،في الزمان و المكان الأكثر ملاءمة.
و هكذا،فملف الاستشارة يحدد موضوع الصفقة،و مواصفات و شروط تنفيذها.فهذا الملف في الحقيقة، يتضمن مجموعة من الوثائق التي تحدد الحقوق و الواجبات المتبادلة بين المتعاقدين.و بعض هذه الوثائق تكون خاصة بالصفقة،و بعضها الآخر عام، يطبق على كل الصفقات، أو على كل الصفقات من نفس النوع( دفاتر الشروط الإدارية العامة، و دفاتر الشروط المشتركة).
و الوثائق الخاصة، بالصفقة تشمل بشكل خاص نظام الاستشارة(le règlement de la consultation)[34]،و الأوراق التعاقدية الخاصة بالصفقة( خاصة عقد الالتزام=l’acte d’engagement، و دفتر الشروط الإدارية الخاصة=le cahier des clauses administrative particuières،و عند الاقتضاء دفتر الشروط التقنية الخاصة أيضا cahier des= clauses techniques particulières)[35].
و هذه الوثائق الخاصة، من حيث المبدأ،هي الأهم عند التطبيق، و هي التي يتم الرجوع إليها و الاحتكام لها، عندما يكون هناك تناقض بينها و بين الوثائق العامة: و ذلك وفق مبدأ الخاص يحكم العام.
غير أن هذا لا يعني، أن الوثائق الخاصة، يمكنها أن تتعارض مع مضامين الوثائق العامة،لأنه – من حيث المبدأ أيضا- يفترض أن تعكس الوثائق العامة، روح القانون[36].
هذا، لا يتم تسليم ملفات الاستشارة للمتنافسين على الصفقات العمومية  في نفس الوقت،بل إن إجراء التسليم يتبع نوعية المسطرة.
ففي حالة المسطرة المحدودة(طلب العروض بالانتقاء المسبق)، لا تقدم ملفات الاستشارة إلا للمترشحين الذين تم اختيارهم للمنافسة على الصفقة، من طرف لجنة القبول:أي الذين اجتازوا المرحلة الأولى بنجاح .
و الهدف من هذا الانتقاء الأولي(الانتقاء المسبق)،هو تقييم و تقدير القدرات و المؤهلات التقنية و البشرية، و الاقتصادية و المالية للمترشحين، لمعرفة مدى قدراتهم على تنفيذ الصفقة:و عليه، تتوج هذه العملية، بانتقاء المقاولات التي يتجلى من ملفاتهم (ترشيحاتهم)، أنهم مؤهلين لتقديم عروض جيدة، أو على الأقل مقبولة.
و الوثائق التي على ضوئها تحديد هذا الاختيار، محددة قانونيا، و من أهمها التصريح بالشرف، و الكتيبات و الوثائق التي تعرّف بالمتنافس،و تثبت توفره على المؤهلات القانونية و التقنية و المالية المطلوبة.
أما في مسطرة طلب العروض المفتوح، فيسمح لجميع المترشحين بأن يتسلموا ملفات الاستشارة على قدم المساواة، بمجرد نشر الإعلان عن الصفقة في وسائل الإعلام.
و من خلال دراسة و تحليل هذه الملفات ، يمكن للمتنافس أن يضع خطته لإعداد عرضه، و ذلك:
أ‌-     و ذلك من خلال، تقديم عرض بمفرده، بالتعاون مع أحد المقاولين من الباطن ؛
ب‌-أو من خلال شراكة مع مقاولين آخرين؛ فمرسوم 2013، ينص مثلا في مادته(157)، تحت عنوان التجمعات على أنه:" يمكن للمتنافسين، بمبادرة منهم، أن يكونوا بينهم تجمعات  لتقديم عرض وحيد،و يمكن أن يكون التجمع إما بالشراكة أو بالتضامن"[37].
المطلب الثالث:تقديم الترشيحات و العروض:
لقد فهمنا، مما سبق أنه ليس " من حق" كل المتعهدين( المتنافسين)، الذين يرشحون أنفسهم للتنافس على نيل إحدى الصفقات، مؤهلون بالضرورة ،لتقديم عروضهم (المالية)، للفوز بها.
و من هنا، يجب التمييز بين الترشيح للمنافسة على الصفقة( و تسمى في بعض المساطر، طلبات القبول في التنافس)، و مرحلة تقديم العروض لنيل الصفقة.
أولا:تقديم الترشيحات:
لأجل تقديم ترشيحاتهم،يلزم المتنافسون، بإعداد ملفات إدارية و تقنية و مالية، و تقديمها في أجل محدد إلى الجهات المختصة.
و كما أن المتنافس أو المترشحين، مطالب بالإدلاء بكل المعلومات المطلوبة، من صاحب المشروع؛فإن  هذا الأخير، في المقابل، ليس حرا في طلب المعلومات و الوثائق من المترشحين، بل لا يمكنه أن يطلب إلا ما قد يحتاجه فعلا لاتخاذ قرار إسناد الصفقة: أي المعلومات، التي تعطي تصور واضح عن الشخص المؤهل لإبرام الصفقة،و ما يملكه أو يديره من مؤهلات مهنية، و مالية، و تقنية ،تساعده على تنفيذ الصفقة، على أحسن الوجوه.
فما هي هذه المعلومات، التي يحتاجها صاحب الصفقة، و التي تعتبر من وجهة نظره كافية لتأهيل المتنافس للمشاركة في المنافسة على صفقة من الصفقات العمومية؟
لمعرفة ذلك، يجب الرجوع إلى الإعلانات و/أو نظام الاستشارة الخاص بكل صفقة على حدة، حيث نجد تفاصيل تتعلق بالإجراءات التي يجب اتباعها عند تقديم الترشيحات و العروض،و كذا جردا بالوثائق المطلوبة في ملفات الترشيح و العروض.
و عموما يمكن القول أنها تتكون من العناصر التالية:
أ‌-     الملف الإداري: يجب أن يتضمن الوثائق التالية على الأقل:
1-التصريح بالشرف: الذي يحمل اسم المترشح، و صفته ، و محل سكناه؛ يعتبر وسيلة فعالة في تقدير مدى استعداد المتعاقد مع صاحب المشروع، للوفاء بالتزاماته التعاقدية:فبمقتضى هذا التصريح يشهد على نفسه، مثلا، بأنه لا يوجد في حالة  تعارض مصالحن و لا في حالة تصفية قضائية ، أو إفلاس .كما يشهد فيه، بصحة المعلومات التي يقدمها، و المتعلقة خصوصا بنشاطه المهني، و خبرته، و بأهليته للتعاقد..إلخ؛ و في ذلك قرائن كثيرة ، تفيد في تقييم المتنافس..[38]؛
2- الشواهد التي تثبت القيد في السجل التجاري، و رقم الضريبة المهنية،و رقم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،..و أنه في وضعية سليمة إزاء إدارتي الضرائب و الضمان الاجتماعي[39]؛
3-الشواهد التي تثبت الإدلاء بالضمانة المؤقتة، أو الشهادة البنكية التي تقوم مقامها..[40]؛
4-الالتزام بتغطية الأخطار الناجمة عن نشاطه، و الالتزام بعدم اللجوء إلى وسائل الغش و الرشوة، و تنفيذ الأعمال موضوع الصفقة بحسن نية، و وفق "قواعد المهنة"..إلخ[41].
ب-الملف التقني:يجب أن يتضمن على الأقل، مذكرة توضح الوسائل البشرية، و التقنية للمترشح، و تشير إلى الأعمال التي أنجزها( لاسيما في السنوات الأخيرة)، مع الإدلاء بشهادات تؤكد هذا الادعاء، تسلمها الإدارات المستفيدة من تلك الأعمال( الإدارات التي أنجزت مثل تلك الأعمال لحسابها).
و  في الحقيقة، قد لا تكون كل هذه الوثائق مهمة، بل قد يكون البعض منها أكثر دلالة على أهلية المرشح من غيره.من ذلك على سبيل المثال رقم المعاملات:فرقم الأعمال( المعاملات) الشامل (Le chiffre d’affaires)، يعتبر مؤشرا جيدا ، لتقييم  المقدرة المالية للمترشح، و مؤهلاته المهنية، و نجاحه في ميدان عمله[42].
و بالإضافة إلى رقم المعاملات الشامل، قد يطلب من المترشح الإدلاء بأرقام المعاملات التفصيلية، الخاصة بالتوريدات، أو الخدمات، أو الأشغال..ذات الصلة بموضوع الصفقة،و التي تحققت خلال الثلاث سنوات الأخيرة، أي التي تسبق مباشرة تاريخ الإعلان عن الصفقة .كما قد يطلب إليه، التصريح بعدد العاملين التابعين لمقاولته المرشحة لنيل الصفقة،و الإدلاء بالشواهد التي تثبت مؤهلاتهم المهنية، أو تقديم عينات عن التوريدات التي يزعم المشاركة بها، أو على الأقل صور عنها ..إلخ( على سبيل المثال ، لا الحصر).
و هناك، وثائق أخرى يطلب إلى المرشحين الإدلاء بها، محددة بشكل كامل في النصوص القانونية، لا يتسع المجال هنا لذكرها.
و صاحب المشروع ، غير ملزم بطلب كل هذه الوثائق، كما لا يمكنه أن يطالب المترشحين بالإدلاء بوثائق أو معلومات، غير تلك التي يحتاجها فعلا ، لتقييم قدرات و مؤهلات المترشحين.و في المقابل، فإنه بإمكان كل مرشح، أن يدلي بكل ما يراه مناسبا، لترجيح كفته على منافسيه.لا بل ، إذا عجز أحد المترشحين عن الإدلاء بالوثائق المطلوبة – على وجه الدقة-،يمكنه أن يقدم ما يعادلها و يقوم مقامها:فعلى سبيل المثال، إذا عجزت مقاولة حديثة النشأة عن تقديم رقم معاملا عن الثلاث سنوات الأخيرة، أمكنها أن تثبت قدرتها و مؤهلاتها، بتقديم ضمانات بنكية، أو قائمة بالصفقات التي أبرمتها في سنتها الجارية ، مثلا[43].
أخيرا، إذا كان المترشح لا يملك بمفرده المؤهلات الكافية للنهوض بأعباء الصفقة، أمكنه أن يطلب إلى صاحب المشروع أن يأخذ بعين الاعتبار أيضا،مؤهلات شركائه في التجمع (أو المقاولين من الباطن[44]).و في هذه الحالة يجب عليه أن يوفر الحجة ، على توفر هذه المؤهلات عند شركائه او المتعاقدين معه من الباطن ، و أنها موضوعة رهن إشارة الصفقة.
و عموما، يمكن تقديم ملف الترشيح يدا بيد إلى المسؤول عن تسلم ملفات الترشح(مقابل وصل)، أو إرسالها بواسطة البريد المضمون ، مع الإشعار بالتوصل، مما يعتبر دليلا على إيداع الملف في التاريخ المحدد ( و هنا، يجب الانتباه إلى أن ما يؤخذ بعين الاعتبار هو تاريخ التوصل بالملف، و ليس تاريخ إرساله).

ثانيا: العرض المالي:
يتكون العرض من الثمن(العرض المالي) المقترح، مقابل (عوض) تنفيذ الصفقة،و المنهجية التي ستيتبعها صاحب العرض، لتنفيذها.و شكليا، يتم صياغة هذا العرض، في صورة عقد التزام (acte d’engagement)، بالإضافة إلى عقود مالية أحيانا:هو ما يعرف عادة بالملف المالي.
و إذن، فعقد الالتزام، هو العقد الذي يبين قيمة الصفقة، أو الثمن الذي سيحصل عليه صاحب الصفقة ، مقابل أو كعوض للأعمال التي سينجزها،موضحا جميع عناصرها ( أدوات، و خدمات، و تجهيزات، و تكاليف أساسية أو إضافية..)، و خطته لتنفيذها، و الوسائل و الطرق التي سيستعملها،..إلخ(و هي ما يسمى بالمذكرة المنهجية).
و كثير من الفقهاء و حتى القضاء الإداري، يعتبرون هذا العرض المالي، هو الجزء أو الوثيقة التعاقدية في الصفقة، و بالتالي لا يمكن تغييره إلا بتراضي الطرفين.
غير ان الواقع يبين لنا، أن أغلب الصفقات و اهمها – و هي طلبات العروض المفتوحة-، تعتبر من الناحية العملية "عقود إذعان"ن إذ أن المتعهد أو نائل الصفقة، يقبل الشروظ "التي تمليها عليه الإدارة"، دون مناقشة.و لعل المسطرة الوحيدة ن التي قد تسمح ببعض التفاوض على شروط إبرام الصفقة، هي المسطرة التفاوضية، و طن حتى هذه الأخيرة يقتصر فيها التفاوض على جوانب جزئية تتعلق بطرق الأداء أو مواعيد التسليم..و إلا، فإن الإدارة ، تبقى هي صاحبة الكلمة العليا.
و غالبا، ما يتم اللجوء – من أجل تبسيط المسطرة و تحقيق المساواة بين المتعاقدين- إلى صياغة عقود نموذجية، يجب توقيعها دون أدنى تحفظ.
و الجدير بالذكر هنا، أن نسيان إحدى وثائق الصفقة،أو عدم توقيعها، أو توقيعها من شخص غير مؤهل، لتمثيل المترشح في هذه الصفقة، يجعل العرض مرفوضا.خاصة، عقد الالتزام يعتبر ضروريا، تحت طائلة بطلان الصفقة.
هذا، و الجدير بالذكر أيضا ؛أن إجراءات إيداع الترشيحات و العروض،قد تتم في مرحلتين أو في مرحلة واحدة، و ذلك حسب المسطرة المتبعة في تنظيم الصفقة.ففي حالة طلب العروض المحدود مثلا، يودع المترشح طلب الترشح أولا، حتى إذا حظي بالقبول،دعي إلى تقديم عرضه.في حين، في مسطرة طلب العروض المفتوح،يقدم المترشح طلب الترشح(أي الملف الإداري و المالي:وصف الوسائل، و المقدرة المالية، و المراجع..) و العرض( الملف المالي،و آجال التنفيذ..) المقترح لانجاز الصفقة ، في نفس الوقت[45].
بقي،علينا أن نشير، في الختام، إلى أن إيداع العرض يلزم المتعاقد، و ذلك خلال مدة الصلاحية المشار إليها في نظام الإستشارة؛ مما يعني أنه لا يمكنه، خلال هذه المدة، سحب عرضه أو تعديله، أو التراجع عنه.
في حين أن الإدارة، يمكنها، باسم المصلحة العامة، أن تنسحب أو تلغي كل صفقة، و لكن مع تعويض الطرف المتضرر من هذا القرار.




[1]  ينص المرسوم 330.66، بتاريخ 10 محرم 1387( 21 أبريل 1967)، بسن نظام عام للمحاسبة العمومية ، في فصوله:
أ-  (31):"يجب أن تقرر نفقات المنظمات العمومية في ميزانياتها ، و أن تكون مطابقة للقوانين و الأنظمة "؛
ب (32):" يباشر دفع جميع النفقات و تصفيتها و الأمر بدفعها بمسعى من الآمر بالصرف، ما عدا في حالة ترخيصات بالمخالفة واردة في النصوص "؛
ج- (33):" الالتزام هو العمل الذي تحدث أو تثبت بموجبه المنظمة العمومية سندا يترتب عنه تحمل.
" و لا يمكن التعهد به إلا من طرف الآمر بالصرف الذي يعمل وفقا لسلطاته.و يجب أن يبقى في حدود الترخيصات في الميزانية و أن يكون متوقفا على المقررات أو  الإعلانات أو التأشيرات المنصوص عليها في القوانين أو الأنظمة ".راجع : الجريدة الرسمية ، عدد 2843 بتاريخ 26 أبريل 1967.
يمثل الاعتماد المالي المفتوح برسم سنة معينة ( أو عدة سنوات أحيانا)، الإطار الذي يجب على الإدارة عدم تجاوزه عند ابرام الصفقات، و أن تبقى داخل حدود الإمكانيات المالية التي يتيحها الاعتماد المذكور، لأن أي تجاوز للحدود، قد يؤدي إلى الاضطراب المالي للمشروع، و ق يؤدي إلى منازعات مع المتعاقد مع الإدارة.
فكيف تقدر هذه الاعتمادات ؟ إن الحكومة ( أو سلطات اللامركزية أو المؤسسات العمومية)، تضع تقديرات بشكل سنوي، في معظم الأحيان ( اللهم إلا فيما يتعلق بميزانيات البرامج) .و أكثر الطرق استعمالا، هي اعتماد سنة معينة كمرجعن مثال ذلك: الانطلاق من ميزانية سنة الحالية، ثم تعديلها بالزيادة أو النقصان، حسب حجم الأعمال المتوقعة، في ظل الظروف القائمة..
[2]  في حالة الصفقات التي يمتد تنفيذها إلى ما بعد السنة المالية ( الواحدة)، يتم برمجة الاعتمادات الضرورية للإنفاق عليها، في ميزانيات السنة أو السنوات التالية ( وفق أسلوب " ميزانيات البرامج"، التي تضم عادة مجموعة متناسقة من المشاريع و العمليات..أغلبها تدخل في الأشغال العمومية).
[3]  و يترتب على امتناع الإدارة صاحبة المشروع، عن دفع العوض المالي للمتعاقد معها،بحجة عدم توافر الاعتماد أو عدم كفايته، قيام مسؤوليتها التعاقدية، لأن هذا الامتناع يعتبر إخلالا بالتزام تعاقدي من جانب الإدارة.
[4]  صاحب المشروع قد يكون وزارة أو جماعة ترابية (بلدية، أو إقليم أو جهة..)،أو مؤسسة عمومية..و السلطة المختصة بإبرام الصفقة، بالتالي، قد تكون هو الوزير( الآمر بالصرف) أو المندوب الجهوي أو المندوب الإقليمي (اللذان يعتبران آمران مساعدان بالصرف)..كما قد يكون رئيس المجلس البلدي..أو مدير المؤسسة العمومية.
[5]  إذا أبرمت الإدارة صفقة دون الحصول على إذن أو ترخيص من هذه الترخيصات التي يلزمها القانون بالحصول عليها، فإنها قد تعرض العقد الذي أبرمته إلى البطلان، و هو بطلان يمكن الاحتجاج به في مواجهة الجميع، بمن فيهم المتعاقد مع الإدارة نفسه:فلا يستطيع المتعاقد مثلا، أن يطالب بالعوض أو الثمن المتفق عليه، مقابل إنجاز الصفقة؛ بل كل ما يستطيع المطالبة به هو التعويض عن الضرر الذي أصابه جراء عدم التزام الإدارة بالقواعد القانونية التي تفرض عليها الحصول على ترخيصات مسبقة، قبل إجراء بعض الصفقات.
و قد يؤسس المتعاقد مع الإدارة دعواه للمطالبة بالتعويض، على أساس المسؤولية التقصيرية للإدارة، و المتمقلة في مخالفة الإدارة للقانون، أو على أساس الإثراء بلا سبب؛ إذا استطاع ان يثبت أن الإدارة استفادت من تلك العملية على حسابه( استفادت من إنجاز أشغال   ، أو حصلت على توريدات أو خدمات..).
[6][6]  لا يجب الخلط هنا، بين طلب الترخيص و " إعداد شهادة أو مذكرة إدارية"، فطلب الترخيص، يوجه إلى سلطة أعلى، أما إعداد الشهادة  أو المذكرة الإدارية، فتقوم به السلطة المختصة (المادة 4 من مرسوم 2013) نفسها، لتبرر موقفها و تدافع عنه أمام القضاء، إن اقتضى الأمر، عندما تسأل: لماذا اختارت اللجوء إلى هذه المسطرة أو تلك ؟
من ذلك مثلا، قد يسأل الآمر بالصرف، لماذا اختار إبرام صفقة معينة وفق مسطرة " طلب العروض المحدود" و ليس "طلب العروض المفتوح" ؟ أو لماذا لم تنظم الإدارة منافسة؟ و للجواب على هذين السؤالين، يجب عليه أن يعد " شهادة إدارية"، يستند فيها إلى " المبررات القانونية" الواردة  في الفقرة (2) من المادة (17)، أو مذكرة  تبرر استحالة إجرء منافسة ( المادة 88).
[7]  باعتباره هو السقف أو الحد الأعلى الذي لا يجب تجاوزه ، عادة ، في السنة المالية ، فيما يخص نوع واحد من الحاجيات..التي يمكن تلبيتها ، وفق مسطرة " سند الطلب".
[8]  تنص المادة (136):"[...] يجوز لوزير الداخلية بصفة استثنائية و مراعاة لخاصيات بعض الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات، أن يأذن فيما يتعلق ببعض الأعمال برفع حد مائتي ألف (200.000) درهم المنصوص عليه في المادة 88 أعلاه بموجب قرار يتخذه بعد استطلاع رأي لجنة تتبع الطلبية العمومية المحلية المشار إليها في المادة 145 أدناه، و ذلك دون تجاوز سقف خمسمائة ألف (500.000) درهم دون احتساب الرسوم".
[9]  انظر كذلك إلى الفقرة (5) من المادة (129) :"[...] يستوجب إبرام عقد تفاوضي لأعمال الهندسة المعمارية إعداد شهادة إدارية، من طرف السلطة المختصة أو من طرف الآمر بالصرف المساعد تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام العقد على الشكل المذكور، و توضح بوجه خاص  الأسباب التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة..".
[10]  تقول المادة (154) في البند (ألف):" عندما يتعذر على صاحب المشروع القيام بوسائله الخاصة بالدراسات اللازمة، يجوز له اللجوء إلى صفقات الدراسات..."..
[11]  و من هنا، قد لا نبالغ إذا قلنا أن هنا الطلب ، لا يعتبر في الحقيقة ، صفقة عمومية (=عقدا). هذا ناهيك عن أنه لا يفرض على الإدارة تحرير دفتر تحملات، يحدد الحاجيات التي يجب الاستجابة لها، على وجه دقيق؛ إذ يكتفي صاحب المشروع باقتراح "موضوع" فقط، دون تحديد (المادة 15).
و الجدير بالذكر، أن هذه الطريقة ، في تحديد المتنافسين المحتملين، هو من الإجراءات الجديدة التي جاء بها مرسوم 2013.
[12]  من الأخطاء الفادحة و الخطيرة التي تقع فيها الإدارات، و التي تدل على الاستهتار و الاستخفاف بالمصلحة العامة، أن الكثير من مشاريع الصفقات، قد تلغى لسبب أو آخر، فتوضع الوثائق الخاصة بها في الرفوف، لمدة سنة أو سنتين أو  أكثر.ثم فجأة " تبعث " تلك الصفقات من جديد، لسبب أو آخر، فتنظم الإدارة الدعوة للتنافس على نيل تلك الصفقات، بالاعتماد على نفس الوثائق القديمة، التي يتم إخراجها من الرفوف، دون بذل أي جهد في تحيينها؛ في حين تكون قد ظهرت في الأسواق سلع/ أو خدمات/ أو أشغال..بمواصفات أفضل ( و بتكنولوجيا أكثر تقدما، مثلا).
[13]  فترة الانتظار، هي الفترة الفاصلة بين إبرام عقد الصفقة ( أي طلب الطلبية العامة)، و تسلمها الفعلي.و هذه الفترة، تعتبر أحد المعايير الأساسية، في تقييم جودة الصفقات العامة.
[14]  إن افتقار الإدارة إلى الأطر المؤهلة لتحديد الحاجيات، قد يفسر لنا، لماذا يلجأ بعض الآمرين بالصرف إلى الصفقات المبسطة ( سندات الطلب)، و لماذا تفشل الصفقات التي تبرم وفق الطرق الآخرى.
[15]  من الوسائل الفعالة، التي يمكن استعمالها في الرقابة على تدبير الصفقات العامة، و الاستعمال الجيد(ترشيد) للمال العام، المقارنة بين الأثمان التي تشتري بها الإدارات العمومية السلع و الخدمات و الأشغال التي تحتاجها، و الأثمان التي يدفعها الخواص ( أفرادا و شركات) مقابل نفس الخدمات/و الأشغال/ و السلع المشابهة.و كذا المقارنة بين الأثمان التي يطلبها المتعاقدون من هذا المشتري العمومي أو ذاك، و تلك التي يطلبها موردون/مقاولون/خدماتيون من مشترين عمومين أو خواص آخرين..مثلا.
[16]  كمن يطلب سيارة كبيرة لنقل الموظفين، فقد يحصل على أنواع و أحجام كثيرة من السيارات..
[17]  كمن يحدد مواصفات لسيارة، لا توجد إلا في نوع واحد من السيارات، فقد لا يتلقى عروضا إلا من وكلاء الشركة التي تصنع أو تبيع تلك السيارة..
[18]  و لتوضيح الفرق بين هذين النوعين من التحديد، نسوق المثال التالي: لنفرض إن إدارة عمومية أرادت شراء مكيف هوائي، لقاعة اجتماعات أو ندوات؛ فيمكنها أن تحديد مواصفات هذه الطلبية من خلال المواصفات التقنية القياسية لهذا المكيف، أو أن تحدد ما تريد الحصول عليه من خلال تحديد شروط معينة، كأن تقول بأن المكيف الذي تريده، يجب أن يضمن الحصول على درجة حرارة ثابتة لمدة طويلة تتراوح ما بين (20 و 22 ) درجة مئوية، و أن لا يحدث ضجيجا..و أن يكون سهل التشغيل..و أن يكون عمره الافتراضي يتجاوز خمس سنوات..و  سهل الصيانة..إلخ.
[19]  لقد كانت السلطات العمومية، المكلفة بالمشتريات العمومية ، لا تهتم بالقيم البيئية لمشترياتها من المعدات و الأدوات و الخدمات و الأشغال العمومية.إلا أنه مع ظهور مفهومي التنمية المستدامة- تنمية تستجيب لحاجيات الأجيال الحاضرة، دون الإضرار بفرص و إمكانات الأجيال القادمة-، و مفهوم حماية البيئة (خصوصا مع ظاهرة الارتفاع الحراري للأرض)؛  أصبح من الضروري الأخذ بعين الاعتبار القيم البيئية و  قيم التنمية المستدامة، في السياسات العمومية، و ضمنها طبعا المشتريات العمومية.
فالنجاح في إبرام الصفقات العمومية، يفترض إدماج البعدين البيئي و التنموي في كل سياسات المشتريات العمومية، و لا شك أن ذلك سيحمي البيئة و يحقق التنمية المستدامة، بطريقة مباشرة، و بطريقة غير مباشرة أيضا، من خلال تغيير سلوك الأفراد و المقاولات في هذا الاتجاه.
فباستعمال سلطاتها في شراء السلع و الخدمات و الأشغال، التي تحترم البيئة، مثلا، يمكنها أن تساهم بطريقة فعالة في التنمية المستدامة.فالصفقات " الصديقة للبيئة"، تغطي مجالات واسعة، مثل شراء الحواسيب التي تستهلك كميات قليلة من الكهرباء( و بالتالي كميات قليلة من المواد الطاقية، كالفحم أو البترول..)، و البنايات التي تحافظ على الموارد (كالمياه و الطاقة الكهربائية= الإنارة)، و الأوراق القابلة للتدوير ()، و السيارات الكهربائية، و وسائل النقل التي تحترم البيئة، و المواد الغذائية البيولوجية ( للمطاعم= المدارس، و الجامعات، و المستشفيات،و السجون، و التكنات العسكرية..إلخ)، و مختلف السلع التي لا تضر بالبيئة ( أصباغ، مداد الطبعن مواد التنظيف، المصابيح،..)..إلخ.
و الصفقات البيئية، تؤثر بطريقة مباشرة في سلوك الأفراد( من خلال ضرب المثل)، بل تؤثر في  سلوك المقاولات أيضا،فاقتناء السلع و الخدمات و الأشغال الإيكولوجية، هي وسيلة تمتلكها السلطات العمومية لحث المقاولات الصناعية على تنمية التكنولوجيات الخضراء أو الصديقة للبيئة.
فالصفقات الخضراء، تهدف إلى تحقيق الترشيد في الإنفاق، و  حماية الموارد البشرية على المدى البعيد: فهي تحافظ على مصادر المواد الأولية و الطاقة  ( يجب أن نشتري ما نحتاج إليه فقط)، و تخفض نسب التلوث في الهواء، و تقلل كميات النفايات، و توجه السلوك الفردي و الجماعي إلى حماية البيئة( تقلص من آثار الارتفاع الحرار= نسب الغازات التي تسبب الارتفاع الحراري، كغاز ثاني أكسيد الكربون).
فلو أن الإدارات اشترت ما تحتاجه فقط، و بالكميات التي تحتاجها، و بالمواصفات البيئية ، لتم الحفاظ على الكثير من الموارد و الإمكانيات اليوم و للأجيال القادمة أيضا:فلو تم شراء مصابح صديقة للبيئة ( تستهلك كميات أقل من الكهرباء)، و لو تم شراء حواسيب تيتهلك كميات أقل من الطاقة، و لو تم تجهيز البنايات العمومية بأنابيب و حنفيات لا تبذر المياه..إلخ، لكان في ذلك ترشيد للمال العام، و حماية للبيئة، و تحقيق للتنمية المستدامة.
[20]   لقد عرّفت "التنمية المستدامة"، في أدبيات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، بأنها:" توسيع خيارات الناس".و المقصود بالخيارات هي الفرص المبتغاة في ميادين أساسية للحياة الإنسانية، و تتلخص في الأهداف التالية:
أ- تأمين حاجيات الأجيال الراهنة دون إضرار بإمكانات الأجيال القادمة على تأمين حاجياتها؛
ب- العناية بالأهداف الاجتماعية، و أهمها محاربة الفقر، و البطالة، و توفير الفرص المتكافئة للمواطنين، و تحسين توزيع الدخل، و توسيع خيارات الناس بهدف تحسين مستوى معيشتهم، و تطوير نوعية حياتهم؛
ج- تأكيد قيم الحرية و حقوق الإنسان، و توفير الوسائل و الآليات الضامنة لإرساء سلطة القانون، و إشراك الناس في صناعة القوانين و القرارات التي تهمهم.

[21]  في هذا الصدد يلاحظن حالتين:
أ- حالة الصفقات التي تقل قيمتها عن حد أدنى معين (200.000 درهم)، يستغنى فيها عن الإشهار؛
ب- و الحالة الأخرى، يزيد فيها مبلغ الصفقة عن الحد الأدنى، يترك فيها المشرع لصاحب المشروع ، حرية اختيار الوسيلة الإشهارية.
[22]   أو جريدة واحدة :في بعض الحالات، ترغب الإدارة في دعوة عدد محدود من الأفراد أو الشركات المختارة، لتقديم عروضهم، لنيل صفقات معينة.فتلجأ إلى مسطرة " طلب إبداء الاهتمام"، و مفادها إعلان عن طلب إبداء الاهتمام بالمشاركة في المنافسة، موجه إلى " متنافسين " مستهدفين.و " ..يكون هذا الطلب موضوع إعلان  ينشر في جريدة ذات توزيع وطني على الأقل و في بوابة الصفقات العمومية.."( المادة 15).
و هذه المادة، تنص على أن مسطرة " طلب إبداء الاهتمام"، لا يجوز أن تؤدي إلى حصر عدد المتنافسين.إلا أن النتيجة التي تترتب عن هذه المسطرة، في الواقع، إنما الهدف منها هو توجيه الدعوة إلى التنافس، إلى عدد محدود من المتنافسين، تعتبرهم الإدارة هم الأكثر أهلية للوفاء بالطلبية العامة موضوع الصفقة، من بين أولئك الذين استجابوا لطلب إبداء الاهتمام.
انظر أيضا، فيما يخص الإعلان في جريدة واحدة، المسطرة التفاوضية " بإشهار مسبق و إجراء منافسة" ( المادة 85).
[23]  أو (8.700.000) درهم، دون احتساب الرسوم، فيما يتعلق بصفقات التوريدات و الخدمات، المبرمة لحساب المؤسسات العمومية و الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات.
[24]  يختلف الاسم، حسب نوع الصفقة، في المباراة مثلا، يكون الحديث عن المشاريع (أو الاقتراحات).
[25] Jacob (Maxime )- Savoir concourir au marché public-Lamy/Les Echos-Paris 1999-p 20.
[26]  د.أحمد السعيد الزقرد- نحو نظرية عامة لصياغة العقود: دراسة مقارنة في مدى القوى الملزمة لمستندات التعاقد- المكتبة العصرية- المنصورة 2010- ص 8.
[27]  لقد حدد قرار وزير الاقتصاد و المالية رقم 1874.13، الصادر في 9 محرم 1435( 13 نوفمبر 2013)، نماذج بعض الوثائق التي تندرج ضمن مساطر إبرام الصفقات، و من ضمنها  نموذج عقد الالتزام.
و السؤال الذي يطرح هنا: ماذا لو حرر أحد المتنافسين عقد الإلتزام، في ورقة أخرى غير المطبوع النموذجي الذي تضعه الإدارة صاحبة مشروع رهن إشارته؟
لقد أجابت لجنة الصفقات على هذا السؤال في قرار لها، يحمل رقم 14/447 بتاريخ 11 ديسمبر 2014، جاء فيه:"[...] الجواب على هذا السؤال يقضي[...] بأن ينحصر الاختلاف عن النموذج المحدد في الاختلافات الجوهرية، و يمكن سرد كمثال لذلك، عدم تضمين عقد الالتزام إحدى البيانات الضرورية التي يجب أن يتضمنها كالإسم و الصفة و رقم الحساب الجاري[ البنكي] ، أو عدم النص فيه على المبلغ المقترح لتنفيذ الصفقة".
[28]   و قد يحمل اسما آخر، في الصفقات التي تبرم وفق طريقة المباراة؛ هو " نظام المباراة"( المادة 66):و الاختلاف في الاسم لا يؤثر، لا  يعني وجود اختلاف في الأهداف، فالنظامان معا، يهدفان وشع الشروط المناسبة،التي تساعد على اختيار أفضل العروض.
و يلاحظ أن المشرع تجنب الحديث عن نظام للتفاوض ، عند حديثة عن الطريقة التفاوضية، و ذلك أمر طبيعي؛لأن الهدف من نظام الاستشارة أو المباراة، الذي يضعه صاحب المشروع، هو توضيح الشروط المتعلقة بإسناد الصفقة، في حين أن من أهداف مسطرة التفاوض، التوصل إلى وضع تلك الشروط.
[29]  تخضع هذه المعايير ، التي يضعها صاحب المشروع، لرقابة القضاء، لضمان احترامها لحقوق المترشحين، لا سيما فيما يتعلق بالحق في ولوج التنافس على الصفقات العمومية بكل حرية، و الحق في المعاملة المتساوية ، و تكافؤ الفرص فيما يخص الشفافية و توفير المعلومات المتعلقة بالصفقات.
[30]  ففيما يتعلق بالأهلية القاننية،يمكن إثباتها من خلال الوثائق التي يتضمنها الملف الإداري، و أهمها التصريح بالشرف.
و  هذا التصريح يقدم في نظير فريد ( نسخة واحدة)، يبين الاسم الشخصي و العائلي للمترشح، و صفته، و محل سكناه. و إذا كان يتصرف باسم شركة، العنوان التجاري للشركة ، و شكلها القانوني، و عنوان مقرها الاجتماعي، و الصفة القانونية التي يتصرف بها المترشح، و السلطات المخولة له، و الوثائق التي تثبت هذه السلطات.
و تختلف هذه الوثائق التي تثبت السلطات، حسب الأشكال القانونية للمتنافس الفرد أو الشركة:
أ- ففي حالة المترشح الفرد ( الشخص الطبيعي)، الذي يعمل لحسابه الخاص، لا تطلب منه أي وثيقة لإثبات سلطاته؛
ب- أما إذا تعلق الأمر بشخص معنوي( شركة مثلا)، فيتعين على المترشح أن يقدم مجموعة من الوثائق ، من أهمها:
ب/1- نسخة مطابقة للوكالة أو وثيقة تفويض السلطات ( النيابة أو الوكالة)، مصادق عليها؛
ب/2 مستخرج من القانون الأساسي (Statut) للشركة أو محضر الجهاز المختص ( مجلس الإدارة، أو الجمع العام.. حسب الشكل القانوني للشركة)، الذي يثبت إعطاء الصلاحية للمترشح لإبرام الصفقة.
بالإضافة إلى الأهلية القانونية ، في معناها الضيق، يجب أن يبرهن المترشح، من خلال التصريح بالشرف و وثائق أخرى يدلي بها في الملف الإداري، أنه أهل للتعاقد  مع الإدارة و  الالتزام و الوفاء بالتزاماته، و أن أخلاقه و تصرفاته، كمقاول و كرجل أعمال و أيضا كمواطن، تتسم بالاستقامة، و النزاهة، سواء في تعامله مع العمال و الأجراء العاملين لديه، أو إزاء الإدارة من خلال أدائه لواجباته الجبائية، أو إزاء المجتمع و الدولة ككل من خلال احترامه للقانون و واجباته الوطنية.
[31]  و في الواقع، لقد وقف القضاء في البداية ، محايدا أو صامتا إزاء هذه المعايير و كيفية ترتيبها ، على اعتبار أنها تدخل في مجال الإدارة و ليس مجال القانون، و لكنه سرعان ما بدأ ، رويدا رويدا ، يتدخل ليضع الإطار القانوني لهذه المعايير:
1- ففي البداية، كان القضاء الإداري، يرى ضرورة الإعلان عن المعايير فقط ، و  لم يشترط الإعلان عن كيفية ترتيبها ، أي كيفية تنقيط العروض ( قرار مجلس الدولة الفرنسي،  الصادر في 31 مارس 2010، في قضية Collectivité territoriale de Corse)؛
2- ثم ما لبث أن كرس مفهوم الرقابة القضائية على عملية التنقيط نفسها، و قضى بأن القاضي الإداري من حقه، بل يجب عليه، أن يفحص الطريقة التي يعتمدها المشتري العمومي في تنقيط العروض المتنافسة، ليرى مدى تأثيرها على حقوق المترشحين ( قرار مجلس الدولة الفرنسي، الصادر في 11 أبريل 2012، في قضية Syndicat Ody  )، أو ليتأكد من إدخال المشتري العمومي لمعايير لا علاقة لها بتقييم العروض ( قرار صادر في 15 فبراير 2013، في قضية  Société SFR )، أو ليرى مدى احترام المشتري العمومي للترتيب الذي وضعه في البداية للمعايير، و المعلن عنه في اعلان الصفقة أو غيره من وثائق الصفقة ( قرار مجلس الدولة الفرنسي، الصادر في 18 دجنبر 2012 ، في قضية Departement de La Guadeloupe  ).
و عموما، فإن القاضي الإداري، أصبح ، في فرنسا و في الدول التي تأخذ بالقضاء الإداري و من المغرب، صار يراقب كيفية ترتيب المعايير المعتمدة في تقييم العروض، أي طريقة تنقيط العروض، حتى يضمن ألا تؤدي إلى عدم إفراغها من قوتها التي تساعد على اختيار العرض الأفضل.
[32]  المقاول من الباطن، هو مقاول يأخذ على عاتقه، من المقاول الصلي(نائل الصفقة)،جزءا من الصفقة، و يتقاضى أجره جملة أو أقساطا من هذا الأخير(أي المقاول الأصلي).
[33]  كان هذا الثمن، في السابق، يبقى سريا، و لا يبلغ إلا لأعضاء لجنة فحص العروض:و كان بعض المتنافسين، من ذوي النيات السيئة، يدفعون مبالغ كبيرة، لأجل معرفته، حتى يضعوا تقديراتهم قريبة منه، لا سيما في ظل نظام المناقصة، الذي كان يعتمد معيارا وحيدا لإسناد الصفقة، هو " الثمن الأدنى"، أي الأدنى من الثمن التقديري..و كلما كان أدنى منه، كلما ازدات الفرصة في "نيل الصفقة".
[34]  يتضمن نظام الاستشارة، حسب المادة 18 من مرسوم 2007، مجموعة من المقاييس و الشروط و البيانات التوضيحية التي على أساسها، يتم وضع:
-          لائحة المستندات التي يجب أن يدلي بها المتنافسون،لأجل إثبات كفاءاتهم و مؤهلاتهم؛
-          مقاييس قبول المتنافسين، من حيث الضمانات القانونية و التقنية و المالية؛
-          مقاييس اختيار و ترتيب العروض، و التي بموجبها يتم التأكد من العرض الأفضل اقتصاديا...إلخ.
غير أنه، يجدر بالذكر هنا، أن نظام الاستشارة، لا يعتد به إلا بعد توقيعه من الآمر بالصرف أو مندوبه أو الآمر المساعد بالصرف، و ذلك قبل الشروع في تطبيق مسطرة إبرام الصفقة.
[35] إن الصفقات ذات القيمة الصغيرة، قد يكتفى فيها بوثيقة واحدة- إلى جانب عقد الالتزام- هي ما يسمى بدفتر التحملات (cahier des charges)، أو دفتر الشروط الإدارية الخاصة(CCP).
و من هنا، ندرك لماذا اعتبر المشرع هاتين الوثيقتين هما الأهم، كما يفهم من أكثر من مادة في المرسوم، لاسيما النص التالي: "[...] تعقد الالتزامات المتبادلة التي تثبتها الصفقات على أساس عقد الالتزام الذي يوقعه نائل الصفقة و على أساس دفتر الشروط الخاصة.."(المادة 13/جيم).
[36]  ن بعض الوثائق التقنية كالدراسات، و المذكرات الوصفية، و التصاميم و الرسومات، و الجداول المتعلقة بوصف الخصائص التقنية للأدوات المتعلقة بتنفيذ الأشغال- في صفقات الأشغال-، لا تكون لها الصبغة التعاقدية، إلا إذا تم التنصيص على ذلك في الصفقة.
و من ثم، فمن المهم جدا، الرجوع إلى وثائق الصفقة، خاصة دفتر التحملات الخاصة، لمعرفة القيمة التعاقدية التي يوليها المتعاقدان لكل وثيقة، فالعبرة ليست باسم الوثيقة، و لكن بقيمتها عند المتعاقدين، باعتبارها مرجعا يمكن الرجوع إليه في حالة وجود نزاع  أو في حالة وجود تناقض بين الوثائق.
[37] نصت المادة (157) على أنه: " يمكن للمتنافسين ، أن يكوِّنوا  فيما بينهم تجمعات لتقديم عرض وحيد، و يمكن أن يكون التجمع إما بالشراكة أو بالتضامن..".
و تضيف نفس المادة "[... ألف)] يدعى التجمع بالشراكة عندما يلتزم كل عضو في التجمع ، بتنفيذ جزء أو عدة أجزاء ، منفصلة من حيث تعريفها و أجرها، من الأعمال موضوع الصفقة.
" و يمثل أحد أعضاء التجمع، المعين في عقد الالتزام بصفة وكيل مجموع الأعضاء إزاء  صاحب المشروع.
" و يكون هذا الوكيل كذلك متضامنا مع كل عضو من أعضاء التجمع في ما يخص التزاماته التعاقدية، إزاء صاحب المشروع لتنفيذ الصفقة.
" يتعين على كل عضو من أعضاء التجمع بالشراكة، بمن فيهم الوكيل، أن يثبت بصفة فردية المؤهلات القانونية و التقنية و المالية المطلوبة لإنجاز الأعمال التي يلتزم بها.."
" [... باء)..و] يدعى التجمع بالتضامن عندما يلتزم جميع أعضائه  بكيفية تضامنية إزاء صاحب المشروع، من أجل إنجاز الصفقة بكاملها.
" يمثل أحد أعضاء التجمع، المعين في العقد الالتزام بصفة وكيل، مجموع الأعضاء إزاء صاحب المشروع و ينسق تنفيذ الأعمال من طرف جميع " أعضاء التجمع.
يتعين على التجمع بالتضامن أن يقدم عقد التزام وحيد يبين المبلغ الإجمالي للصفقة و مجموع الأعمال التي يلتم أعضاء التجمع بإنجازها بكيفية تضامنية، مع العلم أنه يمكن أن يبين عقد الالتزام المذكور، عند الاقتضاء، الأعمال التي يلتزم كل عضو بإنجازها في إطار الصفقة المذكورة.
" يتعين على كل عضو من أعضاء التجمع بالتضامن، بمن فيهم الوكيل، أن يثبت بصفة فردية توفره على المؤهلات القانونية المطلوبة..".
[38]  إن التصريح بمعلومات كاذبة، قد يعرض المرشح إلى عقوبات "إدارية"، تمارسها ضد الجهة الإدارية التي تعاقدت معه ( كالحرمان من المشاركة مستقبلا، لمدة مؤقتة أو نهائية،في الصفقات التي تبرمها هذه الجهة ( أو جهات أخرى أيضا):يمكن إقصاء صاحب مقاولة، قدم تصريحا كاذبا لجماعة قروية، فيترتب عن ذلك إقصاؤه من كل الصفقات التي تبرمها الجماعات المحلية، أو حتى إدارات أخرى.
و فضلا عن ذلك،  قد يتعرض صاحب التصريح الكاذب لعقوبات جنائية أيضا، لمخالفته لقواعد القانون الجنائي (راجع المادة 159 من مرسوم 2013).
[39]  من مستجدات مرسوم 2013، و في إطار تبسيط الإجراءات ، فإن المادة (25) من هذا القنون، نصت على أن الشهادة الجبائية و شهادة الضمان الاجتماعي، و كذا شهادة السجل التجاري، لا تطلب إلا من المتنافس الذي نال الصفقة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في المتن.
[40]  في حالة التجمع، يمكن تقديم الضمان المؤقت ( و الضمان النهائي) ، إما (أ) باسم التجمع كله، أو (ب) من طرف واحد أو أكثر من أعضاء التجمع، أو(ج) جزئيا من طرف كل عضو( يقتسمون مبلغ الضمان فيما بينهم).و في الحالتين الأخيرتين( ب و ج)، يجب أن يبين في وصل الضمان المؤقت أو النهائي أو شهادة الكفالة الشخصية و التضامنية(الضمانة البنكية..) التي تقوم مقامه، أنه تم تسليمها في إطار تجمع، و أنه ".. في حالة تقصير أي عضو يبقى مبلغ الضمان المذكور مكسبا لصاحب المشروع بصرف النظر عن العضو المقصر" ( المادة 157/الفقرة الأخيرة).
[41]  هذا الالتزام، يلزم المتعاقد إن كان مقاولة واحدة، أو عدمة مقاولات مشتركة في تنفيذ الصفقة، و من ثم فمن حق صاحب المشروع أن يكون على بينة مسبقا بمضمون التفاق الذين يجمع أعضاء التجمع، و كيف سيساهم كل عضو في تنفيذ الصفقةح و من هنا"[...] يتعين على كل تجمع أن يقدم ضمن وثائق الملف الإداري، نسخة مصادق عليها من اتفاقية تأسيس التجمع، يجب أن ترفق هذه الاتفاقية بمذكرة تبين على الخصوص موضوع الاتفاقية، و نوع التجمع [ تجمع بالشراكة؟ أم تجمع بالتضامن؟] و الوكيل و مدة الاتفاقية و توزيع الأعمال عند الاقتضاء" ( المادة 157).
[42]  يمثل رقم المعاملات، قيمة جميع متحصلات المنشأة التجارية أو الصناعية أو الخدماتية، في مدة معينة(عادة سنة)، و تتضمن المبيعات و/ أو الخدمات ، و /أو الأعمال. و يسمح رقم المعاملات، بمقارنة أنشطة المنشآت مع بعضها البعض.
[43]    يجدر بنا أن نشير هنا، إلى أن الوثائق المطلوبة، يجب أن تقدم وفق النماذج التنظيمية ( راجع المادة 160)، أو في أوراق أخرى و بطرق و صياغة لا تختلف اختلافا أساسيا، عن هذه النماذج، و إلا اعتبرت لاغية.ذلك أن الأصل في الصفقات العمومية، أن يتقيد المرشحون في صياغة و إعداد عروضهم، بما هو محدد لهم دون تحفظ أو شروط، اللهم إلا فيما يتعلق بالحالات التي يسمح فيها للمرشحين بأن يقدموا عروضا بديلة، أي مختلفة عن ما طلبته الإدارة،في طلب العروض.و كذا في المباريات، حيث يسمح للمترشحين المقبولين، أن يقترحوا الحلول التي يرونها مناسبة .

[44]  " تقول المادة (158)، في تعريف التعاقد من الباطن:" التعاقد من الباطن ، عقد مكتوب يعهد بموجبه صاحب الصفقة إلى الغير بتنفيذ جزء من صفقته...".
و تنص نفس المادة، على أنه و إن كان يحق لصاحب الصفقة أن يختار المتعاقدين معه من الباطن بكل حرية ، إلا أنه من الضروري أن يوافق عليهم صاحب المشروع، في ظل شروط معينة:
أ- استيفاءهم للشروط التي يجب توافرها في المتعاقد الأصلي (صاحب الصفقة)، و المشار إليها في المادة (24) من المرسوم؛
ب- أن يظل صاحب الصفقة هو المسؤول شخصيا عن جميع الالتزامات  الناتجة عن الصفقة، سواء إزاء صاحب المشروع أو إزاء العمال أو الغير ( فصاحب المشروع لا يعترف بأية علاقة قانونية له مع المتعاقدين من الباطن)؛
ج- لا يجوز أن يتجاوز التعاقد من الباطن نسبة خمسين في المائة  (50%) من مبلغ الصفقة أو أن يشمل الجزء الحصة أو الجزء الرئيسي منها(لأجل تطبيق هذا المقتضى، يجب أن يحدد في دفتر الشروط الخاصة على الجزء الذي لا يمكن أن يكون موضوع تعاقد من الباطن)..

[45]  للمقارنة،نشير إلى أنه في النظام القانوني للصفقات العمومية الفرنس، تم إلغاء نظام ا"الطرفين"(الإداري و التقني من جهة، و المالي من جهة أخرى،بمقتضى مرسوم 19 دجنبر 2008، و لكن مع ذلك،فإن لجنة فحص العروض ملزمة بأن تفحص ، على التوالي، المؤهلات الإدارية و القدرات التقنية، أولا، ثم فحص و تحليل العرض المالي( او العرض بحصر المعنى).

الأحد، 27 مايو 2018


تصحيح امتحان التشريع الضريبي
الدورة العادية(26/5/2018)
ادرس النازلة التالية، ثم أجب عن المطلوب(10 نقط):
سعاد (أم لأربع بنات) تملك متجرا كبيرا لبيع قطع غيار السيارات في الجديدة ، حققت منه ، برسم سنة 2016، دخلا إجماليا قدره ثلاثة ملايين درهم.كما حققت دخولا أخرى،خلال نفس المدة، من :
أ- منزل قديم ، تؤجره بسومة كرائية شهرية قدرها 2000 درهم لللشهر؛
ب- أرض عارية(خالية من المباني)، توجد في وسط المدينة، تكريها بـ28000 درهم في السنة.
هذا،و لقد أنفقت السيدة سعاد، خلال سنة 2016، نفقات متنوعة ، بعضها من أجل الحصول على دخلها من المتجر:1- أنفقت على أجور العمال العاملين في المتجر:422000 درهم في هذه السنة؛
2-  و على الماء، و الكهرباء،و الهاتف،و التأمين،.. و نفقات أخرى خاصة بالمتجر: 250.000 درهم؛
3- و اشترت أثاثا لمكتبها في المتجر، بما قيمته 20.000 درهم؛
4- ودفعت واجب الكراء الشهري،للشقة التي تقيم فيها ابنتها الكبرى(مريم=24 عام)، التي تدرس القانون في آسفي، بسومة 2000 درهم للشهر.كما اشترت،في هذه السنة أيضا، سيارة للتنقل من منزلها في أزمور إلى المتجر، بمبلغ 220.000 درهم.
المطلوب: احسب مبلغ الضريبة على الدخل، الذي ستؤديه السيدة سعاد؛ عن سنة 2016، مع العلم أن زوجها- الجندي سابقا- يتقاضى معاشا سنويا يبلغ 30.000 درهم.
***
الجواب:
 من المعلوم، أن الضريبة على الدخل،تضرب على الدخول و الأرباح المتأتية من المصادر التالية:
1- الدخول المهنية؛
2- الدخول الناتجة عن المستغلات الفلاحية؛
3- الأجور و الدخول المعتبرة في حكمها؛
4- الدخول و الأرباح العقارية؛
5- الدخول و الأرباح الناتجة عن رؤوس الأموال المنقولة.
و سؤال الامتحان، كان يتعلق بفئتين أو مصدرين من هذه المصادر : الدخل المتأتي من التجارة( دخل مهني)،و الدخل المتأتي من رأس المال العقاري.
و للوصول إلى المطلوب ، في هذه النازلة، كان يجب على الطالب(ة) أن يقوم بعدة خطوات، متسلسلة..كالتالي..
أولا: أول عملية كان يجب عليه القيام بها، هي حساب الدخل الصافي المتأتي من كل فئة من فئتي الدخل المذكورتين في النازلة( التجارة و العقار)، ثم حساب الدخل الصافي المتأتي من المصدرين معا؛
ثانيا: غير أن الدخل الصافي، لا يمكن أن نعرفه إلا إذا عرفنا الدخل الإجمالي، و التكاليف أو النفقات التي يجب( أو يحق للمكلف) خصمها منه..
كل هذا الكلام، يمكن أن نعيد صياغته،في المعادلتين التاليتين
أ- الدخل الصافي (الخاص بكل نوع من الدخل)= الدخل الإجمالي (المتأتي من هذا النوع من الدخل) - التكاليف التي تحملها المكلف للحصول على هذا النوع من الدخل( و التي يعترف بها المشرع الجبائي).
ب- مجموع الدخول الصافية=الدخل الصافي من مصدر التجارة( دخل مهني)+ الدخل الصافي الناتج أو المتأتي من العقار ( أو العقارات)
ثالثا: بعد ذلك تأتي عملية تطبيق الأسعار ، على مجموع الدخل الصافي..أي تشريح الدخل الصافي، و تطبيق السعر المناسب على كل شريحة..
رابعا: بعدها نأتي إلى عملية جمع المبالغ التي يتم الحصول عليها،على مستوى كل شريحة، للحصول على مجموع "مبلغ الضريبة" (الخام)..
خامسا: و في العملية الأخيرة، نخصم الأعباء العائلية من هذا المبلغ..
 و إذن،..فلا بد من المرور بالخطوات التالية،..و أولها هي حساب الدخل الإجمالي..و من ثم حساب مجموع التكاليف التي يجب خصمها منه، للوصول إلى الدخل الصافي.
1- حساب الدخل الإجمالي الذي حققته السيدة سعاد برسم 2016:
هذا الدخل، كما سبق القول، يتكون من دخل مصدره التجارة( المتجر)، و دخل ثان يأتي من كراء المنزل، و دخل ثالث من الأرض أو العقار غير المبني..
أ- الدخل الإجمالي المتأتي من المتجر:
هو ثلاثة ملايين درهم= 3.000.000 درهم.
ب- الدخل الإجمالي المتأتي من العقارين(المنزل و العقار غير المبني):
ب/1- الدخل الإجمالي المتأتي من كراء المنزل:
2000 درهم × 12= 24.000 درهم(  نبحث عن الدخل السنوي؛ لأن الضريبة سنوية).
ب/2- الدخل الإجمالي المتأتي من العقار غير المبني:
هو 28.000 درهم في السنة.
2- حساب الدخل الصافي لكل نوع من نوعي الدخل (المعنيين في هذه النازلة)
أ- الدخل الصافي المتأتي من التجارة(المهني):
لحساب هذا الدخل الصافي، يجب أن نحسب أولا التكاليف المرتبطة بهذا النوع من الدخل، و التي تحملها المكلف للحصول عليه ، و هي:
أ/1- 422.000 درهم ، و التي أنفقت على اليد العاملة في المتجر؛
أ/2- 25.000 درهم ، و التي أنفقت على نفقات عامة أخرى، لها علاقة بالنشاط التجاري (المتجر)؛
أ/3-20.000 درهم، أنفقت على تأثيث المكتب الذي تستعمله السيدة سعادة، لإدارة نشاطها التجاري ( في المتجر)،فهو إذن إنفاق يساهم في إنتاج الدخل؛
أ/4- 220.000 درهم، هو المبلغ الذي أنفقته السيدة سعاد، لشراء سيارة، تستعملها للتنقل من و إلى المتجر، فهي سيارة شخصية أو خاصة ، و لكن تستعمل لأغراض النشاط المهني. و المشرع، يسمح بخصم هذا النوع من التكاليف، وفق شروط معينة، سنشير إليها، في نهاية هذا التصحيح.
أ/5- أما ما أنفقته السيدة سعاد، على ابنتها مريم، فهو إنفاق للدخل، و ليس إنفاقا من أجل للحصول على الدخل، و بالتالي فهو لا يعتبر من التكاليف القابلة للخصم.
و كان الأمر سيكون مختلفا، لو أن مريم كان تعمل في مساعدة والدتها في المتجر، فعندها كان يمكن اعتبارها أجيرة ، و كان يمكن، بالتالي، اعتبار نفقات الشقة التي تؤجرها والدتها لفائدتها، جزءا من الأجر، أو المزايا العينية التي تدخل في الأجر.
و الحاصل:
أن مجموع التكاليف التي تحملتها السيدة سعادة، للحصول على دخلها من المتجر ، هو:
422.000+ 250.000+20.000+220.000=912.000 درهم
و بالتالي، فالدخل الصافي الناتج أو المتأتي من المتجر، هو:
3.000.000- 912.000 =2.088.000 درهم
ب- الدخل الصافي المتأتي من العقار:
دائما، نطبق القاعدة:الدخل الصافي= الدخل الإجمالي- التكاليف
في الدخل العقاري، يسمح المشرع بخصم (40%) من الدخل الإجمالي، على اعتبار أنها تكاليف للحصول على الدخل، و لكن عندما تكون هناك تكاليف حقيقية و معتبرة: كالإصلاحات التي يقوم بها مالك العقار، من ترميم، و صباغة، و إصلاح أنابيب الماء، و تغيير الأبواب و النوافذ، و نفقات أخرى كالحراسة..إلخ.
أما، عندما لا تكون هناك نفقات، فلا يسمح بهذا الخصم، لأنه لا مبرر له؛ كما هو الحال في العقارات غير المبنية ( الأراضي الفارغة)، فمالكها لا ينفق شيئا للحصول على الدخل المتأتي منها( و هذه مسألة، سبق لي الحديث عنها في أكثر  من محاضرة).
و عليه..
ب/1- الدخل الصافي المتأتي من المنزل:
24.000- (24.000× 100/40)= 14.400 درهم.
ب/2- الدخل الصافي المتأتي من العقار غير المبني،هو 28.000 درهم.
أو :28.000- 0 (تكاليف)= 28.000 درهم.
لأن السيدة سعاد، لم تتحمل: كما سبق القول، أي تكاليف للحصول على الدخل الناتج عن كراء الأرض غير المبنية، و بالتالي فالإدارة الجبائية تعتبر كل الدخل (الإجمالي) في هذه الحالة، دخلا صافيا.
و إذن،فمجموع الدخل الصافي العقاري= 14.400 + 28.000=42400 درهم.
3- مجموع الدخول الصافية:
42.400(من العقار)+ 2.088.000( من المتجر)= 2.130.400 درهم
هذا هو الدخل الصافي الخاضع للضريبة، و هو الذي يجب أن نقوم بتشريحه، و إخضاعه للأسعار..
4- تشريح الدخل الصافي، و تطبيق الأسعار عليه:
الشريحة 1: إلى حدود 30.000 درهم: معفاة.
الشريحة2: 30.001 إلى 50.000: تخضع لسعر(10%): مبلغ الضريبة المستحق عنها:2000 درهم
الشريحة3: 50.001إلى 60.000:تخضع لسعر (20%): مبلغ الضريبة المستحق عنها:2000 درهم
الشريحة4: 60.001 إلى 80.000:تخضع لسعر(30%):مبلغ الضريبة المستحق عنها 6000 درهم
الشريحة5 :80.001 إلى 180.000:تخضع لسعر(34%): مبلغ الضريبة المستحق عنها34.000درهم
الشريحة6 :ما زاد على 180.000:تخضع لسعر (38%):مبلغ الضريبة المستحق على هذه الشريحة الأخيرة هو 741.152 درهم.
قد يتساءل ، بعض الطلبة ، كيف تم حساب هذا المبلغ الأخير؟
و الجواب هو: أنه لحسابه ، يجب أن نعرف أولا ما هو المبلغ المتبقى من الدخل الصافي، أي الذي يزيد عن 180.000 درهم %؟
هذا المبلغ هو (2.130.400-180.000)=1.950.400 درهم
و لكن قد يتساءل فريق آخر من الطالبات، كما يحدث عادة: و لكن من أي جاءت هذه الـ 180.000 التي خصمناها من الدخل الصافي؟
إنها حصيلة مجموع الشرائح:الشريحة (1)+ الشريحة (2)+ الشريحة (3)+ الشريحة (4)+ الشريحة (5)= 30.000+20.000+10.000+ 20.000+ 100.000=180.000 درهم.
و من هنا، نخلص إلى أن مبلغ الضريبة المستحق على الشريحة (6)، أي ما زاد على (180.000)،هو:1.950.400×100/38=741.152 درهم.
بقي علينا أن نحسب مجموع مبلغ الضريبة، المستحق عن كل الشرائح، و هو التالي:
2000+2000 + 6000+ 34.000+ 741.152=785152 درهم.
هذا المبلغ، هو مبلغ الضريبة الخام، الذي يجب أن نخصم منه الأعباء العائلية.
5- خصم الأعباء العائلية:
الأعباء العائلية، كما هو معلوم، تخصم من مبلغ الضريبة، و ليس من الدخل الإجمالي، فهي تختلف عن باقي الخصومات أو الإعفاءات، بهذه الميزة.
و المشرع، يسمح للمكلف بالضريبة، بخصم ما قدره(360) درهم من المبلغ السنوي للضريبة، عن كل شخص يعوله؛ غير أن مجموع المبالغ المخصومة عن الأعباء العائلية لا يجب أن تتجاوز (2160) درهم.
و الأشخاص الذين يعولهم الخاضع للضريبة هم  الزوجة (أو الزوج)، و الأولاد الذين لا تتجاوز أعمارهم (27) سنة(مالم يكونوا مصابين بعاهة تمنعهم من الكسب)، و شريطة ألا يكون لكل واحد منهم دخل يفوق 30.000. درهم.
و فيما يخص النازلة التي نحن بصددها، يثار التساؤل: هل تستفيد الزوجة من الخصم عن الأعباء العائلية فيما يخص زوجها الذي يتقاضى معاشا لا يتجاوز الحد المعفي من الضريبة على الدخل (30.000) درهم؟
الجواب بكل بساطة، هو ما جاء في الفقرة قبل الأخيرة من المادة (74) من مدونة الضرائب:"[...] تستفيد المرأة الخاضعة للضريبة من الخصم عن الأعباء العائلية، و ذلك فيما يتعلق بزوجها و بأولادها إذا كانت نفقتهم تجب عليها شرعا، وفق الشروط المنصوص عليها أعلاه[ و أهمها ألا يفوق دخل الزوج أو كل واحد من الأولاد الحد المعفي من الضريبة]..".
و عليه،فمبلغ الضريبة الواجب الأداء، بعد خصم الأعباء العائلية هو:
785152 -(5×360)= 783352 درهم.
و بمناسبة الحديث عن الأعباء العائلية، اغتنم هذه الفرصة، لأجيب عن سؤال تكرر كثيرا على ألسنة الطلبة، هو : متى و كم مرة نخصم الأعباء العائلية، في حالة تعدد مصادر الدخل؟
لقد قلت في المحاضرات، بأنها تخصم مرة واحدة، و في حالة تعدد المصادر، و كان واحد منها مصدرا تقتطع فيه الضريبة من المنبع، فإنها تقتطع من هذا الدخل..و مرة واحدة، تطبيقا لما جاء في المادة (75) من المدونة العامة للضرائب:"[...] إذا كان الخاضع للضريبة أجيرا[أو موظفا] أو منتفعا بمعاش و كانت الضريبة المستحقة عليه تحتجز في المنبع عملا بأحكام المادة 156 أدناه، فإن المبلغ الواجب خصمه عن الأعباء العائلية يستنزل من مبلغ الضريبة المحجوز من المنبع".
و بهذا نصل إلى المطلوب..و لقد عبرت للوصول إليه طريقا طويلا نسبيا، لأني كنت مضطرا إلى المرور ببعض المنعرجات، و التوقف ببعض المحطات؛ لأشرح بعض التفاصيل..و التي ليس الطالب مضطرا إلى شرحها أو التوقف عندها..في إجابته، و لكنه إن فعل تكسبه مزيدا من النقط.
***
بقي علي ، في نهاية هذا التصحيح ، أن أقول كلمة عن المنطق الذي يحكم توزيع النقط على هذه النازلة..أظن أن من حق الطلبة أن يعرفوه..
في الحقيقة،عندما وضعت هذه النازلة، و خصصت لها (10) نقط، فكرت كيف سأقوم بتوزيع هذه النقط، أثناء التصحيح؟
فقررت أن أقسمها إلى قسمين:خمس نقط تمنح لمن استوفى الضروريات أو الحد الأدنى الذي يجب أن يعرفه كل طالب؛ والخمس نقط الأخرى ، للثانويات أو التفاصيل (الخضرة فوق الطعام).
و عليه، فالنقط الخمس الأولى، تمنح، لمن استوفى الشروط التالية:
1- أن يبرهن أنه فهم جيدا أن الضريبة تضرب على صافي الدخل أو الدخول( الدخل الإجمالي ناقص التكاليف)..؛
2- و أن يعرف كيف يقوم بتشريح الدخل الصافي ، و إخضاع كل شريحة للسعر المناسب لها؛
3- و أن يحسب مجموع المبالغ المستحقة عن جميع الشرائح..وصولا إلى مبلغ الضريبة الواجب الأداء، قبل خصم الأعباء العائلية؛
4- أن يعرف كيف يحسب خصومات الأعباء العائلية ، و أنها تخصم من مبلغ الضريبة ، و ليس من الدخل الإجمالي أو الدخل الصافي؛
5- و أن لا يخطئ في الأسعار..و لا في النسب المئوية للخصومات الجزافية.
النقط الخمس الأخرى، كان يفترض- ولقد غيرت وجهة نظري نسبيا - أن تمنح للطلبة الذين يعرفون تفاصيل أكثر، أو لهم قدرات على التحليل..و أيضا لمكافأة الطلبة الذين يواظبون على الحضور للمحاضرات..لأن هذين الصنفين من الطلبة؛ هم الأقدر على الإجابة على أسئلة من نوع:
أ- كيف نحسب الضريبة على العقار غير المبني؟ (فهذه معلومة، يعرفها من تعمق في دراسة المادة، أو واظب على الحضور..)؛
ب- هل يعتبر شراء سيارة شخصية للمقاول، من التكاليف القابلة للخصم، من وجهة نظر الإدارة الجبائية ؟ و كم يخصم بالضبط من مبلغ الشراء كل سنة؟
في الحقيقة، لم يسمح المشرع الجبائي بخصم كل المبلغ المدفوع لشراء سيارة للاستعمال الشخصي ، حتى لو كانت هذه السيارة تستعمل لأغراض لها علاقة مباشرة بإنتاج الدخل أو لأجل الحصول على الدخل، إلا بشرطين:
1- ألا يتجاوز مبلغ السيارة 300.000 درهم؛
2- على أن لا يخصم هذا المبلغ كله دفعة واحدة، من الدخل السنوي الخاضع للضريبة برسم سنة معينة، بل يتم تقسيمه إلى خمس دفعات(في إطار ما يسمى بتكاليف القابلة للاندثار أو الاهتلاك =amortissement  ).فالمادة (35) تحيل على المادة(10) ، فيما يتعلق بالتكاليف المرتبطة بالدخل المهني، القابلة للخصم،و تنص على أن "..إن إجمالي القيمة القابلة للخصم ضريبيا، و الممتدة على خمس سنوات بأقسام متساوية، لا يمكن أن تزيد على ثلاث مائة ألف (300.000) درهم، لكل عربة مع احتساب الضريبة على القيمة المضافة..".
و عليه، فالجواب المثالي، الذي كنت أتوقعه من الطلبة ، و قد أعثر عليه ربما في بعض الإجابات، هو أن يعتبر من التكاليف القابلة للخصم، فيما يخص السيارة ، مبلغ 220.000/5= 44.000 درهم فقط.
و لقد أشرت إلى هذه الجزئية،في مناسبتين على الأقل،في إحداهما وقفت طويلا عندها ، في سياق حديثي عن الصراع بين الإدارة و المكلف بالضريبة، و أن الأولى تريد أن تحصل على أكبر قدر من الأموال، في حين أن المكلف يريد أن يؤدي أقل مبلغ ممكن، إلى درجة أن الكثير من المكلفين(من أصحاب الدخول المهنية بالخصوص)، يشترون سيارات فخمة من نوع مرسيدس و البي إم و سيارات الدفع الرباعي (الكات كات)، و يدمجون أثمانها في التكاليف العامة للمقاولات التي يملكونها أو يديرونها؛ و أن المشرع الجبائي، حرصا منه على وضع حد لهذه الممارسات ، وضع حدا للتكاليف المرتبطة بشراء السيارات الخاصة لأصحاب أو مديري المقاولات..
و إذن، فخصم مبلغ (44.000)،باعتباره من التكاليف المترتبة عن شراء السيارة، هو الجواب المثالي على هذه الجزئية..و لكني تنازلت عن هذا الجواب "المثالي" ، و قررت في الأخير، أن اعتبر من خصم مبلغ السيارة كله ،قد أجاب جواب صحيحا.
ج- و من القضايا الأخرى،التي قدّرت أنها ستنال بعض الاهتمام من إجبابات الطلبة ، هي الإشكال المتعلق بمعاش زوج السيدة سعاد: هل يعتبر موجبا للخصم لاجل الأعباء العائلية أم لا ؟ و هل يعتبر مبلغ 30.000 درهم مبلغا كافيا لاعتبار اي شخص مسؤول عن نفقاته و معاشه أم لا؟
لم أتمكن من الاطلاع على الكثير من أوراق الإجابة، و لكن لا أحد أثار هذا النقاش، في حدود الإجابات التي اطلعت عليها، حتى الآن..في حين أن الكثير من الطلبة، و الحمد لله، توصلوا إلى معرفة الجواب المطلوب..و الكثير منهم سينال، إن شاء الله، ما بين 6 غلى 10 نقط على هذه النازلة.
و بقدر ما أنا مسرور لأجل هؤلاء، فانا حزين لأجل الطلبة الذين فاتتهم فرصة الحصول على نقط جيدة..في هذه النازلة..لقد كانت سهلة فعلا..
و أخيرا، و ليس آخرا، كل رمضان و أنتم بخير.

الجمعة، 20 أكتوبر 2017

أهمية النوم في الحياة الجامعية

قد تستغرب أن أحدثك عن النوم، في حين أنت تتوقع مني أن أحدثك عن اليقظة!
و لكن، في الحقيقة،إن الحديث عن النوم..قد يكون أحيانا- بل في الكثير من الأحيان- أهم من الحديث عن اليقظة.
ذلك أن النوم، يعتبر من أهم " الأسلحة" التي يتسلح بها الطالب، في صراعه مع صعوبات الحياة الدراسة الجامعية. فهو " العتاد و العدة" اللذين يجب أن يحصل  الطالب ، على حظ وافر منهما، كلما استطاع إلى ذلك سبيلا.
و من هنا،نصيحتي لك..لا تكثر من السهر، و لا تتمثل بقول الشاعر(عمر الخيام):"..ما أطال النوم عمرا، و لا قصّر في الأعمار طول السهر.."، فهذا قول شاعر و ليس قول طبيب.لأن الطب،يؤكد أن السهر يتعب و ينهك القوة..و يقتل في نهاية المطاف..، و هذا أمر ثابت علميا، و إذن؛فلا تتعب نفسك بالسهر، اللهم إلا عندما يكون هناك أسباب قاهرة تضطرك لذلك.
و عليه، فإذا كنت حريصا فعلا على
أهمية النوم في الحياة الجامعية
النجاح في حياتك الدراسية، بل و التفوق فيها ؛ فاحرص على ألا تسهر كثيرا..حتى تتمكن من المواظبة على حضور المحاضرات و الدروس، ..و إنجاز واجباتك الجامعية ، في مواعيدها.
أجل، إنك إن سهرت و لو بضع ساعات، أو حتى لساعتين أو ساعة بعد منتصف الليل، فستجد نفسك في اليوم التالي، غير قادر على القيام بأي عمل كما يجب، و ستجد نفسك عاجزا على التركيز على ما يقوله الأستاذ في المحاضرة مثلا، و قس على ذلك في باقي الأعمال التي قد تكون مضطرا لإنجازها.و بذلك ستضيع على نفسك نهارا بأكمله، و قد يكون ذلك النهار حاسما في حياتك الدراسية.


الأحد، 15 أكتوبر 2017

أهمية إتقان لغة الدراسة و كتابة الملخصات

أهمية إتقان لغة الدراسة و كتابة الملخصات

لغة الدراسة و كتابة الملخصات
إن المعرفة الجيدة بلغة الدراسة ، هي إحدى أهم الشروط للنجاح في الدراسات الجامعية،فمن دونها سيصعب على الطالب تتبع الدروس و المحاضرات.كما أن هذا النوع من المعرفة ، يمكن الطالب من تدوين ملاحظات دقيقة و مختصرة، مما يقوله الأستاذ المحاضر.و هذه المعرفة ، في نهاية المطاف ، هي السبيل السالكة ، لضمان إجابة جيدة و فعالة ، على سؤال الامتحان.
و أنا أقصد هنا، اللغة المكتوبة..لا اللغة المنطوقة..التي نستعملها في الإجابات(الامتحانات) الشفهية.
أجل،يجب على الطالب أن يكون قادرا على الكتابة ،باللغة التي يتعلم بها ، بشكل جيد؛إذ سيطلب إليه أن ينجز الكثير من الأعمال الكتابية( ملخصات، و تقارير، و عروض، و بحوث..و أطروحات)،في مختلف مراحل حياته الدراسية، و لا سبيل لفعل ذلك على نحو يرضيه عن نفسه و يرضي أساتذته ، إلا بإتقان اللغة،فهي وجهه الذي يعرضه على الناس ، و هي الرسول الذي يرسله لينوب عنه" ألا يقال أرسل حكيما و لا توصيه ". فلتكن اللغة التي تكتب بها، عزيزي الطالب(ة)،  "مُحكمة".
و لذلك، يجب ألا تكتفي بأن يكون مستواك اللغوي عاديا، أو متوسطا، بل احرص على أن تكون متميزا و ممتازا في اللغة مهما يكلفك ذلك من جهد.
و لعلي أعرف طريقة كفيلة بأن تبلغك هذه الغاية.ما هي؟ هي أن تقرأ ثم  تكتب..و أن تكتب كثيرا و دائما.إن القراءة المستمرة  كالكتابة المستمرة، ستحفزانك على كثرة الاطلاع، و الحرص على دقة التعبير.
و التعود على كتابة الملخصات ، هو أحد أفضل الطرق لتعلم الكتابة: فالطالب يقرأ النص الذي يريد تلخيصه ، و يحدد الأفكار الرئيسية فيه.. ثم ينحِّي النص الكتاب جانبا ، و يكتب بأسلوبه الخاص .و حين نقول بأسلوبه، لا يعني- لا سيما في البداية- أن الطالب لن يستخدم أي من كلمات الكاتب، و لكن تعني أنه لا ينقل جملا أو أجزاء من النص أو القطعة الملخصة برمتها.ثم بعد ذلك ، يعد الكلمات التي نقلها حرفيا، ثم يعدل فيما يكتب بحذف ما لا ضرورة له، أو زيادة بعض الكلمات التي توضح ما يريد أن يعبر عنه، حتى يكون الملخص شاملا لكل النقاط و مكتوبا بلغة سليمة.