الأربعاء، 8 أبريل 2020


المبحث الرابع:الفقه الإداري:
نقصد بالفقه الإداري هنا، الآراء و التوصيات التي عبر عنها المستشارون الإداريون التابعون  بطريقة مباشرة أو غير مباشرة  للإدارة، المعينون منهم و المنتخبون .و التي صدرت عنهم، بمناسبة تقييم الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، أو عند الإعداد لمشاريع القوانين، أو خلال مناقشة مقترحات القوانين، أو تفسير أو تطبيق مختلف النصوص التشريعية و التنظيمية،أو ما شابه.
و على رأس هؤلاء المستشارين جميعا،نجدأعضاء لجنة الصفقات(المطلب الأول)..و أعضاء المجلس الاقتصادي و الاجتماعي(المطلب الآخر).
المطلب الأول:لجنة الصفقات
لقد أسست هذه اللجنة في عهد الحماية،إذ صدر القانون المنشيء لها سنة 1936، و من ثم أدخلت عليه عدة تعديلات أو إصلاحات،أهمها تلك التي تمت في السنوات 1954، و 1957، و 1975.
و بموجب مقتضيات المادتين (7) و (8)، من المرسوم رقم 2.75.840، الصادر في 27 ذي الحجة 1397 ( 30 دسمبر 1975)، تقوم لجنة الصفقات بإبداء رأيها في بعض القضايا المتعلقة بالصفقات:
أ- مشاريع النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالصفقات؛
ب- المشاكل العامة أو الخاصة المرتبطة بتحضير صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات أو لإبرامها و تنفيذها و تسديد مبالغها؛
ج- النزاعات المتعلقة بالمسطرة و نتائج طلبات العروض، التي تتم عن طريق المنافسة.
و يجوز لهذه اللجنة كذلك، أن تقوم بالمهام التالية:
1- إعداد التعليمات الواجب توجيهها إلى المصالح المكلفة بالصفقات و عرضها على أنظار الوزير الأول(= رئيس الحكومة)، قصد المصادقة عليها[1]؛
2- اقتراح المقتضيات الرامية لتتميم الأنظمة الخاصة بالصفقات، و الاهتمام بتدوينها و السهر على تحيينها؛
3- المساهمة ، بالتنسيق مع الإدارات العمومية المعنية بالأمر، في إعداد كل برنامج لتكوين أو استكمال خبرة الموظفين العاملين بالمصالح المكلفة بالصفقات.
و يمكن للجنة الصفقات أن تبدي رأيها، بل إن القانون(مرسوم 2013) يوجب على الآمرين بالصرف[2] ،استطلاع رأي لجنة الصفقات في بعض المقتضيات المتعلقة بإبرامها و مراقبتها و تدبيرها، و ذلك فيما يتعلق، مثلا:
أ- تغيير أو تتميم لائحة الأعمال التي يمكن أن تكون موضوع عقود أو اتفاقيات خاضعة للقانون العادي( المادة 4/الفقرة 7)؛
ب- بتميم لائحة الخدمات الممكن أن تشكل موضوع صفقات- إطار، و المحددة بمقرر لرئيس الحكومة ( المادة:6 )؛
ج- برفع سقف الصفقات التي يمكن إنجازها بناء على سندات طلب( المادة:88/ الفقرة 5 )؛
د- بإعداد نماذج بعض الوثائق المكونة لملف الصفقات ( المادة:155 ).
ه- و تدلي هذه اللجنة كذلك برأيها الاستشاري، بطلب من رئيس الحكومة، بشان الحالات التي يمكن تجاوز رفض التأضشير من قبل المراقب العام للالتزامات بنفقات الدولة، إذا تشبث الوزير( أو أي آمر آخر بالصرف) المعني باقتراح الالتزام بالنفقة، إذا كان الاقتراح ناتجا عن صفقة ( أو اتفاق أو عقد مبرم لحساب الدولة.
و من المهام الأخرى، التي تقوم بها اللجنة، في ظل المرسوم الحالي، هو البت في تظلمات المتنافسين. و في الواقع، فإن نظام التظلم إلى هذه اللجنة، لم يكن موجودا في ظل مرسوم 1998، و إنما تم إحداثه بمرسوم 2007، و لكنه كان محدودا؛إذ لم يسمح  لهذه اللجنة بتلقي الشكايات من الأفراد و المقاولات المعنية بالصفقات مباشرة،بل لا بد من التظلم أولا لدى صاحب المشروع، ثم الوزير المعني، و في هذه الحالة يوجه هذا الرأي الاستشاري التي تعبر عنه ، إلى السلطة التي طلبته، ليتخذ القرار الذي يراه مناسبا.
أما مرسوم (2013)، فرخص لكل متنافس أن يعرض شكايته مباشرة على لجنة الصفقات، و دون الحاجة إلى اللجوء إلى صاحب المشروع أو الوزير المعني(وزير الداخلية بالنسبة لصفقات الجماعات الترابية)، أو مدير المؤسسة العمومية أولا.كما يمكنه أن يوجه نفس الشكاية المباشرة إلى لجنة الصفقات ، إذا لم يقتنع بجواب صاحب المشروع، أو السطلة الرئاسية المعنية(المادتان 169 و 170).  
و في كل الحالات يجب على المشتكي أن يوجه شكايته بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو إيداعها في مكاتب لجنة الصفقات، بمقر الأمانة العامة للحكومة، بالرباط.
و هذا، يجرنا إلى طرح السؤال التالي:لماذا لجنة مركزية واحدة؟ ألم يكن من الأولى، تكوين عدد من الأطر، ذات المستوى العالي ، ليمثلوا هذا الجهاز في اهم الإدارا العمومية، ليعملوا كمستشارين في مجال الصفقات العمومية،و يساعدوا صناع القرار على اتخاذ قراراتهم، و يردوا على تظلمات و شكايات المتنافسين؟ و بذلك تلحق لجينة صغيرة خاصة بالصفقات، بكل مسؤول تنفيذي( آمر بالصرف أو آمر مساعد بالصرف)، من رئيس الحكومة، إلى مختلف الوزراء، و المندوبين ، و الولاة، و العمال، و رؤساء الجماعات المحلية، و مديرو المؤسسات العمومية؟؟؟
إن الأخذ بهذا الأسلوب اللامركزي، قد يكون- و الله أعلم-هو التطبيق الحقيقي، لمعنى الحكامة في مجال الصفقات العمومية.
المطلب الآخر:المجلس الاقتصادي و الاجتماعي
 لقد أسس هذا المجلس بمقتضى القانون رقم 60.09، و عهد إليه بالكثير من الاختصاصات،ذات الأبعاد الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية، من أهمها[3]:
1- المادة (2)، تنص على أنه يعهد إلى المجلس على الخصوص القيام، بما يلي:
"- الإدلاء برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني و التكوين؛
"- تحليل الظرفية و تتبع السياسات الاقتصادية و الاجتماعية الوطنية و الجهوية و الدولية و انعكاساتها؛
" - تقديم اقتراحات في مختلف الميادين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية؛
" - تيسير و تدعيم التشاور و التعاون بين الفرقاء الاقتصاديين و الاجتماعيين، و المساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي؛
" إنجاز الدراسات و الأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته"؛
2- المادة (3)" باستثناء مشاريع قوانين المالية، تحيل الحكومة، و مجلس النواب، و مجلس المستشارين، كل فيما يخصه، وجوبا على المجلس، قصد إبداء الرأي:
" أ) مشاريع و مقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية و في مجال التكوين؛
" ب)المشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى للتنمية، و مشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسات العامة للدولة في الميادين الاقتصادية و في مجال التكوين"؛
3- المادة (4)" مع مراعاة أحكام المادة الثالثة أعلاه، يمكن للحكومة و مجلس النواب و مجلس المستشارين، استشارة المجلس بخصوص مشاريع و مقترحات القوانين المتعلقة بالتكوين أو ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي، ولا سيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء و المشغلين، و إلى سن أنظمة للتغطية الاجتماعية، و كذا كل مسألة ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو بيئي"؛
4- المادة (6):" للمجلس أن يقوم من تلقاء نفسه بالإدلاء بآراء أو تقديم اقتراحات أو إنجاز دراسات أو أبحاث في مجالات اختصاصه، على أن تخبر الحكومة و مجلسي البرلمان بذلك...".
هذا النوع الأخير من الاختصاصات ، هو ما يطلق عليه " الإحالة الذاتية"، أي المجلس يبادر من تلقاء نفسه إلى الإدلاء بآرائه أو إجراء البحوث..إلخ، عندما يرى في ذلك تحقيقا للأهداف التي من أجلها أسس.
و في إطار هذا الاختصاص الأخير ، إذن،  قام المجلس الاقتصادي و الاجتماعي، بدراسة الصفقات العمومية[4]:
 [...] سعيا منه إلى الإسهام في جعلها رافعة استراتيجية حقيقية للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية [...] فقد عمل هذا الأخير على تقديم جواب جماعي و محدد للإشكالية المدروسة، يمكن أن يلبي متطلبات الصفقات العمومية حتى تصل غلى النتائج المتوخاة، و التي هي من شقين .أولا، تغطية احتياجات الصفقات، في إطار من الشفافية و المنافسة العادلة، و ثانيا تحقيق أقصى حد من الآثار الاجتماعية و الاقتصادية  الناجمة عن الطريقة التي تمنح و تنفذ بها الصفقات العمومية.
[...] و لبلوغ هذا الهدف، فقد هيكل المجلس أشغاله حول محاور  عديدة منها :
(i) تجميع و تحليل الوثائق بهدف تحليل الوثائق بهدف تحديد الحالة الراهنة لمعالجة الصفقات العمومية؛
(ii) تحليل كيفي و كمي؛
(iii) تشخيص و تحديد منجزات و حدود و إكراهات التجارب الناجحة في المغرب؛
(iv) تنظيم سلسلة من جلسات الإنصاف و اللقاءات مع مسؤولين عموميين و فاعلين خواص، و فاعلين من المجتمع المدني؛
(v) دراسة تركيبية مقارنة لأفضل الممارسات الدولية، و تفضي كل هذه الخطوات إلى تطعيم مجموعة شاملة من التوصيات المتكاملة، بلورها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في إطار مقاربة تشاورية  و تبادلية، مع مختلف الفاعلين المعنيين بهدف تحقيق قيمة مضافة للموضوع قيد المعالجة..
و توصيات المجلس الواردة في التقرير الذي كتبه، نتيجة لهذه الدراسة، كثيرة و لا يتسع المجال لذكرها كلها هنا- و إن كان من المهم بالنسبة لكل مهتم بالصفقات ، الرجوع إليها-،و لذلك سنقصر حديثنا فيما يلي، على التوصيات الخاصة بالمحور القانوني و المسطري:
1- مواءمة النصوص و وضع قانون عام للصفقات و ذلك على ثلاثة مستويات:
أ- قانون عام للصفقات العمومية، يحدد كل القواعد الأساسية من شفافية و تنافسية و توجيه الصفقات  انطلاقا من تحديد الأهداف، و توازن في العلاقة بين الأطراف و فعالية للطعون، و غير ذلك؛
ب- مراسيم تطبيقية تحدد و تكمل القانون، عبر تغطية المراحل المتعلقة بتحديد الحاجيات و  الإبرام  و التنفيذ و المراقبة، و ذلك حسب القطاعات ، و/أو طبيعة الحاجيات المطلوب تغطيته ؛
ج- إذا كانت المراسيم تحدد الأنماط التي سيتم عبرها تطبيق القانون العام للصفقات العمومية، فلا ينبغي لها أن تحل محل الدفاتر المسطرية ( كنانيش التحملات)، و التي يتعين تفصيلها، مع الأخذ بعين الاعتبار نوعية الإدارة.و تعرض هذه الدفاتر المسطرية- التي يجب أن تكون لها صفة إجبارية - على موافقة السلطة الوصية.كما يجب أن تمثل المستوى الأول للمراقبة.
2- دعم المنافسة:
أ- إضافة بنود تتيح للمتنافسين أن يتقدموا بملاحظاتهم و انتقاداتهم على دفاتر التحملات ، و خاصة فيما يتعلق بالبنود التي تحد من المنافسة. و أن يطلبوا من صاحب المشروع، خلال فترة الاستشارة، العمل على تغييرها.و إن من شأن هذا الإجراء، إن هو ارتبط بتدابير تضمن المراقبة الناجعة، أن يُمكن من تجنب إقصاء عروض كان من الممكن  أن تكون مناسبة.. ؛
ب- إن جودة خدمات مكاتب الدراسات، ينبغي أن تتطور في إطار نظام التقييس و شهادات المطابقة المسلمة من طرف منظمات مختصة.و لهذا، فعلى المهنيين أن يسهروا على اختيار و ضبط المقاييس الدولية ، و تكميلها بمعايير أخرى وطنية، تساير مستلزمات السوق الداخلية،و تنمية القطاعات المعنية.
 3- التخلي عن سرية التقدير المالي لصاحب المشروع:
أ- التخلي عن سرية التقدير المالي لصاحب المشروع،لأن ذلك يحقق المزيد من الشفافية، كما أنه لا يعوق المنافسة، بل على العكس من ذلك يمنع إعطاء الأفضلية بطريقة غير مشروعة لبعض المترشحين دون الآخرين؛
ب- إعداد الحاجيات و دفتر الشروط في إطار من الانفتاح و الشفافية، يسمح بالتواصل بين المقاولات و صاحب المشروع ( المشتري العمومي)،حتى يكون هذا الأخير على بينة من الأمر أثناء تحريره لدفاتر التحملات؛
4-  تحققيق الشفافية و المراقبة الناجعة، من خلال:
أ- إمكانية التتبع و الولوج المفتوح إلى المعلومات، خلال سريان المسطرة ، و حتى نهاية تنفيذ الصفقة  و تقييمها، و العمل على نشر تلك المعطيات في بوابة الصفقات العمومية؛
ب - جعل عمليات  المراقبة تأخذ في اعتبارها، النتائج المحصل عليها و كذا الوسائل التي تم تخصيصها، مقارنة مع تلك التي تم تحديدها في البداية، و المرتكزات الموضوعية  التي يؤسس عليها  صاحب المشروع اختياراته - ( من نمط إبرام  الصفقة، إلى الأخذ بملاحظات و طعون المتنافسين، و كذا مختلف الآجال  المحددة لانطلاق الأعمال و التنفيذ و الاستلام و الأداء و غير ذلك)-، دون إغفال الآثار الاجتماعية و الاقتصادية المتوقعة و المتحققة عبر الطلبية أو الطلبيات التي تم إبرامها؛
ج- دعم دور المفتشين العامين في الوزارات، و دور المراقبين الداخليين في المؤسسات العمومية. و من أجل ذلك، لا بد من العمل على تطوير الوضع القانوني لهؤلاء المفتشين، بما يضمن استقلالهم التام عن التراتبية الإدارية ( عن الوزير و المدير العام و غير ذلك)؛
5- تدعيم مسؤولية الآمر بالصرف، و تحقيق توازن أمثل في العلاقات بين الطراف المتعاقدة، و ذلك من خلال:
أ- اختيار نمط إبرام الصفقات و كيفية تقييم العروض:إن صاحب المشروع، بصفته الطرف المستفيد و المسؤول عن الصفقة، يجب أن يبقى صاحب السلطة في اختيار الطريقة الأنجع لإبرام الصفقة، و تحديد محتوى دفتر التحملات الخاصة.و في المقابل، يجب عليه أن يبرر اختياراته ضمن وثيقة تُضم إلى ملف الاستشارة، و توضع تحت تصرف العموم، على بوابة الصفقات العمومية، و لا ينبغي أن يكون صاحب المشروع، في هذا الإطار، ملزما بأن يعتمد ، بصفة منهجية، قاعدة الأقل سعرا.
غير أن ملف طلب المنافسة، و اختيارات صاحب المشروع، فيما يتعلق بطريقة  إبرام الصفقة، تبقى كلها قابلة للطعن و التعديل، إن لزم ذلك، على إثر تقديم أحد المتنافسين الدليل على كون بعض البنود تحد من المنافسة.
و تعتبر الورقة التبريرية لاختيارات صاحب المشروع، و كذا المراسلات المتبادلة التي تمت مع المتنافسين، عناصر ينبغي ضمها إلى ملف الصفقة و طلب المنافسة، الذي يمكن أن يكون موضوع افتحاص ، كما ذكر ذلك آنفا؛
ب- تأطير طلبات العروض: يجب ألا يتم إلغاء صفقة  سبق إسنادها إلا في حالات محددة و مبررة، لأن من شأن ذلك أن يحد من جالات إلغاء  طلب عروض في ظل شروط غير واضحة؛
ج-  تخفيض و ضمان آجال الأداء: من المهم إرساء آليات تضمن التحكم في الآجال الحقيقية للأداء، كما يشهدها واقع العقود المبرمة في إطار الصفقات العمومية.و من اجل ذلك، يتعين التحكم، من جهة، في آجال الاستلام، المحددة انطلاقا من تاريخ تسلم العمل، و من جهة أخرى، في آجال الأداء المحددة انطلاقا من تاريخ إيداع الفاتورة أو الحساب ؛
د- تأطير أجل توجيه طلب الخدمة:تحديد  الأجل الذي يتعين على صاحب المشروع  أن يوجه داخله طلب الخدمة إلى المقاولة التي رست عليها الصفقة؛
هـ- العمل على الحد من السلطة التقديرية لصاحب المشروع في التاويل الواسع لبنود دفتر التحملات الخاص، حتى لو كانت هذه الأخيرة غير دقيقة؛
و- تأطير قرارات فسخ الصفقات: الحد من الحالات التي يستطيع فيها صاحب المشروع اتخاذ قرار بفسخ الصفقة، حين لا يكون القرار مبررا بعجز مثبت لدى المقاولة التي رست عليها تلك الصفقة؛
ز- افساح المجال لإضافة تدقيقات تفصيلية أو توضيحية، بطريقة منهجية، إلى بعض وثائق الصفقة، عندما يتعلق الأمر بمشروعات استراتيجية أو غير اعتيادية، و سيكون من شأن هذه المرحلة إضفاء مزيد من الوضوح على العقد، دون المس بالمعايير المعتمدة في المنافسة بين المترشحينح
ح- إعطاء صبغة مهنية للمشتري العمومي و تغطية جميع المراحل: من اجل بلوغ الأهداف المرسومة للصفقات العمومية، يتعين تمكين المشترين العموميين من تطوير قدراتهم و التأهي الضروري لتحقيق عمليات الشراء.و هذا يعني على وجه الخصوصن أنه يجب معالجة  العمليات بالوسائل المناسبة، على امتداد جميع المراحل ( من تحديد الحاجيات إلى صياغتها الشكليةن فالاستشارة، فالتنفيذ، فالاستلام).و في هذا الإطار يجب ان تكون عملية الدراسات الاستطلاعية لتبرير جدوى المشاريع محل اهتمام خاص، مع اللجوء متى لزم ذلك، إلى أبحاث ميدانية ذات فائدة  عمومية، تتيح للمواطنين فرصة الإدلاء بتقديراتهم و اقتراحاتهم، أو مالديهم من مؤخذات على المشاريع،و ذلك لتمكين السلطة المعنية من أن تكون على بينة من كل العناصر الضرورية لاتخاذ القرار.
5- الطعون و التحديد الدقيق لحالات تنازع المصالح:
أ- تحديد حالات تنازع المصالح: عوض الاكتفاء بمنع تنازع المصالح، سيكون من الأنسب أن يتم الإبلاغ عن كل احتمال لوقوع تنازع للمصالح من شأنه إعطاء الامتياز لمترشح معين، و ذلك من قبل صاحب المشروع و كل الأ شخاص  المعنيين معه بتدبير الصفقات العمومية.كما يجب على صاحب المشروع، و/أو كل شخص معني، أن يتخذ في حال وجود احتمال لتنازع المصالح، الإجراءات الوقائية التي يراها ضرورية و كافية، و يخبر بها العموم ( عبر البوابة  على الخصوص)، و تحديد المشترين؛
ب- إحداث هيئة متكافئة  الأعضاء للطعون:لقد بينت الطريقة المتبعة حاليا في الطعون عن عدم فعاليتها، لأنها لا تتوافر الشروط الكافية للحياد و النجاعة.و من أجل ضمان اضطلاع الطعون بدورها الكامل، يوصى بإحداث هيئة مستقلة متكافئة الأعضاء، قادرة على أن تتخذ، في آجال محددة، قرارات ذات طابع نافذ.و ينبغي أن تعتمد الهيئة الجديدة في عملها على خبراء مهنيين مشهود لهم بالنزاهة و الحياد.
و بالموازاة مع إحداث الهيئة المشار إليها، إعداد و تشجيع الوساطة و التحكيم لمعالجة النزاعات التي يمكن ان تحدث في تأويل أو تنفيذ عقود مرتبطة بالصفقات العمومية.


[1]  على المستوى التنظيمي، تعتبر لجنة الصفقات تابعة للأمانة العامة للحكومة، و  تتكون من ممثلين عن القطاعات الأكثر اهتماما بالصفقات ( خبراء تقنيون)، كما  تتكون من عدد من المستشارين القانونيين التابعين للأمانة العامة.
و تصدر اللجنة آرائها الاستشارية - بحضور كامل أعضائها- بالإجماع أو بالأغلبية،و يوضح في محاضر اللجنة الرأي المخالف إن وجد، و حجة كلا الرأيين.
 و تتوافر اللجنة على كتابة دائمة تقوم ببحث و تحضير القضايا المعروضة عليها، و تجمع الوثائق، و تحفظ الأرشيف.
للمزيد من المعلومات، راجع موقع الأمانة العامة، على الأنترنيت.
[2]  يمكن استطلاع رأي لجنة الصفقات من طرف:
أ- رئيس الحكومة؛
ب- و الأمين العام للحكومة؛
ج- الآمرين بالصرف المعنيين؛
د- المراقب العام للالتزامات بنفقات الدولة.
[3]  راجع الظهير الشريف رقم 1.10.28 ، الصادر بتاريخ 18 ربيع الأول 1431( الموافق 5 مارس 2010)،المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5820، الصادر بتاريخ 24 ربيع الأول 1431 ( 11 مارس 2010).
و لقد عدل هذا القانون، بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.14.124 الصادر في 3 شوال 1435 (الموافق 31 يوليوز 2014)، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي .راجع الجريدة الرسمية عدد 6282 الصادر بتاريخ 17 شوال 1435 (الموافق 14 غشت 2014)، ص 6370 و ما يليها.
[4]  انظر تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي(ص ص 21 و ما يليها)، في موقع المجلس (إحالة ذاتية رقم 7/2012):www.ces.ma.( مع بعض التصرف)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق