الباب
الثاني :
لقد رأينا في الفصل التمهيدي،حدة النقاشات التي أثيرت ، في القرن التاسع
عشر و بداية القرن العشرين، حول الطبيعة التعاقدية للعقود الإدارية.إلا أن حدة هذه
النقاشات، فيما يخص الصفقات العمومية، قد خفت اليوم- حتى لا نقول اختفت -؛لأن
المشرعين في مختلف البلدان، و منذ النصف الثاني من القرن العشرين، اختاروا أن
يسدلوا الستار على هذا الملف بشكل نهائي، مؤكدين ، من خلال مختلف القوانين التي
سنّوها، أن الصفقات العمومية، إن لم تكن بطبيعتها عقودا، فهي بحكم القانون كذلك.
و من هؤلاء المشرعين، نجد المشرع
المغربي، الذي مافتئ يصرح، في مختلف القوانين الصادرة عنه[1]،بأن
الصفقات العمومية ، عقود ( المفصل الأول) تبرمها الإدارة( الدولة، او
الجماعات المحلية، أو المؤسسات العمومية)( الفصل الثاني)، مع مقاول او مورد
أو خدماتي بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات( الفصل الثالث)،
مقابل عوض محدد( الفصل الرابع).و أن هذه العقود، غالبا ما تكون مكتوبة، و
تتضمن دفاتر تحمُّلات تحدد الشروط التي بموجبها تنفذ الصفقات ( الفصل الخامس).
الفصل الأول:الصفقات العمومية عقود:
يعرف العقد، بأنه " اتفاق بين إرادتين ، على إنشاء التزام أو على
نقله" أو هو في تعريف آخر" اتفاق إرادتين على ترتيب أثر قانوني بإنشاء
التزام أو نقله أو تعديله أو زواله"[2].و
كي يصبح هذا الاتفاق صحيحا من الناحية القانونية ( و يحدث الآثار القانونية
الملزمة)، فلا بد أن يتوفر على أربعة شروط
( نص عليها الفصل الثاني من قانون الالتزامات و العقود)، و هي :
1. أهلية المتعاقدين؛
2. تعبير صحيح عن الإرادة يقع على العناصر
الأساسية للالتزام ( الرضى أو التراضي)؛
3. شيء محقق يصلح أن يكون محلا للالتزام المتولد
عن العقد؛
4. سبب مشروع للالتزام المذكور.
و لأن الرضى ( أو التراضي)، يعتبر الركن الأساسي في العقد، فسنتناوله أولا(
هو و العيوب التي قد تشوبه)( مبحث أول)، ثم سنتناول بعد ذلك باقي الأركان،
على التوالي :الأهلية، فالمحل،ثم السبب (مبحث ثاني).
غير أنه، و إن كان عقد الصفقة العمومية، يشبه ،في أركانه، عقود القانون
المدني،إلا أن بنيانه لا يستقر في حقيقة الأمر، إلا إذا استند على ركن آخر (
خامس)، هو الكتابة( مبحث ثالث).
المبحث أول: الرضى و عيوبه:
العقود مبدئيا اختيارية،إذ لا يمكن إرغام أحد على التعاقد إلا برضاه.فإذا
تحقق شرط الرضى أصبح للعقد قوته الإلزامية( المطلب الأول).و لكن قد يحدث ان
يشوب هذا الرضى بعض العيوب، فيصبح فاقدا لقوته الإلزامية، و يتعرض بالتالي
للإبطال( المطلب الآخر).
المطلب الأول: التعبير عن الرضى:
إن إبرام عقد الصفقة العمومية، لا يمكن أن يتم إلا إذا تبادل طرفا هذا
العقد إيجابا و قبولا متوافقين، تعبيرا عن إرادة كل منهما الحرة، في إحداث أثر
قانوني، متمثل في الالتزام بالصفقة.فالإدارة و المتعاقد معها، لا يمكن إخضاعهما
لأي التزام بمقتضى عقد الصفقة،- ( كما لا يمكنهما الاستفادة منها ) – إلا إذا
عبّرا عن إرادتهما في أن يكون هناك عقد:فإذا تحقق من أحد الطرفين إيجاب، و من
الطرف الآخر قبول، يكون التعبير عن إرادة الالتزام قد تحقق و اكتمل، و بالتالي
ينشأ العقد.
و تبادل الإيجاب و القبول في الصفقات العمومية، يتم وفق إجراءات معينة،
قننها المشرع، و لا يمكن لطرفي العقد ان يخالفاها ( قواعد آمرة).و عموما، و مع
مراعاة استثناءات قليلة، فإن الدعوة التي توجهها الإدارة، على شكل إعلان تعلن فيه
عن صفقة عمومية ( في إحدى الوسائل المتعددة لنشر الإعلانات الورقية أو
الإلكترونية)، تعد بمثابة إيجاب من الإدارة مستوفي لكافة الشروط القانونية؛لأنه
يتضمن في الغالب،و بشكل دقيق و تام، كل العناصر الجوهرية للعقد المراد إبرامه.إلا
أنه، من الناحيتين القانونية و الواقعية، لا يعتبر ذاك الإعلان عن الصفقة إيجابا
حقيقيا ملزما للإدارة إذا ما لقي قبولا من أحد الراغبين في التعاقد، لأن الإدارة –
و يدعمها القانون و القضاء الإداري في ذلك- تعتبر دعوتها لإبرام صفقة من الصفقات (
و المنشورة في إعلان من الإعلانات)، مجرد دعوة للتعاقد وليست وعدا بالتعاقد، تلتزم
الإدارة بمقتضاه بالتعاقد إذا أظهر أحدهم رغبته في إبرام الصفقة.
و مهما كان الأسلوب المعتمد في إبرام الصفقة و سواء تم اتفاق الطرفين في
" مجلس العقد" أو بعد مدة،فالإدارة تحتفظ لنفسها بالحق في الرجوع عن
إيجابها أو دعوتها للتعاقد.فإذا كان أسلوب إبرام الصفقة هو " التفاوض
المباشر" مثلا، فإن العقد يعتبر مبرما في نفس الوقت الذي يتم فيه الاتفاق على
العمل و العوض ( الثمن).و قد يتجسد الاتفاق في التوقيع الفوري على الصفقة.و لكن مع
ذلك، لا تعتبر الصفقة نافذة إلا بعد استكمال إجراءات المصادقة عليها، و قد يرفض من
له الصلاحية المصادقة على العقد، بدعوى المصلحة العامة[3].
المطلب الآخر:عيوب الرضى:
عيوب الرضى تفترض ان شرط الرضى متحقق في العقد، و لكنه مشوب بعيب، أثّر على
قيمته و قوته. و يترتب على وجود عيب من عيوب الرضى في عقود الصفقات العمومية،
بخلاف العقود المدنية، أنها تصبح باطلة بطلانا مطلقا[4]. و
يلاحظ هنا،أن القاضي الإداري ن و إن كان يستوحي أهم اجتهاداته من القانون و القضاء
المدنيين، عند البت في قضايا العقود الإدارية، إلا أنه يبتعد عنهما في الكثير من
الأحيان، لاسيما عندما تكون قواعد تسيير و تنظيم المرفق العمومي مهددة؛ فيفضل –
وقتها- عدم الحكم بإبطال الصفقات العمومية حتى و إن كانت مشوبة بعيب من عيوب الرضى،
و ذلك بهدف تحقيق استقرار التعامل ، و المحافظة على سير المرافق العامة بانتظام و
اطراد.
و الرضى يكون معيبا، بصفة عامة، إذا شابه تدليس أو غلط أو إكراه أو
استغلال. إلا أننا سنتناول فيما يلي، العيوب التي تشوب العقود الإدارية، أعني
التدليس و الغلط، لأن حالات الإكراه و الاستغلال تكاد تكون نادرة، إلى منعدمة[5].
الفرع الأول : التدليس:
التدليس أو الخداع (Le dol)، هو" استعمال الحيلة بقصد
إيقاع المتعاقد في غلط يحمله على التعاقد"[6]، و
هو من المبررات التي يعترف بها القانون المغربي، لإبطال العقود ( حسب الفصل 52 من
ق.إ.ع).
و هناك أحكام قديمة نسبيا، صدرت عن مجلس الدولة الفرنسي، قضت بإبطال العقود
التي يشوبها التدليس. من ذلك على سبيل المثال، الحكم في قضية (Les grands
moulins de corleil/14/12/1923)[7].
غير أن القاضي الإداري عموما، لم يجز إبطال العقد بسبب التدليس إلا إذا كانت هناك
طرق احتيالية لجأ إليها أحد المتعاقدين بلغت من الجسامة حدا كبيرا، لولاها لما
أُبرم العقد ( حكم المحكمة الإدارية العليا المصرية الصادر بجلسة 21/11/1984)[8].
الفرع ثاني: الغلط:
الغلط (L’erreur)
هو " وهم يقوم في ذهن الشخص يحمله على اعتقاد غير الواقع"[9].أو
هو تصور للحقيقة يتولد في ذهن المتعاقد، يدفعه إلى التعاقد؛ إذ لولاه لما تعاقد (
المادة 40 من ق.إ.ع).
و الغلط أنواع، فهناك الغلط في شخصية المتعاقد، و الغلط في الشيء محل
التعاقد أو قيمته ، و كذلك الغلط في القانون.و لكن القاضي الإدارين على ما يبدو-
على الأقل الفرنسي-لم يقبل الطعون الرامية إلى إبطال الصفقات العمومية، بسبب وجود
غلط في القانون أو في تقدير ثمن الصفقة؛لأن مثل هذه الأخطاء لا يتصور وقوعها من
هيئات مهنية محترفة[10] ،
أو من الإدارة ( حكم مجلس الدولة في قضية الشركة Soc.de la piscine
de la dame blanche/30/3/1980).و
لكنه، في المقابل، اعتبر الغلط في الشخص المتعاقد أو في صفة من صفاته ( التي لها
علاقة بالعقد)؛ إذ أن صفة الشخص المتعاقد (=intuitus personae
) تعتبر أساسية في
الكثير من العقود، و من ضمنها العقود الإدارية،و تعتبر عيبا يجيز إبطال العقود الإدارية؛
و لقد قضى مجلس الدولة الفرنسي ببطلان عقد الصفقة الذي أبرمه الشخص( الطبيعي)
بصفته الشخصية، في حين أن الإدارة قصدت التعاقد معه باعتباره ممثلا لإحدى الشركات(شخص معنوي) ( حكم مجلس الدولة في
قضية OPHLM du calvados[11]،بتاريخ /11/2/1972)[12].
المبحث الثاني: الأهلية، و الموضوع ، و
السبب:
لقد أرجأنا الحديث عن الأهلية و الموضوع و السبب، لأنها قليلا ما كانت
مبررات لإبطال العقود الإدارية.و مع ذلك، فقد يحدث أن يقرر القاضي الإداري إبطال
عقد من العقود الإدارية،إما لوجود عيب في الأهلية (المطلب الأول)، أو في
الموضوع (المطلب الثاني) أو السبب( المطلب الثالث).
المطلب الأول:الأهلية:
الأصل في الرضى الذي يتم به انعقاد العقد، أن يصدر من متعاقدين مؤهلين
للتعاقد.و معلوم أن الأهلية المطلوبة في العقود الإدارية و منها الصفقات العمومية،
تختلف عنها في العقود المدنية. فالأهلية، بالنسبة للمتعاقد باسم الإدارة هي امتلاك
الصلاحية أو الاختصاص، أو الحصول على ترخيص أو تفويض ممن يمكن الصلاحية أو لاختصاص
، للتعاقد .و عموما، و باختصار شديد، فإن الصفقات العمومية لا تعتبر صحيحة إلا إذا
أبرمها من له الصلاحية لفعل ذلك، و إلا اعتبرت باطلة بطلانا مطلقا[13].و
لا يسمح القضاء الإداري بتدارك هذا الخطأ، و تصحيح العقد لاحقا ( a posteriori)، بتوقيعه من الشخص المؤهل لذلك.
و هذا ما ذهب إليه القضاء الإداري الفرنسي( على سبيل المثال، حكمه في قضية Soc.d’Entreprises
générales et de travaux publics pour la France et les colonies c/Mins.des
travaux publics13/7/19611
).
إلا أنه، في المقابل، يسمح للمتعاقد مع الإدارة، أن يطالب بتعويض عن
الأضرار التي تكون قد لحقته جراء ذلك (حكم مجلس الدولة في قضية وزارة العدل ضد Entreprise Brep ، و الصادر
بتاريخ 12/10/1949).
المطلب الثاني: المحل أو الموضوع:
لكي يكون هناك إلزام، فمن الواجب أن يكون للعقد موضوعا، و هو الشيء الذي
يلتزم المتعاقد بالقيام به[14].فإذا
تعلقت الصفقة، على سبيل المثال، بتوريد مواد غذائية إلى مطعم جامعي، فإن موضوع
الالتزام بالنسبة للمورد هو تسليم المواد الغذائية بالكميات و المواصفات المتفق عليها، و في الوقت
و المكان المحددين في العقد.و يكون موضوع الالتزام بالنسبة للإدارة ( المشتري
العمومي ) هو دفع الثمن المتفق عليه في العقد، بمجرد تسلم المواد الغذائية(
باحترام و يكون موضوع الالتزام بالنسبة للإدارة ( المشتري العمومي ) هو دفع الثمن
المتفق عليه في العقد، بمجرد تسلم المواد الغذائية( باحترام إجراءات الأداء طبعا).
و في القانون المدني، و يسايره القضاء الإداري في ذلك،يجب أن يكون المحل
موجودا، معينا أو قابلا للتعيين، قابلا للتعامل فيه أي يكون موضوعه ممكنا و غير
مستحيل في ذاته، و غير مخالف للنظام العام و الآداب( أي يكون شرعيا[15]).و
من هنا، فلا يمكن للإدارة أن تلجأ إلى أسلوب التعاقد لتلبية كل حاجياتها،فلا
يمكنها أن تنظم أو تسيّر بعض المرافق العامة السيادية ( كالأمن، و العدالة، و
الدبلوماسية..إلخ)، عن طريق العقود الإدارية.كما لا يمكنها أن تتفق مع الأفراد،
على اللجوء إلى التحكيم لفض المنازعات التي قد تنشأ معهم( إلا إذا كان القانون
يسمح بذلك صراحة).و من هذا الباب، اعتبر القاضي الإداري أن الصفقة التي أبرمتها
الإدارة و ترتب عنها تحديد الملك العمومي، غير ذات موضوع، لأنه لا يحق للإدارة أن تنجز بواسطة العقود أعمالا تتطلب قرارات
تنظيمية( حكم مجلس
الدولة في قضية Ass.les amis de
la Terre 8/3/1985 ).و
قضى القضاء الإداري المصري بأنه :"..إذا كانت الحكومة قد تعاقدت مع المدعي على تنفيذ عملية توسيع و
تعديل الطريق رقم 312، فإن مقتضى هذا التعاقد الإداري، أن يقوم المدعي بتنفيذ
العقد من ماله الخاص، و على مسؤوليته. و هذا التعاقد لا ينسحب على ما ورد في البند
التاسع من جدول الفئات الخاص بالعملية المتعاقد عليها المتعلقة بتوريد و تركيب
بوابات حديد "طراز فهمي حنين"، متى كانت الحكومة قد اشترت براءة اختراع
هذا النوع من البوابات، و صار من حقها دون سواها تشغيلها لمصالحها المختلفة دون
الأفراد. و يترتب على ما تقدم اعتبار هذا البند من المقاولة، مما يتعارض في طبيعته
مع جوهر العقد الإداري، إذ اتضح مما سبق أن موضوع البند التاسع من جدول الفئات
مستحيل على المدعي، و على كافة الأفراد استحالة مطلقة، الأمر الذي يترتب عليه
بطلان هذا البند..".
[1] انظر على سبيل المثال المادة 3 ( الفقرتان 9 و 12) و المادة 15 من المرسوم 2.06.388، الصادر في 5 فبراير 2007،
بمثابة ميثاق للصفقات.و المادتان 2 و 4 ( الفقرة 13) من المرسوم 2.12.349 الصادر
في 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية، و التي تنص على أن الصفقات: "
عقود بعوض تبرم بين صاحب مشروع[ الدولة، أو الجهات،أو الجماعات الترابية الأخرى،
أو المؤسسات العمومية] من جهة، و شخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى، يدعى
مقاولا أو موردا أو خدماتيا، و تهدف إلى
تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات..".
و تنص المادة 13 ( الفقرة ألف)، على :"
الصفقات عقود مكتوبة تتضمن دفاتر تحملات تحدد شروط إبرامها و تنفيذها..".
[3] من هنا، يميز المشرع ، في المادة (4) من المرسوم
349/2013،بين نائل الصفقة، و هو " المتنافس الذي تم قبول عرضه قبل تبليغ
المصادقة على الصفقة" و صاحب الصفقة،
و هو :" نائل الصفقة الذي تم تبليغ المصادقة على الصفقة إليه".
و الجدير بالذكر هنا، أن كل عيب من هذه
العيوب، يعرف بعيب " مخالفة القانون"،لأن القانون هو الذي حدد هذه
العيوب.انظر: باينة- الوسائل القانونية للنشاط الإداري- م.س- ص ص 63 و 64.
[5] الإكراه أو الخوف " هو ضغط على الشخص يولد
في نفسه رهبة تحمله على التعاقد".أم الاستغلال و الغبن فهو " عدم التعادل في الالتزامات المتقابلة التي
يرتبها العقد، أي عدم التعادل بين ما يبذله العاقد و ما يأخذه": انظر-
المبادئ القانونية العامة- م.س- ص303 و ص 305.
و من المستبعد جدا، أن تكره الإدارة أحدهم
على التعاقد معها.أما التفاوت في الالتزامات في العقد الإداري، فهو أمر طبيعي، و
لا يمكن أن يكون سببا لاعتبار العقد مشوبا بعيب من عيوب الرضى.
[7] و ملخص هذا الحكم أن العقد المنشأ على نحو قانوني صحيح ، يكون ملزما للمتعاقدين
كالقانون، إلا إذا شاب تصرفات أحد المتعاقدين، صبغة الخداع.فهذه التصرفات من شأنها
أن تتسبب بفسخ العقد متى ثبت أن الطرف الآخر ما كان ليوافق على التعاقد
بغيابها.عندئذ فإن هذه التصرفات تمنح المتعاقد المتضرر من الخداع الحق بالمطالبة
بالتعويض عن الضرر، فضلا عن إبطال العقد.
[8] إذ قضت :" طبقا لحكم المادة 127 من
القانون المدني، و من حيث إنه عن ادعاء الطاعن بأن جهة الإدارة دلست بإيهامه أن
السعر[ الثمن] الذي يتعاقد به هو سعر مجزٍ يحقق له ربحا، فإن هذا الادعاء عار عن
الصحة، إذ تخلو الأوراق مما يفيد ذلك. كما أن الطاعن لم يقدم الدليل عليه. و فضلا
عن ذلك فإنه بافتراض أن الإدارة أوهمته بأن السعر الذي تتعاقد به هو سعر مجز، فإن
ذلك لا يعتبر تدليسا في مفهوم المادة 125 من القانون المدني، للمطالبة بإبطال
العقد.ذلك أن الفقرة الأولى من هذه المادة تتطلب في التدليس الذي يجوز إبطال العقد
بسببه، أن تكون ثمة طرق احتيالية لجأ غليها أحد المتعاقدين، تبلغ من الجسامة بحيث
لولاها لما أبرم العقد. و مجرد إيهام الإدارة للطاعن بأن السعر الذي ارتضى التعاقد
به هو سعر مجز، لا يعتبر في حال من الأحوال من قبيل الطرق الاحتيالية التي يجوز
وصفها بالتدليس، سيما و أن الطاعن تاجر محترف، اعتاد التعامل في الأسواق و توريد
هذه المحاصيل، و هو أعلم بمجال السوق و متطلباته و أسعاره، و من ثم لا يجوز عليه
إيهام أو تغرير": اقتبسه قبلان- آثار القانون الخاص على العقد الإداري-ج1ص
253.
[9] المبادئ القانونية العامة- ص 299. و من الأمثلة التي
يسوقها هذا المؤلف للغلط " ..كم يشتري قطعة حُلي على أنها من الذهب الخالص ،
فيتبين أنها من الفضة المغطاة بطبقة من الذهب"(نفس المكان). و يضيف " و
يشترط لاعتبار الغلط معيبا للرضى توافر شرطين: الأول: أن يكون الغلط جوهريا[ أن
يكون هو الدافع إلى التعاقد].الثاني أن يكون الغلط داخلا في نطاق العقد[ داخلا
فيما اتفق عليه المتعاقدان أو فيما يفترض اتفاقهما عليه]"( ص ص 299-230).
[10] على سبيل
المثال، الشركات التي تعودت التنافس على الصفقات العمومية، و التي تتوفر على
موظفين و خبراء و مستشارين متخصصين في الميدان..
[11] Les organismes d'habitations à loyer
modéré sont, en France, des
organismes publics ou privés qui construisent ou gèrent des logements locatifs
destinés à des personnes de condition modeste..
انظر
موسوعة وكيبيديا،النسخة الفرنسية.
[13] و فضلا عن ذلك ،ينص قانون الصفقات
العمومية، على أنه لا تعتبر الصفقات صحيحة، إلا بعد المصادقة عليها من طرف السلطة المختصة.و
هذه السلطة هي" الآمر بالصرف أو الشخص المفوض من قبله قصد المصادقة على
الصفقة، أو أي شخص آخر مؤهل لهذا الغرض بنص تشريعي أو تنظيمي"( المادة 4، من
المرسوم 2.12.349).و تشمل هذه السلطة:
أ-
رئيس الحكومة و الوزراء أو من يقوم مقامهم،
بالنسبة للصفقات التي تبرم لمصلحة الدولة؛
ب- الآمرون بالصرف، أي الرؤساء، بالنسبة
للجماعات الترابية،
ت- المديرون بالنسبة للمؤسسات العمومية
[14] إذا كان المحل عموما، هو " الالتزام بالقيام بعمل أو الامتناع عن عمل"،فإن العقود الإدارية، و الصفقات بوجه خاص، تنصب على القيام بعمل أو أعمال محددة.
[15] فلا يمكن للإدارة أن تكون طرفا في عقد يخالف
القانون بمعناه الواسع:الدستور، أو التشريعات ( القوانين بالمعنى العضوي)، و
القرارات التنظيمية( القوانين بالمعنى المادي)، و المبادئ العامة للقانون، و العرف الإداري، و الاجتهاد القضائي
(الإداري و المدني ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق