كيف تدرس؟ تعلم كيف تستدعي المعلومات من الذاكرة، و كيف تقرأ بغرض الفهم و الحفظ، و تعلم كيف أن التركيز أثناء القراءة يساعد على الفهم و الحفظ بأقل الجهود و في أقصر وقت
كيف تدرس؟
(الجزء
الثاني)
6- اربط بين ما تحفظ و ما
يساعدك على استدعائه و تذكره.و لتكن الروابط التي تلجأ إليها منطقية معقولة.إن بعض
طلابنا يحفظون كثيرا من الحقائق، و لكنهم لا يعملون ، قاصدين واعين، على ربطها بما
يساعد على تذكرها، فتكون النتيجة أن يعفي النسيان عليها، و أن تضيع جهود الطالب، و
أن يتسرب إلى نفسه الشك في ذاكرته، مع أن السبب البسيط هو أن الطالب لم يعمل على
بطها بما يذكره بها.لنفرض أنك تحفظ ارتفاع جبل من الجبال، فقارنه[اربطه] بجبل
آخر،و أحفظ- إلى جانب حفظك مقدار علوه- مقدار زيادته في العلو في جبل آخر أنت
متأكد من حفظك لعلوه.و لنفرض أنك تحفظ تاريخ موقعة حربية، فاربطها بموقعة حربية
أخرى، و اذكر أنها وقعت بعدها أو قبلها، بكذا من السنين.و لنفرض أنك تحاول حفظ بعض
الحقائق عن نبات، فاربطه ، إذن، بفصيلته، و قارنه بها، و تذكر وجوه شبهه بها، و
وجوه اختلافه عنها.
7- ثق بذاكرتك.إن ثقتك
بذاكرتك، و اعتمادك عليها، جديران بأن يساعداها في عملها،حريان بأن يثبتا الحقائق
فيها، و أن يعيناها على تقديم هذه الحقائق حين الطلب.إن الكثيرين منا لا يثقون
بذاكرتهم، و لا يعتمدون عليها، فيعمدون إلى كثرة الحفظ، و تكرار التعلم، فيتعودون
عدم الحفظ، إلا إذا لجأوا إلى التكرار الكثير.و ليس هذا فحسب، بل إن عدم الثقة
هذا، معناه استعداد مسبق للنسيان، أو عدم الحفظ.و هنا لا بد لب من التنبيه إلى أن
حفظ الدروس و تذكرها، يخضع للعادة و قوانينها، خضوع غيرها.فإذا اعتاد الإنسان أن
يحفظ من قراءة إلى قراءتين، و ثابر على ذلك، ساعدته عادته هذه على التقليل من مرات التكرار في المستقبل، و
أعانته على تذكر المضمون بجهد أقل.ولا بد لي ،بعد ذلك، من الإشارة إلى أهمية عامل
الثقة، في عامة الشؤون المتصلة بالدرس و التسمّيع.إن الطالب الذي يثق بنفسه و
قدرته و ذاكرته و كفاءاته، طالب مكتوب له أن ينجح، و أما الطالب الخائف و المتردد،
الذي لا يثق بنفسه و قدرته و كفاءاته، فطالب محتوم عليه أن يفشل مهما درس و حفظ و
جاهد.
8- اقرأ بغية أن تحفظ و أن
تذّكر.يتخذ بعض الطلاب من الدروس موقفا فيه كثير من اللامبالاة. إنهم يقرؤون
دروسهم قراءتهم لرواية أو مجلة، و إذا صحّ أن في قراءة المجلة لذة و متعة، فإنه
صحيح أيضا أن الإنسان لا يقرأ الرواية ليحفظها و يذّكرها- إلا في أحوال نادرة-، و
لا يتصفح المجلة بنيّة أن يحتفظ بما فيها، و يستخدمه في المستقبل.و إنما يقرأ
الرواية للتسلية، و يتصفح المجلة لتمضية الوقت.و ليس هذا هو الحال بالنسبة للدروس
التي يجب أن يقرأها الطالب ليحفظها و يتذكرها، و يستفيد منها في حياته المقبلة.
هذا، و أحب أن أنبّه هنا،
إلى أن الفرق الموجود بين مجرد الفهم من جهة، و الحفظ و التذكر من جهة أخرى.نعم إن
الفهم أساسي و ضروري في الحفظ و التذكر، و لكن الفهم غير كاف وحده للحفظ و التذكر،
و لا بد للمتعلم من أن يبذل جهدا إضافيا كي يحفظ و يتذكر في المستقبل.إذن، اقرأ
لتفهم أولا، و إذا فهمت، قرأت لتحفظ ثانيا، و لكي تحتفظ بما حفظت للمستقبل، فتذكره
عند الحاجة ثالثا.
9- و يتصل بالنصيحة
السابقة، نصيحة أخرى، و هي:حاول الحفظ و التذكر و أنت تدرس.معلوم أن بعض طلابنا،
يعتقدون أن مجرد القراءة و التكرار، كفيلان بالتثبيت و التذكر.و الواقع، أن هذا
خطأ، فلا يكفي أن تقرأ كي تحفظ، كما لا يكفي أن تحفظ كي تتذكر.إن عليك، و أنت
تقرأ، أن تقف عند الأفكار الرئيسية ، و تعمل على تثبيتها في ذهنك.ثم تستعيدها،
لترى ما إذا كنت قد حفظتها، ثم تعود إليها بعد حين، و في فترات متقطعة، لتجد[
لتفحص] ما إذا كنت تتذكرها.أما إذا اعتمدت على مجرد التكرار، تكرار القراءة، فإنك
لن تحفظ و لن تذّكر.
10-ولا بد لك حين تقرأ، لكي
تحفظ و تتذكر، من أن تركز انتباهك حول ما تقرأ.بل لا بد لك من أن تكون تحت توتر
نفسي عال مركّز، حول الموضوع الذي تحاول حفظه و تذكره.إن قراءة منتبهة واحدة، خير
من عشرات القراءات اللاهية،يقوم بها قارئ مشتت الذهن، موزّع الانتباه.و الحق إن
الانتباه، قادر على توفير وقتك و جهدك، و لعله يهمك أن تعلم أن الدراسات العلمية
الحديثة، أجمعت كلها على أن الانتباه، و القدرة على تركيزه حول موضوع معين، عامل
من أهم عوامل الذكاء، و دعامة من أصح دعائمه.
هذا، و أحب أن أؤكد لك أن
السبب في أن بعض الطلاب، تكفيهم قراءة أو قراءتان للحفظ و التذكر، في حين يحتاج
البعض الآخر لعدد عديد من مرات القراءة، لحفظ أسوأ و تذكر أقل، أقول إن السبب هو
تركيز الأولين انتباههم و قراءتهم، و هم تحت توتر نفسي عال، و شرود ذهن الآخرين، و
التهاؤهم عما يقرؤون ، بتداعيات أفكار و أحلام يقظة، تبتعد بهم عن غاياتهم.
***
و إلى اللقاء مع الجزء الثالث..قريبا إن شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق