الخميس، 26 مارس 2020



الباب الثاني :
لقد رأينا في الفصل التمهيدي،حدة النقاشات التي أثيرت ، في القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين، حول الطبيعة التعاقدية للعقود الإدارية.إلا أن حدة هذه النقاشات، فيما يخص الصفقات العمومية، قد خفت اليوم- حتى لا نقول اختفت -؛لأن المشرعين في مختلف البلدان، و منذ النصف الثاني من القرن العشرين، اختاروا أن يسدلوا الستار على هذا الملف بشكل نهائي، مؤكدين ، من خلال مختلف القوانين التي سنّوها، أن الصفقات العمومية، إن لم تكن بطبيعتها عقودا، فهي بحكم القانون كذلك.
 و من هؤلاء المشرعين، نجد المشرع المغربي، الذي مافتئ يصرح، في مختلف القوانين الصادرة عنه[1]،بأن الصفقات العمومية ، عقود ( المفصل الأول) تبرمها الإدارة( الدولة، او الجماعات المحلية، أو المؤسسات العمومية)( الفصل الثاني)، مع مقاول او مورد أو خدماتي بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات( الفصل الثالث)، مقابل عوض محدد( الفصل الرابع).و أن هذه العقود، غالبا ما تكون مكتوبة، و تتضمن دفاتر تحمُّلات تحدد الشروط التي بموجبها تنفذ الصفقات      ( الفصل الخامس).
الفصل الأول:الصفقات العمومية عقود:
يعرف العقد، بأنه " اتفاق بين إرادتين ، على إنشاء التزام أو على نقله" أو هو في تعريف آخر" اتفاق إرادتين على ترتيب أثر قانوني بإنشاء التزام أو نقله أو تعديله أو زواله"[2].و كي يصبح هذا الاتفاق صحيحا من الناحية القانونية ( و يحدث الآثار القانونية الملزمة)، فلا بد أن يتوفر على أربعة شروط     ( نص عليها الفصل الثاني من قانون الالتزامات و العقود)، و هي :
1.    أهلية المتعاقدين؛
2.    تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر الأساسية للالتزام ( الرضى أو التراضي)؛
3.    شيء محقق يصلح أن يكون محلا للالتزام المتولد عن العقد؛
4.     سبب مشروع للالتزام المذكور.
و لأن الرضى ( أو التراضي)، يعتبر الركن الأساسي في العقد، فسنتناوله أولا( هو و العيوب التي قد تشوبه)( مبحث أول)، ثم سنتناول بعد ذلك باقي الأركان، على التوالي :الأهلية، فالمحل،ثم السبب (مبحث ثاني).
غير أنه، و إن كان عقد الصفقة العمومية، يشبه ،في أركانه، عقود القانون المدني،إلا أن بنيانه لا يستقر في حقيقة الأمر، إلا إذا استند على ركن آخر ( خامس)، هو الكتابة( مبحث ثالث).
المبحث أول: الرضى و عيوبه:
العقود مبدئيا اختيارية،إذ لا يمكن إرغام أحد على التعاقد إلا برضاه.فإذا تحقق شرط الرضى أصبح للعقد قوته الإلزامية( المطلب الأول).و لكن قد يحدث ان يشوب هذا الرضى بعض العيوب، فيصبح فاقدا لقوته الإلزامية، و يتعرض بالتالي للإبطال( المطلب الآخر).
المطلب الأول: التعبير عن الرضى:
إن إبرام عقد الصفقة العمومية، لا يمكن أن يتم إلا إذا تبادل طرفا هذا العقد إيجابا و قبولا متوافقين، تعبيرا عن إرادة كل منهما الحرة، في إحداث أثر قانوني، متمثل في الالتزام بالصفقة.فالإدارة و المتعاقد معها، لا يمكن إخضاعهما لأي التزام بمقتضى عقد الصفقة،- ( كما لا يمكنهما الاستفادة منها ) – إلا إذا عبّرا عن إرادتهما في أن يكون هناك عقد:فإذا تحقق من أحد الطرفين إيجاب، و من الطرف الآخر قبول، يكون التعبير عن إرادة الالتزام قد تحقق و اكتمل، و بالتالي ينشأ العقد.
و تبادل الإيجاب و القبول في الصفقات العمومية، يتم وفق إجراءات معينة، قننها المشرع، و لا يمكن لطرفي العقد ان يخالفاها ( قواعد آمرة).و عموما، و مع مراعاة استثناءات قليلة، فإن الدعوة التي توجهها الإدارة، على شكل إعلان تعلن فيه عن صفقة عمومية ( في إحدى الوسائل المتعددة لنشر الإعلانات الورقية أو الإلكترونية)، تعد بمثابة إيجاب من الإدارة مستوفي لكافة الشروط القانونية؛لأنه يتضمن في الغالب،و بشكل دقيق و تام، كل العناصر الجوهرية للعقد المراد إبرامه.إلا أنه، من الناحيتين القانونية و الواقعية، لا يعتبر ذاك الإعلان عن الصفقة إيجابا حقيقيا ملزما للإدارة إذا ما لقي قبولا من أحد الراغبين في التعاقد، لأن الإدارة – و يدعمها القانون و القضاء الإداري في ذلك- تعتبر دعوتها لإبرام صفقة من الصفقات ( و المنشورة في إعلان من الإعلانات)، مجرد دعوة للتعاقد وليست وعدا بالتعاقد، تلتزم الإدارة بمقتضاه بالتعاقد إذا أظهر أحدهم رغبته في إبرام الصفقة.
و مهما كان الأسلوب المعتمد في إبرام الصفقة و سواء تم اتفاق الطرفين في " مجلس العقد" أو بعد مدة،فالإدارة تحتفظ لنفسها بالحق في الرجوع عن إيجابها أو دعوتها للتعاقد.فإذا كان أسلوب إبرام الصفقة هو " التفاوض المباشر" مثلا، فإن العقد يعتبر مبرما في نفس الوقت الذي يتم فيه الاتفاق على العمل و العوض ( الثمن).و قد يتجسد الاتفاق في التوقيع الفوري على الصفقة.و لكن مع ذلك، لا تعتبر الصفقة نافذة إلا بعد استكمال إجراءات المصادقة عليها، و قد يرفض من له الصلاحية المصادقة على العقد، بدعوى المصلحة العامة[3].
المطلب الآخر:عيوب الرضى:
عيوب الرضى تفترض ان شرط الرضى متحقق في العقد، و لكنه مشوب بعيب، أثّر على قيمته و قوته. و يترتب على وجود عيب من عيوب الرضى في عقود الصفقات العمومية، بخلاف العقود المدنية، أنها تصبح باطلة بطلانا مطلقا[4]. و يلاحظ هنا،أن القاضي الإداري ن و إن كان يستوحي أهم اجتهاداته من القانون و القضاء المدنيين، عند البت في قضايا العقود الإدارية، إلا أنه يبتعد عنهما في الكثير من الأحيان، لاسيما عندما تكون قواعد تسيير و تنظيم المرفق العمومي مهددة؛ فيفضل – وقتها- عدم الحكم بإبطال الصفقات العمومية حتى و إن كانت مشوبة بعيب من عيوب الرضى، و ذلك بهدف تحقيق استقرار التعامل ، و المحافظة على سير المرافق العامة بانتظام و اطراد.
و الرضى يكون معيبا، بصفة عامة، إذا شابه تدليس أو غلط أو إكراه أو استغلال. إلا أننا سنتناول فيما يلي، العيوب التي تشوب العقود الإدارية، أعني التدليس و الغلط، لأن حالات الإكراه و الاستغلال تكاد تكون نادرة، إلى منعدمة[5].
الفرع الأول : التدليس:
التدليس أو الخداع (Le dol)، هو" استعمال الحيلة بقصد إيقاع المتعاقد في غلط يحمله على التعاقد"[6]، و هو من المبررات التي يعترف بها القانون المغربي، لإبطال العقود ( حسب الفصل 52 من ق.إ.ع).
و هناك أحكام قديمة نسبيا، صدرت عن مجلس الدولة الفرنسي، قضت بإبطال العقود التي يشوبها التدليس. من ذلك على سبيل المثال، الحكم في قضية (Les grands moulins de corleil/14/12/1923)[7]. غير أن القاضي الإداري عموما، لم يجز إبطال العقد بسبب التدليس إلا إذا كانت هناك طرق احتيالية لجأ إليها أحد المتعاقدين بلغت من الجسامة حدا كبيرا، لولاها لما أُبرم العقد ( حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية الصادر بجلسة 21/11/1984)[8].
الفرع ثاني: الغلط:
الغلط (L’erreur) هو " وهم يقوم في ذهن الشخص يحمله على اعتقاد غير الواقع"[9].أو هو تصور للحقيقة يتولد في ذهن المتعاقد، يدفعه إلى التعاقد؛ إذ لولاه لما تعاقد ( المادة 40 من ق.إ.ع).
و الغلط أنواع، فهناك الغلط في شخصية المتعاقد، و الغلط في الشيء محل التعاقد أو قيمته ، و كذلك الغلط في القانون.و لكن القاضي الإدارين على ما يبدو- على الأقل الفرنسي-لم يقبل الطعون الرامية إلى إبطال الصفقات العمومية، بسبب وجود غلط في القانون أو في تقدير ثمن الصفقة؛لأن مثل هذه الأخطاء لا يتصور وقوعها من هيئات مهنية  محترفة[10] ، أو من الإدارة ( حكم مجلس الدولة في قضية الشركة Soc.de la piscine de la dame blanche/30/3/1980).و لكنه، في المقابل، اعتبر الغلط في الشخص المتعاقد أو في صفة من صفاته ( التي لها علاقة بالعقد)؛ إذ أن صفة الشخص المتعاقد (=intuitus personae ) تعتبر أساسية في الكثير من العقود، و من ضمنها العقود الإدارية،و تعتبر عيبا يجيز إبطال العقود الإدارية؛ و لقد قضى مجلس الدولة الفرنسي ببطلان عقد الصفقة الذي أبرمه الشخص( الطبيعي) بصفته الشخصية، في حين أن الإدارة قصدت التعاقد معه باعتباره ممثلا  لإحدى الشركات(شخص معنوي) ( حكم مجلس الدولة في قضية OPHLM du calvados[11]،بتاريخ /11/2/1972)[12].
المبحث الثاني: الأهلية، و الموضوع ، و السبب:
لقد أرجأنا الحديث عن الأهلية و الموضوع و السبب، لأنها قليلا ما كانت مبررات لإبطال العقود الإدارية.و مع ذلك، فقد يحدث أن يقرر القاضي الإداري إبطال عقد من العقود الإدارية،إما لوجود عيب في الأهلية (المطلب الأول)، أو في الموضوع (المطلب الثاني) أو السبب( المطلب الثالث).
المطلب الأول:الأهلية:
الأصل في الرضى الذي يتم به انعقاد العقد، أن يصدر من متعاقدين مؤهلين للتعاقد.و معلوم أن الأهلية المطلوبة في العقود الإدارية و منها الصفقات العمومية، تختلف عنها في العقود المدنية. فالأهلية، بالنسبة للمتعاقد باسم الإدارة هي امتلاك الصلاحية أو الاختصاص، أو الحصول على ترخيص أو تفويض ممن يمكن الصلاحية أو لاختصاص ، للتعاقد .و عموما، و باختصار شديد، فإن الصفقات العمومية لا تعتبر صحيحة إلا إذا أبرمها من له الصلاحية لفعل ذلك، و إلا اعتبرت باطلة بطلانا مطلقا[13].و لا يسمح القضاء الإداري بتدارك هذا الخطأ، و تصحيح العقد لاحقا ( a posteriori)، بتوقيعه من الشخص المؤهل لذلك. و هذا ما ذهب إليه القضاء الإداري الفرنسي( على سبيل المثال، حكمه في قضية Soc.d’Entreprises générales et de travaux publics pour la France et les colonies c/Mins.des travaux publics13/7/19611 ).
إلا أنه، في المقابل، يسمح للمتعاقد مع الإدارة، أن يطالب بتعويض عن الأضرار التي تكون قد لحقته جراء ذلك (حكم مجلس الدولة في قضية وزارة العدل ضد Entreprise Brep  ، و الصادر  بتاريخ 12/10/1949).
المطلب الثاني: المحل أو الموضوع:
لكي يكون هناك إلزام، فمن الواجب أن يكون للعقد موضوعا، و هو الشيء الذي يلتزم المتعاقد بالقيام به[14].فإذا تعلقت الصفقة، على سبيل المثال، بتوريد مواد غذائية إلى مطعم جامعي، فإن موضوع الالتزام بالنسبة للمورد هو تسليم المواد الغذائية  بالكميات و المواصفات المتفق عليها، و في الوقت و المكان المحددين في العقد.و يكون موضوع الالتزام بالنسبة للإدارة ( المشتري العمومي ) هو دفع الثمن المتفق عليه في العقد، بمجرد تسلم المواد الغذائية( باحترام و يكون موضوع الالتزام بالنسبة للإدارة ( المشتري العمومي ) هو دفع الثمن المتفق عليه في العقد، بمجرد تسلم المواد الغذائية( باحترام إجراءات الأداء طبعا).
و في القانون المدني، و يسايره القضاء الإداري في ذلك،يجب أن يكون المحل موجودا، معينا أو قابلا للتعيين، قابلا للتعامل فيه أي يكون موضوعه ممكنا و غير مستحيل في ذاته، و غير مخالف للنظام العام و الآداب( أي يكون شرعيا[15]).و من هنا، فلا يمكن للإدارة أن تلجأ إلى أسلوب التعاقد لتلبية كل حاجياتها،فلا يمكنها أن تنظم أو تسيّر بعض المرافق العامة السيادية ( كالأمن، و العدالة، و الدبلوماسية..إلخ)، عن طريق العقود الإدارية.كما لا يمكنها أن تتفق مع الأفراد، على اللجوء إلى التحكيم لفض المنازعات التي قد تنشأ معهم( إلا إذا كان القانون يسمح بذلك صراحة).و من هذا الباب، اعتبر القاضي الإداري أن الصفقة التي أبرمتها الإدارة و ترتب عنها تحديد الملك العمومي، غير ذات موضوع، لأنه لا يحق للإدارة  أن تنجز بواسطة العقود أعمالا تتطلب قرارات تنظيمية( حكم مجلس الدولة  في قضية Ass.les amis de la Terre 8/3/1985 ).و قضى القضاء الإداري المصري بأنه :"..إذا كانت الحكومة  قد تعاقدت مع المدعي على تنفيذ عملية توسيع و تعديل الطريق رقم 312، فإن مقتضى هذا التعاقد الإداري، أن يقوم المدعي بتنفيذ العقد من ماله الخاص، و على مسؤوليته. و هذا التعاقد لا ينسحب على ما ورد في البند التاسع من جدول الفئات الخاص بالعملية المتعاقد عليها المتعلقة بتوريد و تركيب بوابات حديد "طراز فهمي حنين"، متى كانت الحكومة قد اشترت براءة اختراع هذا النوع من البوابات، و صار من حقها دون سواها تشغيلها لمصالحها المختلفة دون الأفراد. و يترتب على ما تقدم اعتبار هذا البند من المقاولة، مما يتعارض في طبيعته مع جوهر العقد الإداري، إذ اتضح مما سبق أن موضوع البند التاسع من جدول الفئات مستحيل على المدعي، و على كافة الأفراد استحالة مطلقة، الأمر الذي يترتب عليه بطلان هذا البند..".


[1]  انظر على سبيل المثال المادة 3 ( الفقرتان 9 و 12) و المادة 15  من المرسوم 2.06.388، الصادر في 5 فبراير 2007، بمثابة ميثاق للصفقات.و المادتان 2 و 4 ( الفقرة 13) من المرسوم 2.12.349 الصادر في 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، و التي تنص على أن الصفقات: " عقود بعوض تبرم بين صاحب مشروع[ الدولة، أو الجهات،أو الجماعات الترابية الأخرى، أو المؤسسات العمومية] من جهة، و شخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى، يدعى مقاولا  أو موردا أو خدماتيا، و تهدف إلى تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات..".
و تنص المادة 13 ( الفقرة ألف)، على :" الصفقات عقود مكتوبة تتضمن دفاتر تحملات تحدد شروط إبرامها و تنفيذها..".
[2]  د.أنور سلطان- المبادئ القانونية العامة- الطبعة الثانية – دار النهضة العربية – بيروت 1978- ص279.
[3]  من هنا، يميز المشرع ، في المادة (4) من المرسوم 349/2013،بين نائل الصفقة، و هو " المتنافس الذي تم قبول عرضه قبل تبليغ المصادقة على الصفقة" و  صاحب الصفقة، و هو :" نائل الصفقة الذي تم تبليغ المصادقة على الصفقة إليه".
[4]  وجود عيب من عيوب الرضى في العقود المدنية، يؤدي إلى ان تصبح هذه العقود قابلة للإبطال.
و الجدير بالذكر هنا، أن كل عيب من هذه العيوب، يعرف بعيب " مخالفة القانون"،لأن القانون هو الذي حدد هذه العيوب.انظر: باينة- الوسائل القانونية للنشاط الإداري- م.س- ص ص 63 و 64.
[5]  الإكراه أو الخوف " هو ضغط على الشخص يولد في نفسه رهبة تحمله على التعاقد".أم الاستغلال و الغبن فهو "  عدم التعادل في الالتزامات المتقابلة التي يرتبها العقد، أي عدم التعادل بين ما يبذله العاقد و ما يأخذه": انظر- المبادئ القانونية العامة- م.س- ص303 و ص 305.
و من المستبعد جدا، أن تكره الإدارة أحدهم على التعاقد معها.أما التفاوت في الالتزامات في العقد الإداري، فهو أمر طبيعي، و لا يمكن أن يكون سببا لاعتبار العقد مشوبا بعيب من عيوب الرضى.
[6] المبادئ القانونية العامة- م.س – ص 301؛ القاموس القانوني- م.س- مادة " Dol".
[7]  و ملخص هذا الحكم أن العقد المنشأ  على نحو قانوني صحيح ، يكون ملزما للمتعاقدين كالقانون، إلا إذا شاب تصرفات أحد المتعاقدين، صبغة الخداع.فهذه التصرفات من شأنها أن تتسبب بفسخ العقد متى ثبت أن الطرف الآخر ما كان ليوافق على التعاقد بغيابها.عندئذ فإن هذه التصرفات تمنح المتعاقد المتضرر من الخداع الحق بالمطالبة بالتعويض عن الضرر، فضلا عن إبطال العقد.
[8]   إذ قضت :" طبقا لحكم المادة 127 من القانون المدني، و من حيث إنه عن ادعاء الطاعن بأن جهة الإدارة دلست بإيهامه أن السعر[ الثمن] الذي يتعاقد به هو سعر مجزٍ يحقق له ربحا، فإن هذا الادعاء عار عن الصحة، إذ تخلو الأوراق مما يفيد ذلك. كما أن الطاعن لم يقدم الدليل عليه. و فضلا عن ذلك فإنه بافتراض أن الإدارة أوهمته بأن السعر الذي تتعاقد به هو سعر مجز، فإن ذلك لا يعتبر تدليسا في مفهوم المادة 125 من القانون المدني، للمطالبة بإبطال العقد.ذلك أن الفقرة الأولى من هذه المادة تتطلب في التدليس الذي يجوز إبطال العقد بسببه، أن تكون ثمة طرق احتيالية لجأ غليها أحد المتعاقدين، تبلغ من الجسامة بحيث لولاها لما أبرم العقد. و مجرد إيهام الإدارة للطاعن بأن السعر الذي ارتضى التعاقد به هو سعر مجز، لا يعتبر في حال من الأحوال من قبيل الطرق الاحتيالية التي يجوز وصفها بالتدليس، سيما و أن الطاعن تاجر محترف، اعتاد التعامل في الأسواق و توريد هذه المحاصيل، و هو أعلم بمجال السوق و متطلباته و أسعاره، و من ثم لا يجوز عليه إيهام أو تغرير": اقتبسه قبلان- آثار القانون الخاص على العقد الإداري-ج1ص 253.
[9]  المبادئ القانونية العامة- ص 299.  و من الأمثلة التي يسوقها هذا المؤلف للغلط " ..كم يشتري قطعة حُلي على أنها من الذهب الخالص ، فيتبين أنها من الفضة المغطاة بطبقة من الذهب"(نفس المكان). و يضيف " و يشترط لاعتبار الغلط معيبا للرضى توافر شرطين: الأول: أن يكون الغلط جوهريا[ أن يكون هو الدافع إلى التعاقد].الثاني أن يكون الغلط داخلا في نطاق العقد[ داخلا فيما اتفق عليه المتعاقدان أو فيما يفترض اتفاقهما عليه]"( ص ص 299-230).
[10]  على سبيل المثال، الشركات التي تعودت التنافس على الصفقات العمومية، و التي تتوفر على موظفين و خبراء و مستشارين متخصصين في الميدان..
[11] Les organismes d'habitations à loyer modéré sont, en France, des organismes publics ou privés qui construisent ou gèrent des logements locatifs destinés à des personnes de condition modeste..
انظر موسوعة وكيبيديا،النسخة الفرنسية.
[12]    سليمان الطماوي- الأسس العامة للعقود الإدارية- اقتبسه :قبلان-م.س- ص 248.
[13]   و فضلا عن ذلك ،ينص قانون الصفقات العمومية، على أنه لا تعتبر الصفقات صحيحة، إلا بعد المصادقة عليها من طرف السلطة المختصة.و هذه السلطة هي" الآمر بالصرف أو الشخص المفوض من قبله قصد المصادقة على الصفقة، أو أي شخص آخر مؤهل لهذا الغرض بنص تشريعي أو تنظيمي"( المادة 4، من المرسوم 2.12.349).و تشمل هذه السلطة:
أ‌-        رئيس الحكومة و الوزراء أو من يقوم مقامهم، بالنسبة للصفقات التي تبرم لمصلحة الدولة؛
ب‌-    الآمرون بالصرف، أي الرؤساء، بالنسبة للجماعات الترابية،
ت‌-    المديرون بالنسبة للمؤسسات العمومية
[14]  إذا كان المحل عموما، هو "  الالتزام بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل"،فإن العقود الإدارية، و الصفقات بوجه خاص، تنصب على القيام بعمل أو أعمال محددة.
[15]   فلا يمكن للإدارة أن تكون طرفا في عقد يخالف القانون بمعناه الواسع:الدستور، أو التشريعات ( القوانين بالمعنى العضوي)، و القرارات التنظيمية( القوانين بالمعنى المادي)، و المبادئ العامة  للقانون، و العرف الإداري، و الاجتهاد القضائي (الإداري و المدني ).


المبحث الثاني: أهداف الضريبة
يمكن للدولة أن تحقق أهدافها، بعدة طرق قانونية مختلفة و متنوعة.فلمحاربة الفوارق الاجتماعية، قد تسن قوانين تقضي بزيادة أجور الطبقات الفقيرة و المتوسطة.و لتشجيع الاستثمار، قد تسن قوانين للشغل أو للصفقات العمومية، تجذب رؤوس الأموال الأجنبية، و تحفز رؤوس الأموال الوطنية،..و هكذا.
و لكن، بإمكانها أن تحقق نفس الأهداف، عن طريق التشريعات الجبائية أيضا، من خلال التغيير في أشكال الضرائب، و أعدادها، و أنواعها، و أسعارها..إلخ، من وقت لأخر .و هذا الرأي يلقى تأييدا كبيرا من أنصار الفكر المالي المعاصر،الذين يرون أن دور الضريبة، لا يجب أن يقتصر على الهدف المالي، على أهميته؛ بل يمكنها أن تحقق أهداف أخرى اقتصادية، و اجتماعية، و سياسية(المطلب الأول)، و ذلك بالتدخل، بشتى أنواع التدخل، في حياة الأفراد و الجماعات،و توجيهها الوجهة التي تريد الحكومات(المطلب الآخر).
المطلب الأول:الأهداف السوسيو- اقتصادية للضريبة
يرى المفكرون الاقتصاديون المعاصرون، أنه بإمكان الحكومات،استعمال نظامها الضريبي، بما فيه من ضرائب و إجراءات و قواعد، ترجمة إيديولوجيتها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، و تحقيق الكثير من الأهداف المرغوبة في هذه المجالات[1]. و هذا الرأي، يتناقض مع المفاهيم التي دافع عنها رواد الفكر الاقتصادي، خاصة المدرسة الرأسمالية الليبرالية.
أولا: الأهداف الاقتصادية
و بالفعل، فبعدما كان أنصار المذهب الفردي الليبرالي- من تلاميذ "آدم سميث"، و "ديفيد ريكاردو" و "جان بابتست ساي" و غيرهم-، يعتقدون أن دور الضريبة يجب أن يقتصر على تغطية نفقات الدولة الحارسة( الأمن الداخلي، و القضاء،و الجيش..) ،و أن ليس من حقها أن تقتطع أموالا من الملزمين، لتنفقها في "أمور لا تنفع"( إنشاء مرافق عامة، أو مساعدة الفقراء مثلا)، و أنه من الأولى ترك الأموال بأيدي أصحابها، فهم أدرى بأوجه الإنفاق النافعة، لهم و للمجتمع(تذكر هنا، نظرية "اليد الخفية").جاء أنصار المذاهب الاجتماعية ( الاشتراكية، و الفاشية، و النازية، و غيرها)، و أنصار تدخل الدولة (من الليبراليين الديمقراطيين) أيضا، ليدافعوا عن الرأي القائل بأن للضريبة، أكثر من دور قد تقوم به في مصلحة المجتمع و الدولة معا، من ذلك على سبيل المثال أنه:
أ- الضريبة، تؤدي إلى تحول (نقل) في المصادر المالية من القطاع الخاص إلى القطاع العام، و هي بالتالي، تعمل على توسيع حصة القطاع العام،و بالتالي تأثير الحكومة في الاقتصاد الوطني، و توجيهه الوجهة التي تريدها، حسب اختياراتها الاقتصادية:فمن خلال المشاريع الكبرى( في التجارة أو الصناعة أو الخدمات، أو البنية التحتية..إلخ)، التي يستثمر فيها القطاع العام، يمكن للدولة  أن تنشط الحركة الاقتصادية و التنموية عموما من جهة، و الزيادة في الإنتاج الوطني من جهة أخرى [2]؛
ب- يمكن للدولة أن تستعمل الضرائب لتحقيق الادخار العام، الذي يساهم فيه جميع المواطنين و لا سيما الأغنياء منهم ؛ لتمويل برامج استثمارية تنموية، بدلا من إبقاء الأموال متراكمة في البنوك ، أو انفاقها على الاستهلاك التافه.لا بل يمكن استعمال الضرائب، لتضريب هذا النوع من الاستهلاك، و تخفيفها عن فروع أخرى من الاستهلاك الاستثماري المنتج(إنشاء المقاولات الصناعية،مثلا)..،كما سنرى فيما يلي؛
ج- أجل، يمكن تخفيض الضرائب، على الدخل و على الاستهلاك مثلا، أثناء فترات الركود و الانكماش، من أجل الزيادة في الانفاق. أو لإحداث أثر معاكس؛ يمكن الزيادة في الضرائب، أثناء فترة التضخم- الارتفاع الشديد في مستوى الأسعار-،لإضعاف القدرة الشرائية لدى الأفراد؛
د- و عموما، يستطيع النظام الضريبي أن يؤثر على سلوك الأفراد و الشركات، بطرق شتى منها:
د/1- يستطيع التأثير على تفضيلات المستهلكين، فمثلا، عند فرض ضريبة على السلعة (أ)،فإن ذلك يوجه المستهلكين إلى شراء السلعة (ب)، إذا كانت هذه الأخيرة تمثل بديلا للأولى؛
د/2- يستطيع نظام الضرائب التأثير على قرارات المستثمرين ، و ذلك بإعادة توزيع الاستثمارات على مجالات الانتاج المختلفة[3]:الانتقال من قطاع مثقل بالضرائب(كالصناعة)،إلى قطاع مخفف من الضرائب( كالسياحة، أو الفلاحة..):فمثلا، يمكن للضريبة على  ملكية الأراضي الزراعية (ضريبة على الرأسمال)، أن تحفز الملاك على استغلال أراضيهم. و لكنها، في المقابل، يمكن أن تثني الناس عن الاستثمار في الأراضي الفلاحية، إذا كانت عبئا ثقيلا على صغار الفلاحين. و يمكن ان تكون الضرائب غير المباشرة- الرسوم الجمركية مثلا- على الواردات وسيلة لزيادة حصيلة الدولة من الضرائب، أو لخفض الاستهلاك على بعض السلع المستوردة.و لكنهان يمكن أن تقلل من قدرة الصادرات على المنافسة، إذ كانت مدخلاتها (المواد الأولية التي تستعملها، مثلا)، ستتأثر بتلك الضرائب(كأن تكون ، تكون تلك المواد الأولية، مستوردة، و دفعت عنها رسوم جمركية عالية)[4].
ثانيا: الأهداف الاجتماعية
 من الناحية الاجتماعية، يمكن استخدام الضريبة، في تحقيق أغراض اجتماعية كثيرة، على رأسها تحقيق العدالة الاجتماعية ، و إعادة توزيع الثروات الوطنية، لصالح الفئات الفقيرة ، بإعفائها كليا أو جزئيا من الضرائب( من خلال الضرائب التصاعدية، و الإعفاءات العائلية، و إعفاء الحد الأدنى للدخل..).أو بإعفاء السلع و الخدمات الأساسية التي تستهلكها. و كذا إعفاء أو تخفيف الضرائب عن المؤسسات العامة( التي تقدم خدمات اجتماعية لهذه الفئات، من الضرائب و الرسوم، و بذلك تصير مجانية، أو قليلة التكلفة ( مثل خدمات التطبيب، و السكن الاجتماعية، و التعليم الأساسي،..إلخ).
كما يمكن، استعمال الضرائب أيضا للحد من استهلاك بعض السلع غير المرغوب فيها، أو الضارة بالصحة، كالخمور و التبغ، أو عن طريق تخفيضها على سلع استهلاكية ضرورية ، كالدقيق، و اللحم، و الكتب و الأقلام و غيرها، مما يحتاجه أبناء الطبقات الفقيرة .
ثالثا: الأهداف السياسية
يؤكد لنا تاريخ الضريبة، أنها في الأصل كانت تؤديها القبائل و الشعوب المغلوبة ، للدول الغالبة.و داخل هذه الشعوب الغالبة، كان يعفى منها الحكام، و النخب الحاكمة، المدنية، و العسكرية.لذلك ارتبطت في أذهان الناس، بمعاني الخضوع و الذل و الصغار و المهانة، و بمعاني الفصل و التمييز بين الحكام و المحكومين:الفئة الأولى لا تؤدي الضرائب، و الأخرى تؤديها لها الضرائب.
و رغم أن مفهوم الضريبة في زمننا المعاصر، لم تعد لها تلك المعاني القديمة،خاصة ذلك المعنى القدحي(الذل و الصغار)؛ إلا اننا ما زلنا حتى يومنا هذا،- و رغم كل الثورات الاجتماعية و السياسية، التي حدثت في ميادين حقوق الإنسان و المساواة و الديمقراطية-، نرى أن الضريبة تضرب على الفئات المستضعفة أو المغلوبة على أمرها. و يعفى منها - بطرق مختلفة- الأغنياء و الأقوياء.بل إن كثيرا من النظم السياسية، تستعمل الضرائب لتحقيق أغراض سياسية، فتحابي أتباعها و أنصارها، كطبقة الملاك العقاريين مثلا، أو أصحاب رؤوس الأموال، أو طبقة العمال و الموظفين،حسب الإيديولوجية السياسية التي تتبناها كل سلطة سياسية[5] ،..لضمان تأييدهم لها، في كل وقت و حين، لا سيما في أوقات الأزمات[6].
كما أن الكثير من الدول، تستعمل نظمها الجبائية، لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، باعتبار أنه هو الضمانة الأساسية، لتوفير الحد الأدنى من الاستقرارين السياسي و الاجتماعي؛ فتعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية، و تمنحها تسهيلات و إعفاءات جبائية كثيرة، بالإضافاة إلى إغراءات أخرى:و يتم هذا بصفة عامة، باتخاذ إجراءات تندرج ضمن ما يسمى عادة ، بتوفير " المناخ الإيجابي للاستثمار"، فتسن قوانين للاستثمار تتضمن حوافز و امتيازات، سواء فيما يتعلق بالإعفاء جزئيا أو كليا من الرسوم الجمركية، أو الضرائب المباشرة( و خاصة الضرائب المحلية)، بالإضافة إلى تسهيلات فيما يتعلق بنقل الأرباح و رؤوس الأموال، و ضمانات أخرى ضد التأميم،أو فيما يتعلق بالنزاعات الاجتماعية و حلها[7].
المطلب الآخر: أساليب تدخل الضريبة في التوجيه[8]
تستعمل الضريبة في توجيه الحياة الاجتماعية،في أبعادها الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية (بمفهومها الضيق)، و ذلك بعدة طرق، من أهمها:
أولا:التدخل بالزيادة و النقصان
يمكن للدولة،في حالة التضخم مثلا، أن تقوم بزيادة العبء الاجمالي لكل الضرائب، فيؤدي ذلك الحد من حرية الأفراد في الاستهلاك،إذ أن زيادة الضرائب- من حيث عددها أو من حيث أسعارها -،تخفض القدرة الشرائية ، و الطلب على السلع الاستهلاكية أو حتى الاستثمارية؛فتدخل أسعار السلع و الخدمات في مرحلة جمود،و يبدأ التضخم في الزوال.. و إذا طالت مدة " الضغط الجبائي"، قد يدخل الاقتصاد في حالة ركود.
و قد تعكس العملية عندما تعاني الدولة من ركود أو انكماش؛ فتقوم الدولة بتخفيف العبء أو الضغط الجبائي، تخفيفا هاما أو عاما، و لا سيما على مستوى الضرائب على الاستهلاك (الضرائب غير المباشرة)[9]؛ فينتج عن ذلك تخفيض أسعار السلع  و الخدمات..، فيزيد الطلب عليها، و بالمحصلة النهائية، نصل إلى تنشيط الاقتصاد من جديد.
ثانيا: التدخل عن طريق التفرقة في المعاملة
من حيث المبدأ العام، يجب استعمال الضريبة بطريقة عادلة و منصفة، دون تمييز بين المكلفين بها.إلا أن الدولة قد تضطر أحيانا، إلى التمييز في المعاملة بين الملزمين، أفرادا أو جماعات، أو أوعية مختلفة.
فعندما تلاحظ الدولة، أن أقاليم معينة، تعاني من أزمة سكن(قلة المعروض من الدور السكنية)، تخفف من الضرائب على العقار، في هذه الأقاليم ، لجذب المستثمرين إليها.
و بذلك، يمكن جذب الأفراد و المقاولات، إلى الميادين و الأنشطة و المناطق التي تريد الدولة إنعاشها أو تنميتها،بفضل ما تمتثله تلك الإعفاءات أو التخفيضات الضريبية من إغراءات:بهذه الطريقة ، تشجع الدولة المغربية المنعشين العقاريين، في ميدان البناء الاقتصادي، على سبيل المثال لا الحصر.
و مثال آخر، عندما تريد الحكومة أن تشجع المستهلكين، على استعمال الأكياس الورقية، و تقلل استعمالهم للأكياس البلاستيكية( حملة" زيرو ميكة")،يمكنها أن تحارب صناعة أكياس البلاستيك؛ بإثقال هذه الصناعة بالضرائب: بزيادة الرسوم الجمركية أو الضريبة على القيمة المضافة على المواد الأولية اللازمة لها، و تفعل عكس ذلك مع صناعة الأكياس الورقية مثلا،أي تخفف الضرائب عنها..و عن كل المواد الأولية التي قد تحتاجها.. و قس على ذلك[10].
ثالثا: التدخل عن طريق نظام الأسعار الجبائية
يمكن للدولة، و عن طريق التقنيات الجبائية، أن تتدخل لإحداث الآثار التي تتوخاها، في كل الأصعدة.فلو أنها أرادت أن تشجع أصحاب رؤوس الأموال،لأخضعت الضرائب، على الدخل مثلا، لأسعار نسبية. و لكن لو أرادت إعادة توزيع الثروات، و الدخلول، بطريقة تحقق نوعا من العدالة الاجتماعية،عن طريق تحويل جزء من ثروة الأغنياء- الفائض عن حاجياتهم-، و انفاقه لفائدة المجتمع أو لفائدة الفئات الفقيرة؛لأمكنها أن تستعين بالأسعار التصاعدية، لبلوغ هذا الهدف:فتجعل الاقتطاعات(الأسعار) من الوعاء ( من الدخل مثلا) تكبر، كلما كبرت ثروة المكلف الغني.
***
و الحاصل، أن المشرع الجبائي المعاصر، يمكن أن يستعمل الضرائب لتغطية النفقات العامة التقليدية للحكومة، كما يمكنه أن يستعملها لتحقيق أهداف اقتصادية و اجتماعية، و حتى سياسية.غير أنه لا ينبغي المبالغة في توجيه الضريبة لتحقيق أهداف غير أهدافها الأصلية.لا سيما، أن من " يمتطي" الضريبة، لبوغ أهدافه، يمكنه الوصول إليها، بوسائل  و عبر طرق أخرى، قد تكون أكثر فعالية: فلجلب المستثمرين الأجانب، مثلا، لا ينبغي التعويل على الإعفاءات الجبائية فقط، بل هناك عوامل أخرى قد تكون أكثر أهمية بالنسبة لهؤلاء المستثمرين، مثل توفر البلد على  قوانين متطورة، و على قضاء النزيه،و على البنيات التحتية الجيدة، و  المرافقات و الخدمات العامة المتاحة للجميع لا سيما لليد العاملة ( التعليم، و الصحة..)، و من ثم يد عاملة تتوافر على صحة جيدة،و تعليم ممتاز يمكنها من التعامل مع التكنولوجيا..إلخ.



[1]  إن المشرع الجبائي، في كل بلد، يحاول من خلال الضرائب العديدة و المتنوعة التي يفرضها، تحقيق أهداف عامة بواسطة النظام الجبائي ككل، و أهداف خاصة من خلال كل ضريبة على حدة، يقول الدكتورنائل عبد الحافظ العواملة في هذا  الصدد:"...و من الطبيعي وجود بعض الأهداف الخاصة بكل ضريبة لوحدها، فمثلا ضريبة الدخل التصاعدية تحاول تحقيق العدالة الاجتماعية من حيث المبدأ، بالإضافة إلى جمع الواردات و غيرها من الأهداف الضرائبية العامة.و على سبيل المثال أيضا، تهدف الضريبة الجمركية إلى حماية الصناعات و المنتجات الوطنية و تحسين وضعها التنافسي أمام المستوردات الأجنبية..":  الإدارة المالية العامة بين النظرية و التطبيق..- م.س-  ص132.
[2]   د.نائل عبد الحافظ العواملة - الإدارة المالية العامة بين النظرية و التطبيق : مدخل نظامي مقارن- الطبعة الثانية- مؤسسة زهران- عَمان 1990- ص 130 و ص 130.
[3]  يوجد في التشريعات الجبائية، لكثير من البلدان النامية( و منها المغرب)  و حتى المتقدمة، قواعد و إجراءات، تهدف إلى تشجيع الاستثمارات، من خلال منح بعض المزايا و الإعفاءات و التسهيلات الجبائية، التي تحفز المستثمريين المحليين، و تحاول كذلك جذب المستثمرين الأجانب، و حثهم على إنشاء مقاولات تجارية و صناعية أو خدماتية، للمساهمة في تحسين أداء الاقتصاد الوطني.
[4]  د.حمدي أحمد العناني- اقتصاديات المالية العامة: في ظل نظم المشروعات الخاصة- الدار المصرية اللبنانية- القاهرة 1987- ص ص 144-45؛و ج.م.أب صعب- دور القانون في عملية التنمية مع إشارة إلى نقل التكنولوجيا إلى الدول النامية- ضمن كتاب: العلم و التكنولوجيا في الدول النامية- مؤلف جماعي، أشرف على تحريره : كلير نادر و ا.ب.زحلان- ترجمة:د.ابراهيم عصمت مظاوع ، و د.ابراهيم بسيوني عميرة، و د.أحمد فؤاد عبد الجواد- دار المعرفة - القاهرة (دون تاريخ)- ص579
[5]  عندما كانت فرنسا، في عهد لويس الرابع عشر، في حاجة إلى الرجال لتجنيدهم، لتلبية حاجيات الجيش و الأسطول البحري، في القارة الأوربية و ما وراء البحار، فقد أعفت الدولة من الضرائب كل من يتزوج قبل العشرين، أو ينجب عشرة أطفال شرعيين.و ظهر في بريطانيا، قانون مشابه في عهد الحروب النابليونية، و بالضبط سنة 1806، و كان يعفي الوالدين من جزء من الضرائب إذا أنجبا طفلين ( و قد ألغي هذا القانونن بعد نفي " نابليون" إلى جزيرة " سانت هيلانا"، أي بعد زوال الحاجة إلى قوة حربية كبيرة).د. محمد السيد غلاب- في قانون السكان لتوماس مالثوس- تراث الإنسانية- م.س- ج ص 173.
[6]  السويسي-م.س- ص 80.
[7] أبي صعب- دور القانون في عملية التنمية..- م.س- ص579
[8]  اعتمدت في تحرير هذا المطلب، بالأساس، على د.هشام محمد صفوت العُمري- اقتصاديات المالية العامة و السياسة المالية- الجزء الأول- الطبعة الثانية-  جامعة بغداد -بغداد 1988- ص ص 95-96.
[9]  سندرس أنواع الضرائب، بالتفصيل لاحقا..إن شاء الله تعالى.
[10]  د.فاطمة السويسي- المالية العامة- م.س- ص 79.

الأربعاء، 25 مارس 2020


المبحث الثاني:مبادئ الضريبة
مبادئ الضريبة كثيرة، منها مبدأ السنوية..و إقليمية الضريبة..و عدم ازدواج الضريبة،..و هناك مبادئ أخرى، البعض منها سنتناوله هنا،في هذا المبحث، و البعض الآخر-تفاديا للتكرار- سنرجيء الحديث عنه ، لدراسته في مكان آخر،في  سياق أفضل من هذا ، أي في سياق يساعد الطالب على ربط المفاهيم بعضها ببعض،لأجل فهم أعمق للمادة.
وعليه ، فإن حديثنا هنا، سيقتصر على بعض المبادئ الأساسية، أو التي نعتبرها أساسية، و الملائم جدا أن تأتي في مستهل حديثنا عن الضريبة،..
المطلب الأول: مبدءا المساواة أمام و بالضريبة
من المبادئ الأساسية، هناك مبدءان يحكمان الضريبة، و هما مبدأ المساواة أمام الضريبة، و مبدأ العدالة (أو المساواة بالضريبة).
و في الواقع، إن المبدءان متكاملان، و يصعب الفصل بينهما، بل هما وجهان لعملة واحدة...فيمكن تعريف  العدالة الضريبية بأنها إخضاع "..جميع من هم في مركز اقتصادي واحد لعبء ضريبي متساو"[1].
و يمكن تحقيق هذه العدالة، بثلاثة طرق، هي: عمومية الضرائب، و منع تعددها على ذات المكلف إن كان الوعاء واحدا، و مراعاة الضرائب للظروف الشخصية و الاجتماعية و الاقتصادية للمكلف[2].
و الحقيقة، لقد أثيرت قضية العدالة الضريبية، منذ أقدم العصور، و لكن بمفاهيم متغيرة، ففي كل مرحلة من التاريخ، و من التطور البشري، يزهر مفهوما معينا للعدالة الضريبية..
و عموما، يلاحظ مؤرخو الفكر الجبائي، أن مفهوم العدالة الضريبية، قد تطور من " العدالة الحسابية أو الرياضية"(L'égalité mathématique)، إلى مفهوم " العدالة الشخصية" (L'égalité personnelle).
فالمفهوم الذي كان سائدا، في زمن هيمنة الفكر الليبرالي الرأسمالي، خلال القرنين الثامن عشر و التاسع عشر، هو "العدالة الرياضية"، و مفاده أن العدالة تتحقق إذا فرضت الضريبة بسعر نسبي على الدخول المتساوية.
و نوضح هذه الفكرة، بمثال:إذا كان دخل "زيد" السنوي،يبلغ (100.000) درهم، و أدى عنه (1000 درهم)، فإن العدالة الضريبية تتحقق ، إذا دفع "عمرو"، و له دخل مساو له (100.000 ) درهم، ألف درهم أيضا.
غير، أن هذا المفهوم " للعدالة"، سرعان ما تعرض للنقد، إذ تبين أنه يقوم على " عدالة وهمية"، بدليل أنه إذا كان هناك  شخصان ملزمان بالضريبة على الدخل، يحققان دخلا سنويا متساويا؛ و أن أحدهما عازب، و الآخر متزوج و له أبناء؛فإن العبء الجبائي، أو فلنقل التضحية الجبائية،التي يتحملها المتزوج ، لا تعادل تلك التي يتحملها العازب.
من هنا، ظهرت الحاجة، إلى إيجاد طريقة أو معيار آخر، لتحقيق عدالة " أكثر انصافا"، تتحقق فيها المساواة في التضحية أمام الضريبة (égalité de sacrifice)،من خلال الأخذ بعين الاعتبار الظروف الشخصية لكل مكلف :من هنا، ظهر مفهوم" التشخيص الضريبي".
عن هذا المفهوم الأخير، ستتفرع لاحقا، أربعة مبادئ أساسية أخرى، في الضريبة المعاصرة، و هي:1) مبدأ الأخذ بعين الاعتبار الأعباء العائلية، و 2) مبدأ تصاعدية الضريبة، و 3) مبدأ اعفاء الحد الأدنى اللازم للعيش،و 3) مبدأ التمييز بين مصادر الدخل.
1-مبدأ الأعباء العائلية:
عند تساوي الدخول، فإن الملزم العازب، يجب أن يؤدي ضرائب أكثر من رب الأسرة؛ لأن النسبة المخصصة للانفاق الضروري ، هي أكبر بالنسبة لرب الأسرة، منها للعازب.
2-  مبدأ تصاعدية الضريبة:
هذا النظام، هو نتيجة مباشرة، للمنفعة الحدية (L'utilité marginale)؛أو بالأحرى " تناقص المنفعة الحدية للدخل":فكلما ازداد حجم الدخل،كلما تناقصت قيمة الأجزاء الفائضة عن الحاجة منه:فلو قسمنا الدخل (و ليكن 10.000 درهم مثلا) إلى أجزاء أو شرائح، كل شريحة قيمتها ألف درهم، فإن الشرائح الأولى تكون منفعتها أكبر لصاحب الدخل،لأنه ينفقها على الضروريات، في حين أن ما زاد مثلا على (7000 أو 8000 درهم)، تكون منفعته أقل؛
3- مبدأ اعفاء الحد الأدنى (Exonération du minimum vital):
لقد تم التوصل إلى فكرة، أن لكل مواطن حصة من الدخل، لا يمكن أخضاعها للضريبة، لأنها تخصص لضمان توفير الحد الأدنى من الحاجيات (المعيشية).
4- التمييز بين الدخول:
حسب مصادرها:الدخل المتأتي من العمل، و الدخل المتأتي من الرأسمال (الملكية العقارية مثلا..)، و الدخل المختلط ،الذي يختلط فيه العمل بالرأسمال (مثل  التجارة، و الصناعة، و المهن الحرة كالطب و الصيدلة..إلخ).
إلا  أن مبدأ العدالة الجبائية، لا يتنافى مع " التمييز " الايجابي لمصلحة بعض المكلفين الذين يمارسون بعض الأنشطة الاقتصادية، ضعيفة المردود، أو يوجدون في أماكن جغرافية مهمشة اقتصاديا[3].
المطلب الثاني: مبدأ سنوية الضريبة:
و مبدأ سنوية الضريبة ، مبدأ عام تخضع له كافة الضرائب المباشرة، و مؤداه أن الضريبة تفرض على  الوعاء الخاضع لها (دخل، أو إنفاق ، أو رأسمال)، و وفقا للحالة التي تكون عليها خلال سنة كاملة، من أول يناير إلى نهاية دجنبر من السنة الضريبية ، أيا كانت التغييرات التي تطرأ عليه خلال هذه السنة.كما أن من مقتضى هذا المبدأ كذلك، أن الأشخاص الملزمين بالضريبة (الخاضع لها الوعاء)، في بداية السنة الضريبية (يناير) يظلون ملزمون بها، حتى لو حدثت تغييرات في مراكزهم القانونية أثناء السنة الضريبية ( أي بعد أول يناير من كل عام):من ذلك، أن الخاضع للضريبة الحضرية، لو باع منزله الخاضع لتلك الضريبة،بعد أول يناير، يبقى ملزما بالضريبة[4]. 
و يتفرع عن هذا المبدأ العام ، مبدأ فرعي آخر يعرف بمبدأ " استقلال السنوات الجبائية"، و مفاده أن كل سنة جبائية، تعتبر وحدة مستقلة بذاتها، مستقلة عن السنوات التي قبلها و السنوات التالية لها، يحسب فيها، بالنسبة لكل مكلف، ماله و ما عليه، ما حققه من مداخيل، أو ما حصل عليه من أرباح، و ما قام به من عمليات خاضعة للضريبة، و ما تحمله من تكاليف ، و ما لحقه من خسائر أيضا، اللهم إلا إذا كان هناك نص قانوني يقضي بخلاف ذلك.
و يترتب على  هذا أن الإدارة الجبائية إذا قبلت تصريحا جبائيا لسنة معينة سابقة ، مثلا، لا يعني أنها ملزمة باعتماد المضامين الجبائية لذلك التصريح، بالنسبة لسنة أو سنوات تالية،ذلك أن مبلغ الضريبة المؤدى عن سنة معينة، لا يعتبر حجة على الإدارة،فيما يخص سنوات أخرى، ما لم يكن هناك قانون يسمح بذلك، أو يكون هناك اتفاق بين المكلف و الإدارة الجبائية، يقضي بذلك.
و إذا جرت العادة، بأن سنة تقدير الضريبة، هي السنة الميلادية، التي تبدأ من فاتح يناير، و تنتهي بنهاية شهر دجنبر؛ إلا أنه يمكن للمكلف أن يختار سنة أخرى، تبدأ من شهر آخر غير يناير.هذا من ناحية، و من ناحية ثانية، فإنه إذا كانت مدة التقدير هي سنة، فقد تضرب الضريبة بالنسبة لبعض المكلفين على مدة أقل من الإثني عشر شهر، بسبب توقفه عن العمل ( إغلاق المقاولة بشكل مؤقت، أو دائم)، أكثر من اثني عشر شهرا،بسبب اشتغاله في أعمال يستغرق اتمامها و تنفيذها أكثر من سنة.
المطلب الثالث:مبدأ ضرورة الضريبة:
الضريبة تضرب على الجميع،..و يشمل هذا الواجب المالي الأفراد( الأشخاص الطبيعيين) و الهيئات ( الأشخاص المعنويين) في القطاع الخاص، و يستثنى منها عادة الدولة و مؤسساتها العامة( باستثناء تلك التي تقوم بأنشطة تجارية أو صناعية، و تخضع لأحكام القانون الخاص).
هذا المبدأ صار مبدأ دستوريا، لا يكاد يخلو منه أي دستور، منذ أن ورد لأول مرة في المادتين(13) و (14) من الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان و المواطن، الصادر في 1789، و يقضي بأنه يجب على جميع المواطنين أن يساهموا في تغطية التكاليف العمومية، كل على قدر استطاعته[5].
و هذا المبدأ ، كما يرى فقهاء القانون العام، يتفرع عنه:
أ- حق الإدارة في الرقابة على تصريحات المكلفين؛
ب- و حق الإدارة في محاربة التهرب.
و هذا المبدأ، يرتبط او يتلازم  مع مبدأ " حرية التجارة و الصناعة": فإذا كانت الحرية لا تحول دون أداء الضريبة، فإن ضرورة الضريبة لا يجب أن تحد من الحرية. 
إن المكلف ببعض الضرائب ملزم بتقديم تصريحه أو إقراره الجبائي، إلى مصلحة الضرائب التي يوجد بها مقر إقامته أو نشاطه الخاضع للضريبة، داخل الأجل ، و وفق القواعد القانونية، و إلا تعرض لعقوبات.
هذا من ناحية، و من ناحية أخرى،فإن المكلف ملزم بأن يرفق بتصريحه الوثائق التي تدعم و تؤكد صحة تصريحه و دقة المعلومات الواردة فيه،لأن الإدارة الجبائية تمارس رقابة على هذه التصريحات.
المطلب الرابع:مبدأ حفظ حرية المكلف:
إن سن الضرائب، و منح الإدارات الجبائية صلاحيات كبيرة في تحصيلها، لا يجب أن يحد من حريات الأفراد الشخصية، و حرياتهم في ممارسة الأنشطة التجارية و الصناعية.
أ- على مستوى حماية الحرية الشخصية:رغم أن القانون الجبائي، يعترف للإدارة بمجموعة من الامتيازات، في قيامها بمهامها،إلا أن ذلك لا يجب أن يحد من حريات الأشخاص:فإذا كان التشريع الجبائي يلزم المكلف بتقديم تصريحه الجبائي وفق شروط معينة،و من ثم يرخص للإدارة أن تمارس رقابة على هذا التصريح، بل أن تعاقب المكلف في حالة عدم تقديمه،أو تقديمه بمضامين غير صحيحة، من ناحية أخرى. إلا أنه القانون الجبائي، في المقابل، يوجب على الإدارة الجبائي أن تقوم بكل هذه الإجراءات في إطار احترام كامل للضمانات التي يخولها القانون للمكلف،و إلا ألغى القرارات التي قد تتخذها الإدارة ضد المكلف؛
ب- على مستوى حماية حرية التجارة و الصناعة:إذا كان للقانون الجبائي، قواعده و مفاهيمه الخاصة، إلا أنه لا ينبغي التوسع في تطبيق هذا المعنى، بما يؤدي إلى المس بحرية المقاولين في إدارة مقاولاتهم، أو عرقلة أعمالهم :إن قانون الشغل، وجد، على غرار باقي القوانين، ليحفظ للمقاولين حرياتهم في إدارة و تسيير مقاولاتهم، بالطرق و المناهج التي يرونها مناسبة.غير أن المشرع الجبائي، لا يسمح  للمكلف،باسم الحرية، أن يرفض أداء الضريبة، أو يتهرب من أدائها باستعمال و سائل الغش و التزوير (في الوثائق المحاسبية مثلا).
المطلب الخامس المطلب الثالث:مبدأ القدرة على الدفع:
يراعي المشرع الجبائي عموما، عند فرض الضريبة، قدرة المكلف على الدفع، إذ يأخذ بعين الاعتبار حجم الدخل، و نوعيته، و الوضع العائلي و الاجتماعي، و غير ذلك من الأمور التي يحسب لها حساب، عند تقدير قدرات المكلفين على أداء الضرائب.
و الكثير من التشريعات الجبائية التي عرفتها البشرية، أخذت بصور من هذا المبدأ، إذ أن إهماله قد يهدد ، ليس الضريبة فقط، بل النظامين السياسي و الاجتماعي.و من أهم التشريعات التي أخذت به، التشريع الإسلامي؛ إذ أن الجزية كانت تؤدى على "قدر الطاقة" أي قدرة المكلف الجبائية.و هو المبدأ نفسه، الذي نادى به عدد من علماء الاقتصاد و المالية، و على رأسهم " آدم سميث"، كما سنرى لاحقا.



[1]  الصكبان-م.س- ص 170.
[2]  الصكبان- م.س- ص 170.
[3]  من ذلك أن المجلس الدستوري الفرنسي، خرج بقرار له، بتاريخ 29 دجنبر 2009، يقول فيه:" إن مبدا العدالة لا يحول دون وضع ضرائب خاصة، يكون موضوعها حث المكلفين على تبني سلوكيات تتطابق مع أهداف المصالح العامة، مادامت القواعد [القانونية] التي تحددها، مبررة من وجهة نظر هذه الأهداف".
" Le principe d'égalité ne fait pas obstacle à ce que soient établis des impositions spécifiques ayant pour objet d'inciter les redevables à adopter des comportements conformes à des objectifs d'intérêt général, pourvu que les règles qu'il fixe à cet effet soient justifiées au regard des dit objectifs ":Bouvier-op.cit-pp40-41.
[4]  د.السيد عبد المولى- التشريع الضريبي المغربي- مكتبة الطالب- الرباط (د.ت)- ص 100.
[5]  لقد كان عالم المالية، " سبستيان دون فوبون" (S.de Vauban)(1707-1633)، الذي يعتبر في نظر بعض المؤرخين " أول منظر لضريبة الحديثة"،من أوائل، إن لم يكن، أول من صاغ هذا المبدأ، في كتابه (Projet d'une dîme royale) (1707)، الذي جاء فيه:"Il existe une obligation naturelle aux sujets de toutes conditions de contribuer à proportion de leur revenu ou de leur industrie sans qu'aucun d'eux s'en puisse raisonnablement dispenser ":Catherine Golliau-Impôt payé par tous-in:Le point -col Références-Mai/juillet 2019-p80.