كيف يتم تقييم المعلومات المنشورة في الأنترنيت؟..
أجل..ليس كل ما ينشر في المواقع الإلكترونية جدير بالثقة..و الباحث، مطالب باتخاذ أقصى الاحتياطات حتى لا يجد نفسه ينقل عن مصادر غير موثوقة..بل و مضللة أحيانا. فما هي المعايير التي يمكنه الاستعانة للاهتداء إلى المواقع ذات المصداقية، و التحقق من صحة المعلومات المنشورة فيها؟
كيف تقيّم المعلومات المنشورة على الأنترنيت..؟
قبل ربع قرن،..كانت مشكلة الطالب/ الباحث الأساسية؛ هي العثور
على المعلومات..،أما اليوم فمشكلته الكبرى هي التحقق من قيمتها العلمية:فلقد أصبحت
غزيرة و متنوعة، و مجانية في أغلب الأحيان.. ، و لكن من الصعب التحقق من
مصداقيتها.و أعني هنا بالضبط المعلومات المتاحة في الإنترنيت.
إن وجود المعلومات على الأنترنيت ، ليس دليلا على أنها صحيحة
أو دقيقة، فالمواقع تشبه الصحف أو القنوات الفضائية، يمكن أن يؤسسها كل فرد أو
جماعة من الأفراد، يملكون بعض المال و المعرفة بعالم الكمبيوتر و الأنترنيت ، و
سوق الإعلانات؛ لينشروا ما شاءوا ، بدون حسيب و لا رقيب، تقريبا.
إن " الأنترنت كالسوق الكبير أو كالمعرض
الهائل للمعلومات". بمعنى أنك ستجد فيه كل أصناف
المعلومات: الموثوقة و الحقيقية
والمفيدة، جنبا إلى جنب مع المعلومات الخاطئة و المزيفة و الوهمية أو الخيالية أو المسروقة و المضللة.و لهذا يجب على الباحث أن يتحرى قدر
استطاعته، حتى لا يخلط "الحابل بالنابل و الصالح بالطالح".و هناك، عدة مؤشرات/معايير قد يستعين
بها الباحث، للتحقق من مصداقية الموقع و المعلومات المنشورة فيه،منها، على سبيل المثال لا الحصر:
-1إذا
تم نشر الوثيقة أو المقال.. ضمن موقع مجلة أو جريدة معروفة ، أو
موقع جامعة مرموقة، أو مركز للبحوث مشهور، أو مؤسسة محترمة (حكومية أو غير حكومية)؛
فهذا قد يؤشر على مصداقيتها.فهذا النوع من المواقع ، تخضع المقالات
المنشورة لقراءة علمية نقدية، أو مراجعة- من قبل خبير أو أكثر،أو على الأقل من
طرف إدارة الموقع-، في موضوع
المادة المراد نشرها، لكي يتم التأكد من جودة المعلومات ،و من ثم إجازتها للنشر؛
2- يُؤَمِّن الكثير من المؤلفين معلومات
على الشبكة كخدمة عامة و مجانية.و قد يكون هؤلاء المؤلفون مدعمون من
قبل منظمات غير ربحية(هيئات و منظمات خيرية، أغلبها دينية تبشيرية...مثلا)؛ ففي حالة، مثل هذه، يجب التسلح بالشك
و الحذر:فقد تكون المواد المنشورة في هذا الموقع، بدون أدنى قيمة علميةن بل قد تكون مضللة؛
3-و في المقابل،فإن الخدمات غير
المجانية،غالبا ما تكون ذات مصداقية،لأنه يكون من ورائها جهات معروفة، تريد تحقيق
الربح، و مستعدة لتحمل مسؤولياتها القانونية ،و الأخلاقية، و التجارية، عما ينشر فيها، لحماية
سمعتها (مثل الكثير من دور النشر، و الجامعات، و وسائل الإعلام). من هنا،
يجب عليك أن تتأكد من هوية مؤلف المادة العلمية، و قبل ذلك من الجهة المديرة أو
المالكة للموقع، فقد يساعدك ذلك على معرفة الدافع وراء نشر المادة أو المعلومات:يمكنك أن
تفعل ذلك بإدخال اسم المؤلف، في خانة البحث في أحد المحركات( غوغل،مثلا)، لتحصل
على بعض المعلومات عنه، و عن مؤهلاته، و مؤلفاته، و منشوراته على المواقع
الإلكترونية؛
4-و لمعرفة الجهة التي تدير أو تمتلك
الموقع؛ يمكنك أن تستعين بالمعلومات التي يوفرها الموقع نفسه على الصفحة الرئيسية
أو صفحة الاستقبال(La page
d’accueil). كما أن
كثيرا من المواقع تتضمن ارتباطات تحت
عناوين (من نحن ؟)أو(About Us) أو (Company Info)، التي يمكن
بالنقر عليها الحصول على الكثير من المعلومات عن
الشخص أو الجماعة أو الشركة أو الجهة المالكة/المديرة للموقع؛
5- بعد أن تكون
قد تأكدت من هوية المؤلف (هل هو شخص حقيقي أم وهمي ؟، و هل له الصفات أو المؤهلات
التي يدعيها؟..)، عليك أن تتأكد من أنه مؤهل للكتابة
حول الموضوع المعني.فهب أنه أستاذ جامعي، فهل كل أستاذ
جامعة مؤهل للكتابة حول كل موضوع بنفس
المستوى من العمق و الاتقان؟
6-و هناك،
الكثير من المؤشرات التي قد تعينك على تقييم الأعمال المنشورة بصفة عامة، و خاصة
تلك المنشورة في الأنترنيت، و التأكد من صحة نسبتها إلى "مؤلفها"، أو أن مؤلفها "المزعوم"، يتوفر على مؤهلات علمية حقيقية، تؤهله
للكتابة في موضوع معين.منها على سبيل المثال:إذا كانت
صياغة المقال ركيكة، و كان مليئا بالأخطاء الإملائية و النحوية، و المغالطات
العلمية،و يجهل أو يتجاهل قواعد/أخلاقيات
الأمانة العلمية..إلخ؛ فعليك أن تفكر أكثر من مرة قبل أن تعتمده كمصدر للمعلومات؛
7-كما إن تحيين أو تجديد المعلومات( la mise à jour ) ، يعتبر مؤشرا مهما على مصداقية الموقع و
أمانته،و احترامه لزواره ؛
8-إذا كان أصل
العمل منشورا ، في نسخة ورقية، فعليك أن تتأكد أن النسخة الإلكترونية لا تتناقض مع
النسخة الورقية. أما فيما يخص اختبار صدق المعلومات، فيمكن الاستعانة ببعض
المواقع المنافسة..أو حتى مراجعة مصادر أخرى للمعلومات،
كالكتب و الدوريات؛
9- كما يمكنك أن
تعتمد على بعض الموسوعات الإلكترونية، و أشهرها "ويكيبيديا". و لقد احتلت هذه الموسوعة، في سنة 2005، الرتبة الثانية بعد الموسوعة
البريطانية ، من حيث عدد الزوار، و من حيث قلة الأخطاء.غير أن أخطاءها المقصودة أحيانا، فيما
يتعلق بعالمنا الإسلامي، كثيرة..فاحذر !
10- و يمكن، لإجراء هذه المقارنة، الاعتماد على بعض المواقع ذات
السمعة الطيبة أو المشهود لها بالمصداقية (المنظمات الدولية:كالأمم المتحدة و منظماتها الفرعية
مثل اليونسكو.أو منظمات أخرى مثل الصليب الأحمر). أو المواقع الحكومية فيما يخص
المعطيات و المعلومات غير السياسية، ثم مواقع بعض الجامعات،في القضايا و المواضيع
التي تحظى باهتمامها،..و هكذا.
و الحاصل هنا، أنه ، لا يجب على الطالب/الباحث –-و أعني
أيضا الطالبة/الباحثة- أن يكون ساذجا ، يصدق كل ما يلقى
إليه،بل عليه أن يعمل بالمثل القائل" من الحكمة سوء الظن".و يجب ألا يمل من طرح الأسئلة حول ما يجد في الأنترنيت: "هل
هذا صحيح؟ "،و " هل
هذا معقول؟"، و " هل
هذا علم أم دعاية؟" ، و " من
المستفيد من كل هذا؟"..؟ .و قد لا
تكون هناك قاعدة أو قواعد عامة صحيحة مائة بالمائة، يمكن الاسترشاد بها، لرفض أو قبول محتويات موقع معين، إلا أن أغلب
الباحثين يعتمدون على معيارين اثنين في قياس مصداقية و موثوقية الموقع هما:مصداقية
صاحب الموقع، و تحيين المعلومات؛ فـ"..حين يكون الموقع متصلا بجامعة أو مركز
أبحاث أو جهة رسمية، و يجري تجديد [تحيين]معطياته
على نحو شفاف، يصح اعتباره مصدرا، و قبول مادته باعتبارها مصدرا أو مرجعا.و ما عدا
ذلك فيشوبه الحذر".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق