السبت، 8 سبتمبر 2018

من الثانوية إلى الجامعة: ما يشترط في الطالب الجامعي

من الثانوية إلى الجامعة: ما يشترط في الطالب الجامعي



 الانتقال من الثانوية إلى الجامعة:ما يشترط له في الطالب الجامعي

بالنسبة للكثير من الطلبة الجدد ، يمثل الانتقال من الثانوية إلى الجامعة،تجربة صعبة تختلف عن كل ما عرفوه سابقا في حياتهم،فهم يشعرون بأنهم خرجوا من " الحضن العائلي" و "الحصن المدرسي "، اللذين كانا يوفران لهم الأمن و الأمان.أما بعد اجتياز أسوار الكلية ، فتغمرهم ( الطلبة الجدد ) موجات من الأحاسيس و المشاعر المتضاربة ، التي تختلط فيها الأحلام بالكوابيس ، و تختلط فيها مشاعر الاعتزاز بما أنجزوه في المرحلة قبل الجامعية ، بمشاعر الخوف و القلق بما ينتظر منهم إنجازه في الجامعة.
ذلك أن الالتحاق بالجامعة ، قد يكون هو أول مناسبة بالنسبة للكثير من الطلبة، ليشعروا بأنهم أصبحوا مسؤولين عن أنفسهم و عن مستقبلهم،بعدما كانت أسرهم و مدارسهم أو ثانوياتهم ، تتكلف بكل شيء، و تتحمل عنهم أعباء المسؤولية:فكان أولياء و أساتذة التلاميذ مسؤولين  عن طعامهم، و شرابهم، و ملبسهم،  و كتبهم،.. و عن تنظيم أوقات " عملهم" ..وراحتهم إلخ. و ها هم الطلبة الجدد ، بمجرد الالتحاق بالجامعة، يصبحون أقرب من ذي قبل، إلى هموم العمل و التفكير في المستقبل ،و الاستقلال المالي، و بناء أسرهم، و ما إلى ذلك من الأفكار التي لم يكن ليسمح لهم بأن يزعجوا أنفسهم بالتفكير فيها،عندما كانوا تلاميذ في الثانوية.
و لعل "ما يزيد  الطين بلة"، كما يقال، أن كل هذه " الهموم" و الإحاسيس و المشاعر المرتبطة بالمسؤوليات ، لا تأتي بشكل متدرج ، بل هي أعباء تلقى على كاهل الطالب، كل طالب جامعي جديد؛ دفعة واحدة، دون أن يكون قد هيء لذلك ، في الكثير من الأحيان!!
و من الحقائق الكبرى التي يكتشفها الطالب الجامعي المسكين،و التي قد تبعث في نفسه الكثير من القلق و التردد ؛ أن النجاح في الدراسة الجامعية ، يحتاج الكثير من المؤهلات المادية و المعنوية ، و على رأسها الرغبة الصادق و الحقيقية و القوية في طلب العلم و النجاح فيه ، بما يعنيه ذلك و ما يتطلبه من عمل جاد و صبر و نكران ذات، فضلا عن شروط أخرى تتعلق بالتنظيم و التخطيط.
إن إدراك هذه الحقائق من طرف الطالب الجديد، قد يصيبه بالرعب أحيانا، و قد يكون باعثا على اليأس و الإحباط لديه، أكثر من الأمل و الحماس، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك ضغوطات الحياة الطلابية الروتينية أحيانا(رتابة الحياة الجامعية، اكتظاظ المدرجات،المشاكل المتعلقة بوسائل النقل، و المطعم و الملبس و المسكن..إلخ). كل هذه الحقائق المزعجة، لا يلبث الطالب أن يدركها و يحس بضغطها، لاسيما  و أنه لم يتم إعداده في معظم من الحالات ، في الأسرة و لا في الثانوية ، لمواجهة هذه الأوضاع الجديدة و التعامل معها.
بل كل هذه العوامل ، و غيرها كثير ، تستنزف قوة الطالب الجسدية و المعنوية، فتزداد مخاوفه، و تضعف إرادته،و تتوقف قدرته عن التحصيل العلمي و الاستيعاب ، بل قد يصبح عاجزا عن الاستفادة حتى من معارفه و ثقافته السابقة و خبراته الماضية.
فالكثير من الطلبة أتوا إلى الجامعة ، ليس عن رغبة حقيقية في التعلم الجامعي، و بعضهم اختار الدراسة الجامعية ( و اختار هذه الكلية أو المعهد أو المدرسة أو تلك..من مؤسسات التعليم العالي)، ليس انطلاقا من محبة أو اقتناع بهذا النوع من الدراسات أو تلك ، و إنما لأسباب عائلية ، أو تقليدا لبعض الأصدقاء،أو لغيرها من الأسباب التي لا تمت بصلة للتعليم الجامعي.مثل هؤلاء الطلبة يجب أن يراجعوا أنفسهم، خلال الأسابيع الأولى بعد الالتحاق بالجامعة ، و يقفوا وقفة مكاشفة حقيقية مع عقولهم ؛ ليحددوا ما إذا كانوا راغبين و قادرين على متابعة الدراسة في الجامعة أم لا؟
حقا ، يجدر بكل طالب جامعي جديد أن يسأل نفسه :ماذا أريد ؟ و هل ما أريده ، موجود في الجامعة ؟ و في الجامعة فقط؟..؟
لربما، يجب القول بكل موضوعية و أمانة و صراحة ، أن الكثير من الطلاب الجدد ، ليسوا قادرين أو راغبين ، في خوض تجربة الدراسة الجامعية..لأنه تنقصهم المؤهلات و المستوى العلمي المطلوب أو المصادر المالية..أو غيرها من الشروط الأخرى؛لأنه شئنا أم أبينا، لا بد من الاعتراف بأن " التعليم الجامعي" لا يناسب جميع الناس، كما أن جميع الناس لا يناسبون التعليم الجامعي"؛ إذن هناك مجموعة شروط،أولية و أساسية، يجب أن يفي بها( يستوفيها) الطالب الجامعي ، و من أهمها:
أ- أن تكون لديه رغبة حقيقية في التعليم الجامعي؛
ب- أن يكون متوفرا على مستوى معين من التعليم ،لا يقل عن الحد الأدنى المطلوب في التخصص الذي يرعب في دراسته؛
ج- أن يتقن لغة التدريس تكلما و كتابة (إذ سيتلقى محاضرات و دروس، و سيطلب منه تقديم تقارير ،و إعداد عروض ..و المشاركة كتابيا و شفويا..في الكثير من الأعمال و الأنشطة الجامعية)؛
د- أن يتمتع بصحة جيدة، و أن تكون له الموارد المالية الكافية،..؛
ه- أن يكون لديه الوقت الكافي لمتابعة الدراسة الجامعية ( و التفرغ ، و لو نسبيا، لطلب العلم).
و هذه شروط مهمة، بل لعلها هي الأهم، و لكن هناك شروط أخرى غيرها، تختلف من مجتمع إلى آخر، و من جامعة إلى أخرى ، و لكننا هنا اكتفينا بذكر الحد الأدنى أو الأساسي منها، الذي يجب على كل طالب جامعي، أن يستوفيه؛و إلاّ فمن الأفضل له أن يسلك مسارا آخر، يؤدي به إلى مستقبل آخر، قد يكون بالنسبة إليه، أحسن بكثير ، و بذلك يكون قد كسب الوقت و الجهد.و بالله التوفيق.


هناك تعليق واحد:

  1. شكرا جزيلا على هذا المقال القيم المليئ بالعديد من النصائح لمواجهة المخاوف التي كانت ولازالت ورأود العديد من الطلاب الجدد في المرحلة النتقالية وارجو من الله تعالى أن يوفق طلبة العالم خصوصا ابناء آسفي الذين يعانون من ثبوت في الجو (OCP)وهو مأيزيد في توترهم بشكل كبير . وان يكون معينا لهم ...

    ردحذف