الأربعاء، 22 يونيو 2016

القراءة و الاقتبس لأغراض الدراسة و البحث العلمي

القراءة و الاقتبس لأغراض الدراسة و البحث العلمي

القراءة و الاقتباس:

القراءة،عبر أي وسيلة كانت- سواء في الكتاب المطبوع على الورق، أو الميكروفيلم أو الكتاب الإلكتروني( المنشور على الأنترنيت ، أو في الأقراص المدمجة..) أو غير ذلك- تظل هي القراءة نفسها.فهي عملية معقدة و صعبة، تحتاج إلى منهجية خاصة.كما أن استثمار نتائج القراءة ، بأنواعها،أي الاقتباسات، تحتاج هي الأخرى ، إلى تقنيات خاصة ، حتى لا تذهب أدراج الرياح (المبحث الأول).لاسيما و أن هذه الاقتباسات هي التي توثِّق البحث، أي تشهد له بالثبوت و الصحة.و من ناحية أخرى،فإن نسبة الأقوال إلى أصحابها،و هي ما يعرف بالأمانة العلمية، مبدأ تمليه التعاليم الدينية ، قبل الأخلاق العلمية (المبحث الآخر).

المبحث الأول: القراءة و الاقتباس :

تعتبر القراءة،  من أهم المهارات التي يكتسبها الإنسان؛ للقيام بأنشطته العادية و اليومية في التحصيل العلمي (المطلب الأول).و أيضا لإنجاز  الأعمال البحثية(قراءة المراجع، و الاقتباس منها)(المطلب الآخر).

المطلب الأول: القراءة و أنواعها:

تعتبر القدرة على القراءة و المهارة فيها، أهم وسيلة للتعلم(الفرع الأول). و كل أنواع القراءة مهمة للطالب،إلا أن أهمها، هي تلك التي تساعده على الدراسة أو الاستعداد للامتحانات أو لإنجاز البحوث (الفرع الآخر).
الفرع الأول: مفهوم القراءة:
 تعرف القراءة بأنها:".. عملية عقلية تشمل تفسير الرموز التي يتلقاها القارئ عن طريق عينيه، و تتطلب فهم المعاني، كما تتطلب الربط بين الخبرة الشخصية و هذه المعاني".
و من المتفق عليه، بين خبراء التعليم، أن هذه المهارة هي أهم وسيلة للتعلم، لصلتها بكل المهارات و المواد التدريسية و البحثية،إذ أن الطالب الذي يتفوق في القراءة ، يستطيع أن يتفوق في كل جوانب الدراسة و البحث العلمي.
غير أن القراءة ، ليست عملية سهلة أو بسيطة . فكما يتجلى من تعريفها، فهي عملية غاية في التعقيد، و لا تنحصر في مجرد التعرف على الحروف و الكلمات. بل تتضمن ، بالإضافة إلى ذلك، القدرة  على فهم المعاني و الكلمات ،و فهم معاني الجمل، و الربط بين تسلسل الأفكار،و أحيانا معارضتها بأفكارنا السابقة. بما يعنيه ذلك من قدرة على التذكّر، و التركيز ، و الاستيعاب ، و الفهم السريع، و القدرة على إعادة التعبير عما تمت قراءته.
و القراءة ، كي تكون فعّالة ، تحتاج منا إلى الكثير من الصبر، و التركيز على ما نقرأ و عدم التفكير فيما سواه و الإصرار على الفهم.و لهذا، فإن الكثير من الطلبة، الذين ألفوا " الأمور السهلة" ،و ألفوا الاعتماد على الأستاذ لا يستطيعون قراءة الكتب المفيدة و لا حتى المجلات و الصحف.و إذا حاولوا القراءة،فهم في الغالب يعتمدون على الأنترنيت، معتقدين أن ذلك يحقق الهدف من القراءة، متجاهلين حقيقة أن ليس جميع القراءات في الأنترنيت مفيدة،و أن العثور على المفيد و المثمر فيها أصعب من قراءة الكتب( كما رأينا أعلاه).

الفرع الآخر:أنواع القراءة:

و القراءة أنواع، تختلف حسب الغرض المراد تحقيقه منها، و من أهمها ثلاثة أساسية:
أ-القراءة السريعة(le survol ou lecture rapide):تختلف أغراض القراء و الباحثين من هذا النوع من القراءة. فيعضهم يستخدمها ، عندما يكون بصدد البحث عن معلومة بعينها(اسم ، أو تاريخ، أو مقولة، ..)، و لا يهتم بما سواها. في حين يكون غرض البعض الآخر منها؛ تكوين رأي معين عن محتوى الكتاب و قيمته العلمية ، قياسا إلى غيره من الكتب التي تنتمي إلى نفس الميدان(و لأجل هذا تعرف هذه القراءة بـ "تقنية فرز القشدة " la technique de l’écrémage ).
ب -القراءة الاستيعابية(lecture assimilative)، و هي قراءة عادية،القصد منها هو استيعاب محتوى النص المقروء بأجزائه و كلياته.و هي عادة،.تتم بسرعة بطيئة حتى إذا وجد القارئ  فقرات مفهومة أو معروفة بالنسبة له،يمكنه أن يزيد السرعة.
و غالبا، ما يستخدم الطلبة هذا النوع،في المراجعة التي يقومون بها ليلة الامتحان،عندما ينصب هدفهم،على استرجاع المعنى العام و الأفكار الرئيسية الواردة في المادة موضوع الامتحان.كما، تستعمل كمقدمة للقراءة المعمقة ،لاستكمال دراسة  نص معين مازال يثير بعض التساؤلات، أو لاقتباس ما يراه القارئ مفيدا.
ج - القراءة المعمقة أو النقدية(lecture attentive)، و هي أكثر أنماط القراءة عمقا ، و تنطوي على عمليتين   أساسيتين و هما الفهم و التقدير:لا بد عند القراءة النقدية،من الحرص على التأمل و التفكير فيما تقرأ، و التوقف بين الحين و الآخر، لتستوعب حصيلة ما قرأت:اختبر نفسك، كل مرة، و حاول تذكر(استرجاع)،أهم النقاط التي درستها ( قرأتها) للتو.و لقد أظهرت الدراسات العلمية، ان القراءة المتبوعة بالاستعادة، أفضل من مجرد القراءة دون أي محاولة للاستعادة ( المراجعة) أو التسميع.
و في هذا النوع من القراءة،على القارئ( الطالب/ الباحث)، أن يضع في يده قلم رصاص أو قلم حبر جاف ،و إلى جانبه بطاقة قراءة(دفتر أو مذكرة، أو جهاز كمبيوتر،أو ورقة..)؛ فيقرأ بتمعن ، باحثا منقبا عن المعلومات، و المفاهيم، و الأفكار، و الأرقام ،و التواريخ، و الفصول،و الأسماء..إلخ، التي تستحق التسجيل.
و القلم مفيد جدا، فهو يساعد على التركيز،فبدونه قد ينخفض الاستعداد الذهني، كما أن وجوده في متناول اليد، يساعد في تحديد النقط المستهدفة(وضع سطر تحتها أو في حاشيتها)،و تسجيل الأفكار التي قد تخطر بباله أثناء القراءة.فهذه الأفكار قد تصبح، هي أثمن ما يتبقى من تجربة القراءة البحثية.
و عموما، إذا كان هدف هذه القراءة هو الاقتباس ، فينبغي أن لا تستسلم إلى الرغبة في الاقتصار على قراءة الأجزاء التي تريد اقتباسها فقط،بل عليك أن تحرص على فهم النص المقتبس منه كله، حتى لا يكون الاقتباس خارج السياق.ثم عليك أن تدقق أكثر ، في المعلومات التي تريد اقتباسها، و تفحصها من جميع الجوانب، و تتساءل عن مدى انسجامها،مع باقي أجزاء الموضوع(المقتبس إليه) الذي تكون بصدد إعداده. ثم عليك ألا تتردد في نصب ميزان "النقد"، لتفحص و تمييز و تقييم  الأفكار، و الآراء ،و المقولات، و الإحصائيات..إلخ؛ التي تريد اقتباسها.

المطلب الآخر:الاقتباسات و الحفاظ عليها:

أثناء قراءة الكتب و المراجع الورقية أو الإلكترونية، يصادف الباحث بعض الأفكار و الآراء أو التعليقات ، أو النصوص التي يرغب في إضافتها إلى بحثه.و يحق للباحث  أن ينقل أو يقتبس ما شاء للاستشهاد به أو لإضفاء أبعاد أعمق على بحثه، شريطة التقيد ببعض الشروط و التقنيات(الفرع الأول).
غير أن متاعب الطالب/ الباحث، لا تتوقف عند تدوين الاقتباسات في بطاقات القراءة(أوراق أو دفاتر..)، بل عليه أيضا أن يبحث عن أفضل السبل لحفظها من الضياع(الفرع الآخر).

الفرع الأول:شروط الاقتباس و تقنياته:

إن عملية الاقتباس، من المصادر و المراجع الورقية أو الإلكترونية أو غيرها، هي" ..تدوين الفقرات أو الجمل التي لها علاقة بالموضوع المعالج،و ذلك إما بالنقل الحرفي أو  بالاختصار و التلخيص..." .
و إذن، فهناك طريقتان للاقتباس:الاقتباس الحرفي، أي نقل الأفكار و المعلومات بالأسلوب و الصياغة الأصلية الموجودة في الكتاب المقتبس عنه، أو تلخيص الأفكار و المعلومات المعروضة في المرجع أو المصدر، و التصرف فيها، بإعادة صياغتها بأسلوب شخصي.
و على الطالب أن ينقل الاقتباسات بأمانة،أي كما أوردها أصحابها دون تعديل (و نسبتها إلى قائلها):فإذا نقل بعض الجمل أو فقرة ، نقلا حرفيا دون تعديل، فيجب أن يضع ما اقتبسه بين علامتي اقتبس(أي بين هلالين مزدوجين).أما إذا عدّل في مضمون أو شكل الفقرة (من حيث الصياغة أو الأسلوب)، فيكتفي بالإشارة إلى المرجع في الهامش.
و من المستحسن أن يكون الاستشهاد أو الاقتباس قصيرا بقدر الإمكان حتى لا يغطي على البحث.على أن يكون مدموجا بالنص(المتن) المقتبس إليه.و في العادة، لا يزيد حجم الاقتباس عن (5-6) أسطر.فإذا تجاوز هذا القدر، عند الضرورة القصوى، وجب تمييزه  عن المتن، بإبعاده عنه من ناحيتي اليمين و اليسار، بحوالي سنتمر واحد من كل ناحية(كما فعلنا مع النص المقتبس أعلاه)
و مما يتمم هذه الفكرة،أن نقول بأن على الطالب الباحث أن ينتبه إلى  أنه يجب عليه ألا يترك للاقتباسات المجال لأن تغطي على عمله،بل  يفضل أن تبقى الاقتباسات محدودة، و قصيرة و مباشرة،و لا يتم اللجوء إليها إلا لتأكيد وجهة نظر معينة أو نفيها أو مناقشتها.و إذا سجل الطالب/الباحث تعليقا له أو ملاحظات شخصية في إحدى بطاقات المعلومات ، التي تتضمن اقتباسات،فعليه أن يتخذ الاحتياطات اللازمة حتى لا تختلط بالآراء المقتبسة.
و عموما، يمكن للباحث أن يسجل ما يشاء في هذه البطاقات، مع مراعاة بعض " الشروط و التقنيات" منها:
1- عندما تقتبس آيات قرآنية أو  أحاديث نبوية، فعليك التثبّثت في النقل (أن تقتبسها بشكل دقيق)،مع تشكيلها و تخريجها، و ذلك، على النحو التالي:
أ) بذكر اسم السورة و وضع نقطتين بعدها رقم الآية(مثال ذلك:قال الله تعالى:﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي و نُسُكِي و مَحْيَايَ و مَمَاتِي للهِ ربِّ العَالَمينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ و بِذَلِكَ أُمِرْتُ و أَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ(الأنعام:162).
 ب) بتخْرِيج الأحاديث الشريفة من كتب الحديث، أي ذكر الرواة و الأسانيد. مع ذكر طبعة الكتاب .مثال ذلك:أخرج الإمام البخاري في "باب النهي عن الكذب"، بسنده، عن أبي هريرة (رض) أن رسول الله (صقال:((آيةُ المنافقِ ثلاثٌ، إذا حدّثَ كَذبَ، و إذا وَعدَ أَخْلَف، و إذا ائْتُمِن خانَ)) ":الصحيح –...-مكتبة الثقافة الدينية- ج4 ص46).
- إذا أردت أن تقتبس حديثا شريفا،من احد كتب الحديث أو الفقه أو غيرهما،وقال صاحب الكتاب عن الحديث المراد اقتباسه:رواه الشيخان، أو رواه البخاري أو مسلم، فعليك ان تكون دقيقا في نسبة الحديث إلى مصدره، حتى لايؤخذ عليك شيء،فتقول مثلا:ذكره النووي في كتاب "رياض الصالحين" و عزاه أو نسبه غلى الشيخين، فلو كان النووي مخطئا في عزوه، فليس عليك ملامة" و من اسند فقد برئت ذمته".
2- عندما نقتبس من الكتب أو المواقع الإلكترونية، التي لها علاقة بعلوم القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية( كالتفاسير، و كتب الحديث، و كتب الفقه..)، يجب تحري أقصى درجات التدقيق، حتى لا نسقط في ما يغضب الله تعالى.
3- عند اقتباس الاجتهادات القضائية ، و النصوص التنظيمية أو التشريعية، احرص على نقلها حرفيا(مع ذكر أرقام الفصول أو المواد،و أرقام الظهائر أو المراسيم أو الأحكام..و تواريخ صدورها).كما يمكنك أن تنقل مضامينها بأسلوبك الخاص.
4- عند اقتباس الآراء الفقهية القانونية،يمكنك تلخيصها ،أو نقلها  بتفاصيلها بأسلوبك الخاص، مع الحفاظ على معانيها(انظر الهامش الخاص بالاجتهادات القضائية).و إذا نقلت رأيا فقهيا "خلافيا" ، أي حوله خلاف و لا يحظى بالإجماع أو القبول من جميع الفقهاء و الباحثين، فلا يجوز نقله بغير تنبيه إلى علاّته، أو بغير الإشارة إلى التحفظات الواردة عليه.
5- يمكنك اقتباس الأقوال و الأفكار و الفقرات ، التي تريد الاستشهاد بها، على أن تضعها بين  علامات الاقتباس،أي  الهلالين المزدوجين(= guillemets«..»).و إذا كانت هناك نصوص  أخرى مقتبسة ، فيمكن وضعها هي الأخرى داخل علامات اقتباس، و لكن مختلفة عن الأولى.
6-  عند اقتباس المعلومات،ينبغي تنقيتها من الأفكار الثانوية التي لا تخدم موضوع بحثك، و الاقتصار على المعلومات الأساسية.
7- إذا نقلت أي فكرة أو رأي..لا بأس أن تفتح قوسين لشرحه ، إذا تبين لك أن قارئ بحثك، سيستعصي عليه فهمه على النحو السليم.بل عليك أن تفعل ذلك، حتى بالنسبة للاقتباسات التي تستعين بها على فهم المحاضرات و الدروس؛فقد يصبح الاقتباس- خارج سياقه الأصلي- مع مرور الوقت، بدون أي معنى.و قد تضطر لإعادة قراءة المرجع الذي اقتبست منه.
8-عندما تقتبس مقولة أو رأي أو فكرة أو حكم، لنقده أو تفنيده / أو تأييده، فلا بد من إيراد النص أو الفكرة المنقودة كاملة، و في سياقها الأصلي،إن كانت قصيرة، أو باختصارها بأمانة.
9-عند الاقتباس من لغة أخرى ، لابد من اللجوء إلى الترجمة. و من شروط الأمانة  العلمية في الترجمة،  أن يحافظ المترجم على روح النص و أغراضه و شحنة تأثيره التي رغب صاحبها في إحداثها. و من شروطها أيضا، ألا تختزل المعلومات أو  يتم التصرف فيها ، إلا بقدر يسير ، و بغرض التوضيح و الشرح فقط.
10- و قد يحتاج الطالب الباحث في التاريخ، أو الفقه الإسلامي،أو تاريخ الفكر السياسي،..إلخ ، إلى الاستشهاد بالشعر العربي، و في هذه الحالة، عليه أن يُشكل الشعر ما أمكن ، خصوصا القديم منه،و يشرح ما قد يتضمنه من مصطلحات أو أسماء أعلام أو غيرها، حتى يقرب معانيه و دلالاته إلى فهم القارئ المعاصر.
11- و إذا أضاف الباحث فكرة أو معلومة إلى نص الاقتباس، و ضعها بين قوسين معقوفين [ ].
12- و إذا اضطر إلى أن يحذف بعض العبارات من الاقتباس ، في حدود السطرين إلى ثلاث ، جعل مكان المحذوف- عند بداية المحذوف و عند نهايته- ثلاث نقط بين قوسين (...).
الفرع الآخر:حفظ الاقتباسات:
بعد قراءة المعلومات و اقتباسها، و تدوينها في أوعية ورقية أو إلكترونية، لا بد من حفظها في مكان آمن، إلى أن تظهر الحاجة لاستخدامها.
و هنا يجب التمييز بين عدة حالات:هناك حالات يجب أن نبادر فيها إلى اقتباس المعلومات و حفظها فور الوصول إليها:بتصويرها مثلا و حفظها في ملفات، عندما يتعلق الأمر بمراجع ورقية. أما إذا كنت تقرأ، في الأنترنيت و حالفك الحظ و عثرت على معلومات مفيدة، و كنت تخشى من أن فقدانها، أو أن تضل الطريق المؤدية إليها؛ فلا تتردد في طبعها فورا على الورق، بواسطة الطابعة الملحقة بالكمبيوتر. أو تسجلها في ذاكرة الحاسوب(القرص الصلب)، أو  نسخها في أحد الأقراص المرنة(المضغوطة) ، أو في إحدى أجهزة التخزين المحمولة، التي تدعي "يو إ سبي فلاش"(USB flash)،أو اختصارا  ("مفاتيح" USB).
هذا فيما يتعلق بحالات الحفظ الفوري.و لكن في أغلب الحالات، لا تظهر الحاجة إلى حفظ الاقتباسات إلا بعد مرور بعض الوقت،أي بعد تجمع عشرات الصفحات من الاقتباسات.
و يختلف الطلبة ، في طرق حفظهم لهذا النوع من المعلومات التي يسجلونها، فبعضهم يفضل الاحتفاظ بها في المفكرات و الدفاتر، بينما يفضل بعضهم الآخر استعمال الأوراق المنفصلة(من حجم A4)، كما أصبح بعض الطلبة يستعملون الكمبيوتر المحمول.لكن الأغلبية ما زالت تفضل استخدام البطاقات (note card=fiche de renseignements).
و عموما، في نظري على الأقل، تبقى "طريقة التسجيل و الحفظ في أوعية ورقية"، أفضل من الاعتماد على الكمبيوتر، لعدة اعتبارات:فالكمبيوتر المنقول مازال بعيدا عن متناول الكثير من الطلبة،ثم و إن كان اسمه " المحمول" ، فهو غير قابل للنقل إلى كل مكان، فهو ما زال ثقيلا، كما أن ثمنه قد يغري اللصوص بسرقته.
أما الأوعية الورقية، فهي رخيصة، نسبيا، و خفيفة، و يمكن نقلها و حفظها في كل مكان، ثم هي لا تغري اللصوص..اللهم ، إلا "الجواسيس" أو الكسالى  من الطلبة.
غير أنه عند استعمال الدفاتر، على الطالب ، أن يكتب على أحد الجانبين(الأيمن أو الأيسر) و يترك الصفحة الأخرى فارغة، لأنه قد يرغب في مرحلة لاحقة أن يضيف معلومات أخرى، أو يعلق على ما كتبه في الصفحة المقابلة.كما يستحسن أن يقسم الدفتر إلى أقسام متساوية في الحجم ، بحيث يمثل كل جزء إشكالية فرعية أو قسم من التصميم(المقدمة..الفصل الأول..أو المبحث الأول..إلخ).
 أما عندما يستعمل الطالب البطاقات أو الأوراق المنفصلة لتسجيل الاقتباسات؛ فقد تظهر الحاجة ، مع مرور الوقت، إلى فرزها و تصنيفها؛ حسب عدة معايير كالمواضيع أو المواد الدراسية(قانون دستوري،أو قانون مدني، ..). أو نوعية المصادر (فقهية أو قضائية). أو حسب موقعها في التصميم(المقدمة،و الفصل الأول،و.. الخاتمة).أو لاشتراكها في بعض الجوانب الأخرى(إشكالية فرعية.. )، أو نوعية المشروع الدراسي أو البحثي ( التعمق في دراسة المحاضرات، إعداد عرض أو بحث، تعليق على حكم قضائي..إلخ).
 و بعد  الفرز و التصنيف، تجمع البطاقات و الأوراق المتشابهة ، لتوضع معا، في ظرف واحد، أو ملف واحد، أو علبة كرتون، أو حتى صندوق حديدي؛ لما لا؟..فهذه البطاقات، قد تكون، في مرحلة من عمرك الدراسي- و أتمنى من أعماق القلب أن يكون طويلا و مكللا بالتفوق- أغلى ما تملك.
ثم لا تنسى أن تكتب  على الوعاء الذي استوعبته البطاقات، عنوان البطاقات التي يستوعبها و يحفظها.
كما يمكن فرز و تصنيف  البطاقات البيبلوغرافية أيضا(حسب المؤلف مثلا)،لأن ذلك يساعد الطالب على توثيق المراجع بطريقة علمية،و يسهل عليه وضع بيبلوغرافية دقيقة، لأي عرض، أو بحث أو تقرير .. يكون بصدد تحريره.
وهناك سؤال، يتردد على أذهان الباحثين: هل تسجيل الاقتباسات في البطاقات(أوراق منفردة أو دفاتر أو غيرها..)،و وضع هذه الأخيرة في أظرفة أو غيرها من الأوعية، و وضعها في أماكن آمنة،، يعتبر كافيا لحفظها من الضياع؟ أم يجب اتخاذ إجراءات احتياطية أخرى؟
يختلف الباحثون في الإجابة  على هذا النوع من الأسئلة،باختلاف ظروفهم المادية و النفسية؛ فالباحث القلق ليس كالباحث المطمئن أو المستهتر. و الباحث الذي تكبد المتاعب في تجميع المعلومات، ليس كالطالب الذي عثر على المعلومات في أقرب مكتبة،..و هكذا.
من هنا، فقد تكون أفضل طريقة لحفظ (تخزينها) المعلومات، هي العمل بالمثل الذي يقول " لا تضع بيضك كله في سلة واحدة".بمعنى ، إذا كنت تسجل الاقتباسات على البطاقات أو الدفاتر أو الأوراق المنفصلة، فيجب أن تسجل نسخا منها على جهاز الكمبيوتر أو في  قرص بل أقراص مدمجة(ثلاثة نسخ).و إذا كنت تسجل الاقتباسات في الكمبيوتر، فعليك أن تحصل منها على نسخ (ثلاثة نسخ) مسجلة على أقراص مدمجة..و هكذا. بل يمكنك/يجب عليك  أيضا؛أن تصنع نسخة ورقية، بطباعة تلك الاقتباسات،و حفظها في ملفات أو أظرفة أو مكان آمن.

و بإمكان الطالب القلق، أن يطمئن أكثر،باستعمال وسيلة تخزين إضافية، و ذلك بحفظ عمله في أجهزة الحفظ المحمولة، التي تسمى "يو إس بي فلاش"( flash USB).و بهذا، يصبح عنده نسخ متعددة من مشروع عمله، حتى إذا ضاع بعضها بقي البعض الآخر.

الجمعة، 17 يونيو 2016

تصحيح امتحان الصفقات العمومية:العناصر الأساسية المطلوبة في الإجابة: 

الوضع( الذي قد يكون فيه صاحب المشروع)
الحل( الذي يمكنه الأخذ به)
عندما يكون صاحب المشروع قادرا على تحديد حاجياته بدقة..،فيمكنه أن يصفها تقنيا،و يقدر تكلفتها ماليا،و يتصور سبل تفيذها إداريا و قانونيا..
في هذه الحالة، و بالنظر إلى أنه يعرف ما يريد على وجه الدقة، يمكنه- إذن- أن يحرر " دفتر التحملات(الشروط) الخاصة":يتضمن مختلف الشروط المالية، و الإدارية، و القنية الخاصة بالصفقة، و يمكن أن نسميه بكل بساطة "عقد الصفقة"..، و يمكنه أن يحرر نظام للاستشارة ،يحدد فيه بشكل موضوعي و غير تمييزي و متناسب مع محتوى الأعمال، مقاييس قبول المتنافسين، و العروض البديلة(راجع المادتين 18 و 30  من مرسوم 2013، على سبيل المثال).كما يمكنه، أن يححد حاجيته بوضوح من خلال الإعلان أيضا( و محتواه)(راجع المرسوم).
في حالة عدم القدرة على تحديد الحاجيات، أو عدم اليقين حول انتظامها(كل سنة، أو كل ثلاثة شهور..) و مدى اتساعها(كمياتها، حجمها..)
في هذه الحالة،يمكنه اللجوء إلى :
أ-  صفقات اتفاقيات الإطار(accords-cadres
ب- صفقات بطلبات السند(marchés à bons de commande)
في حالة عدم القدرة على اختيار نوع الصفقة الأكثر فعالية لتلبية الحاجيات..
في هذه الحالة يمكنه، الجوء إلى:
المسطرة التفاوضية(procédure dialogue compétitif)، فهي ستساعده على تحديد حاجياته ، على نحو من الدقة،على أساس دفتر تحملات محدد جزئيا ،يمكن إتمامه و سد الثغرات فيه، نتيجة المفاوضات..
كما يمكنه كذلك اللجوء إلى نظام المبارة(في هذه الحالة ينظم صاحب المشروع نظام مبارة، وليس نظام استشارة، يحدد فيه " المحتوى و الحاجات المتوقعة":راجع المواد 63 و ما بعدها من مرسوم 2013..)

هذه هي أهم العناصر التي كان ينبغي تضمينها في الإجابة، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى، مثل الإشارة إلى أن تحديد الحاجيات بدقة، يسهل عمليات مراقبة تنفيذ الصفقة،إذ  يكون من السهل التفاهم بين المشتري العمومي و منفذ الصفقة، أثناء تحرير وثائق التسليم المؤقت و التسليم النهائي..دون مشاكل..إلخ.

الخميس، 16 يونيو 2016

تصحيح امتحان التشريع الضريبي:

تصحيح امتحان التشريع الضريبي:

يُتهم خريجو الحقوق، في السنوات الأخيرة، بأن حظهم من الذكاء قليل ، و أنهم لم يظهروا في حياتهم العملية، قدرات على التعامل مع المشاكل التي طرحت عليهم، ناهيك عن إبداع حلول جديدة، تدفع بالعملين التشريعي و القضائي و الممارسات المهنية ..إلى الأمام.
و يرجع الخبراء، تدهور مستوى الخريجين في هذه المرحلة الأخيرة، إلى اعتمادهم في حياتهم الدراسة على الحفظ دون الفهم، و من ثم عدم اكتساب مهارات البحث العلمي، و التحليل و المناقشة..و الفرق بين الطريقتين في اكتساب المعرفة واضح و بالغ التاأثير:فمن يحفظ، ينسى..و إذا نسي يعود للحفظ من جديد، لأنه لا يعرف إلا هذه الطريقة، و هي طريقة لا تسعف في التعامل مع المتغيرات و المستجدات.في حين أن من فهم الأسس التي تقوم عليها القوانين، يستطيع الغوص إلى أعماق المشاكل، و استخراج جوهرها، و إدراك ما فيه من تناقضات..فيسهل عليه حلها.
و من المهارات الأساسية التي يجب تلقينها لطلبة الحقوق، هناك ثلاثة  أصناف:
1- مهارة القراءة الاستيعابية،أو القراءة المعمقة، التي تقوم على التركيز، و استيعاب الكلمات و المصطلحات( كل كلمة كلمة، و كل مصطلح مصطلح..)، و فهم دلالاته،و معانيه،و أبعاده العامة أو الخاصة ( المرتبطة بالسياق..أو النص..موضوع البحث..أو السؤال)، حتى يتسنى معرفة ما هو المطلوب منك بالضبط؟ ؛
2- مهارة البحث عن المعلومات المتوفرة أو المتاحة لك، و في إطار الزمن المتاح لك أيضا، و التي لها علاقة مباشرة بالموضوع المطروح للبحث..أو كسؤال:العملية تتطلب غربلة و تصفية الكم الكبير ، الذي قد تختزنه في الذاكرة-( أو الكتب المتاحة..في حالة إجراء بحث)-، من العملومات؛لاستبعاد ما ليس له علاقة مباشرة بالموضوع، و الإبقاء على ما يدخل في الموضوع رأسا..بدون لَي و لا طي..و لا إعوجاج؛
3- المهارة الثالثة، و هي الأهم ربما، هي مهارة توظيف المعلومات التي لها علاقة بالموضوع..من خلال طرح الأسئلة الصحيحة؛ إي البحث عن المشكلة أو المشاكل( و المشاكل عندما تتعدد و تتشابك تسمى إشكالية)، و فهمها و من  ثم اقتراح ( أفضل حل) لها، بالنظر إلى المعلومات المتوافرة لديك، و الزمن المتاح لك.
من هنا، فالأسئلة التي أطرحها في الامتحانات، تحتاج من الطلبة بعض التركيز و الانتباه أثناء قراءة السؤال لمعرفة ما هو الطلوب على وجه الدقة. و تحتاج، فيما بعد، إلى منهجية للإجابة عنها..و أنا أعطي المنهجية أهمية كبيرة، لأنها هي الأساس في تكوين الطالب الجامعي، فإذا كان النجاح في الحياة المهنية يتطلب مهارات البحث عن المعلومة، و من ثم إخراجها بطريقة منسقة  و مقنعة، شفويا أو كتابيا؛فإن ذلك لا يتحقق إلا بامتلاك أدوات المنهجية العلمية.
و كثير من الطلبة، يعتقدون أن ملء الصفحات بالمعلومات، دون تنظيم و تنسيق، يعتبر إجابة، تبرر الحصول على المعدل، أو حتى نقطة جيدة.هذه فكرة خاطئة، لأنه عندما سيتخرج الطالبة، لن يجد صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومات، بقدر ما يجدها في تنزيم المعلومات، و من ثم عرضها.
و الأستاذ عندما يجد كما كبيرا من المعلومات، في ورقة الإجابة، من غير تنظيم و تنسيق، قد يشك في أن الطالب فهم المادة، بل قد يتبادر إلى ذهنه أنه مجرد ناقل لها، عن طريق استعمال وسيلة  من وسائل الغش.
و بالفعل، فالسؤال الذي يفرض نفسه دائما نفسه على الأستاذ، في مثل هذه الحالات، هو: من يدريني أن هذا الطالب(ة) فهم حقا المادة؟ و إن لم يكن فهم المادة، فلأستاذ لن يسمح لها بالارتقاء إلى المستوى الأعلى، فضميره المهني..و اخلاقه..لا تسمح له بذلك.قد يتسامح مع بعض الأخطاء، و لكن هناك حدود..لا يمكن لأي أستاذ أن يقطعها..إلا إذا كان منعدم الضمير..
لقد سقت هذا الكلام، بين يدي هذا التصحيح، حتى تعرفوا- أعزائي الطلبة- بعض " الخلفيات " التي تتحكم في عقلية المصحح، في الدراسات القانونية. و لتعرفوا كذلك، و هذا هو بيت القصيد، كيف تتجنبوا الأخطاء مستقبلا. و أخيرا و ليس آخر.. حتى لا يأتي أحدكم (أو إحداكن) ، ليقول:" يا أستاذ..أنا أجبت..أنا كتبت..كيت و كيت..و تناولت كذا و كذا..".
لأمثال هؤلاء أقول، إن المهم عندي هو كيف  تكتبون( أولا) و ما تكبون(ثانيا)..و ليس ما تكتبون فقط.
بعد هذه المقدمة، التي طالت أكثر مما كنت أتوقع، نبدأ- على بركة الله- الإجابة عن أسئلة امتحان التشريع الضريبي، للفصل الرابع..الدورة العادية ( السنة الدراسية 2015/2016).
*****
من عادتي أني أطرح الأسئلة التي قد تكون مواضيع للامتحانات..في سياق المحاضرات..مرة أقول أن هذا موضوع بالغ الأهمية، انتبهوا له..و مرة أتوقف طويلا عن نقطة معينة و أشرحها في أكثر من محاضرة..، و مرة أجيب عن سؤال أطرحه على نفسي..إلخ.و الطالب(ة) الذكي(ة) المواظب(ة) على الحضور، يتوصل بـ" الرسالة" و يفهم معناها..
و من المواضيع التي توقفت عندها طويلا،هذه السنة، و في أكثر من مناسبة، و أشرت إليها في المطبوع أيضا..و اعتبرتها إشكالية أساسية في التشريع الجبائي، هو موضوع التناقض بين رغبة المشرع و/ أو الإدارة في الحصول على أكبر إيرادات جبائية ممكنة، من ناحية، و لكن دون الإضرار بحقوق الملزمين ،و لا سيما دون المساس بمبدأ المساواة في تحمل الأعباء الجبائية..من ناحية أخرى.
و من هنا، جاء سؤال الموضوع الأول في الامتحان: حدّد مفهوم الدخل الضريبي.
الإجابة عن هذا السؤال، كان ينبغي أن تتم في إطار الإشكال الذي أشرت إليه أعلاه( و لكن يمكن أن تتم في إطار إشكاليات أخرى، شريطة أن يكون الطالب(ة) قادر(ة) على أن يدافع/تدافع عن وجهة نظره(ا)..).
فالدخل الضريبي..هو نوع من الأوعية..هو الوعاء الذي تكون مادته الضريبية مكونة من الدخل..و الدخل في الواقع عدة أنواع..منه الدخل الذي يأتي من العمل.و منه ما يأتي من الرأسمال( العقار المؤجر مثلا،..)..أي نحن أمام أوعية متعددة.ماذا نأخذ منها؟ و ماذا نبقي؟ و على أي أساس؟
و من المعلوم، أن المشرع الجبائي و الإدارة، حريصان على استمرار هذه الأوعية، و بقائها لأطول مدة ممكنة..حتى تبقى دائما مصدرا جبائيا..تبقى دخلا جبائيا..(و من هنا، إذن، سنتحدث عن النظريتين المشهورتين حول  الدخل:نظرية المصدر..و نظرية الإثراء).
و لكن، حتى يبقى الدخل مستمرا.. حتى يتكرر في الزمن..بشكل منتظم أو دوري..فيجب أن لا نقتطع الضريبة (من جذور الدخل)..بل من ثماره ( تذكروا مقولة الإمبراطور الروماني..عن جز صوف الخروف): من هنا، فالدخل الضريبي، في الواقع، الذي يهم المشرع و الإدارة الجبائية، هو الدخل الصافي..و ليس الدخل الإجمالي..و إذن يجب التمييز بين الإثنين..و الحديث عن التكاليف و النفقات التي تخصم من الإجمالي للوصول إلى الصافي..
و لكن هذا الدخل الصافي،كيف نحسبه؟ كيف نقدره؟ و من يقدره؟..المشرع الجبائي و الإدارة الجبائية معا، ليسا حرين في ذلك..بل يجب مراعاة مبدأ " العدالة الجبائية"، أي قدرة الملزمين الاقتصادية على أداء الضرائب..كما سبق القول.
و هذه القضية ، في جوهرها، هي قضية تشخيص الضريبة..أي الأخذ بعين الاعتبار الظروف الشخصية و المالية للملزمين..(انظر إجابة الموضوع الآخر).
و على ضوء ذلك، يجب أن نقول بأن  هناك عدة طرق لتقدير الدخل الإجمالي و الصافي..إلا أن أهمها، من وجهة نظر التشخيص، هو الإقرار أو التصريح..
و أيضا، هناك عدة طرق لحساب مبلغ الضريبة - أي تطبيق السعر على الدخل الصافي-، إلا أن أهمها، من وجهة نظر التشخيص، هو السعر التصاعدي..الذي يعفي حدا أدنى من الدخل، يعتبر ضروريا للمعيشة..
و بهذا، نخلص في نهاية المطاف إلى الدخل الضريبي..أي الدخل التي تعتبره الإدارة الجبائية، خاضعا للضريبة..بعدما تكون قد أزالت منه " كل الشوائب"..ليبقى صافيا..صالحا، لأن يقتطع " من جيب" الملزم..و ينقل إلى الخزينة العامة.
و بهذا تنتهي الإجابة " النموذجية" عن السؤال الأول..
و لكن هذا لا يعني أن الإجابات الأخرى خاطئة مائة بالمائة؛ بل أنا أقدر كل جواب على حدة، بقدر ما فيه من إبداع و ذكاء، في الطرح و التحليل و المناقشة، ..و بقدر ما فيه من احترام لأسس المنهجية من حيث الشكل..، و ايضا بقدر ما فيه من أخطاء في المعلومات، أو أخطاء إملائية و نحوية..إلخ.
***
الموضوع الآخر، و يتكون من سؤالين و نازلة أو مسألة حسابية..
سأجيب عن السؤال الأول و المسألة، أما السؤال الثاني، فلم يثر أي صعوبة، و توفق أغلب ،إن لم أقل،كل الطلبة في الإجابة عنه، مع تفاوت بينهم في درجات التوفيق...إذ التوفيق من الله، و لكن  كل و إيمانه و عمله.
أولا: التشخيص:
 يقصد بتشخيص الضريبة،أخذ المشرع بعين الاعتبار الحالة الشخصية للمكلف، و مركزه المالي.فيفرق في المعاملة الضريبية بين العازب و المتزوج، و بين المتزوج الذي ليس له أطفال و المتزوج له مجموعة من الأطفال..
و في الواقع فإن مفهوم التشخيص يتسع  لأمور أخرى أيضا.و عموما، يجب على الطالب(ة)، للحصول على النقط الكاملة الخاصة بهذا السؤال، و عددها ستة ، أن يستوفي في إجابته الملاحظات التالية:
1- أن مفهوم التشخيص، يتطلب إعفاء الحد الأدنى من الدخول و الثروات(الرأسمال)،الضروري للعيش؛
2- أن مفهوم التشخيص، يشتمل أيضا إعفاء جزء من الدخل مقابل الأعباء العائلية؛ إذ قد يكون الملزم مثقلا بأعباء عائلية( أسرة متعددة الأفراد): ولا شك أن تحمل هذه الأعباءالعائلية، يجعل القدرة الاقتصادية للمكلف أقل من شخص آخر،يساويه في الدخل أو الثروة،دون أن يثقل بذات الأعباء؛
3- اختلاف سعر الضريبة، تبعا لمقدار الدخل..و أيضا تبعا لنوع مصدر الدخل( فالدخل المتأتي من العمل يجب أن يعامل معاملة أخف من معاملة الدخل المتأتي من الرأسمال العقاري مثلا..).
ثانيا: المسألة:
المسألة كانت بسيطة و سهلة، يمكن الإجابة عنها في دقائق معدودة،..لأن الكثير من المعطيات التي تضمنتها لم تكن هناك حاجة إلى استعمالها، إنما وضعت لاختبار قدرة الطلبة على التركيز و الفهم.
و كنت أتمنى أن يقف الطلبة عند صيغة السؤال رقم (2): احسب الضريبة التي يجب/ أو لا يجب..
و كنت أرجو أن يطرحوا على أنفسهم سؤالا من نوع " لماذا جاء السؤال بهذه الصيغة؟ ".
لقد وضعت السؤال بهذه الصيغة، و فتحت المجال أمام خيارين:
1- هناك من سيرى؛ أن عليه أن يؤدي الضريبة...و كنت سأقبل إجابته، إذا برهن بالأدلة على صجة وجهة نظره؛
2- و هناك من سيرى؛ أنه ليس عليه أن يؤدي الضريبة..و كنت سأقبل إجابته،إذا أقنعني بصحتها.
ذلك أنه، كما قلت في مستهل هذا الحديث، يهمني " الكيفية"، ..كيفية الإجابة، كيفية التحليل، و طريقة الاقناع..، فبهذا الأسلوب نكتشف إن كان طلبتنا قادرون على شق طريقهم بنجاح في الحياة العملية، أم لا؟؟؟.  
أما فيما يخص حساب مبلغ الضريبة،..فهو كالتالي:
1- كما تعلمون، إن الهدف الأول الذي نريد بلوغه، هو حساب الدخل الصافي؛لأنه هو الذي سنطبق عليه الأسعار.غير أنه لبلوغ هذا الدخل، لا بد من المرور بمرحلة، نعرف من خلالها الدخل الإجمالي:
فما هو الدخل الإجمالي؟
في الواقع، هناك طريقتان:
1- كان من الممكن أن نجمع الدخول، للحصول على الدخل الإجمالي،ثم نخص منها العناصر المعفاة؛
2- أو نستبعد العناصر المعفاة من البداية، و نحسب فقط  عناصر الدخل الخاضعة للضريبة ،و هي كالتالي:95000(الأجر الأساسي)+30000(التعويض عن المسؤولية)=125000 درهم.
ذلك أننا أشرنا، في التماريخ أن النفقات المبررة، و التعويضات العائلية، تعتبر في أغلب التشريعات معفية من الضريبة(و كنا سنتحدث عن استثناءات، في سياق الحديث عن ضريبة الدخل، غير أنه للأسف لم يسمح الوقت بدراستها).
2- من الدخل الإجمالي، يجب أن نخصم (نفقات الحصول على الدخل):
125000- (125000×20/100)=100000 درهم.
3- و من هذا المبلغ يجب أن نخصم المبالغ (المحجوزة للمعاش و التأمين الاجتماعي):
100000-8000=92000 درهم.
هذا هو الدخل الصافي، و سنقوم بتشريحه، على النحو التالي:
300000(معفاة)
20000×10/100=2000 درهم
10000×20/100=2000 درهم
20000×30/100=6000 درهم
12000×34/100=4080 درهم
مجموع المبالغ المؤداة، عن مختلف الشرائح:
2000+2000+6000+4080=14080 درهم: هذا هو مبلغ الضريبة الواجب الأداء،قبل خصم الأعباء العائلية.و هذا الخصم، كما تعلمون، هو 360 درهم عن الزوجة و عن الأبناء:
و صاحبنا له 7 أبناء، إلا أن أحدهم يحقق دخلا يتجاوز الحد الأدنى المعفي، فهو إذن لا يعفى.يبقى ستة أطفال بالإضافة إلى الزوجة، أي ما مجموعه=360×7=2520 درهم.
 و لكن الحد الأعلى، لهذه الخصومات هو 2160 درهم، و عليه فإن مبلغ الضريبة الواجب الأداء هو:
14080 - 2160 = 11920 درهم:هذا هو المبلغ الذي يقتطع سنويا من دخل هذا الأجير.
للحصول على المبلغ الذي يقتطع شهريا:11920/12=993.33=993 درهم.
هنا..تنتهي الإجابة عن السؤال الأول..و عن المسألة، بالنسبة لمن يرى أن هذا الأجير غير ملزم بتقديم إقرار عن دخله السنوي..و السبب بسيط هو أن:
1- الدخل السنوي الصافي من الأرض الزراعية معفي من الضريبة؛
2- أن الدخل السنوي المتأتي من كراء المنزل، هو أقل من الحد الأدنى، أي معفي من الضريبة عن دخله العقاري.. و بالتالي فصاحبه معفي من تقديم الإقرار بهذا الدخل..
لاحتساب النقط كاملة، يجب أن يطرح الطالب هذه الأسباب بوضوح..و إلا عليه أن يتابع حل المسألة- إذا كان يريد حساب مبلغ الضريبة الذي يجب على الأجير أداؤه عن جميع دخله-، على النحو التالي:
بما أن  الدخل الصافي الناجم عن الأرض الزراعية ، معفي من الضريبة، فيجب أن نكتفي بحساب الدخل الصافي الذي تحقق من الإيجار، و نضيفه إلى الدخل الصافي من العمل:
أ- الدخل الصافي من الإيجار:24000- (24000×40/100)=14400 درهم
ب- مجموع الدخول الصافية:
14400+92000=106400 درهم.
هذا المبلغ..هو الذي سنقوم بتشريحه، على النحو الآتي:
الشريحة الأولى :300000 درهم ( معفاة)
الشريحة الثانية: 200002000 درهم
الشريحة الثالثة: 10000 2000 درهم
الشريحة الرابعة:200006000 درهم  
الشريحة الخامسة: 264008976 درهم
مجموع المبالغ المؤداة عن هذه الشرائح:8976+6000+2000+2000=18976 درهم.
هذا هو المبلغ الواجب الأداء عن مجموع الدخول، قبل خصم المبلغ المستحق عن الأعباء العائلية( إذ، كما هو معلوم، كل ملزم بالضريبة عن الدخل..فمن حقه خصم الأعباء العائلية عن ذلك الفرع من الدخل):
18976-2160=  16816 درهم.
و بعد ذلك، نخصم من هذا المبلغ الضريبة التي اقتطعت من المنبع:
16816-11920=4896 درهم.
هذا هو المبلغ الواجب الأداء عن مجموع الضريبة..من حيث المبدأ..إلا أن صاحبنا، غير ملزم بالإقرار عن دخله المتأتي من العقار؛لأنه أقل من الحد الأدنى..المعفي من الضريبة.


أتمنى لكم التوفيق..