الأربعاء، 8 أبريل 2020


المبحث الرابع:الفقه الإداري:
نقصد بالفقه الإداري هنا، الآراء و التوصيات التي عبر عنها المستشارون الإداريون التابعون  بطريقة مباشرة أو غير مباشرة  للإدارة، المعينون منهم و المنتخبون .و التي صدرت عنهم، بمناسبة تقييم الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، أو عند الإعداد لمشاريع القوانين، أو خلال مناقشة مقترحات القوانين، أو تفسير أو تطبيق مختلف النصوص التشريعية و التنظيمية،أو ما شابه.
و على رأس هؤلاء المستشارين جميعا،نجدأعضاء لجنة الصفقات(المطلب الأول)..و أعضاء المجلس الاقتصادي و الاجتماعي(المطلب الآخر).
المطلب الأول:لجنة الصفقات
لقد أسست هذه اللجنة في عهد الحماية،إذ صدر القانون المنشيء لها سنة 1936، و من ثم أدخلت عليه عدة تعديلات أو إصلاحات،أهمها تلك التي تمت في السنوات 1954، و 1957، و 1975.
و بموجب مقتضيات المادتين (7) و (8)، من المرسوم رقم 2.75.840، الصادر في 27 ذي الحجة 1397 ( 30 دسمبر 1975)، تقوم لجنة الصفقات بإبداء رأيها في بعض القضايا المتعلقة بالصفقات:
أ- مشاريع النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالصفقات؛
ب- المشاكل العامة أو الخاصة المرتبطة بتحضير صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات أو لإبرامها و تنفيذها و تسديد مبالغها؛
ج- النزاعات المتعلقة بالمسطرة و نتائج طلبات العروض، التي تتم عن طريق المنافسة.
و يجوز لهذه اللجنة كذلك، أن تقوم بالمهام التالية:
1- إعداد التعليمات الواجب توجيهها إلى المصالح المكلفة بالصفقات و عرضها على أنظار الوزير الأول(= رئيس الحكومة)، قصد المصادقة عليها[1]؛
2- اقتراح المقتضيات الرامية لتتميم الأنظمة الخاصة بالصفقات، و الاهتمام بتدوينها و السهر على تحيينها؛
3- المساهمة ، بالتنسيق مع الإدارات العمومية المعنية بالأمر، في إعداد كل برنامج لتكوين أو استكمال خبرة الموظفين العاملين بالمصالح المكلفة بالصفقات.
و يمكن للجنة الصفقات أن تبدي رأيها، بل إن القانون(مرسوم 2013) يوجب على الآمرين بالصرف[2] ،استطلاع رأي لجنة الصفقات في بعض المقتضيات المتعلقة بإبرامها و مراقبتها و تدبيرها، و ذلك فيما يتعلق، مثلا:
أ- تغيير أو تتميم لائحة الأعمال التي يمكن أن تكون موضوع عقود أو اتفاقيات خاضعة للقانون العادي( المادة 4/الفقرة 7)؛
ب- بتميم لائحة الخدمات الممكن أن تشكل موضوع صفقات- إطار، و المحددة بمقرر لرئيس الحكومة ( المادة:6 )؛
ج- برفع سقف الصفقات التي يمكن إنجازها بناء على سندات طلب( المادة:88/ الفقرة 5 )؛
د- بإعداد نماذج بعض الوثائق المكونة لملف الصفقات ( المادة:155 ).
ه- و تدلي هذه اللجنة كذلك برأيها الاستشاري، بطلب من رئيس الحكومة، بشان الحالات التي يمكن تجاوز رفض التأضشير من قبل المراقب العام للالتزامات بنفقات الدولة، إذا تشبث الوزير( أو أي آمر آخر بالصرف) المعني باقتراح الالتزام بالنفقة، إذا كان الاقتراح ناتجا عن صفقة ( أو اتفاق أو عقد مبرم لحساب الدولة.
و من المهام الأخرى، التي تقوم بها اللجنة، في ظل المرسوم الحالي، هو البت في تظلمات المتنافسين. و في الواقع، فإن نظام التظلم إلى هذه اللجنة، لم يكن موجودا في ظل مرسوم 1998، و إنما تم إحداثه بمرسوم 2007، و لكنه كان محدودا؛إذ لم يسمح  لهذه اللجنة بتلقي الشكايات من الأفراد و المقاولات المعنية بالصفقات مباشرة،بل لا بد من التظلم أولا لدى صاحب المشروع، ثم الوزير المعني، و في هذه الحالة يوجه هذا الرأي الاستشاري التي تعبر عنه ، إلى السلطة التي طلبته، ليتخذ القرار الذي يراه مناسبا.
أما مرسوم (2013)، فرخص لكل متنافس أن يعرض شكايته مباشرة على لجنة الصفقات، و دون الحاجة إلى اللجوء إلى صاحب المشروع أو الوزير المعني(وزير الداخلية بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية)، أو مدير المؤسسة العمومية أولا.كما يمكنه أن يوجه نفس الشكاية المباشرة إلى لجنة الصفقات ، إذا لم يقتنع بجواب صاحب المشروع، أو السطلة الرئاسية المعنية(المادتان 169 و 170).  
و في كل الحالات يجب على المشتكي أن يوجه شكايته بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو إيداعها في مكاتب لجنة الصفقات، بمقر الأمانة العامة للحكومة، بالرباط.
و هذا، يجرنا إلى طرح السؤال التالي:لماذا لجنة مركزية واحدة؟ ألم يكن من الأولى، تكوين عدد من الأطر، ذات المستوى العالي ، ليمثلوا هذا الجهاز في اهم الإدارا العمومية، ليعملوا كمستشارين في مجال الصفقات العمومية،و يساعدوا صناع القرار على اتخاذ قراراتهم، و يردوا على تظلمات و شكايات المتنافسين؟ و بذلك تلحق لجينة صغيرة خاصة بالصفقات، بكل مسؤول تنفيذي( آمر بالصرف أو آمر مساعد بالصرف)، من رئيس الحكومة، إلى مختلف الوزراء، و المندوبين ، و الولاة، و العمال، و رؤساء الجماعات المحلية، و مديرو المؤسسات العمومية؟؟؟
إن الأخذ بهذا الأسلوب اللامركزي، قد يكون- و الله أعلم-هو التطبيق الحقيقي، لمعنى الحكامة في مجال الصفقات العمومية.
المطلب الآخر:المجلس الاقتصادي و الاجتماعي
 لقد أسس هذا المجلس بمقتضى القانون رقم 60.09، و عهد إليه بالكثير من الاختصاصات،ذات الأبعاد الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية، من أهمها[3]:
1- المادة (2)، تنص على أنه يعهد إلى المجلس على الخصوص القيام، بما يلي:
"- الإدلاء برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني و التكوين؛
"- تحليل الظرفية و تتبع السياسات الاقتصادية و الاجتماعية الوطنية و الجهوية و الدولية و انعكاساتها؛
" - تقديم اقتراحات في مختلف الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية؛
" - تيسير و تدعيم التشاور و التعاون بين الفرقاء الاقتصاديين و الاجتماعيين، و المساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي؛
" إنجاز الدراسات و الأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته"؛
2- المادة (3)" باستثناء مشاريع قوانين المالية، تحيل الحكومة، و مجلس النواب، و مجلس المستشارين، كل فيما يخصه، وجوبا على المجلس، قصد إبداء الرأي:
" أ) مشاريع و مقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية و في مجال التكوين؛
" ب)المشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى للتنمية، و مشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسات العامة للدولة في الميادين الاقتصادية و في مجال التكوين"؛
3- المادة (4)" مع مراعاة أحكام المادة الثالثة أعلاه، يمكن للحكومة و مجلس النواب و مجلس المستشارين، استشارة المجلس بخصوص مشاريع و مقترحات القوانين المتعلقة بالتكوين أو ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي، ولا سيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء و المشغلين، و إلى سن أنظمة للتغطية الاجتماعية، و كذا كل مسألة ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو بيئي"؛
4- المادة (6):" للمجلس أن يقوم من تلقاء نفسه بالإدلاء بآراء أو تقديم اقتراحات أو إنجاز دراسات أو أبحاث في مجالات اختصاصه، على أن تخبر الحكومة و مجلسي البرلمان بذلك...".
هذا النوع الأخير من الاختصاصات ، هو ما يطلق عليه " الإحالة الذاتية"، أي المجلس يبادر من تلقاء نفسه إلى الإدلاء بآرائه أو إجراء البحوث..إلخ، عندما يرى في ذلك تحقيقا للأهداف التي من أجلها أسس.
و في إطار هذا الاختصاص الأخير ، إذن،  قام المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، بدراسة الصفقات العمومية[4]:
 [...] سعيا منه إلى الإسهام في جعلها رافعة استراتيجية حقيقية للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية [...] فقد عمل هذا الأخير على تقديم جواب جماعي و محدد للإشكالية المدروسة، يمكن أن يلبي متطلبات الصفقات العمومية حتى تصل غلى النتائج المتوخاة، و التي هي من شقين .أولا، تغطية احتياجات الصفقات، في إطار من الشفافية و المنافسة العادلة، و ثانيا تحقيق أقصى حد من الآثار الاجتماعية و الاقتصادية  الناجمة عن الطريقة التي تمنح و تنفذ بها الصفقات العمومية.
[...] و لبلوغ هذا الهدف، فقد هيكل المجلس أشغاله حول محاور  عديدة منها :
(i) تجميع و تحليل الوثائق بهدف تحليل الوثائق بهدف تحديد الحالة الراهنة لمعالجة الصفقات العمومية؛
(ii) تحليل كيفي و كمي؛
(iii) تشخيص و تحديد منجزات و حدود و إكراهات التجارب الناجحة في المغرب؛
(iv) تنظيم سلسلة من جلسات الإنصاف و اللقاءات مع مسؤولين عموميين و فاعلين خواص، و فاعلين من المجتمع المدني؛
(v) دراسة تركيبية مقارنة لأفضل الممارسات الدولية، و تفضي كل هذه الخطوات إلى تطعيم مجموعة شاملة من التوصيات المتكاملة، بلورها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في إطار مقاربة تشاورية  و تبادلية، مع مختلف الفاعلين المعنيين بهدف تحقيق قيمة مضافة للموضوع قيد المعالجة..
و توصيات المجلس الواردة في التقرير الذي كتبه، نتيجة لهذه الدراسة، كثيرة و لا يتسع المجال لذكرها كلها هنا- و إن كان من المهم بالنسبة لكل مهتم بالصفقات ، الرجوع إليها-،و لذلك سنقصر حديثنا فيما يلي، على التوصيات الخاصة بالمحور القانوني و المسطري:
1- مواءمة النصوص و وضع قانون عام للصفقات و ذلك على ثلاثة مستويات:
أ- قانون عام للصفقات العمومية، يحدد كل القواعد الأساسية من شفافية و تنافسية و توجيه الصفقات  انطلاقا من تحديد الأهداف، و توازن في العلاقة بين الأطراف و فعالية للطعون، و غير ذلك؛
ب- مراسيم تطبيقية تحدد و تكمل القانون، عبر تغطية المراحل المتعلقة بتحديد الحاجيات و  الإبرام  و التنفيذ و المراقبة، و ذلك حسب القطاعات ، و/أو طبيعة الحاجيات المطلوب تغطيته ؛
ج- إذا كانت المراسيم تحدد الأنماط التي سيتم عبرها تطبيق القانون العام للصفقات العمومية، فلا ينبغي لها أن تحل محل الدفاتر المسطرية ( كنانيش التحملات)، و التي يتعين تفصيلها، مع الأخذ بعين الاعتبار نوعية الإدارة.و تعرض هذه الدفاتر المسطرية- التي يجب أن تكون لها صفة إجبارية - على موافقة السلطة الوصية.كما يجب أن تمثل المستوى الأول للمراقبة.
2- دعم المنافسة:
أ- إضافة بنود تتيح للمتنافسين أن يتقدموا بملاحظاتهم و انتقاداتهم على دفاتر التحملات ، و خاصة فيما يتعلق بالبنود التي تحد من المنافسة. و أن يطلبوا من صاحب المشروع، خلال فترة الاستشارة، العمل على تغييرها.و إن من شأن هذا الإجراء، إن هو ارتبط بتدابير تضمن المراقبة الناجعة، أن يُمكن من تجنب إقصاء عروض كان من الممكن  أن تكون مناسبة.. ؛
ب- إن جودة خدمات مكاتب الدراسات، ينبغي أن تتطور في إطار نظام التقييس و شهادات المطابقة المسلمة من طرف منظمات مختصة.و لهذا، فعلى المهنيين أن يسهروا على اختيار و ضبط المقاييس الدولية ، و تكميلها بمعايير أخرى وطنية، تساير مستلزمات السوق الداخلية،و تنمية القطاعات المعنية.
 3- التخلي عن سرية التقدير المالي لصاحب المشروع:
أ- التخلي عن سرية التقدير المالي لصاحب المشروع،لأن ذلك يحقق المزيد من الشفافية، كما أنه لا يعوق المنافسة، بل على العكس من ذلك يمنع إعطاء الأفضلية بطريقة غير مشروعة لبعض المترشحين دون الآخرين؛
ب- إعداد الحاجيات و دفتر الشروط في إطار من الانفتاح و الشفافية، يسمح بالتواصل بين المقاولات و صاحب المشروع ( المشتري العمومي)،حتى يكون هذا الأخير على بينة من الأمر أثناء تحريره لدفاتر التحملات؛
4-  تحققيق الشفافية و المراقبة الناجعة، من خلال:
أ- إمكانية التتبع و الولوج المفتوح إلى المعلومات، خلال سريان المسطرة ، و حتى نهاية تنفيذ الصفقة  و تقييمها، و العمل على نشر تلك المعطيات في بوابة الصفقات العمومية؛
ب - جعل عمليات  المراقبة تأخذ في اعتبارها، النتائج المحصل عليها و كذا الوسائل التي تم تخصيصها، مقارنة مع تلك التي تم تحديدها في البداية، و المرتكزات الموضوعية  التي يؤسس عليها  صاحب المشروع اختياراته - ( من نمط إبرام  الصفقة، إلى الأخذ بملاحظات و طعون المتنافسين، و كذا مختلف الآجال  المحددة لانطلاق الأعمال و التنفيذ و الاستلام و الأداء و غير ذلك)-، دون إغفال الآثار الاجتماعية و الاقتصادية المتوقعة و المتحققة عبر الطلبية أو الطلبيات التي تم إبرامها؛
ج- دعم دور المفتشين العامين في الوزارات، و دور المراقبين الداخليين في المؤسسات العمومية. و من أجل ذلك، لا بد من العمل على تطوير الوضع القانوني لهؤلاء المفتشين، بما يضمن استقلالهم التام عن التراتبية الإدارية ( عن الوزير و المدير العام و غير ذلك)؛
5- تدعيم مسؤولية الآمر بالصرف، و تحقيق توازن أمثل في العلاقات بين الطراف المتعاقدة، و ذلك من خلال:
أ- اختيار نمط إبرام الصفقات و كيفية تقييم العروض:إن صاحب المشروع، بصفته الطرف المستفيد و المسؤول عن الصفقة، يجب أن يبقى صاحب السلطة في اختيار الطريقة الأنجع لإبرام الصفقة، و تحديد محتوى دفتر التحملات الخاصة.و في المقابل، يجب عليه أن يبرر اختياراته ضمن وثيقة تُضم إلى ملف الاستشارة، و توضع تحت تصرف العموم، على بوابة الصفقات العمومية، و لا ينبغي أن يكون صاحب المشروع، في هذا الإطار، ملزما بأن يعتمد ، بصفة منهجية، قاعدة الأقل سعرا.
غير أن ملف طلب المنافسة، و اختيارات صاحب المشروع، فيما يتعلق بطريقة  إبرام الصفقة، تبقى كلها قابلة للطعن و التعديل، إن لزم ذلك، على إثر تقديم أحد المتنافسين الدليل على كون بعض البنود تحد من المنافسة.
و تعتبر الورقة التبريرية لاختيارات صاحب المشروع، و كذا المراسلات المتبادلة التي تمت مع المتنافسين، عناصر ينبغي ضمها إلى ملف الصفقة و طلب المنافسة، الذي يمكن أن يكون موضوع افتحاص ، كما ذكر ذلك آنفا؛
ب- تأطير طلبات العروض: يجب ألا يتم إلغاء صفقة  سبق إسنادها إلا في حالات محددة و مبررة، لأن من شأن ذلك أن يحد من جالات إلغاء  طلب عروض في ظل شروط غير واضحة؛
ج-  تخفيض و ضمان آجال الأداء: من المهم إرساء آليات تضمن التحكم في الآجال الحقيقية للأداء، كما يشهدها واقع العقود المبرمة في إطار الصفقات العمومية.و من اجل ذلك، يتعين التحكم، من جهة، في آجال الاستلام، المحددة انطلاقا من تاريخ تسلم العمل، و من جهة أخرى، في آجال الأداء المحددة انطلاقا من تاريخ إيداع الفاتورة أو الحساب ؛
د- تأطير أجل توجيه طلب الخدمة:تحديد  الأجل الذي يتعين على صاحب المشروع  أن يوجه داخله طلب الخدمة إلى المقاولة التي رست عليها الصفقة؛
هـ- العمل على الحد من السلطة التقديرية لصاحب المشروع في التاويل الواسع لبنود دفتر التحملات الخاص، حتى لو كانت هذه الأخيرة غير دقيقة؛
و- تأطير قرارات فسخ الصفقات: الحد من الحالات التي يستطيع فيها صاحب المشروع اتخاذ قرار بفسخ الصفقة، حين لا يكون القرار مبررا بعجز مثبت لدى المقاولة التي رست عليها تلك الصفقة؛
ز- افساح المجال لإضافة تدقيقات تفصيلية أو توضيحية، بطريقة منهجية، إلى بعض وثائق الصفقة، عندما يتعلق الأمر بمشروعات استراتيجية أو غير اعتيادية، و سيكون من شأن هذه المرحلة إضفاء مزيد من الوضوح على العقد، دون المس بالمعايير المعتمدة في المنافسة بين المترشحينح
ح- إعطاء صبغة مهنية للمشتري العمومي و تغطية جميع المراحل: من اجل بلوغ الأهداف المرسومة للصفقات العمومية، يتعين تمكين المشترين العموميين من تطوير قدراتهم و التأهي الضروري لتحقيق عمليات الشراء.و هذا يعني على وجه الخصوصن أنه يجب معالجة  العمليات بالوسائل المناسبة، على امتداد جميع المراحل ( من تحديد الحاجيات إلى صياغتها الشكليةن فالاستشارة، فالتنفيذ، فالاستلام).و في هذا الإطار يجب ان تكون عملية الدراسات الاستطلاعية لتبرير جدوى المشاريع محل اهتمام خاص، مع اللجوء متى لزم ذلك، إلى أبحاث ميدانية ذات فائدة  عمومية، تتيح للمواطنين فرصة الإدلاء بتقديراتهم و اقتراحاتهم، أو مالديهم من مؤخذات على المشاريع،و ذلك لتمكين السلطة المعنية من أن تكون على بينة من كل العناصر الضرورية لاتخاذ القرار.
5- الطعون و التحديد الدقيق لحالات تنازع المصالح:
أ- تحديد حالات تنازع المصالح: عوض الاكتفاء بمنع تنازع المصالح، سيكون من الأنسب أن يتم الإبلاغ عن كل احتمال لوقوع تنازع للمصالح من شأنه إعطاء الامتياز لمترشح معين، و ذلك من قبل صاحب المشروع و كل الأ شخاص  المعنيين معه بتدبير الصفقات العمومية.كما يجب على صاحب المشروع، و/أو كل شخص معني، أن يتخذ في حال وجود احتمال لتنازع المصالح، الإجراءات الوقائية التي يراها ضرورية و كافية، و يخبر بها العموم ( عبر البوابة  على الخصوص)، و تحديد المشترين؛
ب- إحداث هيئة متكافئة  الأعضاء للطعون:لقد بينت الطريقة المتبعة حاليا في الطعون عن عدم فعاليتها، لأنها لا تتوافر الشروط الكافية للحياد و النجاعة.و من أجل ضمان اضطلاع الطعون بدورها الكامل، يوصى بإحداث هيئة مستقلة متكافئة الأعضاء، قادرة على أن تتخذ، في آجال محددة، قرارات ذات طابع نافذ.و ينبغي أن تعتمد الهيئة الجديدة في عملها على خبراء مهنيين مشهود لهم بالنزاهة و الحياد.
و بالموازاة مع إحداث الهيئة المشار إليها، إعداد و تشجيع الوساطة و التحكيم لمعالجة النزاعات التي يمكن ان تحدث في تأويل أو تنفيذ عقود مرتبطة بالصفقات العمومية.


[1]  على المستوى التنظيمي، تعتبر لجنة الصفقات تابعة للأمانة العامة للحكومة، و  تتكون من ممثلين عن القطاعات الأكثر اهتماما بالصفقات ( خبراء تقنيون)، كما  تتكون من عدد من المستشارين القانونيين التابعين للأمانة العامة.
و تصدر اللجنة آرائها الاستشارية - بحضور كامل أعضائها- بالإجماع أو بالأغلبية،و يوضح في محاضر اللجنة الرأي المخالف إن وجد، و حجة كلا الرأيين.
 و تتوافر اللجنة على كتابة دائمة تقوم ببحث و تحضير القضايا المعروضة عليها، و تجمع الوثائق، و تحفظ الأرشيف.
للمزيد من المعلومات، راجع موقع الأمانة العامة، على الأنترنيت.
[2]  يمكن استطلاع رأي لجنة الصفقات من طرف:
أ- رئيس الحكومة؛
ب- و الأمين العام للحكومة؛
ج- الآمرين بالصرف المعنيين؛
د- المراقب العام للالتزامات بنفقات الدولة.
[3]  راجع الظهير الشريف رقم 1.10.28 ، الصادر بتاريخ 18 ربيع الأول 1431( الموافق 5 مارس 2010)،المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5820، الصادر بتاريخ 24 ربيع الأول 1431 ( 11 مارس 2010).
و لقد عدل هذا القانون، بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.14.124 الصادر في 3 شوال 1435 (الموافق 31 يوليوز 2014)، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي .راجع الجريدة الرسمية عدد 6282 الصادر بتاريخ 17 شوال 1435 (الموافق 14 غشت 2014)، ص 6370 و ما يليها.
[4]  انظر تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي(ص ص 21 و ما يليها)، في موقع المجلس (إحالة ذاتية رقم 7/2012):www.ces.ma.( مع بعض التصرف)

الثلاثاء، 7 أبريل 2020


المبحث الثاني : حساب الضريبة:
يقصد بحساب الضريبة أو ربطها، تحديد دين الضريبة[1].و لكي يتم الربط، فلا بد من التحقق من توافر الشروط في المكلف.
المطلب الأول: شروط الربط:
للقيام بربط ضريبة معينة، يجب التأكد من مجموعة من الأمور،من أهمها:
 أولا، من أن الواقعة المنشئة للضريبة،قد تحققت فعلا، فتحققها هو الذي يعلن عن ميلاد الدين الضريبي في ذمة المكلف.و الواقعة المنشئة للضريبة،هي الحادثة المعينة،التي تستحق الضريبة بوقوعها،فهي تحدد اللحظة التي يصبح فيها الذي حصل على الدخل، أو قام بالإنفاق،مدينا بقيمة الضريبة[2].
من ذلك،على سبيل المثال، يعتبر توزيع الأرباح على حملة الأسهم، واقعة منشئة لضريبة الدخل على رؤوس الأموال المنقولة[3].و يعد الحصول على إيجار المباني أو الأراضي المكتراة ، أو الحصول على أموال من بيع  عقارات، وقائع منشئة لضريبة الدخل على الأرباح العقارية[4].و كذلك يعتبر إنتاج بعض السلع أو التصرف في بعض الأموال واقعة منشئة لبعض الضرائب غير المباشرة[5].و من الوقائع المنشئة للضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين، مثلا، تسلم المكلف أجرا ، و تحقيق التاجر أو الصانع ربحا(أو وضع رهن إشارته، أو دفع في حسابه البنكي)، و قس على ذلك.
و بعد التحقق من الواقعة المنشئة للضريبة، بما لا يدع مجالا للشك،يمكن ربط الضريبة على المكلف، و يكون ذلك بحصر المادة الخاضعة للضريبة و تقديرها و حسابها، و تقوم الإدارة الجبائية بذلك وحدها، أو بمساعدة المكلف، كما قد يقوم المكلف نفسه( في بعض النظم الجبائية) بحساب الضريبة،أو يمكنه(في نظم أخرى) أن يحصر المادة الخاضعة للضريبة،و يحديد قيمتها، ثم يخصم منها الخصومات القانونية- لأن الضريبة تفرض على الدخل الصافي،أي الدخل بعد خصم التكاليف-،و يطبق عليها السعر الخاص بها..ليصل في النهاية إلى مبلغ الضريبة واجب الأداء، و هذا المبلغ نفسه قد يخصم منه إعفاءات قانونية أخرى( الإعفاءات العائلية مثلا).
من أمثلة ذلك: أن يقوم  المكلف نفسه،بحساب مبلغ الضريبة، كما هو الحال بالنسبة لمن يحقق دخلا مهنيا، أو دخلا عقاريا أو فلاحيا، أو جميع هذه الدخول و غيرها(الخاضعة للضريبة على الدخل)؛حيث يمكنه ملء التصريح،و حساب مبلغ الضريبة، ثم يحمل المبلغ إلى الجهة المكلفة بالتحصيل.و كذلك الشان فيما يتعلق، بالضريبة على القيمة المضافة(كما سنرى)،و الضريبة على الدخل (الأجور مثلا)، حيث يتولى المستخدم(المكلف بمحاسبة الأجور) في المقاولة، حساب مبلغ الضريبة على الدخل المفروضة على كل أجير، و يقتطعها من أجره الشهري( أو الأسبوعي أو اليومي)، ثم يدفعها إلى القابض الذي تقع سكنى المكلف في دائرة نفوذه).
غير أنه، في الكثير من الحالات أيضا، تتولى الإدارة الجبائية نفسها، عمليات حساب الضريبة، لاسيما في الضرائب غير المباشرة،كما هو الحال في الرسوم الجمركية، و في الرسوم المفروضة على التسجيل( تسجيل العقود..) و التنبر.
و تسمى هذه الضرائب عادة، بـ" الضرائب ذات الأداء الفوري"(Les droits comptant)، و ذلك لأنه لا يوجد فارق زمني كبير ، بين الواقعة المنشئة للضريبة ، أو علم الإدارة بها (الواقعة)، و عملية الأداء.
و ذلك بخلاف الضرائب المباشرة، التي تسمى بالأداءات المعاينة (Les droits constatés)، التي يوجد فيها آجال أو فارق زمني، بين تقدير الوعاء و حساب مبلغ الضريبة، و موعد أدائها(الضريبة على الدخول الناتجة عن الأرباح العقارية مثلا، تؤدى قبل نهاية ربع السنة الأول، من السنة التي تلي تلك التي تحققت فيها الواقعة المنشئة للضريبة).
و لنأخذ مثالا توضيحيا، و ليكن من الضريبة على الدخل:
فمن المعلوم أن الأجراء-و قد رأينا ذلك في قانون الشغل- و الموظفين، يحصلون على مداخيل تتكون من عناصر متعددة و متنوعة: أجور/ مرتبات، و مكافآت، و معاشات، و منح و مزايا عينية أو نقدية...إلخ(و هذا هو ما يعرف بالأجر/ المرتب بمعناه الواسع).
و المشرع الضريبي، لا يعامل كل هذه العناصر معاملة واحدة؛بل يخضع بعضها للضريبة، و بعضها الآخر يعفيه:فمن العناصر التي تدخل في حساب الأجر/ المرتب الخاضع للضريبة، ما يصرف للموظف  كأجر أساسي أو تكميلي، و ما يصرف له من تعويضات عن السكن أو التنقل لأداء مهمة[6]، أو التمثيل أو التفتيش، أو ما يمنح له من تعويضات عن غلاء المعيشة، أو عن عمل الساعات الإضافية، أو للعمل ليلا أو خلال الأعياد و العطل، أو التعويضات عن الأعمال الشاقة و الخطيرة..إلخ.
و لكن إذا كانت المبالغ الإضافية تدفع، لا كأجر/مرتب (بمعناه الواسع)، و لكن كتعويضات لسداد المصاريف الفعلية المدفوعة خلال مزاولة وظيفة أو عمل ، و التي تحملها الأجير/ الموظف في سبيل أداء عمله/ وظيفته،مع التزامه بتقديم حساب فعلي عما صرف منها، فتعفى من الضريبة[7].بالإضافة إلى ذلك،تخصم من المبالغ الإجمالية للدخل(الأجر/المرتب) مصاريف أخرى مرتبطة بالوظيفة أو العمل، على اعتبار أنها تكاليف جزافية،تقدر بنسب جزافية ( مثلا (20%) بالنسبة للأساتذة و المعلمين ،و (35%) للفنانين المسرحيين و السينمائيين،و (45%) للصحفيين..)؛ و غالبا ما يحدد المشرع سقفا لهذه الخصومات(Le plafond déductible): ففيما يخص ضريبة الأشخاص الطبيعيين، نص المشرع على ألا يتجاوز هذا القدر(30.000) درهم في السنة[8].
و من الخصومات التي يسمح بها القانون كذلك، المبالغ المحجوزة لتأسيس المعاشات أو رواتب التقاعد، بالنسبة للموظفين و الأجراء الذين لهم الحق في المعاش(cotisation de retraite :C.I.M.R)، و الاشتراكات المدفوعة إلى هيئات الاحتياط الاجتماعي(cotisation de prévoyance :C.N.S.S)[9]، و المبالغ المدفوعة لتسديد أصل و فوائد بعض القروض( مثل القرض لبناء أو شراء مسكن أساسي في حدود معينة)، و هناك إعفاءت أخرى.هذا،و لا ينبغي أن ننسى طبعا، الإعفاء الذي أصبحت تمنحه، جميع القوانين الجبائية تقريبا، و المتعلق بجزء من الدخل،يعد بمثابة الحد الأدنى الضروري للمعيشة.
بعد خصم هذه الخصومات، نكون قد وصلنا إلى الدخل الصافي الخاضع للضريبة،فنطبق عليه السعر المناسب له؛فنحصل على المبلغ المستحق على المكلف، كضريبة. و هذا المبلغ نفسه، قد يخصم منه أعفاءات قانونية أخرى: فقد ذهبت بعض النظم الجبائية ،إلى أبعد من هذا، منها النظام الجبائي المغربي، عندما سمحت بطرح(خصم) بعض الإعفاءات العائلية ، لا من المادة الضريبية ( الدخل الاجمالي مثلا)، بل طرحها من مبلغ الضريبة نفسه(360 درهم، للزوجة و الأبناء ، في حدود  2160 درهم،أي في حدود ستة أشخاص)[10].
مثال تطبيقي:
يحصل شخص متزوج ( الزوجة لا تعمل)، و له ابنان اثنان،الأول عمره (25) سنة يدرس بالجامعة، و الآخر يبلغ من العمر (18) عاطل عن العمل؛ على أجر، يتكون من العناصر التالية:
أجر أساسي.............................................................400.000 درهم
على منحة عن الأقدمية.................................................. 40.000 درهم
و على تعويض عن المسؤولية.............................................20.000 درهم
و على تعويض عن التنقل (مبرر)........................................50.000 درهم
و على تعويضات عائلية....................................................3600 درهم
مجموع الأجر(الدخل الإجمالي)=.........................................513.600 درهم
ما هو مبلغ الضريبة على الدخل، الذي يجب أن يؤديه هذا الأجير؟
هذا الأجير لا يحصل إلا على دخل واحد، هو أجرته، التي يؤديها له رب العمل الذي يعمل معه.و رب العمل، هو الذي يقوم باقتطاع الضريبة على الأجر من المنبع، و إذن فصاحبنا ، ليس في حاجة إلى ملء إقرار بدخله.


[1]  إن حساب الضريبة، يعتمد على أربعة أنواع من عمليات الحساب، ليست صعبة و لا معقدة، و هي: الطرح، و الضرب، و الجمع، و القسمة. و إلى جانب هذه العمليات السهلة، يعتمد حساب الضريبة على عمليات أخرى إدارية صعبة،لأنها تخلق مشاكل كثيرة، و تكون مصدرا لمنازعات بين الإدارة و الملزمين.هذه العمليات الإدارية ، من ثلاثة أصناف:
1.      الاقتصاد و السرعة:فعملية حساب الضريبة، لا ينبغي أن تكلف الإدارة مبالغ كبيرة، و هذا ما أكده آدم سميث.و لتحقيق ذلك، يجب إسناد عمليات الحساب، إلى موظفين "خبراء"، الذين لا يرتكبون أخطاء كثيرة، و لا يكلفون بالتالي الإدارة أعباء إضافية، و لا يتسببون في خلق مشاكل مع الملزمين.
كما ينبغي،أن تتم هذه العمليات الحسابية، بسرعة، حتى تحصل الإدارة على ديونها في أقصر وقت ممكن.
2.      السرية و الكتمان و التحفظ(La discrétion):إن العمليات الحسابية،يجب أن تتم في إطار من احترام أسرار الملزمين، حتى لا تتسرب المعلومات( فيما يتعلق بمبالغ الضرائب، و نوعية المواد الضريبية، التي يملكها الملزمون.. إلى الغير)؛
3.      الدقة: يجب الحرص على أن تتم العمليات بدقة، حتى لا تهتز ثقة الملزمين بالإدارة، و أيضا لتجنب الكثير من أسباب النزاع مع الملزمين.
voir :Gaudemet et Molinier-op.cit-p189-190.                                                                                            
[2]  عطية- م.س -ص 302. و يضيف هذا المؤلف( نفس المكان):" ..و لتعيين هذه اللحظة أهمية كبرى،لأنها تحدد النظام الضريبي الواجب التطبيق من حيث السعر،و الإعفاء و غيرهما،و منها يبدأ سريان التقادم المسقط لحق الدولة في اقتضاء الضريبة"
[3]  فالمادة (67) من المدونة العامة للضرائب، تنص على أن الواقعة ابلمنشئة للضريبة، فيما يخص دخول الأرباح الناشئة عن رؤوس الأموال المنقول، هي:
I- بالنسبة لعوائد الأسهم و حصص المشاركة و الدخول المعتبرة في حكمها و الحاصلات من التوظيفات المالية ذات الدخل الثابت، في دفعها إلى المستفيد أو وضعها رهن تصرفه أو قيدها في حسابه؛
II- فيما يخص الأرباح الناتجة عن تفويت قيم منقولة و غيرها من سندات رأس المال و الدين تتكون الواقعة المنشئة للضريبة من :
- التفويت بعوض أو بغير عوض؛
- المقايضة المعتبرة بيعا مزدوجا لقيم منقولة و غيرها من سندات رأسمال و الدين؛
- حصة المشاركة في شركة بقيم منقولة و غيرها من سندات رأسمال و الدين.
[4]  المادة (61) من  المدونة العامة للضرائب.
[5]   المحاسب الضريبي-م.س- ص 113.
[6]  أما مصاريف الانتقال العادي، فتعفى من الضريبة،لأنها محسوبة على أساس ما يتحمله الأجير/ الموظف بالفعل من نفقات، لأداء عمله/ وظيفته.
[7]  راجع المادة( 57 ) من المدونة العامة للضرائب.
[8]   راجع المادة (59) من المدونة العامة للضرائب. و قارن مع المادة (8) من المدونة العامة للضرائب، التي تنص على أنه فيما يتعلق بالشركات؛ أن الحصيلة الخاضعة للضريبة، كالتالي:" تحدد الحصيلة الخاضعة للضريبة المتعلقة بكل سنة محاسبية بعد تغييرها، إن اقتضى الحال، طبقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجبائية المعمول بها، باعتبار ما زاد من العائدات على التكاليف في السنة المحاسبية التي وقع الالتزام بها أو تحملها لما يتطلبه النشاط المفروضة عليه الضريبة تطبيقا للتشريع  و التنظيم المحاسبي الجاري بهما..".
و تنص المادة (10) على مجموعة من التكاليف القابلة للخصم، نشير إلى بعضها، على سبيل المثال لا الحصر، فيما يلي:
تقول المادة 10:" تشمل التكاليف القابلة للخصم حسب مدلول المادة 8 أعلاه:
1- تكاليف الاستغلال المتكونة من:
أ- مشتريات البضائع المعاد بيعها على حالتها و مشتريات مستهلكة من مواد و لوازم؛
ب- تكاليف خارجية أخرى وقع الالتزام بها أو تحملها لما يتطلبه الاستغلال بما في ذلك:
1.      الهدايا الإشهارية التي لا تتعدى قيمة الواحدة منها مائة (100) درهم؛
2.      الهبات النقدية أو العينية الممنوحة لفائدة:
·         الأوقاف العامة؛
·         التعاون %الوطني؛
·         الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة؛
·         المؤسسات العمومية التي تكون مهمتها الأساسية تقديم علاجات....
ج- الضرائب و الرسوم..
د- تكاليف المستخدمين و اليد العاملة و التكاليف الاجتماعية المرتبطة بذلك؛
هـ- تكاليف الاستغلال الأخرى..
و- مخصصات الاستغلال......."  .
غير أنه،من الجدير بالذكر هنا- و قد نعود إلى هذا بالتفصيل لاحقا عند دراسة الضريبة على الشركات، إن شاء الله-، أن  هناك عدة شروط لقبول خصم التكاليف أو اعتمادها ضريبيا، من أهم هذه الشروط أنه: يجب تبرير أي مصروف يدرج في الحسابات الختامية للشركة، كأن يكون المصروف مؤيدا بالمستندات و الوثائق التي تثبت صحته:
أ- فالإيجارات، لا بد من إثباتها بوصولات الأداء، زائد عقود الكراء؛
ب-فمصاريف الماء و الكهرباء، و الهاتف، لا بد من إثباتها بالفواتير و وصولات الأداء كذلك؛
ج-و الأجور التي تدفع للعمال، و المكافآت و غيرها، لا بد من إثباتها بوصولات أو كشوف أو دفاتر موقع عليها من طرف الأجراء، أو كشوف تحويل الأجور إلى حسابات العمال في البنوك( التي لهم حسابات حقيقية، و مفتوحة فيها)؛
د- و كذلك مصاريف التأمين على الموارد البشرية، و الآليات و السيارات، هي الأخرى لا بد من توفر وثائق تثبتها.
و عموما، فكل نفقة ، و كل مصروف ينفق، و يدرج في حسابات الشركة، لكي يعتمد ضريبيا، و يدرج في الإقرار الضريبي، لا بد أن يتوفر على مستند يؤيده. و لكن، قد يسمح القانون، استثناء، بإدراج بعض المصاريف اللازمة لنشاط الشركة، في الحساب الختماي، دون أن تتوفر على ما يؤيدها من مستندات و حجج، و لكنها تبقى في حدود معينة.
[9]  تنص المادة (59) من مدونة الضرائب، تحت عنوان " الخصوم"، تخصم من المبالغ الإجمالية..:"...
II- المبالغ المحجوزة لتأسيس المعاشات و رواتب التقاعد؛
III- الاشتراكات المدفوعة إلى هيئات  الاحتياط الاجتماعي و كذا اشتراكات المأجورين المنخرطين في الضمان الاجتماعي من أجل تغطية النفقات المتعلقة بالتعويضات القصيرة الأجل؛
IV- حصة المأجورين في أقساط التأمين الجماعي من مخاطر المرض و الولادة و العجز و الوفاة؛
V- المبالغ المدفوعة لتسديد أصل و فوائد القروض المحصل عليها أو تكلفة الشراء...إلخ"(راجع المادة في المدونة).
[10]  تنص المادة (74) من المدونة العامة للضرائب على أن:"I -يخصم ما قدره ثلاثمائة و ستون (360) درهما من المبلغ السنوي للضريبة اعتبارا للأعباء العائلية التي يتحملها الخاضع للضريبة عن كل شخص يعوله حسب مدلول II من هذه المادة.غير ان مجموع المبالغ المخصومة عن الأعباء العائلية، لا يمكن أن يتجاوز ألفين و مائة و ستين (2160) درهما؛
II- الأشخاص الذي يعولهم الخاضع للضريبة هم :
أ) الزوجة،ب) أولاده من صلبه و ألاد غيره الذين يأويهم بصورة شرعية في بيته، بشرط:
·         ألا يكون لكل واحد منهم دخل يفوق مجموعه السنوي جزء الدخل الوارد في جدول حساب الضريبة على الدخل المنصوص عليه في المادة 73-I-ألف أعلاه؛
·         ألا يتجاوز سنهم (27) سنة،غير أن شرط السن لا يسري على المصابين بعاهة تحول بينهم و بين كسب معيشتهم بأنفسهم..".