الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018

دور الجامعة:هل يتناقض مفهوم ديمقراطية التعليم الجامعي، مع مصالح الوطن؟ هل الأهم هو الكم(عدد الخريجين) أم النوع (جودة الخريجين)؟ إن الجامعة قد تتفوق في إنتاجها النوعي، بفضل ما تتمتع به من مساحات للإبداع.


دور الجامعة:هل يتناقض مفهوم ديمقراطية التعليم الجامعي، مع مصالح الوطن؟ هل الأهم هو الكم(عدد الخريجين) أم النوع (جودة الخريجين)؟ إن الجامعة قد تتفوق في إنتاجها النوعي، بفضل ما تتمتع به من مساحات للإبداع.

***
إن الجامعة، تقوم بأدور متعددة و متنوعة، أهمها التعليم، و البحث العلمي، و التكوين و التدريب، و نشر الثقافة و تعميمها بين الناس.
إننا قد نجد في المجتمع، مؤسسات أخرى تقوم ببعض هذه الأدوار؛ كالتعليم الذي تقوم به المدارس الابتدائية و الثانوية؛ و التكوين و التدريب الذي تقوم به مراكز و معاهد  التكوين و التدريب؛ و البحث العلمي الذي قد تقوم به مراكز البحوث العلمية التابعة للقطاعين العام و الخاص؛ و نشر الثقافة الذي قد تقوم به عديد من المصالح الحكومية و المؤسسات العامة و الخاصة.إلاّ أن الجامعة وحدها، هي القادرة على القيام بكل تلك الأدوار بالتزامن و التوازي.كما أنها هي المصدر الذي يُمدّ جل- إن لم نقل- كل المؤسسات و المراكز و المصالح السابقة الذكر، بالأطر البشرية،و بدون الجامعة قد تفشل  في القيام بأدوارها.
و في الحقيقة، إن ما جعل الجامعة قادرة على تحمل مسؤولية كل تلك الأدوار دفعة واحدة ، و في نفس الوقت،هو ما تتمتع به من حرية (الحرية الأكاديمية)؛ جعلتها قادرة على الإبداع في شتى مجالات المعرفة البشرية. 
دور الجامعة
بقلم :د.حافظ قبيسي

[...] كانت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية ( مرحلة الاستقلال لمعظم الدول العربية)، هي مرحلة التجاوب الفعلي مع المطالبة بحق كل مواطن في التعليم ، بما في ذلك التعليم العالي.
و من الإنصاف الإشارة إلى أن الحكومات العربية المختلفة و المتعاقبة ، أولت هذا الأمر عنايتها ، رغم بعض الانتقادات التي كانت توجه إلى تلك الحكومات بين فترة و أخرى ، انتقادات كانت تقارب العنف بل التعنيف في بعض الحالات.
[...] نعم لقد أمّن التعليم العالي العربي حق المواطن.و لكن هل أمن بذلك مصالح المجتمع؟
و في محاولتنا الإجابة على هذا السؤال الأساسي نرى أن علينا التمهيد لذلك بتحديد دور الجامعة...

دور الجامعة في المطلق

للجامعة في المطلق ، دور اقتصادي و ثقافي و تربوي..( و غير ذلك).
هذا الدور الإنمائي هو في الدول العربية ، كما في معظم الدول المتخلفة المشابهة له.و هو في جوهره دور الجامعة أو بعض دورها في الدول الصناعية المتقدمة أيضا.
و إن شئنا أن نفصّل ما ذكرناه ، لوجدنا للتدريس الجامعي ، و للبحث العلمي الجامعي ( و هما وسيلتا العمل الأساسيتان) غايات أساسية منها:
أ- تثقيف المجتمع. و ذلك ببث المعرفة العالية بين المواطنين ، و توعيتهم على أحدث ما توصلت إليه المعرفة العلمية الإنسانية في شتى الميادين؛
ب- بث الروح العلمية في المواطن ، بالمعنى السلوكي الحياتي.بحيث يرفض المواطن الخرافة و الاستسلام للغيبيات ، و يعتمد شريعة العقل و المنطق ، لا شريعة الغريزة البهيمية ..؛
ج- تأهيل المواطن للعمل المنتج ، و تشجيعه على امتلاك التقنيات ( بما في ذلك الحديثة منها)، و تعزيز قدرته على الإبداع في مهنته ، و قدرته على التطوير؛
د- تزويد القطاع الاقتصادي ( العام و الخاص) بحاجاته من المهرة[ الموارد البشرية الماهرة]؛
ه- درس الثروات الوطنية ، الطبيعية و البشرية ، و تحديد السبل الفضلى لاستثمارها ، أو لتحسين هذا الاستثمار؛
و- حفظ التراث الوطني (الثقافي بمعناه الواسع)، و الكشف عن الأصيل و الجميل فيه؛
ز- إشاعة جو عام بالاهتمام بالثقافة و تقدير الإبداع ، و الاهتمام بتعميق قيم الحق و الخير و الجمال في نفوس المواطنين؛
ح- تشجيع الإبداع الثقافي في كافة الميادين؛
ط- المساهمة في إغناء المعرفة و تقدم العلوم ، و اعتبار المجتمع عضوا فاعلا في عالم الحضارة ، لا مستوردا مستهلكا لإنتاج الآخرين ، قابعا في خانة التبعية الثقافية و العلمية فالحضارية؛
ي- المساهمة في حفظ أمن الوطن الاقتصادي ، و الاجتماعي ، و العسكري،و ذلك بالتبصر العلمي في كل ذلك.
هذه الغايات الكبرى ،هي جوهر مهمة الجامعة الفاضلة ، في كل مكان ، و هي مهمة "الجامعة العربية ".
الجامعة الوطنية العربية ، هي وسيلة مجتمعها الأولى ( تعطي المجتمع الثروة البشرية التي بها تقوم مؤسساته و تعمل)، و هي:
1-عقله المخطط؛
2- حافظ ثقافته،و مصهر الإبداع فيه؛
3- الأمينة على القيم المجتمعية ، الموحدة البناءة.
هي كذلك ، لأننا نؤمن أن الجامعة هي بصر المجتمع و بصيرته ، بواسطتها ينظر في أمره، و يحاول تدبر هذا الأمر.
و هل يمكن لأي مجتمع أن ينظر في أمره ، بعين مستعارة ، و أن يتدبر أمره بيد مستعارة ، و أن يحك جلده بغير ظفره؟!

دور الجامعة في إنتاج الثقافة

ما هي الثقافة؟
نترك لغيرنا أن يجيب على هذا السؤال. و لا ريب أن الأجوبة ستكون عديدة ، مختلفة  ( و ربما متباينة)، و لكنها - على الأرجح - لن تكون متناقضة ، و نستطيع أن نفترض أن مجموعة تلك الأجوبة - على تعدّدها - تشكل جوابا واحدا ؛ الجواب.
في [ اللغة] العربية "ثقف الحجر " صقله.
في الاجتماع البشري - نستطرد - ثقف الفرد: صقله ، ثقف الجماعة : صقلها.
نستطيع في هذا الإطار ، أن نكتفي بهذا الجواب ، و أن ننطلق منه.
ما هو إنتاج الثقافة ؟ هنا أيضا قد تكون الإجابات متباينة ، و لكن مهمتنا هنا أن نبسط الأمر و أن نتلمس في الأشياء عناصرها الأولى.
نرد إذن " إنتاج الثقافة " إلى عناصرها الأساسية التالية:
أ- الإحاطة بالمعارف البشرية في الآداب و الفنون و العلوم و التقنيات و بما يتصل بكل منها؛
ب- تعميم المعارف و نشرها بين الناس بحيث يصل بعضها إلى الأفراد القادرين على تلقي هذا البعض ، و بحيث يصل مجموع هذه المعارف ( بدون استثناء) إلى المتّحد البشري مجتمعا؛
ج- محاولة تأهيل كل فرد في المتحد لتلقي المعارف في المطلق ، و بعضها في الحصر.أي رفع قدرة كل فرد على تلقي المعرفة؛
د- نشر الوعي بين الناس ، بحاجة الفرد و المجتمع إلى الثقافة : أن تكون كائنا بشريا هو أن تعرف ، و إلا انحدر الفرد إلى كائن بيولوجي ، و إلا انحدر المجتمع إلى كائن بيولوجي فقط؛
ه- التخطِّي.أي الانتقال من حسن تلقي المعرفة المنقولة إلى إغناء هذه المعرفة بالإضافات الأصلية و المبتكرة.

دور الجامعة في البحث العلمي

 ما هو البحث العلمي؟
الإجابة عن هذا السؤال أسهل بما لا يقاس من الإجابة على السؤال حول ماهية الثقافة التي استوقفتنا.
البحث العلمي هو جزء من آلية الثقافة ( أو الانتاج الثقافي).إنه التخطي الذي أشرنا إليه.إنه الاستفادة من المعرفة الحاصلة لإغنائها و دفع حدودها إلى أوسع.
و لكن هل تحتاج الدول العربية للبحث العلمي؟
أوليس ترفا في الدول النامية ( الفقيرة)؟
و هل تستطيع الدول النامية منافسة الدول المتقدمة ( و الغنية) في مجال البحث العلمي؟
أليس من الأجدى ، اقتصاديا ، اللجوء إلى استيراد المعرفة و منتجاتها ( التكنولوجيا) بدل بذل الجهد في البحث العلمي و تطبيقاته؟
في مجال الإجابة ، نستعيد الأجوبة القديمة:
لا تختلف الدول العربية في هذا المجال ( مجال البحث العلمي) عن غيرها من الدول النامية.فالمجتمع يحتاج إلى وسيلة يستكشف بواسطتها ثرواته الطبيعية و البشرية ، و يستدل بواسطتها على سبل تثمير هذه الثروات.هذه الوسيلة هي البحث العلمي الوطني.
و البحث العلمي الوطني  ، هو البحث الذي يقوم به محليا علماء مبدعون في ميادينهم ، و مدركون أوضاع وطنهم و حاجاته. علماء لا يلمّون طبعا بكل حديث في كل ميدان ، و لكنهم قادرون على تقصي كل حديث ، قادرون على طرح الأسئلة و على تلقي الأجوبة.البحث العلمي الوطني هو الأداة الوحيدة القادرة على تمكين الوطن من مواكبة العصر.
أما الصلة بين البحث العلمي و بين حاجات المجتمع فيمكن التماسها في كل مجال : في الزراعة أو الصناعة كما في التربية و الإدارة ، أو في غير هذه و تلك.و يكفي أن نشير ، على سبيل المثال ، إلى أن نقل تقنيات الزراعة المستخدمة في فرنسا أو في أمريكا ، لا يجدي في حل مشاكل الزراعة العربية.فالظروف المناخية ، و البنية الاقتصادية ، و المستوى الثقافي - التربوي لدى المزارعين العرب ، تستوجب أقلمة [ أقْلَمه:جعله يتعود مناخا جديدا ] التقنيات المستوردة ، أو اختراع التقنيات المناسبة.
يكفي أن نضيف ، على سبيل المثال ، أن الأبحاث التربوية المستوردة و المعلّبة - على أهميتها - لا تصلح في الدول العربية إلا كدليل أولي ( أو كنموذج) للأبحاث التربوية الوطنية. و هل تصلح الدراسات الصحية في السويد أساسا لتدابير صحية عربية؟ أو هل تصلح إدارة الضمان الاجتماعي هناك ، لنسخ إدارة مماثلة لها هنا؟
من يتولى هذه المهام؟
يخترع المجتمع عادة ، الوسائل العديدة لتلبية هذه الحاجات.يقيم مجلسا وطنيا للبحوث العلمية ، يقيم معهدا للبحوث الصناعية ، يقيم مختبر الصحة المركزي ، يقيم مؤسسات الدراسات السياسية ( الاستراتيجية) أو مراكز للبحوث الاجتماعية،..
ولكن من يتأمل في كل هذه المؤسسات ( و كلها موجودة في معظم الدول العربية)، يلاحظ أن الجامعة هي النبع، [الذي] تغرف منه كل المؤسسات.و بدون الجامعة ، كبؤرة علمية ، تضطرب أمور هذه المؤسسات إلى حد لا يحتمل.
و إذا كان لأي كان أن يساهم في أي من هذه الأعمال ، فإنه غير مطالب بذلك و لا مسؤولية عليه إن لم يفعل.و لكن الجامعة تبقى ، في هذا المجال ، في وضع فريد:إن عليها أن تساهم في بعض أو كل هذه الأعمال ، إنها مطالبة بذلك ، تقع عليها المسؤولية إن لم تفعل.

دور الجامعة في عملية الإبداع

قد يشتطّ بعض المغالين بحماسهم للبحث العلمي ، فيحسبون أنه و الإبداع صنوان.و لكننا لا نشارك هؤلاء فيما يذهبون إليه.
قد يكون في ممارسة بعض البحث العلمي ، بعض من الإبداع ، و لكن لا يجيز لنا ذلك أن نخلط بين الاثنين.
و مع أننا نستعمل كلمة البحث العلمي بمعناها الواسع ، الذي يشمل البحث الأدبي و الحقوقي و الفقهي.فإننا لا نستطيع المقارنة بين أبي نواس و بين دارس أبي نواس[ ت 199ه/813م] ، و لا بين انشتاين[ Einstein(1879-1955)] ( الرمز) و بين تلامذته الكثر ، و حتى لو كانوا علماء.
البحث العلمي منهجية و تقنية ، و قد يكون فيه الإبداع أيضا ، و لكن ليس عليه - في العرف السائد - أن يكون إبداعا.
هذه الملاحظات تبرر في نظرنا ، أن نخصص لعملية الإبداع فقرة خاصة ، تلي فقرة البحث العلمي ، دون أن يكون في ذلك تكرارا.
دور الجامعة في الإبداع ، دور ثانوي ، إذا اعتبرنا أن الإبداع حر من كل قيد، و هو كذلك.إنه لا يفترض شهادة مهما دنى مستواها في هرم الشهادات ، و هو في الأساس لا يفترض معرفة محددة بالنوع أو بالكمية.و هو بالتالي لا يشرق في مكان معين دون سواه.نكاد نقول ، مبدئيا ، إن لا علاقة سببية بين الجامعة و الإبداع.و لكننا نؤكد أن الإبداع لا ينبثق من فراغ ، و لا نعرف مبدعا تخطى الموروث دون اختزانه.
نسوق ، للدلالة على ذلك قصة أبي نواس ، الذي قصد يافعا شاعرا مشهورا هو " والبة بن الحباب"[170ه/786] ، و قال له ما معناه : " أريد أن أصبح شاعرا".فقال "والبة ، و قد توسم فيه النباهة :" اخرج إلى البادية ، و احفظ ما قالته العرب".ففعل أبونواس ، و حفظ من أعراب البادية ديوان العرب في يومه.و بعد سنة أو تزيد عاد إلى "والبة" وقال :" لقد حفظت ما قالته العرب" ، أجاب والبة :" انس ما حفظت ، و اقرض الشعر".ففعل أبو نواس ذلك ، و كان من كان في الإبداع و التخطي.
تدلنا هذه القصة إلى أن للجامعة في الإبداع دورا هاما ، و إن لم يكن ملزما.
ما نود قوله ، في كل ما تقدم ، هو أن على الجامعة أن تقدم لمجتمعها المعرفة التي لا بد أن تسبق كل إبداع.على الجامعة أن تكون البؤرة الثقافية التي تحث على الإبداع.على الجامعة أن تسهم في خلق المناخ الملائم لعملية الإبداع.
و لكن الجامعة لا يمكن أن تلعب هذا الدور ، إن لم تع أنّ عليها أن تكون كذلك..
***
المرجع: د.حافظ قبيسي- التعليم العالي العربي: بين حق المواطن في العلم و حق الوطن في النخبة- عالم الفكر- المجلس الوطني للثقافة و الفنون- الكويت- المجلد الرابع و العشرون- العددان الأول و الثاني- أبريل/يونيو 1995- ص ص 69-74.


الأحد، 9 سبتمبر 2018

مهار ات جامعية أساسية ( الجزء الثاني)، و يتناول مجموعة من المهارات الأساسية الخاصة (مهارات عملية و تطبيقية، و مهارات البحث، و مهارات الكتابة

مهار ات جامعية أساسية ( الجزء الثاني)، و يتناول مجموعة من المهارات الأساسية الخاصة (مهارات عملية و تطبيقية، و مهارات البحث، و مهارات الكتابة


في الجزء الأول من هذا المقالن كنا قد تناولنا المهارات الجامعية العامة الأساسية، و تحدثنا أيضا عن أحد أنواع المهارات الجامعية الخاصة (مهارات اكتساب المعرفة).
فيما يلي،أي في هذا الجزء الثاني و الأخير من المقال، سنتعرف على مهارات أساسية خاصة أخرى، يحتاجها طلاب الجامعات.و يتعلق الأمر هذه المرة، بمهارات علمية و تطبيقية ( كمهارات: إصدار الأحكام، و تقييم الدليل، و التعبير..)؛ ومهارات البحث (مثل الوصول إلى المعلومات، و التفكير التحليلي، و التفكير النقدي ، وصياغة المفاهيم، و المقارنة، و طرح الفرضيات..)؛ و مهارات كتابية (كمهارة التوضيح و التوسع، و مهارة التلخيص، و مهارة عرض المعلومات، و مهارة خلق التتابع و التسلسل..).
مهارات جامعية أساسية
(الجزء الثاني)

ثالثا: مهارات عملية و تطبيقية

1- مهارة إصدار الأحكام ( أو الوصول إلى حلول):و هي تلك المهارة التي تستخدم لتطبيق معلومات معطاة ، و استنتاجات مقدمة ؛ من أجل الوصول إلى أحكام عامة أو حلول . أو أنها عبارة عن عملية ذهنية ، يتم من خلالها الوصول إلى أحكام ، بعد الأخذ في الحسبان جميع المعلومات المتوفرة؛

2- مهارة الاستنتاج:هي تلك المهارة التي تستخدم من أجل توسيع أو زيادة حجم العلاقات القائمة على المعلومات المتوفرة ، و الاستفادة من التفكير الاستدلالي أو التحليلي من أجل تحديد ما يمكن أن يكون صحيحا. أو إنها عبارة عن استخدام ما يملكه الفرد من معارف أو معلومات للوصول إلى نتيجة ما؛

3- مهارة تقييم الدليل:هي تلك المهارة التي تستخدم لتحديد فيما إذا كانت المعلومات تتمتع بصفات الدِّقة و الصدق و الموضوعية ، في آن واحد؛

4- مهارة القدرة على  التعبير بلغة التدريس:إن المعرفة الجيدة باللغة ، تمكّن الطالب من تدوين ملاحظات دقيقة و مختصرة ، مما يقوله الأستاذ المحاضر، و كذلك توفر عليه الوقت عند قراءة الكتب و المراجع الجامعية ( الورقية و الإلكترونية).كما تمكنه من التعبير، بطرق أخرى ، عن أفكاره كتابيا و شفويا..؛

5- مهارة اتقان اللغات الأجنبية:إن معرفة الطالب للغات الأجنبية (مثل الإنجليزية ، و الفرنسية، و الصينية، و الإسبانية،و الألمانية ، و التركية ..)،تساعده على التعمق في دراسة الدروس ، و إنجاز البحوث العلمية ، و التواصل مع المحيط و البيئة الاجتماعية الصغيرة و الكبيرة، و تفتح أمامه آفاق مستقبلية..

رابعا: مهارات البحث

1- مهارة الوصول إلى المعلومات: و هي تلك المهارة التي تستخدم من أجل الوصول بفعالية إلى المعلومات ذات الصلة بالسؤال أو المشكلة المطروحة؛

2- مهارة التفكير التحليلي: و هي مهارة تساعد الطالب على تجزئة المادة التعليمية إلى عناصرها الأساسية أو الثانوية ، و إدراك ما بينها من علاقات أو روابط ، مما يساعده على فهم بنيتها و العمل على تنظيمها ( أو إعادة تركيبها) في مرحلة لاحقة؛

3- مهارة التفكير التركيبي:و هي على عكس المهارة السابقة ( مهارة التفكير التحليلي)؛ إذ تقوم على البحث عن العناصر المشتركة بين مكونات المادة التعليمية( أو موضوع الدراسة ) ، وضع أجزائها مع بعضها البعض ، في قالب واحد أو مضمون واحد( يحتاج الطالب إلى هذه المهارة ، مثلا ، في الإجابات على الأسئلة التركيبية..التي تنطوي على إشكاليات معقدة..)؛

4- مهارة التفكير النقدي:هذه المهارة هي عبارة عن القدرة على تقييم و قياس و الحكم على الآراء و الأفكار و المعتقدات و القوانين و النظريات و الظواهر الاجتماعية..إلخ؛ لفحص دقتها و صلاحيتها و قيمتها الحقيقية، و عدم التسليم بأي شيء مهما كان مصدره ؛ إلا بعد تدقيقه و تمحيصه ، و إخضاعه لشتى أصناف الاختبارات ، لتقييم ما له و ما عليه؛

5- مهارة التصنيف:هي تلك المهارة التي تستخدم لتجميع الأشياء على أساس خصائصها و صفاتها ضمن مجموعات أو فئات ؛ أو إنها عبارة عن عملية عقلية يتم من خلالها وضع الأشياء معا ضمن مجموعات ، بحيث تجعل منها شيئا ذا معنى؛

6- مهارة صياغة المفاهيم و تطويرها:هي تلك المهارة التي تستخدم لتحديد الفكرة عن طريق تحليل الأمثلة الخاصة بها ؛ أو إنها عبارة عن عملية ذهنية تهدف إلى إيجاد تسميات و تصنيفات للأفكار؛

7- مهارة طرح الفرضيات و اختبارها:هي تلك المهارة التي تستخدم من أجل تشكيل أو طرح حلول تجريبية لمشكلة ( أو إشكالية) ما ، و اختبار فعاليتها ، و تحليل نتائجها ؛ أو إنها عبارة عن القيام باقتراح تخمينات( توقعات) أو تصورات جيدة لحل قضية ما، ثم العمل على فحص أو اختبار هذه التوقعات أو التصورات؛

8- مهارة المقارنة( اكتشاف أوجه الاتفاق و الاختلاف): إنها تلك المهارة التي نستعين بها ، لفحص شيئن أو فكرتين أو قرارين أو اختيارين أو موقفين..إلخ، لاكتشاف أوجه الشبه و نقاط الاختلاف.

خامسا:مهارات كتابية

1- مهارة التوضيح أو التوسع:و هي تلك المهارة التي تستخدم من تفصيل الأفكار و التوسع في شرحها، و جعلها أكثر فائدة و دقة و جمالا ، عن طريق التعبير عن معناها بإسهاب و تفصيل واضح.أو هي عبارة عن القدرة على إضافة تفصيلا جديدة للأفكار المطروحة،حتى لتصبح الفكرة البسيطة ، عميقة و مهمة؛

2- مهارة التلخيص و الاختصار( أو مهارة التفكير التجميعي): و هي تلك المهارة ، التي يتم بوساطتها تقليل عدد الأفكار المطروحة ، و اختزالها أو اختصارها في فكرة واحدة أساسية ، أو فكرتين اثنتين تمثلان الجوهر و الأفضل و الأدق و الأكثر فائدة لحل المشكلة ( أو الإشكالية) المطروحة؛

3- مهارة عرض المعلومات بيانيا أو على شكل رسوم و أشكال:و هي تلك المهارة التي تستخدم للتعبير عن الحقائق و المعطيات الكيفية أو الكمية ، بأشكال و بيانات و رسوم توضيحية ، من أجل توضيح أن العناصر و المعطيات و الأفكار و مختلف أنواع المعلومات،مترابطة بشكل دقيق ، و ذلك عن طريق استخدام الجداول و المعادلات و الأشكال و الرسوم و الأعمدة و الدوائر و الرموز..و ما إلى ذلك؛

4- مهارة خلق التتابع و التسلسل:هي تلك المهارة التي تستخدم من أجل ترتيب الحوادث أو الفقرات أو المحتويات ، بطريقة منظمة و دقيقة ؛ أو إنها تعني وضع الأفكار بتنظيم محدد يتم اختياره بعناية فائقة؛

5- مهارة التعميم:و هي تلك المهارة التي تستخدم لبناء مجموعة من العبارات أو الجمل ، التي تشتق من العلاقات بين المفاهيم ذات الصلة ؛ أو إنها عبارة عن بناء جمل أو عبارات واسعة (فضفاضة)، يمكن تطبيقها في معظم الظروف و الأحوال..

***
و بعد، فهذه بعض المهارات الأساسية التي يحتاجها الطالب الجامعي ..و هناك مهارات أخرى ، لا يتسع المجال لذكرها هنا ، فهي كثير و متنوعة ، تختلف من كلية إلى أخرى ، حسب التخصص الذي يطلبه الطالب في هذه الكلية أو تلك:فالطالب الذي يدرس الطب ، تكسبه كلية الطب المهارات التي تؤهله لممارسة مهنة الطب ، و الطالب الذي يدرس القانون ، تدربه كلية الحقوق( من حيث المبدأ العام) - أو تتيح له فرصة التدرب - على المهارات التي تجعله قادرا على التعامل مع القوانين و تطبيقها..و قس على ذلك بالنسبة لكل أصناف الطلبة.
و أخيرا و ليس آخر، يمكن لمن يريد التوسع في دراسة هذه المهارات أن يراجع كتاب الدكتورة دودت أحمد سعادة، بعنوان " تدريس مهارات التفكير( مع مئات الأمثلة التطبيقية)"، من نشر دار الشروق بعمان( الأردن)، سنة 2007.و بالله التوفيق.

مهارات جامعية أساسية:بعضها عامة، تستعمل في الكثير من الأعمال و الأنشطة الجامعية( كإدارة الوقت، و التفكير الفعال،و تحديد الأولويات..)؛ ومهارات أساسية خاصة،كتلك التي تستعمل لاكتساب المعرفة( مثل تلك المتعلقة بتدوين الملاحظات، و الاستماع و القراءة بتركيز، و تنظيم الدراسة..).

مهارات جامعية أساسية:بعضها عامة، تستعمل في الكثير من الأعمال و الأنشطة الجامعية( كإدارة الوقت، و التفكير الفعال،و تحديد الأولويات..)؛ ومهارات أساسية خاصة،كتلك التي تستعمل لاكتساب المعرفة( مثل تلك المتعلقة بتدوين الملاحظات، و الاستماع و القراءة بتركيز، و تنظيم الدراسة..).


إن النجاح في الحياة الجامعية، يحتاج إلى الكثير من المهارات، بعضها أساسي و بعضها الآخر ثانوي.
و تنقسم المهارات الأساسية التي يحتاج كل الطلبة إلى معرفتها، تنقسم إلى قسمين:مهارات أساسية عامة، و مهارات أساسية خاصة.
فالمهارات الأساسية العامة،هي تلك التي يستعملها الطلبة، في الكثير من أعمالهم و أنشطتهم،كمهارات: إدارة الوقت، و التفكير الفعال،و التفكير الإبداعي،و تحديد الأولويات، و تحديد العلاقة بين السبب و النتيجة،..و غيرها.
أما المهارات الأساسية العامة، فهي كثيرة و متنوعة، سنقصر حديثنا هنا، عن نوع واحد منها، ألا وهي المهارات الأساسية لاكتساب المعرفة،مثل: تدوين الملاحظات أثناء الاستماع، و التركيز أثناء الاستماع و القراءة،و طرح الأسئلة، و التنظيم، و التذكر، ..و غيرها. 
مهارات جامعية أساسية
(الجزء الأول)
للجامعة كما رأينا، في مقالات سابقة ، وظائف كثيرة ، و أهداف متعددة ، من أهمها إكساب الخريج الجامعي مهارات و كفايات أساسية ، غير تلك التي يحتاجها في التعليم " قبل الجامعي".
و بالفعل،  فالتعليم الجامعي ، أو التعليم العالي بصفة عامة ، لا يقتصر دوره ، و لا تنحصر أهدافه ، في تمكين المتعلم من حيازة المعرفة و المهارات العقلية و اليدوية ، و إنما تتجاوز ذلك إلى الاهتمام بتنمية درجات المرونة ، و سرعة التفكير و الإبداع ، و تنمية مهارات التعلم من خلال الخطأ و الصواب، و القدرة على الحكم السليم على الأشياء و الأشخاص و الظواهر و الأحداث ، و إصدار القرارات الصائبة و الأحكام الموضوعية العادلة ، و الإحساس بوحدة المعرفة البشرية ، و ربط العلوم الدقيقة ( كالرياضيات و الفيزياء و الكيمياء..) بالعلوم الانسانية( التاريخ، و الآداب..) و العلوم الاجتماعية ( القانون، و الاقتصاد، و علم الاجتماع..)، و القدرة على التحصيل و التعليم الذاتي( أي الوصول الذاتي إلى مصادر المعرفة الأصلية )، و من ثم توظيفها في حل المشاكل الشخصية و الاجتماعية ، و القدرة على طرح الأسئلة ، و عدم الاستسلام لوهم البساطة الظاهرة أو الوعي الزائف..إلخ.
و من أهم هذه المهارات الأساسية ، التي تعتبر ضرورية للنجاح في الحياة الجامعية ، بل و الحياة ككل ، ما يعرف بمهارات التفكير و التنظيم ، و التي يمكن تعريفها بأنها:" تلك العمليات العقلية التي نقوم بها من أجل جمع المعلومات و حفظها و تخزينها ، و ذلك من خلال إجراءات التحليل و التخطيط و التقييم و الوصول إلى استنتاجات و صنع القرارات ". و هناك تعريف آخر لهذه المهارات ، يعرّفها على أنها:" عبارة عن عمليات عقلية محددة نمارسها عن قصد في معالجة المعلومات و البيانات لتحقيق أهداف تربوية متنوعة تتراوح  بين تذكر المعلومات و وصف الأشياء و تدوين الملاحظات،..و تقييم الدليل و حل المشكلات و الوصول إلى استنتاجات "[1].
و من خلال هذين التعريفين لمهارات التفكير و التنظيم ، يتبين لكم؛ أنها تنطوي أو تتفرع إلى مهارات عديدة و متنوعة ، بعضها مهارات عامة ، و بعضها الآخر، مهارات خاصة باكتساب المعرفة ،  و طرق البحث عنها ، و التعبير الكتابي و الشفوي..إلخ، و غيرها من المهارات التي يحتاجها الطالب الجامعي للنجاح في حياته الجامعية أولا، ثم في حياته المهنية أو الخاصة لاحقا ؛ و هي المهارات التي سنحاول التعرف عليها ، بإيجاز ، فيما يلي.

أولا: مهارات أساسية عامة

نسميها مهارات "عامة"، لأن الطلبة الجامعيون ( و غيرهم)، يستعملونها في مزاولة الكثير من الأعمال و الأنشطة الجامعية (و غيرها)، على عكس المهارات الخاصة أو المتخصصة، التي تستعمل في بعض الأنشطة أو الأعمال دون غيرها. و من أهم المهارات الأساسية العامة،ما يلي:

1- مهارة إدارة الوقت: و هي المهارة التي تستخدم من أجل الحصول على أفضل استغلال للوقت؛

2- مهارة التفكير الفعال: و التفكير الفعال ، هو ذلك النوع من التفكير الذي تُتّبع فيه المنهجية السليمة و المحددة- حسب نوع العمل أو النشاط المراد إنجازه -، و تستخدم فيها أفضل المعلومات من حيث دقتها و كفايتها؛

3- مهارة التفكير الإبداعي ( أو الأصيل): إذا كان الإبداع هو " القدرة على إنتاج شيء جديد ، أو إيجاد حل جديد لمشكلة ما"؛فإن التفكير الإبداعي أو الأصيل ، يمكن تعريفه ، على أنه " نشاط عقلي مركب ، بطرق جديدة أو غير مألوفة أو استثنائية ، يستعمل من أجل التوصل إلى أفكار ذكية أو فريدة من نوعها ، أو بهدف البحث عن حلول أو التوصل إلى نتائج لم تكن معروفة من قبل "؛

4- مهارة حل المشكلات:هي تلك المهارة التي تستخدم لتحليل و وضع استراتيجيات ، تهدف إلى حل سؤال صعب أو موقف معقد ، أو مشكلة تعيق التقدم في جانب من جوانب الحياة ، أو إنها عبارة عن إيجاد حل لمشكلة ما تواجه الفرد أو الجماعة؛

5- مهارة تحديد الأولويات:هي المهارة التي يتم عن طريقها وضع الأشياء أو الأمور في ترتيب معين ، حسب أهميتها؛

6- مهارة تحديد العلاقة بين السبب و النتيجة:هي تلك المهارة التي تستخدم في تحديد العلاقات السببية بين الأحداث المختلفة ، أو إنها تلك العملية الذهنية التي تبين كيف أن شيئا يكون سببا لآخر؛

7- مهارة تطبيق الإجراءات: و هي المهارة التي تستخدم لفهم و تطبيق خطوات معقدة في ضوء عناصرها أو أجزائها المتعددة ؛ أو إنها عبارة عن تعلم عمل شيء ما أو القيام بعمل معين بدقة عالية ، بحيث يصبح من غير الضروري التفكير كثيرا في تلك الخطوات أثناء القيام بها ، نظرا لأن تطبيقها أو تنفيذها أصبح يتم، في الواقع ، بشكل اعتيادي.

ثانيا: مهارات اكتساب المعرفة

1- مهارات تدوين الملاحظات: هي تلك المهارة التي تستخدم في التقاط الأفكار و المعلومات المهمة ، و تسجيلها بشكل مختصر و واضح ، أثناء المحاضرة أو عند قراءة كتاب أو مقال ، أو مراجعة موقع إلكتروني..إلخ؛

2- مهارة التركيز( ضبط و توجيه الانتباه):هي تلك المهارة ، التي نستعملها من أجل التحكم و ضبط المستويات المختلفة للانتباه ؛ أو إنها عملية الانتباه لما يقال أو يناقش أو يعرض من معلومات أو أفكار أو أراء أو معارف ( أثناء المحاضرة ، أو العرض ، أو الندوة ، أو الشرح على السبورة..إلخ)؛

3- مهارة الإصغاء النشط:هذه المهارة تتفرع عن المهارة السابقة،أو هي إحدى " أدوات " مهارة التركيز،و تتمثل في الانصات بعناية فائقة، من أجل الحصول على المعلومات؛

4- مهارة الملاحظة النشطة: و هي مهارة مساعدة أو فرعية،تندرج هي الأخرى ضمن مهارة التركيز، و تستخدم من أجل اكتساب المعلومات عن الأشياء و القضايا أو الأحداث أو أنماط سلوك الأشخاص ؛ و ذلك باستخدام الحواس المختلفة ، أو إنها عبارة عن بذل المزيد من الاهتمام بشيء ما؛

5- مهارة طرح الأسئلة:هي المهارة التي تستخدم لدعم نوعية المعلومات أو المعرفة المكتسبة ، من خلال طرح الأسئلة الجيدة ، و صياغة الأسئلة الدقيقة و الفعالة؛

6- مهارة التنظيم المتقدم: و هي عبارة عن النظرة السريعة إلى الأمر أو الشيء أو الموضوع أو الحدث كله، في نظرة شمولية ، من أجل فهمه فهما شموليا جيدا (و لا يتحقق ذلك إلا من خلال الربط و التنظيم بين المعطيات و المعلومات..المتعلقة بالحدث أو الفكرة أو الموضوع أو الشيء..إلخ)؛

7- مهارة التذكر:هي تلك المهارة التي تستخدم من أجل ترميز المعلومات و الاحتفاظ بها في الذاكرة طويلة المدى، أو إنها عبارة عن عملية تخزين المعلومات في الدماغ  من أجل استخدامها لاحقا.

 ***
المهارات الأساسية الأخرى ، سنتعرف عليها لاحقا، في الجزء الثاني..إن شاء الله تعالى.



[1] د.دودت أحمد سعادة- تدريس مهارات التفكير ( مع مئات الأمثلة التطبيقية)- دار الشروق- عَمّان 2003- ص 45.


السبت، 8 سبتمبر 2018

من الثانوية إلى الجامعة: ما يشترط في الطالب الجامعي

من الثانوية إلى الجامعة: ما يشترط في الطالب الجامعي



 الانتقال من الثانوية إلى الجامعة:ما يشترط له في الطالب الجامعي

بالنسبة للكثير من الطلبة الجدد ، يمثل الانتقال من الثانوية إلى الجامعة،تجربة صعبة تختلف عن كل ما عرفوه سابقا في حياتهم،فهم يشعرون بأنهم خرجوا من " الحضن العائلي" و "الحصن المدرسي "، اللذين كانا يوفران لهم الأمن و الأمان.أما بعد اجتياز أسوار الكلية ، فتغمرهم ( الطلبة الجدد ) موجات من الأحاسيس و المشاعر المتضاربة ، التي تختلط فيها الأحلام بالكوابيس ، و تختلط فيها مشاعر الاعتزاز بما أنجزوه في المرحلة قبل الجامعية ، بمشاعر الخوف و القلق بما ينتظر منهم إنجازه في الجامعة.
ذلك أن الالتحاق بالجامعة ، قد يكون هو أول مناسبة بالنسبة للكثير من الطلبة، ليشعروا بأنهم أصبحوا مسؤولين عن أنفسهم و عن مستقبلهم،بعدما كانت أسرهم و مدارسهم أو ثانوياتهم ، تتكلف بكل شيء، و تتحمل عنهم أعباء المسؤولية:فكان أولياء و أساتذة التلاميذ مسؤولين  عن طعامهم، و شرابهم، و ملبسهم،  و كتبهم،.. و عن تنظيم أوقات " عملهم" ..وراحتهم إلخ. و ها هم الطلبة الجدد ، بمجرد الالتحاق بالجامعة، يصبحون أقرب من ذي قبل، إلى هموم العمل و التفكير في المستقبل ،و الاستقلال المالي، و بناء أسرهم، و ما إلى ذلك من الأفكار التي لم يكن ليسمح لهم بأن يزعجوا أنفسهم بالتفكير فيها،عندما كانوا تلاميذ في الثانوية.
و لعل "ما يزيد  الطين بلة"، كما يقال، أن كل هذه " الهموم" و الإحاسيس و المشاعر المرتبطة بالمسؤوليات ، لا تأتي بشكل متدرج ، بل هي أعباء تلقى على كاهل الطالب، كل طالب جامعي جديد؛ دفعة واحدة، دون أن يكون قد هيء لذلك ، في الكثير من الأحيان!!
و من الحقائق الكبرى التي يكتشفها الطالب الجامعي المسكين،و التي قد تبعث في نفسه الكثير من القلق و التردد ؛ أن النجاح في الدراسة الجامعية ، يحتاج الكثير من المؤهلات المادية و المعنوية ، و على رأسها الرغبة الصادق و الحقيقية و القوية في طلب العلم و النجاح فيه ، بما يعنيه ذلك و ما يتطلبه من عمل جاد و صبر و نكران ذات، فضلا عن شروط أخرى تتعلق بالتنظيم و التخطيط.
إن إدراك هذه الحقائق من طرف الطالب الجديد، قد يصيبه بالرعب أحيانا، و قد يكون باعثا على اليأس و الإحباط لديه، أكثر من الأمل و الحماس، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك ضغوطات الحياة الطلابية الروتينية أحيانا(رتابة الحياة الجامعية، اكتظاظ المدرجات،المشاكل المتعلقة بوسائل النقل، و المطعم و الملبس و المسكن..إلخ). كل هذه الحقائق المزعجة، لا يلبث الطالب أن يدركها و يحس بضغطها، لاسيما  و أنه لم يتم إعداده في معظم من الحالات ، في الأسرة و لا في الثانوية ، لمواجهة هذه الأوضاع الجديدة و التعامل معها.
بل كل هذه العوامل ، و غيرها كثير ، تستنزف قوة الطالب الجسدية و المعنوية، فتزداد مخاوفه، و تضعف إرادته،و تتوقف قدرته عن التحصيل العلمي و الاستيعاب ، بل قد يصبح عاجزا عن الاستفادة حتى من معارفه و ثقافته السابقة و خبراته الماضية.
فالكثير من الطلبة أتوا إلى الجامعة ، ليس عن رغبة حقيقية في التعلم الجامعي، و بعضهم اختار الدراسة الجامعية ( و اختار هذه الكلية أو المعهد أو المدرسة أو تلك..من مؤسسات التعليم العالي)، ليس انطلاقا من محبة أو اقتناع بهذا النوع من الدراسات أو تلك ، و إنما لأسباب عائلية ، أو تقليدا لبعض الأصدقاء،أو لغيرها من الأسباب التي لا تمت بصلة للتعليم الجامعي.مثل هؤلاء الطلبة يجب أن يراجعوا أنفسهم، خلال الأسابيع الأولى بعد الالتحاق بالجامعة ، و يقفوا وقفة مكاشفة حقيقية مع عقولهم ؛ ليحددوا ما إذا كانوا راغبين و قادرين على متابعة الدراسة في الجامعة أم لا؟
حقا ، يجدر بكل طالب جامعي جديد أن يسأل نفسه :ماذا أريد ؟ و هل ما أريده ، موجود في الجامعة ؟ و في الجامعة فقط؟..؟
لربما، يجب القول بكل موضوعية و أمانة و صراحة ، أن الكثير من الطلاب الجدد ، ليسوا قادرين أو راغبين ، في خوض تجربة الدراسة الجامعية..لأنه تنقصهم المؤهلات و المستوى العلمي المطلوب أو المصادر المالية..أو غيرها من الشروط الأخرى؛لأنه شئنا أم أبينا، لا بد من الاعتراف بأن " التعليم الجامعي" لا يناسب جميع الناس، كما أن جميع الناس لا يناسبون التعليم الجامعي"؛ إذن هناك مجموعة شروط،أولية و أساسية، يجب أن يفي بها( يستوفيها) الطالب الجامعي ، و من أهمها:
أ- أن تكون لديه رغبة حقيقية في التعليم الجامعي؛
ب- أن يكون متوفرا على مستوى معين من التعليم ،لا يقل عن الحد الأدنى المطلوب في التخصص الذي يرعب في دراسته؛
ج- أن يتقن لغة التدريس تكلما و كتابة (إذ سيتلقى محاضرات و دروس، و سيطلب منه تقديم تقارير ،و إعداد عروض ..و المشاركة كتابيا و شفويا..في الكثير من الأعمال و الأنشطة الجامعية)؛
د- أن يتمتع بصحة جيدة، و أن تكون له الموارد المالية الكافية،..؛
ه- أن يكون لديه الوقت الكافي لمتابعة الدراسة الجامعية ( و التفرغ ، و لو نسبيا، لطلب العلم).
و هذه شروط مهمة، بل لعلها هي الأهم، و لكن هناك شروط أخرى غيرها، تختلف من مجتمع إلى آخر، و من جامعة إلى أخرى ، و لكننا هنا اكتفينا بذكر الحد الأدنى أو الأساسي منها، الذي يجب على كل طالب جامعي، أن يستوفيه؛و إلاّ فمن الأفضل له أن يسلك مسارا آخر، يؤدي به إلى مستقبل آخر، قد يكون بالنسبة إليه، أحسن بكثير ، و بذلك يكون قد كسب الوقت و الجهد.و بالله التوفيق.


كيف تقيّم المعلومات المنشورة في الأنترنيت


   كيف يتم تقييم المعلومات المنشورة في الأنترنيت؟..

أجل..ليس كل ما ينشر في المواقع الإلكترونية جدير بالثقة..و الباحث، مطالب باتخاذ أقصى الاحتياطات حتى لا يجد نفسه ينقل عن مصادر غير موثوقة..بل و مضللة أحيانا.         فما هي المعايير التي يمكنه الاستعانة للاهتداء إلى المواقع ذات المصداقية، و  التحقق من صحة المعلومات المنشورة فيها؟

كيف تقيّم المعلومات المنشورة على الأنترنيت..؟
قبل ربع قرن،..كانت مشكلة الطالب/ الباحث الأساسية؛ هي العثور على المعلومات..،أما اليوم فمشكلته الكبرى هي التحقق من قيمتها العلمية:فلقد أصبحت غزيرة و متنوعة، و مجانية في أغلب الأحيان.. ، و لكن من الصعب التحقق من مصداقيتها.و أعني هنا بالضبط المعلومات المتاحة في الإنترنيت.
إن وجود المعلومات على الأنترنيت ، ليس دليلا على أنها صحيحة أو دقيقة، فالمواقع تشبه الصحف أو القنوات الفضائية، يمكن أن يؤسسها كل فرد أو جماعة من الأفراد، يملكون بعض المال و المعرفة بعالم الكمبيوتر و الأنترنيت ، و سوق الإعلانات؛ لينشروا ما شاءوا ، بدون حسيب و لا رقيب، تقريبا.
إن " الأنترنت كالسوق الكبير أو كالمعرض الهائل للمعلومات". بمعنى أنك ستجد فيه كل أصناف المعلومات: الموثوقة و  الحقيقية والمفيدة، جنبا إلى جنب مع المعلومات الخاطئة و المزيفة و الوهمية أو  الخيالية أو المسروقة و المضللة.و لهذا يجب على الباحث أن يتحرى قدر استطاعته، حتى لا يخلط "الحابل بالنابل و الصالح بالطالح".و هناك، عدة مؤشرات/معايير قد يستعين بها الباحث، للتحقق من مصداقية الموقع و المعلومات المنشورة فيه،منها، على سبيل المثال لا الحصر:
-1إذا تم نشر الوثيقة أو المقال.. ضمن موقع مجلة أو جريدة معروفة ، أو موقع جامعة مرموقة، أو مركز للبحوث مشهور، أو مؤسسة محترمة (حكومية أو غير حكومية)؛ فهذا قد يؤشر على مصداقيتها.فهذا النوع من المواقع ، تخضع المقالات المنشورة لقراءة علمية نقدية، أو مراجعة- من قبل خبير أو أكثر،أو على الأقل من طرف إدارة الموقع-، في موضوع المادة المراد نشرها، لكي يتم التأكد من جودة المعلومات ،و من ثم إجازتها للنشر؛
2- يُؤَمِّن الكثير من المؤلفين معلومات على الشبكة كخدمة عامة و مجانية.و قد يكون هؤلاء المؤلفون مدعمون من قبل منظمات غير ربحية(هيئات و منظمات خيرية، أغلبها دينية تبشيرية...مثلا)؛ ففي حالة، مثل هذه، يجب التسلح بالشك و الحذر:فقد تكون المواد المنشورة في هذا الموقع، بدون أدنى قيمة علميةن بل قد تكون مضللة؛
3-و في المقابل،فإن الخدمات غير المجانية،غالبا ما تكون ذات مصداقية،لأنه يكون من ورائها جهات معروفة، تريد تحقيق الربح، و مستعدة لتحمل مسؤولياتها القانونية ،و الأخلاقية، و التجارية، عما ينشر فيها، لحماية سمعتها (مثل الكثير من دور النشر، و الجامعات، و وسائل الإعلام). من هنا، يجب عليك أن تتأكد من هوية مؤلف المادة العلمية، و قبل ذلك من الجهة المديرة أو المالكة للموقع، فقد يساعدك ذلك على معرفة الدافع وراء نشر المادة أو المعلومات:يمكنك أن تفعل ذلك بإدخال اسم المؤلف، في خانة البحث في أحد المحركات( غوغل،مثلا)، لتحصل على بعض المعلومات عنه، و عن مؤهلاته، و مؤلفاته، و منشوراته على المواقع الإلكترونية؛
4-و لمعرفة الجهة التي تدير أو تمتلك الموقع؛ يمكنك أن تستعين بالمعلومات التي يوفرها الموقع نفسه على الصفحة الرئيسية أو صفحة الاستقبال(La page d’accueil). كما أن كثيرا من المواقع تتضمن  ارتباطات تحت عناوين   (من نحن ؟)أو(About Us) أو (Company Info)، التي يمكن بالنقر عليها الحصول على الكثير من المعلومات عن الشخص أو الجماعة أو الشركة أو الجهة المالكة/المديرة للموقع؛
5- بعد أن تكون قد تأكدت من هوية المؤلف (هل هو شخص حقيقي أم وهمي ؟، و هل له الصفات أو المؤهلات التي يدعيها؟..)، عليك أن تتأكد من أنه مؤهل للكتابة حول الموضوع المعني.فهب أنه أستاذ جامعي، فهل كل أستاذ جامعة مؤهل  للكتابة حول كل موضوع بنفس المستوى من العمق و الاتقان؟
6-و هناك، الكثير من المؤشرات التي قد تعينك على تقييم الأعمال المنشورة بصفة عامة، و خاصة تلك المنشورة في الأنترنيت، و التأكد من صحة نسبتها إلى "مؤلفها"، أو أن مؤلفها "المزعوم"، يتوفر على مؤهلات علمية حقيقية، تؤهله للكتابة في موضوع معين.منها على سبيل المثال:إذا كانت صياغة المقال ركيكة، و كان مليئا بالأخطاء الإملائية و النحوية، و المغالطات العلمية،و  يجهل أو يتجاهل قواعد/أخلاقيات الأمانة العلمية..إلخ؛ فعليك أن تفكر أكثر من مرة قبل أن تعتمده كمصدر للمعلومات؛
7-كما  إن تحيين أو تجديد المعلومات( la mise à jour ) ، يعتبر مؤشرا مهما على مصداقية الموقع و أمانته،و احترامه لزواره ؛
8-إذا كان أصل العمل منشورا ، في نسخة ورقية، فعليك أن تتأكد أن النسخة الإلكترونية لا تتناقض مع النسخة الورقية. أما فيما يخص اختبار صدق المعلومات، فيمكن الاستعانة ببعض المواقع المنافسة..أو حتى مراجعة مصادر أخرى للمعلومات، كالكتب و الدوريات؛
9- كما يمكنك أن تعتمد على بعض الموسوعات الإلكترونية، و أشهرها "ويكيبيديا". و لقد احتلت هذه الموسوعة، في سنة 2005، الرتبة الثانية بعد الموسوعة البريطانية ، من حيث عدد الزوار، و من حيث قلة الأخطاء.غير أن أخطاءها المقصودة أحيانا، فيما يتعلق بعالمنا الإسلامي، كثيرة..فاحذر !
10- و يمكن، لإجراء هذه المقارنة، الاعتماد على بعض المواقع ذات السمعة الطيبة أو المشهود لها بالمصداقية (المنظمات الدولية:كالأمم المتحدة و منظماتها الفرعية مثل اليونسكو.أو منظمات أخرى مثل الصليب الأحمر). أو المواقع الحكومية فيما يخص المعطيات و المعلومات غير السياسية، ثم مواقع بعض الجامعات،في القضايا و المواضيع التي تحظى باهتمامها،..و هكذا.
 و الحاصل هنا، أنه ، لا يجب على الطالب/الباحث -و أعني أيضا الطالبة/الباحثة- أن يكون ساذجا ، يصدق كل ما يلقى إليه،بل عليه أن يعمل بالمثل القائل" من الحكمة سوء الظن".و يجب ألا  يمل من طرح الأسئلة حول ما يجد في الأنترنيت: "هل هذا صحيح؟ "،و " هل هذا معقول؟"، و " هل هذا علم أم دعاية؟" ، و " من المستفيد من كل هذا؟"..؟ .و قد لا تكون هناك قاعدة أو قواعد عامة صحيحة مائة بالمائة، يمكن الاسترشاد بها،  لرفض أو قبول محتويات موقع معين، إلا أن أغلب الباحثين يعتمدون على معيارين اثنين في قياس مصداقية و موثوقية الموقع هما:مصداقية صاحب الموقع، و تحيين المعلومات؛ فـ"..حين يكون الموقع متصلا بجامعة أو مركز أبحاث أو  جهة رسمية، و يجري تجديد [تحيين]معطياته على نحو شفاف، يصح اعتباره مصدرا، و قبول مادته باعتبارها مصدرا أو مرجعا.و ما عدا ذلك فيشوبه الحذر".