الاثنين، 11 يونيو 2018

منهجية الامتحان الكتابي: ما هي أهم الخطوات التي يعبرها الجواب ، في الامتحان الكتابي، من التفكير فيه،..إلى تحريره النهائي؟


ما هي أهم الخطوات التي يعبرها نص الجواب، في الامتحان الكتابي، من التفكير فيه.. إلى تسويده.. إلى تحريره النهائي؟

عن منهجية الامتحان مرة أخرى..
أكبر مشكلة - بل قل إشكالية..لأنها مجموعة من المشاكل المترابطة في الحقيقة-، يواجهها الطالب ساعة الامتحان، هي كيفية تنظيم  و عرض" ما فهمه أو حفظه " من أفكار و معلومات.. لها علاقة بموضوع السؤال،بطريقة ملائمة و فعالة ترضي المصحح.و كلما كانت خبرة الطالب محدودة، من ناحية، و كلما كانت المعلومات و الأفكار التي يريد استعراضها أو مناقشتها، كثيرة و متشعبة ، من ناحية ثانية، و كلما كان سؤال الامتحان صعبا أو معقدا، من ناحية ثالثة.. كلما  استعصى عليه(الطالب) تنظيمها، و إخراجها في شكل منطقي جذاب.. ما لم يكن مسلحا برؤية ( منهجية)، تساعده على  غربلة أفكاره، و التخلص مما لا فائدة منه، و الابقاء على ما يعتبره مناسبا لبناء الجواب،و من ثم ترتيبها و تنسيقها وفق تصميم معين، حتى تخرج في مظهر لائق، شكلا و مضمونا.
***
 لعل أكبر خطأ يقع فيه معظم الطلبة، ساعة الامتحان، هو الاندفاع  إلى الجواب عن سؤال أو أسئلة الامتحان..- مهما كانت طبيعتها- بسرعة و بشكل مباشر، و كتابة هذا الجواب في ورقة التحرير رأسا ، دون المرور بورقة التسويد..و كأنهم يستأنفون عملا بدؤوه في منازلهم..أو أعدوا جوابه -مسبقا- قبل أن يأتوا إلى مكان الامتحان!!!!
و لأن " النص النهائي للجواب عن سؤال الامتحان"، لا يمكن للطالب أن يكتبه بشكل مباشر في ورقة التحرير؛ إلا بعد التعرف عليه،و التفكير فيه..و تسويد الإجابة ..و تحريرها في ورقة التسويد، و من ثم إدخال الكثير من التعديلات عليها، و تصحيحها بعد قراءتها،و تنقيحها بعد إعادة قراءتها..فإن النص النهائي للجواب، الصالح للنقل إلى ورقة التحرير، لا يمكن التوصل إليه إلا بعد مراحل من التفكير و التعثر أحيانا..،لأنه لا ينضج إلا بعد اجتياز الكثير من الخطوات الذهنية و العملية، التي تتم أثناء التسويد..ليصبح جاهزا لـ" النقل" إلى ورقة التحرير، دون أخطاء، أو تشطيب، أو رتوش..إلخ.
 فما هي أهم الخطوات التي يعبرها نص الجواب، من التفكير فيه.. إلى تسويده.. إلى تحريره النهائي؟
1- بعدما يقرأ الطالب سؤال الامتحان عدة مرات( ثلاث مرات على الأقل)، يُكَوِّن فكرة أو أفكارا عنه، و يُكَوِّن رؤية أو رؤى عن كيفية الإجابة عنه  (فرضيات)؛
2- ثم.. يشرع في استحضار- استرجاع من الذاكرة- ما يعرفه عن الموضوع؛
3-بعد ذلك يقوم بغربلة ما تم استرجاعه، على ضوء الفرضيات التي اختارها، ليبقي في النهاية عددا محدودا منها،يرى أنها(الأفكار) هي الأهم من منطلق فرضية أساسية(مركزية) واحدة،يرى أنها ألأنسب لمعالجة الموضوع:تلك الفرضية، ستصبح هي إشكاليته ؛لأنه من خلالها سيرى مكامن الإشكال في السؤال، و كيفية حله.
و أهمية هذه الإشكالية، تكمن في أنها تحصر جواب السؤال - من حيث الموضوع،و الزمان،و المكان- في  عدد من الأفكار المنسجمة و المتكاملة فيما بينها من جهة، و من جهة أخرى تقترح حلولا لأهم المشاكل- و ليس بالضرورة كل المشاكل- التي تكوِّن إشكالية موضوع السؤال.فالإشكالية،إذن، تمثل خيطا رابطا (fil conducteur)،يستطيع الطالب أن يجمع بوساطته الأفكار القليلة الأهم التي أبقى عليها- بعد عملية الغربلة-، و معالجتها، بشكل متسلسل ، و مرتب، و منظم، وفق منطق معين، يأخذ شكل " تصميم"(Plan).
و بتعبير آخر، فأهمية الإشكالية ، ترجع إلى قدرتها على مساعدة الطالب على " حصر الموضوع"، في أهم الأفكار، منظورا إليها من عدة زوايا:
أ- من الزاوية التي ينظر منها الطالب إلى المادة الدراسية التي ينتمي إليها السؤال:فسؤال عن أجور العمال مثلا، تختلف الإجابة عنه، من مادة قانون الشغل، إلى مادة  الاقتصاد ..و قس على ذلك؛
ب- من الزاوية التي نظر منها الأستاذ المدرس للمادة( و المصحح للامتحان):فكل مدرس له رؤيته الخاصة للمادة التي يدرسها ، و على الطالب أن يختار إشكالية، لا تصطدم بقناعات أستاذه(فهذه هي طبيعة العلوم الاجتماعية، فهي ليست كالرياضيات أو الفيزياء..)؛
ج- من زاوية المعلومات و الأفكار التي يعرفها الطالب، و التي يرغب في تحليلها أو مناقشتها أو استعراضها.. في جوابه؛
د- من زاوية الوقت المتاح:فالإشكالية التي نختارها لبحث يستغرق سنة، ليست هي الإشكالية التي نختارها لامتحان يستغرق ساعة( تصور نفسك ستقوم بسفر بالطائرة ، فلا يمكنك أخذ كل الملابس التي تملكها، في حقيبة سفرك..و إنما تأخذ ما تحتاج إليه فقط..و في حدود 30 كيلو غرام)؛
4- بعد التوافر على إشكالية و تصميم( اكتبهما في ورقة منفصلة..و ابقيهما دائما تحت بصرك)..يمكن للطالب الممتحن، أن يشرع في كتابة المسودة..في نسختها الأولى،.. التي سيعمل لاحقا عل تصحيحها و تنقيحها..
5- أثناء عملية تصحيح المسودة و تصحيحها،.. على الطالب أن يراقب مدى تطابق ما كتب مع الإشكالية..و مدى انسجام و تكامل مكونات التصميم فيما بينها، و لا سيما فيما يتعلق باحترام قاعدتي التوزان  و التوازي:
أ- التوازي:بمعنى أنه إذا قسم القسم الأول من الجواب إلى  مطلبين أو ثلاثة مطالب ، فالقسم الثاني (أو الثالث إذا كان هناك قسم ثالث =المدرسة الأنجلوسكسونية) أيضا، يجب أن يتضمن مطلبين أو ثلاثة مطالب؛
ب-أما فيما يخص التوازن بين مكونات الموضوع،فيتعلق الأمر بتناسب أجزاء البحث بعضها مع بعض، من حيث عدد السطور و الصفحات،فلا يكون بعضها أكبر من بعض بشكل يخل بالتوازن.مثال ذلك، أنه إذا كان المطلب  الأول يتكون من صفحتين؛ فالمطلب الثاني( أو الثالث عند وجده) يجب أن يتراوح عدد صفحاته بين صفحة و نصف و صفحتين و نصف أو حتى ثلاث، و لكن  عدد صفحات ،أقل من الحد الأدنى  أو  أكثر من الحد الأقصى؛ يعتبر عيبا منهجيا كبيرا، يدل على عدم قدرة الطالب على تنظيم أفكاره( فهو لا يعرف كيف يوزع أفكاره و معلوماته على أقسام الجواب)، و أيضا على ضعف تحصيله العلمي (أن حصيلته من المعلومات ، المتعلقة بقسم من الجواب، قليلة..) ؛
4- خلال عملية التصحيح و التنقيح،على الطالب أن يحرص على سد الثغرات التي قد يجدها..في الفقرات، و المطالب أو المباحث، باستكمالها، بمعلومات إضافية، أو تفاصيل. و لكن- في المقابل-، يجب عليه ألا يتردد في التشطيب على المعلومات و العبارات، أو حتى الفقرات التي يرى أنها لا تخدم الإشكالية، أو تثقل التصميم  أو المتن بدون فائدة( فينقل معلومات تفصيلية مثلا، من المتن إلى الهامش)؛
5- بعد الانتهاء من تحرير المسودة و تصحيحها..ستبدأ مرحلة أخرى من التنقيح، هذه المرة تتعلق بالأسلوب، و اللغة، و علامات الترقيم إلخ؛
5- و بعد الانتهاء من التنقيح في كل صوره و مراحله، .. يمكن للطالب أن يشرع في النقل من المسودة إلى ورقة التحرير..و عليه أن يبدأ بصلب الموضوع..و يترك مساحة فارغة كافية للمقدمة:فالمقدمة هي آخر ما يكتب؛لأنه قد يظهر للطالب في آخر لحظة أخطاء في التصميم، فيضطر إلى تصحيحها..و بالله التوفيق.


هناك تعليق واحد:

  1. المشكل هو كيفية توظيف المناهج في كتابة المواضيع القانونية

    ردحذف