الثلاثاء، 7 أبريل 2020


المطلب الرابع-  قوانين الجماعات الترابية:
من القوانين التي لها علاقة مباشرة بالصفقات العمومية، هناك القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، و يتجلى ذلك بوضوح، عندما نجد المشرع يؤكد على أنه من الأشخاص الذين لا يقبلون للمشاركة في الصفقات ( المادة 24)؛ الأشخاص المشار إليهم في المادة (22) من القانون رقم 78.00[1]، المعتبر بمثابة ميثاق جماعي؛ و الأشخاص المشار إليهم في المادة (24) من القانون رقم 79.00 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم[2] .
لماذا هؤلاء الأشخاص، لاحتمال تواجدهم في حالات تضارب مصالح..كما يفهم من المادتين(22) و (24).
فماذا تقول المادة (22)[3] ( و المادة 24 التي تقابلها في قانون العمالات و الأقاليم؟):
يمنع على كل عضو من المجلس الجماعي، تحت طائلة العزل الذي يتم وفق الشكليات المنصوص عليها بالمادة السابقة، و دون الإخلال بالمتابعة القضائية ، أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة التي هو عضو فيها أو أن يبرم معها أعمالا أو عقود للكراء أو الاقتناء أو التبادل أو كل معاملة أخرى تهم املاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات للأشغال أو التوريدات أو الخدمات [...] سواء بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه المباشرين.
بالإضافة إلى هذه المادة، هناك مواد أخرى، حاول من خلالها المشرع، منع تضارب المصالح، في أعمال الجماعات المحلية، مثل المادة (29)، التي تنص على أنه "[...] لا يجوز للخازن الجهوي و الخازن الإقليمي و القابض الجهوي، و المحصلين و القباض الجماعيين أن ينتخبوا رؤساء أو نوابا للرئيس أن يزاولوا هذه المهام بصفة مؤقتة داخل أية جماعة من الجماعات التابعة للجهة التي يمارسون مهامهم فيها..".
***
و من طبيعة الحال هناك قوانين أخرى..كالقانون رقم 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة و هيئات أخرى( الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.03.195، بتاريخ 11 نوفمبر 200.).. و القانون الجبائي( مدونة الضرائب)..و القانون رقم 1.112.13 المتعلق برهن  الصفقة ( الذي نسخ ظهير 1948)..و القانون رقم 1.95.17 المتعلق بالصندوق المركزي للضمان.. ، و القانون رقم 1.53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية (الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.129ن المؤرخ في 30 نوفمبر 2007)؛..إلخ.و سيطول بنا الحديث لو أشرنا إلى الكثير منها، ناهيك عن جميعها، لذلك نكتفي بما سبقت الإشارة إليه، ففيه دلالة وافية على ما نريد قوله، فيما يتعلق بالقوانين العادية.
المبحث الثالث: النصوص التنظيمة
يلاحظ وجود النصوص التنظيمية بكثرة في مكونات النظام القانوني للصفقات العمومية،ابتداء من المراسيم المؤسسة ( أو المعدلة) لقانون الصفقات، إلى مراسيم مقررات للوزير الأول ( = رئيس الحكومة)،و مناشير، و قررات باقي الوزراء.
و في الحقيقة، لا تختلف هذه النصوص، كما هو معلوم، من حيث مضمونها التشريعي، عن القوانين العادية:فهي الأخرى تتضمن قواعد عامة و مجردة .و يختلفان فقط،إذا نظرنا إليهما من الناحية العضوية، أي السلطة التي وضعتها:فالقوانين العادية يصدرها البرلمان ( في مجال القانون)، في حين أن القرارات التنظيمية تصدر عن السلطة التنفيذية أو التنظيمة ( المجال التنظيمي).
المطلب الأول: المراسيم
و من أهم المراسيم التي صدرت، في ميدان الصفقات العمومية، على سبيل المثال لا الحصر، هناك:
أ- المرسوم رقم 2.65.116 بتاريخ 18 محرم 1385 ( 19 ماي 1965)، المحدد للشروط و الأشكال التي تبرم بمقتضاها صفقات الأشغال و التوريدات و الخدمات لحساب الدولة[4]؛
المرسوم الملكي رقم 2.66.330 الصادر بتاريخ 21 أبريل 1967، بسن نظام للمحاسبة العمومية ( كما تم تغييره بموجب المرسوم رقم 2.07.1235، بتاريخ 4 نوفمبر 2008)[5]؛
ب - المرسوم رقم 2.75.840 ، الصادر بتاريخ 27 ذي الحجة 1395 ( 30 دجنبر 1975)، المتعلق بإصلاح لجنة الصفقات العمومية، التابعة للأمانة العامة للحكومة( و المعدل عدة مرات، كانت آخرها بمقتضى المرسوم رقم 2.14.867، الصادر في 7 ذي الحجة 1436 (21 سبتمبر 2015) )[6]؛
- المرسوم رقم 2.76.479  المؤرخ في 19 شوال 1396 ( 14 أكتوبر 1976)، بشأن صفقات الأشغال و التوريدات و الخدمات المبرمة لحساب الدولة[7]؛
ج- المرسوم رقم 2.99.1087 الصادر في د0 دجنبر 1976، بشأن المحاسبة العمومية للجماعات المحلية، و هيآتها ( و المعدل بموجب المرسوم رقم 1.99.786، الصادر في 27 سبتمبر 1999)، و الذي نص في فصله (28) على أن الجماعات المحلية، ملزمة بتحرير صفقاتها، و بتسديد مبالغها طبقا للكيفيات و الشروط المحددة بالنسبة لصفقات الدولة ، مع مراعة بعض المقتضيات الخاصة؛
- المرسوم رقم 2.98.482 الصادر في 11 رمضان 1419 ( 30 دجنبر 1998)، بتحديد شروط و أشكال إبرام صفقات الدولة، و كذا بعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها[8]؛
د- المرسوم رقم 2.99.1087 الصادر بتاريخ 29 محرم 1421 ( 4 ماي 2000) بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الأشغال المنجزة لحساب الدولة[9]؛
- و المرسوم رقم 2.01.2332،الصادر في 22 ربيع الأول 1423 ( 4 يونيو 2002)،بالمصادقة على دفتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الخدمات المتعلقة بأعمال الدراسات و الإشراف على الأشغال المبرمة لحساب الدولة [10]؛
- المرسوم رقم 2.06.388 ، الصادر بتاريخ 16 محرم 1428 ( 5 فبراير 2007)، بتحديد شروط و أشكال إبرام صفقات الدولة، و كذا بعض المقتضيات المتعلقة بمراقبتها[11]؛
- و أخيرا و ليس آخرا... المرسوم رقم 2.12.349 الصادر في 20 مارس 2013[12] .
المطلب الآخر: القرارات و المناشير
و بالإضافة إلى المراسيم هناك مقررات و مناشير الوزير الأول( رئيس الحكومة حاليا)، و قررات الوزراء، نذكر منها ما يلي:
1- المقرر الذي مر معنا، و رقمه 3.17.07، و الصادر في 18 دجنبر 2007، و يتعلق بكيفية إدارة البوابة الإلكترونية، المخصصة للصفقات العامة؛
2-و المقرر الآخر 70/07 الصادر في 04 أكتوبر 2007، و الخاص بتحديد أنواع العقود الإدارية الخاضعة للقانون الخاص ( المستثناة من مرسوم 2007)؛
3- هذا إلى جانب المناشير التي أصدرها الوزير الأول و من أشهرها المنشور رقم 2007/11، الصادر بتاريخ 25 يونيو 2007، و الذي يطالب الإدارات العمومية، بالتقيد، عند إبرام الصفقات، بمبادئ الشفافية و المساواة، في معاملة المتنافسين أمام الطلبيات العامة؛ و تعليمات الوزير الأول المؤرخة في 6 يونيو 1965[13]؛
4- و القرارات الوزارية..مثل القرار الصادر عن وزير المالية رقم 20.14 صادر في 8 ذي القعدة 1435 ( 4 سبتمبر 2014)، يتعلق بتجريد مساطر إبرام الصفقات العمومية، من الصفة المادية؛
5- و قرار وزير التجهيز رقم 451.83، الصادر في 20 صفر 1403( 6 دجنبر 1982)، المتعلق بدفتر الشروط المشتركة المطبقة على الأشغال الطرقية الجارية المنجزة لحساب الدولة من طرف وزارة التجهيز؛
5- و قرار وزير الاقتصاد و المالية ،رقم 1874.13، الصادر في 9 محرم 1435 ( 13 نوفمبر 2013)، المحدد لنماذج الوثائق المعتمدة في إعداد و إبرام و تنفيذ الصفقات العمومية المنصوص عليها في المادة 160، من المرسوم رقم 2.12.349 الصادر في 8 جمادى الأولى 1434 (20 مارس 2013)، المتعلق بالصفقات العمومية؛
6- قرار لوزير الداخلية رقم 3573.13 صادر في في 6 صفر 1435 (10 دسمبر 2013)، يتعلق بدفاتر الشروط الإدارية العامة المطبقة على صفقات الجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات؛
7- قرار لوزير الداخلية رقم 3575.13 صادر في 6 صفر 1435 ( 10 دسمبر 2013)، يقضي بتحديد كيفيات تاليف لجان طلب العروض المفتوح أو طلب العروض المحدود أو بالانتقاء المسبق و كذا لجنة المباراة الخاصة بالجهات و العمالات و الأقاليم و الجماعات؛
8- قرار لوزير الداخلية رقم 3610.13 ،صادر في 8 صفر 1435 ( 12 ديسمبر 2013)، يقضي بتحديد السلطات المؤهلة للمصادقة على صفقات الجهات و العمالات و الأقاليم..إلخ.


 [1]  راجع الظهير الشريف رقم 1.02.297 الصادر في 25 رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002)، بتنفيذ القانون رقم 1.00.78، المتعلق بالميثاق الجماعي، و المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5058 بتاريخ 21 نوفمبر 2002- ص 3468 و ما يليها.
[2]  راجع الظهير الشريف رقم 1.02.269، الصادر في 25 رجب 1423( 3 أكتوبر 2002)، بتنفيذ القانون رقم 1.00.79 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم، و المنشور في الجريدة الرسمية عدد 5058، بتاريخ 21 نوفمبر 2002، ص 349 و ما يليها.
[3]  راجع المادة (65) من الظهير الشريف رقم 1.15.85 الصادر في 20 رمضان 1436 (7يوليو 2015)، بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات( نشر بالجريدة الرسمية عدد 6380، المؤرخ في 23 يوليو 2015).
[4]  الجريدة الرسمية عدد 2744 بتاريخ 2 يونيو 1965، ص 670.
[5]  الجريدة الرسمية عدد 5682، بتاريخ 13 نوفمبر 2008، ص 4163.
[6]   الجريدة الرسمية عدد 6399، ص ص 7832-7839.
[7]  الجريدة الرسمية عدد 3339 الصادرة بتاريخ 27 أكتوبر 1976، ص 3269.
[8]  الجريدة الرسمية عدد 4654 ، بتاريخ 7 يناير 1999، ص 12.
[9]  الجريدة الرسمية عدد 4800، بتاريخ 1 يونيو 2000.
[10]  الجريدة الرسمية عدد 5010، بتاريخ 6 يونيو 2002.
[11]  الجريدة الرسمية  عدد 5518 ، بتاريخ 19 أبريل 2007، ص 1235.
[12]  جريدة رسمية، عدد 6140، بتاريخ 23 جمادى الأولى ( 4 أبريل 2013)، ص 3023.
[13]  تعليمات حول كيفية تطبيق المرسوم 2.65.116( 19 ماي 1965)، و المنشورة (باللغة الفرنسية)، في الجريدة الرسمية عدد 2750( بتاريخ 14/7/1965).

الاثنين، 6 أبريل 2020


- التصاعد بالشرائح(La progressivité par tranches):
في هذا النظام يقسم الوعاء- و ليكن هو الدخل مثلا- إلى عدة أجزاء تسمى الشرائح(tranches)، متساوية في حجمها أو قيمتها أو غير متساوية،و يخصص لكل شريحة سعرها الخاص. و يتزايد سعر الشرائح بشكل تصاعدي، مع تزايد قيمة الدخل..
و من هنا،فإن الدخل يخضع لعدة أسعار بقدر ما يحتويه من شرائح، و نحصل على مبلغ الضريبة الواجب الأداء، بجمع المبالغ المطلوبة عن كل شريحة من الشرائح التي تكوّن الوعاء(الدخل مثلا).
و لنضرب مثلا..
رقم الشريحة
حجمها أو قيمتها(بالدرهم)
السعر المطبق عليها
الأولى
من 0 إلى30.000
3%
الثانية
من30.00150.000
5%
الثالثة
50.00180.000
10%
الرابعة
80.001150.000
14%
(الجدول رقم 2)
لنفرض أن (إلهام)، تحقق دخلا سنويا، قدره (85.000) درهم في السنة.فماهو مبلغ الضريبة، الذي ستؤديه هذه السيدة؟
أول عملية، نقوم بها هي تقسيم هذا الدخل إلى شرائح،وفق الأحجام أو الحدود، و الأسعار التي يحددها الجدول أعلاه:
أ- في الجدول(أعلاه)، نجد الشرائح التالية:
1-فالشريحة الأولى حجمها أو قيمتها(حدودها)=30.000-0=30.000درهم؛
2-الشريحة الثانية حجمها أو قيمتها(حدودها)=50.000-30.000=20.000 درهم؛
3-الشريحة الثالثة حجمها أو قيمتها(حدودها)=80.000-50.000= 30.000درهم؛
4- الشريحة الرابعة حجمها أو قيمتها(حدودها)=150.000-80.000=70.000 درهم.
ب- إلى كم شريحة يمكن تقسيم دخل (إلهام)؟ و ما حجم هذه الشرائح(حدودها)، أو قيمتها؟
إن دخل إلهام هو (85.000) درهم،و يمكنه أن ينقسم إلى=30.000(شريحة أولى)+20.000(شريحة ثانية)+30.000(شريحة ثالثة)+5.000(شريحة رابعة).
فكم ستؤدي إلهام ، عن هذه الشرائح التي تكوّن دخلها؟
* عن الشريحة الأولى، و حجمها (30.000) درهم، ستؤدي:
30.000×3/100=900 درهم
*و عن الشريحة الثانية، و حجمها (20.000) درهم،ستؤدي:
20.000×5/100= 1000 درهم
* و عن الشريحة الثالثة، و قيمتها (30.000) درهم، ستؤدي:
30.000×10/100=3000 درهم
* و عن الشريحة الرابعة، و قيمتها(5000) درهم، ستؤدي:
5000×14/100= 700 درهم.
أما المبلغ الكامل للضريبة، الذي ستؤديه "إلهام"، فنحصل عليه بجمع مبالغ الضريبة المستحقة على كل جزء أو شريحة من دخلها :
و إذن،فمبلغ الضريبة الكامل، الذي ستؤديه، عن جميع الأجزاء أو الشرائح، التي يتكون منها دخلها، هو=900+1000+3000+700=5600 درهم.
و للمقارنة:لو أن الجدول رقم (2) كان جدول طبقات و ليس جدول شرائح، من ناحية. و لو أن السيدة " إلهام"، كانت خاضعة لنظام التصاعد الطبقي، من ناحية أخرى؛ لوجدت نفسها تؤدي مبلغا أكبر..يصل إلى حد الضعف:
 فدخلها البالغ(85.000)،ينتمي إلى الطبقة الرابعة (في الجدول رقم 2). و يخضع لسعر(14%)؛أي أن مبلغ الضريبة الملزمة بأدائه هو:85.000×14/100=11900 درهم.
و من خلال مقارنة هذه العملية الأخيرة،و النتيجة التي أسفرت عنها ،مع مبلغ الضريبة الذي  يفترض أن تؤديه السيدة "إلهام" وفق نظام الشرائح ،يمكن أن نخرج بالملاحظات الهامة التالية:
الأولى؛أننا لا نعرف مقدار الضريبة المستحقة على دخل المكلف أو ثروته أو مهما كان نوع الوعاء التابع له، وفقا لنظام الشرائح،إلا إذا جمعنا مبالغ الضريبة المستحق على كل شريحة من ذلك الوعاء(أي بتطبيق عدد من الأسعار).في حين أننا نصل إلى مقدار الضريبة المستحقة،وفقا لنظام الطبقات، بمجرد تطبيق سعر واحد على الطبقة التي يقع الوعاء في حدودها؛
الثانية؛أن هذا النظام له ميزة التصاعد المستمر(continue)؛فإذا زادت المادة الضريبية،عن الحد الأعلى لإحدى الشرائح،فإننا لا ننقل المادة كلها إلى سعر أعلى، بل نبقي شريحة منها، في السعر الأدنى، و ننقل الزيادة فقط؛بخلاف الأمر في نظام الطبقات،حيث كل زيادة، ترفع المادة كلها لتخضع لسعر أعلى؛
و الأخرى، أن نظام الطبقات، يتميز بغزارة حصيلته،بدليل أن السيدة "إلهام"، ستدفع (5600) درهم فقط،في نظام الشرائح؛ في حين لو كانت خاضعة لنظام الطبقات،لاضطرت إلى دفع (11900) درهم.
و لا شك أنه لو ترك الأمر للإدارات الجبائية لاختارت دون تردد، نظام الطبقات،إلا أن الانتقادات التي وجهت إليه، بسبب عدم عدالته الجبائية، جعلت المشرع الجبائي، في معظم ، إن لم نقل، كل بلدان العالم يتخلى عنه، ليأخذ بنظام الشرائح،الذي يحقق بعض المساواة و العدالة- في التضحية- بين المكلفين، إزاء الأعباء العامة[1].
قلت بعض العدالة..لأن نظام التصاعد الذي طبق في البداية- و هو الذي تعرضنا له في التو-،كان لا يحقق المساواة الفعلية و الحقيقية، بين المكلفين: فإذا أخذنا شخصين " قشبال" و "زروال"،و يحقق كل واحد منهما دخلا سنويا قدره أربعون ألف(40.000) درهم مثلا، و يؤدي كل واحد منهما ألفي(2000) درهم في السنة، ضريبة دخل.و أن أحدهما(و ليكن قشبال) عازب، بينما الآخر(زروال) متزوج و له عدة أطفال؛فإن التضحية الجبائية التي يتحملها المتزوج و رب الأسرة(زروال)، هي أكبر بكثير من تلك التي تقع على عاتق العازب(قشبال).
من هنا، نشأت فكرة ؛ أن العدالة الجبائية، لا يمكن بلوغها إلا إذا كان هناك مساواة في التضحية بين الملزمين، و هو - كما سبقت الإشارة إلى ذلك، أكثر من مرة- ما يعرف بتشخيص الضريبة (Personnalisation de l'impôt)،أي الأخذ بعين الاعتبار الظروف الشخصية للمكلف[2].
و كنتيجة للأخذ بهذه الفكرة ؛ أدخلت إصلاحات على نظام التصاعد بالشرائح؛فأدمجت فيه شريحة معفاة من الضريبة،على اعتبار أنها هي الحد الأدنى لكلفة المعيشة.و "..يبرر إعفاء هذا القدر، من الناحية النظرية، بعدة أسباب:فيقال إن الضريبة لا تسري إلا بعد خصم ما يقابل الاستهلاك من الربح الاجمالي، و الحد الأدنى المعفي يقابل المبالغ المخصصة لاستهلاك الرأسمال(...) واعفاء الحد الأدنى للمعيشة إنما يعني إعفاء القدر اللازم لاستمرار حياة الإنسان و لتعويض ما يفقده من قوة و قيمة بسبب العمل.."[3].
و من هنا، نلاحظ أن مفهوم الضريبة التصاعدية، ليس مفهوما بسيطا،أو لم يعد مفهوما بسيطا، بل صار يختزل جوانب كثيرة من الإشكالية الكبرى المتعلقة بالعدالة الضريبية[4]؛فهو يعد من أهم أدوات تحقيق العدالة الجبائية و إعادة توزيع الثروة الوطنية[5]:فالدولة تقتطع،بفضله، الأموال "الفائضة" عن الحاجة الحدية،لبعض الملزمين، ثم تعيدها إلى النظام الاقتصادي، مستخدمة في ذلك عملية إعادة توزيعها، بطرق مختلفة(الإنفاق على المرافق العامة الاجتماعية، و الإعفاءات الضريبية، و غيرها).
و لكن هناك، من يرى أن المبالغة في تحقيق هذه العدالة أمام الضريبة، قد يضر بالعدالة بالضريبة؛ ذلك أن الضريبة التصاعدية إذا كانت سريعة التصاعدن و تتضمن أسعار مرتفعة، في الشرائح العليا من الدخل، قد تعوق المبادرة الحرة، و لا تشجع على الادخار و الاستثمار؛لأنها "تلغي" جزء من الدخل.
و هذه هي الأطروحة التي يدافع عنها أتباع مدرسة " العرض" (Les économistes de l'offre)، بزعامة " آرثر لافر"(A.Laffer).
بقي أن نشير في ختام هذا الحديث مميزات الضريبة التصاعدية، الى أنها لا تحقق العدالة الجبائية الحقيقية، إلا إذا أخذت بعين الاعتبار،ليس فقط حد أدنى يجب إعفاؤه من الضريبة، بل أيضا الأخذ بعين الاعتبار المادة الخاضعة للضريبة ،لا بل و أيضا طبيعة هذه المادة: فقد تتساوى قيم هذه المواد بالنسبة للملزمين،إلا أنه عندما تكون مصادر هذه الثروات مختلفة، فإنه يصبح من الضروري معاملتها جبائيا، معاملة مختلفة.فإذا كانت هناك ثلاثة مصادر للدخول، هي العمل، و الرأسمال، و المصدر المختلط من العمل و الرأسمال،و أن هذه المصادر تختلف من حيث درجة الدوام و الثبات و "الانتاج أو المردودية"، و من حيث المشقة المبذولة في الحصول على دخولها،ولذلك فإن الضريبة التصاعدية- الممزوجة بالتشخيص- يجب أن تعامل دخل العمل( الأجر و الراتب)، بطريقة خفيفة،لأن أصحابها أحق بالرعاية، و تكون معتدلة على دخول المصدر المختلط( تجارة، و صناعة، و مهن حرة..)، و شديدة على دخول الرأسمال(دخول عقارية، و رؤوس أموال منقولة:الأسهم و السندات..)[6]. 


[1]  "...و الواقع أن تفضيل طريقة على أخرى يتوقف إلى حد كبير على الهدف من التدرج، و على طريقة  تنظيم التدرج.فقد يكون تدرج الطبقات مفيدا من الناحية المالية و الاجتماعية، لغزارة حصيلته و فعالية مساهمته في إعادة التوزيع[ توزيع المداخيل و الثروات] باتجاه المساواة، لكنه غير مفضل من الناحية الاقتصادية أو ناحية العدالة الضريبية الرأسمالية.كما أن أن التدرج بالشرائح قد يكون أنجع أثراً من التدرج بالطبقات إذا كان الفرق بين شريحة و أخرى قليلا في الأول[الشرائح] و كانت الطبقات متباعدة الأسعار منخفضة في الثاني [الطبقات]..":د.عبد العال الصكبان-مقدمة في علم المالية العامة و المالية العامة العراقية- دار العاني/ وزارة المالية- بغداد 1972- ص ص 195-96.
[2]  كانت الشريعة الإسلامية باقة إلى الأخذ بمبدأ التشخيص الضريبي؛ إذ الأصل أن الضريبة في الإسلام ( الجزية= الخراج)، كانت تؤدى من العفو، لقول الله تعالى:" و يسألونك ماذا ينفقون قل العفو.كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون"( البقرة: 219).هنا، يبين الله تعالى القدر الذي يرصد للنفقات العامة، و هو " العفو"، و معناه ما يفضل عن النفقات الخاصة.و ذكر القاضي أبو يوسف، في كتابه " الخراج" ، أن الله تعالى إنما أمر أن يؤخذ من أهل الذمة العفو، و ليس يحل أن يكلفوا فوق طاقتهم.ص 229.
[3]  راجع: الصكبان- م.س- ص 181.
[4]  .و " لهذه الأسباب مجتمعة أصبح التصاعد في سعر الضريبة واحدا من أهم الأسس التي تقوم عليها النظم المالية المتقدمة":رفعت المحجوب- ص 145.
[5]  "..و يبين التحليل الدقيق أن الضغط الجبائي الناتج عن الضريبة على الدخل يبقى معتدلا بالنسبة إلى الأجور التي تقل عن 10.000 درهم شهريا. و على سبيل المثال،فإن أجرا قدره 5.000 درهم لا تتجاوز الضريبة الموقع عليه نسبة 4 بالمائة تقريبا، و هي نسبة قد تنخفض إلى ما دون ذلك، حتى حدود 2 بالمائة إذا أخذنا في الاعتبار ما يتم إسقاطه من تلك الضريبة، في ارتباط على الخصوص بأداء القروض العقارية..": النظام الضريبي المغربي: التنمية الاقتصادية و التماسك الاجتماعي ( تقرير)- المجلس الاقتصادي و الاجتماعي- الرباط 2012- ص 22.
[6]  الصكبان- ص 183.و استعمل المشرعون الجبائيون، عدة طرق لوضع هذه الأفكار موضع التطبيق، منها وضع أسعار، متغيرة حسب طبيعة المادة الضريبية(زادوا في الأسعار المعتمدة في حساب التكاليف المهنية..)، و أو وضع أسعار موحدة و لكن مع منح إعفاءات جبائية مختلفة حسب طبيعة المواد الجبائية،أو باعتماد الأسعار الجزافية، في تقدير الدخول الفلاحية و المهنية و التجارية و الصناعية ( و في الجزافي، لا شك توجد مزايا للملزمين).انظر: غوديمي و مولينيي-م.س- ص 188.


المطلب الثالث- القانون الجنائي و قانون الشغل
الفرع الأول: القانون الجنائي
و إذا جئنا إلى القانون الجنائي ( ظهير 1.59.413، الصادر في 26/11/1962، كما تم تعديله)، فيتضمن عديدا من الفصول ذات العلاقة بالصفقات العمومية، منها ما يتصل بها مباشرة، و منها من له بها صلة غير مباشرة، منها الفصول (224)، و (241)، و (245)، و (248)، و (250)، و(292)، و الفصول من 278 إلى 281.
أ- فالفصل(224)، يبين لنا أن مفهوم الموظف العمومي في القانوني الجنائين أكثر اتساعا من مفهومه في قانون الوظيفة العمومية، إذ يتسع ليشمل المنتخبين و المنتخبات، فيسري عليهم، في كل ما يتعلق بالجرائم التي قد يرتكبونها بمناسبة ممارستهم لمهامهم التي انتخبوا لتحمل مسؤوليتها:
يعد موظفا عموميا، في تطبيق أحكام التشريع الجنائي، كل شخص كيفما كانت صفته ، يعهد إليه، في حدود معينة بمباشرة وظيفة أو مهمة ولو مؤقتة بأجر أو بدون أجر، و يساهم بذلك في خدمة الدولة أو المصالح العمومية أو الهيئات البلدية، أو المؤسسات العمومية، أو مصلحة ذات نفع عام.
و تراعى صفة الموظف، في وقت ارتكاب الجريمة، و مع ذلك، فإن هذه الصفة تعتبر باقية له بعد انتهاء خدمته، إذا كانت هي التي سهلت له ارتكاب الجريمة أو مكنته من تنفيذها.
ب- أما الفصول من (241 إلى 247)، فتتعلق بالاختلاس و الغدر الذي يرتكبه الموظفون العموميون.فالفصل (241)، على سبيل المثال، ينص على:
يعاقب بالسجن من خمس إلى عشرين سنة و بغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم كل قاض أو موظف عمومي بدد أو اختلس أو احتجز بدون حق أو أخفى أموالا عامة أو خاصة أو سندات تقوم مقامها أو حججا أو عقودا أو منقولات موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته او بسببها...إلخ؛
في حين أن الفصل (245):
كل موظف عمومي أخذ أو تلقى أية فائدة في عقد أو دلالة أو مؤسسة أو استغلال مباشر يتولى إدارته او الإشراف عليه، كليا أو جزئيا، أثناء ارتكابه الفعل، سواء قام بذلك صراحة أو بعمل صوري أو بواسطة غيره، يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنواتن و بغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم ، و تطبق نفس العقوبة على كل موظف عام حصل على فائدة ما في عملية كلف بتسيير الدفع أو بإجراء التصفية بشأنها..
ج- و الفصول من 248 إلى 256، المتعلقة بالرشوة و استغلال النفوذ:
فالفصل (248) ، يقول بأنه..
يعد مرتكبا لجريمة الرشوة و يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، و بغرامة من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم من طلب أو قبل عرضا أو وعد أو طلب أو تسلم هبة أو هدية أو أية فائدة أخرى من أجل:
1- القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا أو موظفا عموميا أو متوليا مركزا نيابيا أو الامتناع عن هذا العمل، سواء كان عملا مشروعا أو غير مشروع، طالما انه غير مشروط بأجر.
و كذلك القيام أو الامتناع عن أي عمل و لو أنه خارج عن اختصاصاته الشخصية، إلا أن وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله...إلخ.
و الفصل (250)، و الذي ترد فيه بشكل صريح كلمة " صفقة":
يعد مرتكبا لجريمة استعمال النفوذ، و يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات، و بغرامة من خمسة آلاف غلى مائة ألف درهم، من طلب أو قبل عرضا أو وعدا، أو طلب أو تسلم هبة أو هدية، أو أية فائدة أخرى، من أجل تمكين شخص أو محاولة تمكينه، من الحصول على [...] صفقة  أو مشروع أو أي ربح ناتج عن اتفاق يعقد مع السلطة العمومية أو مع إدارة موضوعة تحت إشرافها، و بصفة عامة الحصول على قرار لصالحه من تلك السلطة أو الإدارة ، مستغلا بذلك نفوذه الحقيقي أو المفترض.
و إذا كان الجاني قاضيا أو موظفا عاما أو متوليا مركزا نيابيا، فإن العقوبة ترفع إلى الضعف.
د- أما الفصل (292)، فيعاقب على الأعمال التي تعرقل أو تعوق إتمام عمليات إبرام الصفقات:
 يعد مرتكبا لعرقلة حرية المواد و يعاقب بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر ، و بغرامة من مائة و عشرين غلى خمسين ألف درهم، كل من أحدث عرقلة أو اضطرابا أو حاول إحداثهما، في حرية المزاد أو المناقصة، سواء قبل المزاد أو أثناءهما، و ذلك بوسائل العنف أو الإيذاء أو التهديد إذ تعلق ذلك بملكية أو انتفاع أو استئجار عقار منقول أو تعلق بمشروع توريد أو استغلال أو أية مصلحة أخرى.
 و يعاقب بنفس العقوبات من أقصى أو حاول إقصاء المنافسين أو حدد أو حاول تحديد المزايدة أو المناقصة، و ذلك إما بهدايا أو وعود أو تواطؤ أو أساليب احتيالية أخرى، و كذلك من تسلم هذه الهدايا أو قبل هذه الوعود؛
ه- و من الفصول الأخرى التي لها علاقة بالصفقات، هناك الفصول من (278) إلى (281)، التي تتعلق بالجنح و الجنايات التي يرتكبها ممونوا القوات المسلحة الملكية.فالفصل (278) ، على سبيل المثال، ينص على أن:
 كل شخص مكلف  إما بصفته الفردية أ عضوا في شركة، بتموينات أو إنشاءات أو إدارة مباشرة لحساب القوات المسلحة الملكية، و لم يف بالخدمات التي كلف بها من غير أن يكون قد اضطر إلى ذلك بقوة قاهرة، يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات و بغرامة لا تزيد عن ربع التعويض عن الأضرار، و لا تقل عن ألف درهم.
و تطبق نفس العقوبة،  على أعوان الممونين ، إذا كان عدم الوفاء بالخدمات يرجع إليهم.
و يعاقب الموظفون العموميون الذين حرضوا أو ساعدوا الجناة على الإخلال بالتزاماتهم، بالسجن من عشر إلى عشرين سنة؛
و- و هناك الفصول المتعلقة بحماية السر المهني، كالفصل (446):
الأطباء و الجراحون و ملاحظو الصحة و كذلك الصيادلة و المولدات، و كل شخص يعتبر من الأمناء على الأسرار بحكم مهنته أو وظيفته، الدائمة أو المؤقتة، إذا أفشى سرا أودع لديه، و ذلك في غير الأحوال التي يجيز له فيها القانون، أو يوجب عليه التبليغ عنه، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر و غرامة من ألف و مائتين إلى عشرين ألف درهم.
***
في ختام هذا الحديث عن القانون الجنائي، لا بد من تسجيل الملاحظة التالية، ألا و هي أنه، حتى يكون قانون الصفقات العمومية فعالا،  فلا بد من العمل على " تحيينه "، حتى يواكب التطورات التي حصلت في مجال " الصفقات العمومية": فالصفقات العمومية، اليوم صارت تحظى باهتمام فئات عريضة من الناس، بعضهم متخصص في " الفساد و الإفساد"،  و لعله مما يسهل عليهم أعمالهم، أن مساطر الصفقات اليوم( كمساطر المفاوضات) ، أصبحت اليوم  أكثر مرونة، و تسمح بالتواصل المباشر بين الإداريين و المقاولين، مما يزيد من فرص الإفساد.هذا ناهيك، عن القوانين نفسها، صارت أكثر تشعبا و غموضا، مما يفتح أمام " سراق المال العام"، مسالك متعددة للإفلات من العقاب .
و لنا في إصلاح قوانين الجماعات الترابية، عبرة لمن أراد أن يعتبر.فهذه القوانين، لم تهتم كثيرا[1]، في السابق، بمسألة " تضارب المصالح"،مما شجع الكثير من المستشارين من ذوي النيات السيئة، على " تحويل" بعض الصفقات التي تبرمها الجماعات التي هم أعضاء في مجالسها، إلى " فرص للاغتناء على حساب المال العام لهم أو لأقاربهم"، دون حسيب و لا رقيب. فلما جاء المشرع، في القوانين الأخيرة المنظمة للجماعات الترابية (ابتداء من 2002)، و  حذر من مغبة " استغلال النفوذ و تضارب المصالح"، أصبح من  الصعب على الكثيرين منهم ، مجرد التفكير في التلاعب بمصير الأموال العامة، و تحويلها إلى جيوبهم.
الفرع الآخر: قانون الشغل:
من القوانين الأخرى، التي لها علاقة مباشرة بالصفقات العمومية ، هناك قانون الشغل. فنائل الصفقة، مثلا، ملزم باحترام مقتضيات قانون الشغل، فيما يتعلق بتشغيل العمال، و دفع أجورهم، و مستحقاتهم الأخرى[2]. فإذا ثبت، لصاحب المشروع وجود أي نقص في أجور العمال التابعين للمقاولة، النائلة للصفقة، مغربية كانت أو أجنبية[3]، أو أي متعاقد معها من الباطن( فردا أو مقاولة)، فإنه يصبح مسؤولا عن تعويض المتضررين منهم، و يخصم مبلغ التعويضات المدفوعة لهم، من المبالغ المستحقة للمقاول، أو من الضمانات المودعة لديه[4]. بل له، في حالة ، الأجراء الأجانب الذين استعانت بهم المقاولة لإنجاز صفقتها في المغرب، أن يلزم هذه الأخيرة بإعادتهم من حيث أتوا، أو تقديم ما يثبت أنها دفعت إليهم مصاريف عودتهم ( بالإضافة إلى مستحقاتهم الأخرى).و في هذا الصدد، تنص المادة (519)، على ما يلي:
لا يمكن لمن رست عليه صفقات عمومية، أنجزت لحساب الدولة أو الجماعات المحلية، أو المقاولات و المؤسسات العمومية، أن يسترد مبلغ الكفالة المالية الذي سبق له إيداعه[ الضمانة النهائية] ، و لا إعفاء ذمة الكفيل الشخصي[ في حالة الضمانة الشخصية] الذي قدمه، إلا بعد الإدلاء بشهادة إدارية تسلم من قبل المندوب الإقليمي المكلف بالشغلن تثبت أداء مصاريف عودة الأجراء الأجانب الذين قام بتشغيلهم من خارج المغرب ، و ما عليه من مستحقات لأجرائه.
 و في الواقع، فإن التزامات نائل الصفقة(فردا كان أو مقاولة)، لا تقف عند هذا الحد؛ بل هو يخضع للالتزامات عامة، تتمثل في احترام النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالشغل، التي تتعلق بالجانب الاجتماعي لعمال و مستخدمي المقاولة، في أماكن تنفيذ الصفقة، و لا سيما ما يتعلق منها بالنظافة، و سلامة العمال، و حوادث الشغل،..إلخ. بل  له، فضلا عن ذلك، أن يتخذ الإجراءات  أخرى، بما فيها إخبار مفتش الشغل  بالخروقات التي قد يلاحظها، و التي قد يكون فيها إضرار بحقوق الأجراء.


[1]  لقد كانت وزارة الداخلية، قد أصدرت دورية يتيمة في هذا الصدد،في حدود ما أعلم، رقمها 312/ أج.ق.م.ن/2 بتاريخ 31 دجنبر 1979، نبهت فيها المستشارين الجماعيين ، إلى أنه لا يحق لهم أن يساهموا في المنافسات التي تقوم بها الجماعات التي ينتمون إليها؛ لا بأسمائهم و لا بواسطة وكلاء و متصرفي الشركة، إذا العضو المنتخب يشارك في المراقبة المباشرة أو غير المباشرة لعمليات الأشغال ، أو إذا كان له مصلحة في المنافسة...إلخ.
[2]  نذكر هنا، أن من أهم الوثائق التي تطلب إلى المترشحين لنيل الصفقات العمومية، الشواهد التي تثبت أن المترشح يوجد في وضعية سليمة إزاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي:
أ- فالمادة (24) من مرسوم (2013)، المتعلقة بالشروط المطلوبة من المتنافسين، تنص على:" يجوز أن يشارك بصفة صحيحة و أن ينال الصفقات العمومية، في إطار المساطر المقررة في هذا المرسوم، الأشخاص الذاتيون أو الاعتباريون الذين [...] يكونون منخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو في نظام خاص للاحتياط الاجتماعي، و يدلون بصفة منتظمة بتصريحاتهم المتعلقة بالجور و يوجدون في وضعية قانونية إزاء هذه الهيئات"؛
ب و من الوثائق المطلوبة في الملف الإداري( المادة 25/أولا/ألف/2/ج):"[...]شهادة أو نسخة منها مشهود بمطابقتها للأصل مسلمة منذ أقل من سنة من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تصبت أن المتنافس يوجد في وضعية قانونية تجاه هذا الصندوق طبقا للمقتضيات المقررة بهذا الشأن في المادة 24 أعلاه أو مقرر الوزير المكلف بالتشغيل أو نسخة مشهود بمطابقتها لأصل هذا المقرر، المنصوص عليه في الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 1.72.184 الصادر في 15 جمادى الآخرة 1392( 27 يونيو 1972) بمثابة نظام للضمان الاجتماعي مرفق بشهادة هيئة الضمان الاجتماعي التي ينخرط فيها المتنافس تثبت الوضعية القانونية لهذا الأخير..".
[3]  لقد أفرد المشرع الباب الرابع، من مدونة الشغل، لتنظيم تشغيل الأجراء المغاربة بالخارج (المواد من 512 إلى 515)، و تشغيل الأجراء الأجانب في المغرب (المواد من 516 إلى 521)، نجد مقتضيات لها علاقة بالصفقات العمومية.
[4]  الأمر يتعلق هنا، بالضمانات أو الكفالات التي يطلب إلى المترشحين أو المتعاقدين تقديمها:فالمترشحون للتنافس على نيل الصفقات العمومية، يطلب إليهم قديم ضمانات مؤقتة، في حين أن الذي أسندت إليه الصفقة (نائل الصفقة)، يطلب منه تقديم ضمانة مالية نهائية، تمثل نسبة مئوية من  الثمن الإجمالي للصفقة، و ذلك لضمان حسن تنفيذه للصفقة، و أيضا لتحصيل مبالغ مالية قد يكون مدينا بها للإدارة ( مثل مبالغ العقوبات المالية، التي تفرضها عليه الإدارة)، و سنتعرف بتفصيل أكبر على هذه الضمانات فيما يلي ، إن شاء الله.
هذا،و الجدير بالذكر هنا، أن الإدارة المتعاقدة (صاحب المشروع)، قد تقبل ، في الغالب، كبديل للضمانة المالية، ضمانة شخصية ( أو تضامنية)، محددة في الأجل و في القيمة ، تمنحها للمقاولات نائلة الصفقة، مؤسسات بنكية أو إئتمانية متخصصة.